يعاني الاقتصاد الأوروبي من صعوبات متزايدة تتفاقم في ظل أزمة سياسية عميقة تغرق فيها فرنسا وألمانيا معًا. ومع تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع القدرة التنافسية مقارنة بالقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، تواجه المنطقة تحديات هيكلية تتطلب استجابة عاجلة.

اعلان

وإلى جانب هذه الضغوط، تبرز أزمة مستمرة في صناعة السيارات، ومخاوف كبرى بشأن تمويل الدفاع ضد التهديدات الروسية.

ووسط هذا المشهد، يضيف تهديد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية على السلع الأوروبية طبقة إضافية من التعقيد.

ولكن، في ظل تصاعد التوتر السياسي في قلب الاتحاد الأوروبي، تبدو الحلول بعيدة المنال. إذ يعيق الجمود السياسي في كل من فرنسا وألمانيا، اللتين تمثلان معا ما يقارب نصف اقتصاد منطقة اليورو، أي محاولات للبحث عن حلول اقتصادية فعالة. وكان التعاون الفرنسي-الألماني بمثابة حجر الزاوية لدفع أوروبا نحو النمو، إلا أن هذا التعاون يشهد الآن تصدعًا واضحًا. ففي فرنسا، استقال رئيس الوزراء ميشيل بارنييه بعد خسارته في تصويت الثقة، بينما تواجه ألمانيا انقسامات حادة داخل الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتس، مما أدى إلى الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير.

البنك المركزي الأوروبي بجوار حاويات شحن في فرانكفورت.Michael Probst

ووسط هذا التفكك السياسي، يبدو أن فرنسا وألمانيا تسيران في مسار من الفوضى قد يعيق اتخاذ قرارات حاسمة وضرورية. وفي هذا السياق، يحذر الخبراء من أن فرنسا قد تواجه "شللاً تامًا في القضايا الاقتصادية"، مما يعزز من هشاشة الوضع الاقتصادي في المنطقة بأسرها. ويقول مجتبى رحمان، مدير إدارة أوروبا في مجموعة يوراسيا: "إن من غير المرجح أن يتمكنوا من الوصول إلى توازن سياسي يسمح بتطبيق تصحيح مالي حقيقي". ومن دون تنسيق سريع، ستبقى الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة لأوروبا مهدورة بسبب غياب التعاون بين أكبر قوتين في الاتحاد.

ولا تقتصر التحديات على ذلك، إذ يعاني القطاع الصناعي الأوروبي من أزمات متزايدة، بينما تسعى صناعة السيارات إلى إقناع الاتحاد الأوروبي بتأجيل تطبيق معايير الانبعاثات الجديدة. وفي الوقت نفسه، يعكس استقرار الأسواق المالية في فرنسا نوعًا من الطمأنينة المؤقتة، لكنه لا ينفي أن ضعف الاقتصاد في فرنسا وألمانيا يترك أثرًا واسعًا على الاتحاد الأوروبي بأسره.

Related"إلا إذا حدثت معجزة".. اليمين المتطرف الفرنسي يهدد بإسقاط حكومة بارنييه في زيارة مفاجئة لكييف.. شولتس يتعهد بمساعدات عسكرية ضخمة بقيمة 650 مليون يورو وسط سباق انتخابي محتدمماكرون يقبل استقالة بارنييه ويكلفه وحكومته بتصريف الأعمال حتى إشعار آخرفي خطوة غير متوقعة.. شولتس يترشح مجددًا لمنصب المستشار رغم المعارضة الداخلية

أما على صعيد التوقعات الاقتصادية، فتشير الأرقام إلى أن النمو في فرنسا هذا العام سيكون متواضعا، ولن يتجاوز نسبة تُقدر بـ1.1%، وأسوأ منه حال الاقتصاد الألماني الذي يتوقع انكماشه بنسبة 0.1%، في تراجع مستمر منذ العام الثاني على التوالي. وتزداد الأمور تعقيدًا مع مشكلات هيكلية تشمل نقص العمالة الماهرة، والبيروقراطية المرهقة، وارتفاع أسعار الطاقة، وكلها تعوق التعافي الاقتصادي وسط الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم في ألمانيا.

ورغم النفوذ الذي تتمتع به رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، فإن تأثيرها يبقى محدودًا بسبب الهيمنة المتزايدة للسياسات الداخلية في الدول الكبرى في الاتحاد. ومع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام نافذة زمنية ضيقة لتوحيد استراتيجياته الدفاعية والتجارية. لكن الانقسامات الداخلية تجعل تقديم عرض موحد وقوي لأمريكا مهمة أكثر صعوبة، ما يعقد المفاوضات مع ترامب بشكل إضافي.

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث مع الإعلام بعد اجتماع المجلس في فرانكفورت.Michael Probst

وفي الختام، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل تستطيع فرنسا وألمانيا تجاوز أزماتهما السياسية واستعادة الدور القيادي الذي تحتاجه أوروبا بشدة لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة؟

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "ضرورة لأمن أوروبا".. جمهورية الجبل الأسود تُخطط للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2028 الاتحاد الأوروبي يضغط على تيك توك للتحقيق في شبهة "تدخل أجنبي" بالانتخابات الرومانية دول البلطيق تفرض عقوبات على جورجيا: هل يتبع الاتحاد الأوروبي نفس الخطوة؟ الاتحاد الأوروبيأولاف شولتستنمية اقتصاديةأمناعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. ماذا بعد الأسد.. إسرائيل تتوسع ومجلس الأمن يعقد اجتماعًا طارئًا وعلم الثورة يُرفع في موسكو يعرض الآن Next زيلينسكي: "نهاية الحرب مطلب لنا أكثر من غيرنا".. ولكن ما الثمن؟ يعرض الآن Next تحت أرض سوريا.. سوريا أخرى: المعارضة تحرر عشرات النساء من سجن صيدنايا وقصص مروّعة عن عذاب وألم يعرض الآن Next مقتل 3 جنود إسرائيليين من لواء جفعاتي بشمال غزة .. حيث الحصار والدمار والمجازر والجثث العالقة يعرض الآن Next "سنعيد بناء بلدنا".. ردود فعل الجالية السورية في أوروبا بعد سقوط بشار الأسد اعلانالاكثر قراءة سوريا على مفترق طرق.. أي مصير ينتظر البلاد ومن الرابح والخاسر بعد سقوط الأسد؟ إما فرحة أو اعتذار أو دعوات لوحدة الصفّ.. هكذا تفاعل نجوم سوريا مع سقوط الأسد من هي الجماعات المسلحة التي أطاحت بحكم بشار الأسد وهل ينفرط العقد بينها بعد سقوط النظام؟ مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز الأسد في روسيا ويمنح وعائلته حق اللجوء والمعارضة المسلحة بقلب دمشق ونتنياهو يوم تاريخي بالشرق الأوسط اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومبشار الأسدسوريامعارضةإسرائيلالحرب في سوريادمشقروسياالحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهوغزةفولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: بشار الأسد سوريا معارضة إسرائيل روسيا الحرب في سوريا بشار الأسد سوريا معارضة إسرائيل روسيا الحرب في سوريا الاتحاد الأوروبي أولاف شولتس تنمية اقتصادية أمن بشار الأسد سوريا معارضة إسرائيل الحرب في سوريا دمشق روسيا الحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهو غزة فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبی فرنسا وألمانیا فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الأوروبي يرتب قائمته المالية السوداء.. الإمارات تخرج ودولتان عربيتان تدخلان

أعلن الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، شطب دولة الإمارات العربية المتحدة من قائمته للدول "عالية المخاطر" في مجال غسل الأموال، في خطوة ترافقت مع إضافة دول جديدة إلى القائمة، من بينها موناكو ولبنان والجزائر.

وقالت المفوضية الأوروبية في بيان رسمي إنها أدرجت عشر دول جديدة ضمن لائحة البلدان التي تتطلب مراقبة إضافية لآلياتها المعتمدة في مكافحة غسل الأموال، وهي: الجزائر، أنغولا، ساحل العاج، كينيا، لاوس، لبنان، موناكو، ناميبيا، نيبال، وفنزويلا.

وفي المقابل، قامت المفوضية بحذف كل من الإمارات العربية المتحدة، باربادوس، جبل طارق، جامايكا، بنما، الفيليبين، السنغال، وأوغندا من القائمة، بعد مراجعة مستجدات الأوضاع في تلك الدول.

وتأتي هذه التحديثات بعد إعلان "مجموعة العمل المالي" (FATF)، في شباط/فبراير الماضي، شطب الفيليبين من قائمتها للدول الخاضعة لرقابة مشددة، في حين أضافت لاوس ونيبال إليها.

وتُعرف "مجموعة العمل المالي"، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقراً لها، بأنها الجهة الدولية المخولة بمراجعة التشريعات والتدابير التي تتخذها أكثر من 200 دولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتُدرج الدول في "قائمة رمادية" تخضع من خلالها تعاملاتها المالية لرقابة مشددة.

يُشار إلى أن إمارة موناكو أُدرجت في قائمة المجموعة منذ منتصف عام 2024، إلى جانب بلغاريا وكرواتيا، وهما دولتان عضوان في الاتحاد الأوروبي.


من جهتها، قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للخدمات المالية، ماريا لويز ألبوكيرك، إن "اللجنة قدمت الآن تحديثاً جديداً للقائمة الأوروبية، وهو ما يعكس التزامنا الثابت بالتوافق مع المعايير الدولية، لاسيما تلك التي وضعتها مجموعة العمل المالي".

وأوضحت المفوضية أن القائمة الأوروبية المحدثة ستُعرض على البرلمان الأوروبي ومجلس الدول الأعضاء لمراجعتها، على أن تدخل حيز التنفيذ خلال شهر واحد إذا لم تُسجل اعتراضات.

وفي رد فعلها على القرار، أصدرت حكومة موناكو بياناً قالت فيه إنها "أخذت علماً بهذا التحديث المنتظر، والذي من المحتمل أن يؤدي إلى إدراج الإمارة في قائمة الاتحاد الأوروبي، ما لم يعترض البرلمان الأوروبي أو مجلس الاتحاد".

وأكدت الحكومة الموناقاسية التزامها الكامل باتخاذ التدابير اللازمة من أجل شطب الإمارة من "القائمة الرمادية" الخاصة بمجموعة العمل المالي "في أقرب الآجال”.

في آذار/مارس 2022، أدرجت مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) الإمارات ضمن "القائمة الرمادية"، وهي مرتبة أقل من "القائمة السوداء"، لكنها كانت كافية لتشكل ضربة اقتصادية مؤلمة للدولة الخليجية. 

فقد جاءت هذه الخطوة في وقتٍ كانت فيه الإمارات تسوّق لنفسها منذ سنوات كواجهة مالية عالمية متطورة، وحليف استراتيجي للغرب، غير أن الاتهامات المتزايدة بانخراطها في تسهيل عمليات غسيل الأموال وتهريب الذهب والاستحواذ غير المشروع على ثروات الشعوب، قوّضت هذه الصورة اللامعة.


وفي تقريرها الرسمي، أشارت مجموعة العمل المالي إلى أن الإمارات لا تزال مطالبة بإجراء تحسينات جوهرية، تشمل تعزيز قدراتها في تتبع التهديدات المرتبطة بغسل الأموال عالية الخطورة، وإثبات تقدم مستدام في ما يتعلق بالتحقيقات والملاحقات القضائية الفعالة في هذا المجال.

وأوضحت المجموعة أن الإمارات لم تُعالج سوى نصف التوصيات الأساسية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرة إلى ضرورة تحقيق مزيد من التقدم، لا سيما في تسهيل التعاون الدولي في التحقيقات المالية، وإدارة المخاطر في بعض القطاعات الحيوية، مثل وكلاء العقارات، وتجارة الأحجار الكريمة والمعادن، إلى جانب تحسين آليات رصد المعاملات المشبوهة داخل الاقتصاد الوطني.

مقالات مشابهة

  • بعثة الاتحاد الأوروبي تدين خروقات الهدنة بطرابلس وتدعو لاستئناف الحوار السياسي
  • الاتحاد الأوروبي يرتب قائمته المالية السوداء.. الإمارات تخرج ودولتان عربيتان تدخلان
  • الاتحاد الأوروبي يخطط لخفض سقف سعر النفط الروسي إلى 45 دولارًا
  • الاتحاد الأوروبي يحذف الإمارات من القائمة المالية «عالية المخاطر»
  • الاتحاد الأوروبي يعلن عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا
  • وزير الاقتصاد يعرض للودريان الإصلاحات والتحضيرات لمؤتمري الدعم والاستثمار
  • من بينها لبنان... الاتحاد الأوروبي يضيف هذه الدول إلى قائمة المخاطر المالية!
  • جبران يبحث مع الاتحاد الأوروبي توعية القطاع الخاص بأحكام قانون العمل
  • الاتحاد الأوروبي يحدد استراتيجيته الرقمية الدولية
  • كندا خارج أوروبا جغرافيًا... فهل تدخلها سياسياً عبر بوابة الاتحاد الأوروبي؟