«بينهم ما صنع الحداد».. قصة خلاف زوجي تحولت إلى مثل شعبي شهير
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
الأمثال الشعبية تعتبر مرآة للحياة اليومية، إذ تحمل بين طياتها حِكمًا ودروسًا تمثل تجارب الشعوب عبر الزمن، وغالبًا ما تستخدم هذه الأمثال للتعبير عن مواقف ومشاعر حقيقية بطريقة موجزة وسهلة الفهم، وعلى الرغم من مرور الوقت، إلا أن هذه الأمثال لا زالت تُستخدم في حديثنا اليومي، سواء في المواقف العائلية أو الاجتماعية أو حتى المهنية، وأصبحت جزءًا من ثقافتنا العامة، تساعدنا في فهم بعضنا البعض بطريقة غير مباشرة.
ومن أشهر هذه الأمثال، مثل «بيننا مصانع الحداد»، والذي يُستخدم لتوصيل فكرة الصراعات والخلافات الكبيرة التي لا تؤدي إلى أي نتيجة، هذه الأمثال ليست مجرد كلمات، بل هي خلاصة تجارب الأجداد، تُعلمنا كيف نتعامل مع التحديات التي نواجهها في حياتنا المعاصرة، ويعود أصله إلى التراث العربي قصة وردت كتاب «قصص الأمثال» تدور القصة حول حوار قديم وقع مع رجل عربي وزوجته سليطة اللسان، وأصل المثل القديم كان «بينهم ما صنع الحداد».
في أحد الأيام، كان هناك رجل من العرب يعيش مع زوجته التي كانت معروفة بلسانها السليط وكلامها الحاد، ما جعل حياته مليئة بالصراعات اليومية، وفي أحد المرات، وصل به الحال إلى أقصى درجات الانزعاج، وخرج من خيمته غاضبًا، وهو يصرخ: «بينما بينك ما صنع الحداد»، لم تفهم الزوجة المقولة تمامًا، لكنها قررت أن تنتظر عودة زوجها لتفهم معناه.
عاد الزوج بعد فترة، ومعه لفة تحتوي على قرص من الحديد وعصا طويلة؛ قال لابنه: «خذ هذه العصا واضرب بها على هذا الحديد حتى تصدر ضجيجًا عاليًا»، استغرب الابن، لكنه فعل ما طلبه منه والده، وضرب العصا على الحديد حتى تصاعد الصوت في كل أرجاء المكان.
خرج الرجل من الخيمة مبتعدًا عن الصوت المتواصل، قائلاً في نفسه: «كما لا يتوقف صوت الحداد من الضجيج، لا يتوقف لسان زوجتي عن الحديث»، نصب خيمته بعيدًا عن مكان الخيمة الأصلية، هروبًا من كلماتها الحادة، ليعيش في هدوء بعيدًا عن الجدل الدائم.
ومن هنا جاء مثل «بيننا ما صنع الحداد»، ومع مرور الوقت أصبح الاسم الدارج له «مصانع الحداد»، والذي يُستخدم اليوم في حديثنا للإشارة إلى الجدال الذي لا ينتهي والذي لا يحقق أي فائدة، مثل الصوت المتواصل الذي يصنعه الحدادون دون أن ينتجوا شيئًا ملموسًا.
أصبح هذا المثل رمزًا لحالة من الركود والتوقف، ويُستخدم اليوم للإشارة إلى الأشخاص الذين يضيعون وقتهم في النزاعات غير المجدية دون أن يحققوا أي نتائج حقيقية، فكما كان الحدادون يضيعون ساعاتهم بين المطارق والحديد، هكذا يمكن للناس أن يضيعوا حياتهم في جدال لا فائدة منه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المثل الشعبي مثل شعبي قصة
إقرأ أيضاً:
السماح لاحزاب بممارسة السياسة بهذه الطريقة يعني وجود مصانع تنتج العملاء والخونة
انضمامك لحزب ذي المؤتمر السوداني أو حزب الأمة أو التجمع الاتحادي، معناهو ببساطة إنو في احتمال بنسبة ٩٠ في المئة إنك تتحول لي سياسي قابل للخيانة. ما لأنك خاين بطبعك، لكن لأنو ببساطة الحزب دا ما بيعلمك مفاهيم ذي السيادة الوطنية، الأمن القومي، أو كيف تحافظ على مصالح بلدك. بيعلمك بس كيف تصارع الكيزان وكيف تكرههم. مدرسة الكادر بتاعته بترسم ليك هوية سياسية قائمة على معاداة الكيزان دون تعمق في مفاهيم الدولة ومصالحها. الحزب بعلمك كيف تأمن نفسك من الاعتقال وكيف تصنع ملتوف وكيف تحفظ كولينهات وكيف تشترك في ورش خواجات، بالإضافة لكيف يكون موقفك النفسي والأخلاقي مبرمج بالكامل ضد الكيزان وأي حاجة غيرهم تعتبر مباحة..
في الأحزاب دي بيجهزوك نفسياً تتدرج في المواقع، وتفتح ليك علاقات مع السفارات والمنظمات، وتبدأ تتعامل مع الخارج كأنو هو الحليف الطبيعي ضد خصمك المحلي.فجأة انت كعضو في أمانة شباب أو طلاب أو مرأة في واحدة من الأحزاب دي بتلقى في دعوة عشاء جاتك من سفارة أجنبية، او حفل إستقبال أو حتى افطار رمضاني يصلي بيك فيو سفير بريطاني، هنا بتكون فخور وسط أعضاء حزبك اللي هم اصلاً بيدعموا التوجهات دي،وهنا بالضبط بتبدأ تبقى مشروع ” سياسي قابل للاختراق”. ما عندو حساسية تجاه الوطن، وماعندو حدود لشكل العلاقة مع الخارج، فقط عندو حساسية تجاه الكيزان..
داخل الأحزاب دي بيتم التعتيم على مفاهيم أساسية ذي العمالة والتبعية للخارج، وبيتم تمرير فكرة إنو الكلام دا كلو جابوهو الكيزان، وهم آخر ناس يتكلموا عن السيادة.وبالتالي أي زول يتكلم عن علاقات السياسيين ديل مع الخارج والسفارات، بيتم قصفه نفسياً بأنو دا فهم الكيزان وبيتم تمييع كل النقاشات الحقيقية حول القضايا دي ..
فمثلا لمن صحفي يواجه خالد سلك وجعفر سفارات وعمر قمر الدين بعلاقاتهم الواضحة مع جهات خارجية وعملهم ضد مصالح السودان يردوا مباشرة بجرأة : “ياخي الكيزان نفسهم عملوا كدا ، شوف الفريق طه عثمان، وشوف التلاتين سنة وديل نهبوا البلد والكيزان آخر من يتكلم عن القضايا دي “.
على الرغم من السؤال جاء من صحفي لكن تمييع النقاش واقحام الكيزان والهروب من المحاسبة والمناقشة الجادة هو آلية تغبييش بيستخدموها الخونة أمثال سلك وجعفر سفارات ..
داخل الأحزاب دي بتم تصميمك لشخص عنده رد جاهز لأي اتهام بالرد فقط بكلمة الكيزان، وممكن تبرر أي تواطؤ مع الخارج، أي خيانة وأي غموض في مصادر تمويلك ومعاشك، بالهروب فقط بقول “آخر من يتكلم عن كدا هم الكيزان”..
لمن سعد الكابلي سأل خالد سلك عن كيف ساكن في الفنادق وبتنقل من دولة لدولة، قال ليه “عندي شغلة بتجيب لي شوية قريشات، والكيزان آخر ناس يتكلموا “.
دا هروب واضح من الرد على سؤال الكابلي بإقحام كلمة الكيزان. والتهرب دا بعيداً عن انو هدفه التشويش على العامة، التهرب دا داخل الحزب بتاعه مباح ومتصالح معاه، بل مرعي ومتفق عليه ومافيه أي محاسبة حوله. لأنو ببساطة داخل منظومة سلك المحاسبة ما مطلوبة ، المطلوب بس يكون عندك موقف عدائي ثابت تجاه خصمك الكيزان، والباقي من خيانة وعمالة مباح..
ببساطة السياسيين ديل ما حيقدر واحد فيهم يجاوب على سؤال بسيط: شنو مفهوم السيادة ، شنو تعريف الأمن القومي، متين العلاقة مع الخارج تكون خيانة، ومتين تكون مصلحة، لأنهم ما مبرمجين للنقاش دا. مبرمجين بس على إنهم يقحموا الكيزان في أي رد، ويهربوا من المواجهة المباشرة والرد بمقولات العزلة الدولية واقعدونا عن العالم ثلاثين سنة..
داخل الأحزاب دي بتصنع جيل كامل من السياسيين العملاء، جيل بيختزل السياسة كلها في خصم محلي وببيح لنفسه التخابر مع أي جهة أجنبية طالما بساعده في صراعه مع خصمه المحلي ، جيل عندو حساسية فقط تجاه الكيزان، وعندهم قابلية يبرروا أي شي، طالما بيساعدهم ضد الكيزان. ما حتلقى زول يناقش موضوع العمالة أو التدخل الأجنبي أو التمويل المشبوه أو المساءلة الحزبية، من غير ما يربطوهو بالمقولات الجاهزة عن الكيزان والثلاثين سنة وغيرها.
إصلاح هذه الأحزاب مستحيل طالما أن بنيتها الفكرية والتنظيمية لا تشمل مفاهيم السيادة والأمن القومي، ولا تتضمن ضوابط واضحة للتعامل مع القوى الخارجية. وطالما أنها لا تملك موقف صريح يفصل بين الصراع السياسي والتخابر مع الخارج، فوجود أحزاب سياسية بهذا الشكل يعني مزيد من التهوين لخطاب الارتهان للخارج والعمالة وتمييعه وتحويله إلى شكل من أشكال الترف السياسي. السماح لاحزاب بممارسة السياسة بهذه الطريقة يعني وجود مصانع تنتج مخزون ضخم من العملاء والخونة، ولذلك لا حل حقيقي إلا بتفكيكها واجتثاثها بالكامل.
حسبو البيلي
#السودان