هل وثّق فيلم "أوبنهايمر" (Oppenheimer) الحقيقة الكاملة بشأن موضوع القنبلة النووية واتسم بالدقة التاريخية؟ أم أن صناعه كانت لديهم أجندات سياسية أخرى؟ وهل الاتهامات التي وجهت إلى المخرج كريستوفر نولان بالتحيز لأميركا وإضفاء لمحة إنسانية زائفة عليها هي اتهامات حقيقية؟

أسئلة كثيرة أثارها العمل الذي يقترب من الحصول على عدد لا بأس به من جوائز الأوسكار اعترافا بقيمته الفنية وإيراداته التي تجاوزت نصف مليار دولار، لكن تلك الأسئلة وغيرها تبقى عبئا على ضمير المشاهد، وفي محاولة للإجابة عنها، ننصحكم بمشاهدة القائمة التالية من الأفلام والوثائقيات التي استعرضت القضية نفسها.

القنبلة الذرية بعيون وثائقية

الترشيح الأول ضمن هذه القائمة هو فيلم "اليوم التالي للثالوث" (The Day After Trinity) الذي أُنتج عام 1981 ومنحه الجمهور تقييما بلغ 7.9 نقاط وفقا لموقع "آي إم دي بي" الفني، وترشح كذلك لجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي.

والفيلم يتضمن مجموعة من المقابلات واللقطات الأرشيفية التي تتبّع مشوار العالم الفيزيائي الأميركي يوليوس روبرت أوبنهايمر، وتطوره على الصعيد الشخصي والنفسي والعملي من أحد أهم رجال القرن العشرين الذين تركوا بصمتهم في التاريخ وصولا إلى أكثر المعارضين صراحة للسياسة الأميركية في ما يتعلق باستخدام الأسلحة النووية.

وما ميز هذا العمل دون غيره عن الوثائقيات، التي تستعرض الحقبة أو القضية نفسها، تسليطه الضوء على الفترة الزمنية ما بين تفجير القنبلة الأولى في صحراء نيو مكسيكو والقنبلة الأساسية في اليابان، والشكوك المروعة التي انتابت أوبنهايمر وقتها حول صحة ما ينوون فعله وإذا ما كانت تلك بداية النهاية.

محاكمة أوبنهايمر (مجرم أم بطل؟)

"محاكمات جي روبرت أوبنهايمر" (The Trials Of J. Robert Oppenheimer) فيلم وثائقي آخر أنتج عام 2008 وجمع بين التاريخ والسيرة الذاتية، وسعى صانعوه للإجابة عن بضعة أسئلة أهمها: لماذا انقلبت أميركا على أوبنهايمر بعدما كان يُنظر إليه باعتباره بطلا قوميا؟ والأهم هل هو عالِم عبقري أم مجرم حرب؟

شهادة الناجين

بعيدا عن وجهة النظر الأميركية، يجب رؤية الموقف من الجهة الأخرى ومعرفة حقيقة ما جرى للضحايا الفعليين الذين دفعوا الثمن باهظا من أرواحهم وأموالهم واستقرارهم، أحد أهم الأعمال التي حققت ذلك: الفيلم البريطاني "هيروشيما: التداعيات" (Hiroshima: The Aftermath).

وتدور الأحداث حول التفجيرات النووية التي دمرت كلا من هيروشيما وناغازاكي وما حدث جراء ذلك سواء في اليابان أو الولايات المتحدة، وتضمن الفيلم عشرات الروايات التي يقصها شهود العيان سواء شفهيا أو عبر الإشارة إلى الوثائق التاريخية من كل من المواطنين اليابانيين والأميركيين.

والأمر نفسه تناوله "الضوء الأبيض/المطر الأسود: تدمير هيروشيما وناغازاكي" (White Light/Black Rain: The Destruction of Hiroshima and Nagasaki) الذي صدر عام 2007 وهو أحد أفلام "إتش بي أو" الوثائقية.

واستعرض الفيلم قصص الناجين من خلال إجراء مقابلات مكثفة مع 14 يابانيا للكشف عن الآثار التي خلّفها القصف، مع الاستعانة بروايات 4 أميركيين شاركوا بالتفجيرات الذرية في هيروشيما وناغازاكي عام 1945.

ويُذكر أن هذا العمل اختارته الأكاديمية ضمن 15 فيلما تتنافس على الوصول إلى القائمة القصيرة التي ستضم 5 أعمال مُرشّحة لجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي بالدورة الثمانين، وإن كان فاز بالفعل بجائزة إيمي ضمن فئة "الاستحقاق الاستثنائي في صناعة الأفلام الواقعية".

الدراما بين الرصد وجاذبية الخيال

بخلاف الأفلام الوثائقية التي اجتهد صانعوها لتوثيق وتخليد الحقيقة، لجأ بعض المخرجين إلى الدراما لرؤية القصة بعيون أكثر إنسانية أو منحها طابعا عاطفيا يجعل تماهي الجمهور مع ما جرى أسهل وأسرع بعيدا عن الأرقام والوقائع والوثائق.

من بين تلك الأعمال، ننصحكم بمشاهدة الفيلم الياباني "أطفال هيروشيما" (Children of Hiroshima) الحائز على جائزة بافتا البريطانية، والذي دارت أحداثه بعد انتهاء الحرب بـ 4 سنوات، إذ قررت "تاكاكو" العودة إلى مسقط رأسها لإعادة التواصل مع أصدقائها القدامى، وهناك ترصد الآثار اللاحقة للقنبلة الذرية.

وكذلك نُرشّح لكم الفيلم الياباني التلفزيوني "هيروشيما" (Hiroshima) وهو أحد الأعمال القاسية والمفجعة من فرط التصوير الواقعي، إذ حاول صانعوه رصد كل ما جرى يوم إسقاط القنبلة من خلال أعين المدنيين المستهدفين، الكبار عموما والأطفال خصوصا، ومن ثمّ تسليط الضوء على محاولاتهم الحثيثة للبقاء على قيد الحياة رغم كل ما يحيط بهم من جثث وأشلاء واحتمالات شبه معدومة للنجاة.

الحب والحرب والسلام

أما عشاق الدراما الرومانسية فقد يفضلون معرفة القصة عبر حبكة الفيلم الفرنسي "هيروشيما حبيبتي" (Hiroshima Mon Amour) الذي ترشّح لجائزة أوسكار أفضل سيناريو أصلي عام 1961.

ويحكي عن ممثلة فرنسية سافرت إلى هيروشيما للمشاركة بتصوير فيلم مناهض للحرب، ووجدت نفسها طرفا في علاقة عاطفية تجمعها بمهندس معماري ياباني، فلا يلبث الاثنان أن يتشاركان وجهتي نظرهما المختلفة بشأن الحرب العالمية الثانية، وكيف عاصرها كل منهما في وطنه، سواء بين فرنسا وألمانيا من جهة أو اليابان وأميركا من جهة أخرى.

ما قبل القنبلة

الترشيح الأخير بالقائمة المسلسل التلفزيوني الأميركي "مانهاتن" (Manhattan) الذي صدر عنه موسمان بين 2014 و2015 والحائز على جائزة إيمي، وتدور أحداثه عام 1943 في لوس ألاموس في نيو مكسيكو، حيث شرع فريق من العلماء الحكوميين في العمل على مشروع مانهاتن السري لإنتاج قنبلة ذرية بسرعة قبل انتصار النازيين بالحرب، وهو ما يتزامن مع محاولات أُسر هؤلاء العلماء التكيُّف مع الحياة الانعزالية في تلك القاعدة العسكرية البعيدة عن العالم الذي يعرفونه.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام

في عام 2025، قدمت السينما العالمية مجموعة متميزة من الأفلام التي جمعت بين الرعب والغموض والخيال العلمي والدراما، عبر تجارب سينمائية غنية ومليئة بالتوتر والإثارة.

يأخذنا هذا العام في رحلة عبر قصص متنوعة تكشف عن صراعات الإنسان الداخلية والخارجية، وتحاكي مخاوفنا وأحلامنا في آن واحد. في هذا المقال، نستعرض مجموعة من أبرز أفلام الرعب التي لفتت الأنظار في 2025، والتي تجمع بين الأداء التمثيلي المميز والحبكات المشوقة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الفيلم الكوري "مجنونة جدا".. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق المخفيةlist 2 of 2"ضايل عنا عرض" يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام الوثائقيةend of listبعد 28 عاما

"بعد 28 عاما" (28 Years Later) هو الجزء الثالث من سلسلة بدأت عام 2002 بفيلم "بعد 28 يوما" (28 Days Later)، الذي كان فيلما مستقلا قدم ممثلا جديدا آنذاك، وهو كيليان ميرفي، واستعرض تداعيات انتشار فيروس يحول البشر إلى وحوش أقرب إلى الزومبي، والصورة التي يحاول من خلالها الناجون متابعة حياتهم.

في الجزء الثالث من السلسلة، أي "بعد 28 عامًا"، نتعرف على هذا العالم بعد مرور 28 عاما على تفشي الفيروس، لكن الأحداث تنتقل بعيدا عن المدن المركزية إلى جزيرة معزولة يعيش فيها مجموعة من الناجين. وتتركز الحبكة على صبي ووالده يعيشان على هذه الجزيرة، غير أن مرض الأم يضطرهما إلى الانتقال إلى البر الرئيسي في رحلة خطرة تكشف حقيقة ما بعد الفيروس والتحورات التي ظهرت على المصابين، ومعارك البقاء والأهوال المختلفة عما شاهدناه في الجزأين الأول والثاني.

عاد إلى الفيلم الفريق الفني الأصلي، أي المخرج داني بويل والمؤلف أليكس جارلاند، مما منح العمل رابطا بصريا ونفسيا بجذور السلسلة أقوى من الجزء الثاني.

View this post on Instagram

أسلحة

يبدأ فيلم "أسلحة" (Weapons) بداية محتدمة، باختفاء جماعي وغامض لعدد كبير من الأطفال في ليلة واحدة وفي الساعة نفسها، تاركين خلفهم مجتمعا مذهولا والكثير من الأسئلة بلا جواب.

إعلان

تجد بطلة الفيلم، المعلمة جوستين (جوليا غارنر)، نفسها في قلب الأزمة عندما تفقد جميع تلاميذها في حادثة لا تفسير لها. ومع تزايد الضغط من الأهالي، تبدأ التحقيقات التي تكشف خيوطا غامضة تربط الحادث بقوى مظلمة وأسرار وشخصيات مشبوهة.

ومع تقدم التحقيق، يتحول الفيلم إلى سباق للكشف عن الحقيقة، فيما تتعرض الشخصيات الفيلمية للعديد من الصدمات النفسية والمواجهات الأخلاقية، في فيلم يمزج بين الرعب والغموض والدراما النفسية.

يقدم الفيلم حبكة غامضة ومشوقة للغاية، ففكرة الاختفاء الجماعي لعدد من الأطفال دفعة واحدة تخلق توترا نفسيا منذ اللحظات الأولى، بالإضافة إلى الأداء التمثيلي القوي الذي أتاح تقديم زوايا مختلفة من الصدمة والخوف والانهيار النفسي. كما يمزج الفيلم بين التوتر البصري والصوتي والمفاجآت والرعب النفسي، مما يجعله تجربة سينمائية مشوقة.

فيلم "أسلحة" (Weapons) يبدأ باختفاء جماعي وغامض لعدد كبير من الأطفال في ساعة واحدة (آي إم دي بي)سنرز

تدور أحداث "سنرز" (Sinners)  في حقبة الثلاثينيات من القرن الـ20، في منطقة دلتا ميسيسيبي الأميركية، حيث يتبع الفيلم قصة التوأمين سموك وستاك -ويقدمهما مايكل بي جوردان– اللذين يعودان إلى مسقط رأسهما في محاولة لترك ماضيهما الإجرامي خلفهما وبدء حياة جديدة، مع تأسيس نادٍ موسيقي لأصحاب البشرة الملونة على وجه الخصوص، يقدم موسيقى الجاز والبلوز والتسلية لأشخاص حرموا من هذه المتعة لأسباب عنصرية.

لكنهما يكتشفان عند عودتهما أن شرا قديما وفوق طبيعي ينتظرهما، حيث يتربص بهما خليط من مصاصي الدماء وسكان المدينة العنصريين وكل من يحاول مساعدتهما.

يمزج الفيلم بين العنف والرعب والموسيقى والصراعات الطبقية والاجتماعية في رؤية درامية غنية من تأليف وإخراج رايان كوغلر، وهو مخرج معروف بأعماله المناهضة للعنصرية وذات القوة البصرية المميزة، فظهر الفيلم مبهرا من حيث التصوير والإخراج والتعبير السينمائي عن قضاياه دون مباشرة، بالإضافة إلى الأداء التمثيلي المميز لمايكل بي جوردان بدور التوأمين وهايلي ستاينفيلد.

View this post on Instagram

المسيرة الطويلة

"المسيرة الطويلة" (The Long Walk) فيلم رعب وخيال علمي وإثارة وديستوبيا، مقتبس عن رواية بالاسم نفسه للكاتب ستيفن كينج، ومن إخراج فرانسيس لورانس، مخرج سلسلة "مباريات الجوع" (The Hunger Games).

تدور أحداث الفيلم في مستقبل ديستوبي فاسد للولايات المتحدة الأميركية، تسيطر فيه حكومة شمولية عسكرية على مقاليد الأمور، وقد انتشر الفقر المدقع بين السكان. ويُجبر كل عام مجموعة من الشباب على المشاركة في مسابقة وحشية تُعرف باسم "المسيرة الطويلة"، حيث يُطلب من المتسابقين المشي على طريق طويل بسرعة لا تقل عن 3 أميال في الساعة دون توقف أو نوم. وإن سار المتسابق بسرعة أقل أو توقف، يحصل على تحذير، وبعد 3 تحذيرات يتم قتله فورا، في حين يحصل الفائز الوحيد أو بالأحرى الباقي الوحيد على قيد الحياة في النهاية، على أموال تكفيه لبقية حياته وأكثر.

View this post on Instagram

أعدها لي

"أعدها لي" (Bring Her Back) فيلم رعب وإثارة خارقة للطبيعة ودراما عائلية مظلمة. تدور الأحداث بعد وفاة الأب فيل المصاب بالسرطان، ليصبح المراهق آندي (بيلي برات) وأخته غير الشقيقة بايبر (سورا ونج) يتيمين، ويتم إرسالمها للعيش مع لورا (سالي هوكينز)، غريبة الأطوار، والتي ترعى أيضا صبيا صغيرا يدعى أوليفر (جونا رين فيليبس).

إعلان

ينزعج آندي من السلوكيات الغريبة لكل من لورا وأوليفر، ويكتشف أن لورا سرقت خصلة شعر من جثة والده في الجنازة، الأمر الذي يقوده إلى الكشف عن ممارسات سحرية مظلمة تقوم بها هذه المرأة لأهدافها السرية.

View this post on Instagram

يتناول الفيلم الحزن والأمومة المفقودة واليأس الذي يدفع الشخصيات إلى أفعال مرعبة، خصوصا شخصية لورا التي فقدت ابنتها، مما قادها إلى حالة من الهوس والجنون، وقدمتها سالي هوكينز بشكل مميز. كما اعتمد الإخراج على تحكم فائق في الإيقاع وخلق التوتر النفسي المستمر.

مقالات مشابهة

  • 2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
  • 5 عروض عالمية قبل الكريسماس
  • الجيش: تفجير ذخائر غير منفجرة في الحلوسية
  • الجيش الصومالي يحبط محاولة تفجير في مقديشو
  • الرئيس الأوكراني: روسيا تريد الاحتفاظ بمحطة زابوريجيا النووية
  • تفجير عقبة ثرة.. إعلانٌ جنوبي بدعم تحرير البيضاء يُثير رعب ذراع إيران
  • اتفاقية حظر التجارب النووية والشرق الأوسط
  • رئيس مؤسسة الدعم الفني التشيكي يشيد بما حققته هيئة الرقابة النووية من نجاحات
  • هند صبري تكشف أسرار 20 عامًا من النجومية في لقاء استثنائي مع إسعاد يونس
  • مقتل رجل في تفجير سيارة على شارع 73 قرب نهلال شمال إسرائيل