سودانايل:
2025-06-06@15:22:50 GMT

حكاية صلاح قوش ودوره في الثورة

تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT

كثر الحديث عن دور قوش في التغيير الذي حدث في ١١ ابريل ٢٠١٩ ، وحتى لا يتحول ذلك الادعاء الى عامل جديد للانقسام والتخوين والتشكيك في اوساط قوى الثورة ، لا بد من وضعه في حجمه الطبيعي وسياقه الموضوعي، قوش فعلا كان ساعيا في احداث تغيير سياسي جزئي مفصل على مقاسه هو ومجموعته في النظام مدعوما بسند محور اقليمي، ولذلك لم يعرقل جهاز الامن بقيادة قوش وصول الجماهير الثائرة الى القيادة العامة بالوحشية المعهودة في ذلك الجهاز اللعين، وكذلك فعل الدعم السريع لان كلا القوتين( الدعم السريع وامن قوش) كانا ينتظران قطف ثمرة التغيير وظهرهما مسنود اقليميا، الذي حدث هو ان الدعم السريع المتحالف مع منافسي واعداء قوش في جهاز الامن وضع قشر الموز تحت اقدام قوش فزحلقه شر زحلقة من المجلس العسكري وزحلق معه كمال عبد المعروف رجل الحركة الاسلامية في الجيش الذي كان من المفترض ان يكون في مكان عبد الفتاح البرهان، ورغم ان الطرفين المتصارعين على قطف ثمرة الثورة يسندهما ذات المحور الاقليمي حينها : مصر الامارات السعودية ، الا ان هذه الدول نفسها مختلفة في رهاناتها على الشخصيات ، وسبب اختلافها ، فضلا عن مصالحها الخاصة، هو ان الشبكة الامنية الكيزانية نفسها منقسمة ومتصارعة ومتهافتة على غنائم الداخل والخارج ! وكل منها يحفر للاخر داخليا واقليميا! طبعا هناك تفاصيل كثيرة جدا في هذا الشأن ، بعضها مثير للغثيان، المهم ان جزء من النظام القديم كان له دور في الثورة او بمعنى ادق كان متواطئا مع الثورة بهدف استغلالها في التخلص من البشير ، وهذا المعطى الموضوعي لا يقلل مطلقا من قيمة ثورة الشعب السوداني ، لان تلك التضحيات والبسالات الفريدة للشباب والشابات ووجود اسباب حقيقية راكمت الغضب الشعبي الذي كان ينتظر فقط الظرف المواتي للانفجار ، تلك العوامل هي التي (لخبطت) اوراق اللعبة الكيزانية، اذ اندفعت امواج الثوار والثائرات بروح الاشواق الشعبية للحرية والعدالة والكرامة والسلام المستدام، وضد النظام الكيزاني كله بدون فرز او تمييز بين البشير وصلاح قوش ، ولذلك كان زحف الشعب اكبر من ان يستوعبه النفاج الصغير الذي فتحه قوش! ذلك الزحف دك الجدار الذي فيه النفاج! وعندما اعتصم امام القيادة العامة عانقت اشواقه السماء ! ووضع الثوار الانقياء سقف قوش للتغيير تحت اقدامهم! وما مجزرة القيادة العامة الا عقابا لهذا المارد الشعبي الجبار الذي استعصى تماما على الحبس داخل الحدود التي رسمها صلاح قوش للتغيير! وبعد ذلك استعصى على الحبس في حدود حميدتي! صحيح المساومة والتسوية التي افرزت المجلس السيادي والحكومة الانتقالية قدمت تنازلات كبيرة بمعيار الثورة لصالح المكون العسكري بقيادة حميدتي والبرهان، ولكن الشعب كسب منها مساحة محررة لصالح الثورة، كانت بحكم تعقيدات توازن القوى على الارض يمكن ان تتوسع ويمكن ان تتقلص حتى تنعدم تماما! وهنا بيت القصيد ! اذ ان التحرك الى الامام او التراجع الى الخلف كان رهينا لامرين: ما تفعله الحكومة الانتقالية، ومدى صمود الشارع خلف اهداف الثورة ووحدة قوى التحول الديمقراطي واصطفافها القوي، ومدى استيعاب النظام القديم واذرعه الامنية والعسكرية لحقيقة ان اعادة عقارب الساعة للوراء مستحيلة.


النظام القديم اشعل الحرب وهذا ليس دليلا على فشل الحكومة الانتقالية بل دليل على فشله هو اي النظام القديم في اعادة عقارب الساعة الى الوراء عبر اصابع صلاح قوش التي كانت مخترقة لقوى الثورة وحتى التكوينات الشبابية الثورية وعبر اذرع الامن والاستخبارات التابعة للنظام القديم الذي كان دائما متحفزا لوأد الثورة !
حاول ذلك بمجزرة فض الاعتصام، ثم بتقسيم قوى الثورة وتحريضها على المطالبة باسقاط حكومة حمدوك وصناعة الازمات الامنية والاقتصادية بواسطة اذرع الدولة العميقة ثم بالانقلابات العسكرية التي كان اخرها انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ وكل هذه المحاولات فشلت فاطلق النظام القديم طلقته الاخيرة في صدر ثورة ديسمبر المجيدة ممثلة في هذه الحرب.
ستطيش هذه الطلقة ولن تصيب الثورة في مقتل باذنه تعالى! ستطيش هذه الطلقة كما طاشت سابقاتها ، نعم سببت الاما وجراحا لا توصف ولكن المصاب لن يموت! لن تموت ارادة الحرية والكرامة والسلام العادل في ظل دولة مدنية ديمقراطية.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: النظام القدیم

إقرأ أيضاً:

الدكتور أحمد علوش مدخلي.. حكاية تروى

عبدالعزيز التميمي

كيف يقيس الإنسان عمره، وكيف يحسب أيام حياته على الأرض؟ هل نحسبها بتلك الوريقات الصغيرة التي نتزعها من التقويم مطلع كل يوم، ثم نطويها ونلقيها في سلة المهملات يوما بعد يوم؟
إنها عند البعض أيام مرت من أعمارنا ولن تعود، وهي عند البعض الآخر، ساعات مضت كما يمضي كل شيء حولهم دون أن يستوقفهم، أو يشغل بالهم في قليل أو كثير. فهم يعيشون حياتهم في عبث ولهو، دون أن يحسبوا للزمن حسابًا، أو للوقت قيمة. وهناك من يغتنم وقته في عمل شيء مفيد لحاضره ومستقبله، ولحياته ومماته، يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدًا. فهو يعيش لحظات حياة مليئة بالنشاط والحركة، (وفي الحركة بركة)، يومه في غده، وعمله في إنتاجه، الوقت عنده عبادة، والحياة عمل.
طافت بمخيلتي هذه الخواطر، وأنا أشاهد تسجيلا قصيرا لحفل التكريم الذي نظمته مؤسسة “قدوات عطاء ووفاء للوطن”، في أبها تقديرا لنخبة من رواد التأثير والأسوة الحسنة على مستوى المملكة 1446هـ – 2025م، برعاية سمو الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، بحضور جمع غفير من المدعوين..وكان من بين المكرمين الدكتور أحمد علوش مدخلي، الذي أتى إلى الحفل بصحبة والدته الكريمة، وكأنه يعلن للعالم أن هذه المرأة هي من صنعت نجاحه بعد الله سبحانه وتعالى.
وفي كلمة له ثمّن رئيس مجلس إدارة مؤسسة “قدوات” ناصر بن عبدالله العواد، رعاية سمو أمير منطقة عسير للحفل، مبينًا أن هذه الليلة تشهد تكريمًا لأصحاب الأسوة الحسنة ورواد التأثير، الذين قدّموا الكثير في خدمة أبناء الوطن، مثل: قضاء الحاجات، رعاية الأيتام، علاج المرضى، التطوع، نشر الوعي والتأثير في العديد من قضايا المجتمع.
وقصة أحمد علوش مدخلي، تستحق أن تذكر. فهو كان يعمل(حارس أمن) بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ورغم ذلك لم يدع للمصاعب مجالًا، ولم يترك للعمل تأثيرًا على طموحه، ولم يلتفت لشيء سوى تحقيق الأمل الذي رسمه لنفسه، في خطوات ثابتة، وباستمرارية لا تلين.
وبعد أن أكمل تعليمه الابتدائي ثم المتوسط والثانوي، وبعزيمة الرجال، دخل الجامعة، وبعد تخرجه فيها، سعى به طموحه، بعد توفيق الله له، للحصول على الماجستير ثم الدكتوراه التي حصل عليها في عام 1442هجرية، مستعينًا بالله سبحانه وتعالى، ثم تشجيع من حوله وفي مقدمتهم والدته وتحّفيزها له وشددّ أزره، ووقوف أسرته إلى جانبه.
وفي كلمات موجزة تعبر عن الكثيرمن المشاعر الصادقة قال أحمد علوش مدخلي: “إن كان في هذا التكريم فضلٌ يُذكر، فهو لأمي أولاً وآخراً؛ فهي التي غرست فيّ ما يُكرَّم، وربّتني على الصبر والعزم والعطاء. وكل مجدٍ نبلغه إنما هو ظلّ من ظلال تضحيات الأمهات، اللواتي نتقازم أمام سنا عطائهن، ونرتقي بما غرسن فينا من نور”.
وقصة نجاح الدكتور أحمد علوش، تستحق الوقوف عندها، لا لأنه نجح في الوصول إلى مدرجات الجامعة، وأصبح أستاذًا مساعدًا في جامعة جازان، ولكن لأن قصته رسالة للجميع: بأن الأهداف والطموحات لايمكن إيقافها إذا اقترنت بالتوكل على الله، ثم بالإرادة الصادقة والعزيمة، وإن طرق تحقيق الأهداف واضحة سهلة.أدواتها الجدّ والمثابرة، وسلاحها إيمان بالذات بعد الاعتماد على الله والتوكل عليه.
وفي مشوار حياته البسيطة، يقدم أحمد علوش مدخلي، مثالًا رائعًا لأولئك الذين يترددون كثيرًا عن تحقيق آمالهم وأمانيهم وأحلامهم عند مواجهتهم لأول عقبة صغيرة أو كبيرة صادفتهم أثناء سيرهم. إنه يقول لهم ولنا: إن الاستمرار في أي عمل تبدأه، هو الركيزة الأولى التي تحقق النجاح بعد توفيق الله سبحانه. إننا كثيرًا مانواجه في حياتنا بعشرات الحواجز، وما أكثر ماتمتلئ دروب حياتنا بالحجارة الصلدة من كل شكل ولون، ولو أن الإنسان منا أصابه الوهن والتعب من السير على هذه الأحجار، أو محاولة تكسيرها وتفتيتها، لما استقامت حياة أمة أو جماعة. إن كل شيء في بدايته صعب، ولكن مع الإصرار والاستمرار، تهون المصاعب، ويتحقق المستحيل، وتلين الحجارة. المهم ألا يتوقف الإنسان عند المحاولة. ويجلس أمام أول مشكلة يواجهها يلوم نفسه ويؤنبها، بل عليه أن يواصل الطريق فالخطوة الأولى والتي تليها رصيد يُضاف إلى خطوات سبقتها حتى نصل إلى نهاية الطريق محققين الهدف الذي نريد .
فيا عزيزي، لا تتوقف، ولاتبكي من حرقة الأحزان التي تلهب وجدانك، ولكن استمر ولاتتوقف تحت وهم أنك تبذل جهدًا ضائعًا؛ فقد تأتي لحظة النجاح في الوقت الضائع، أو الإضافي كمايقول المعلقون الرياضيون.
ولعلنا نختم بالأثر الشريف: “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل”، وهذا الحديث الشريف يحثّ على بذل الجهد حتى آخر لحظة من حياة الإنسان لإعمار الكون في كل مجالات الحياة في العلم والعمل، وبذل الخير والعمل الصالح، وفق الله الجميع.

مقالات مشابهة

  • زيارة عيدية للجرحى والمرضى والأجهزة الأمنية في إب
  • 7 شهور على الخيل.. حجاج إسبان يروون أسطورة طريق الحج القديم
  • «الحبيب»: أتأمل يومياً حياة الماعز القديم وحديث الولادة لأشحن إيجابيتي
  • سائقو الشاحنات العالقون بمعبر رفح يروون حكاية الانتظار والصبر
  • الوزير الشيباني: نشيد بالدور الحيوي الذي أداه الاتحاد الأوروبي بدعم اللاجئين حيث فتحت أوروبا أبوابها لمن فر من جرائم النظام البائد.
  • تعديلات قانون الإيجار القديم تدخل مراحل الحسم.. تفاصيل موعد الإقرار
  • إخماد حريق في المبنى القديم لوزارة الداخلية في ‏ساحة المرجة بدمشق
  • حكاية محمد حسن برزو.. حين اختلطت دفاتر الشورجة بخرائط الثورة الكوردية
  • "الغرفة" تناقش تحديات قطاع السيارات ودوره في تعزيز الاقتصاد الوطني
  • الدكتور أحمد علوش مدخلي.. حكاية تروى