صدى البلد:
2025-05-26@01:04:42 GMT

كريمة أبو العينين تكتب: من خاف سِلم

تاريخ النشر: 26th, May 2025 GMT

يقولون إن الأمثال الشعبية انعكاس لشخصية البشر وطريقة تفكيرهم وحياتهم، ولعل مايحظى به تراثنا الوفير من أمثال تقول لنا الكثير من حياة الماضين والأجداد والكهول.

 كنت اتصفح كتاب ( أصل ألف مثل ومثل ) ووجدت ان معظم الأمثال المتوارثة قريبة المعنى والظرف فى معظم الدول العربية مع اختلاف اللهجة والحدث والحديث  أمثال كثيرة منها من يسعى الى شحذ الهمم واعلاء الكرامة ومنها من يؤكد لك ان هناك أناس منذ القدم كانوا يريدون أن يعيشوا فى ذلة ومهانة بل وأنهم يبررون ذلك ويريدون ان يقنعوا غيرهم بأن ينتهجوا نهجهم .

 

من بين الأمثال المحيرة مثلا يقول " من خاف سلم " ويتبعه آخرون بمثل مكمل له يقول " من عاش ندل مات مستور " ، المثل فى شقيه مخير وغريب  فمن خاف سلم  ذلك المثل الذى  يتناقله كثير من الناس وهو مثل له معنى واضح ان من خاف سلم من الانجازات وتحقيق الغايات والتمتع بالحياة والفوز باللذات ذلك المثل من المفترض ان يحمل من ينطبق عليه صفات تؤهله لتخطى العقبات وبالطبع لا أن يكون خانعا ذليلا بل لابد أن  يكون جسورا تخلص من الخوف وواجه التيار بقرار وواصل المسار وانت مقدر لذاتك رغم صعوبة الظروف وتذكر ان من خاف سلم لكنها سلامة الذل والخنوع والمهانة. 

المثل مع مرور الزمان فقد جزءا من مفهومه وأصبح منزوع الهوية وصار يقول ان من عاش وكل همه ان يحيا فقط مثله ومثل باقى المخلوقات غير العاقلة ولذا فعليه أن ينأى بنفسه عن أية مواجهات وتحديات لان هدفه الاسمى أن يظل على قيد الحياة ، وهنا نتساءل أية حياة تلك التى تجعل بنو عروبتنا يصموا آذانهم وينفضوا عن أيديهم ويغمضوا أعينهم عن معاناة أهل غزة الذين يقتلون بدم بارد ويحاصرون ويموتون جوعا وعطشا وقهرا وذلا بيد الصهاينة جبابرة هذا العصر . 

من خاف سلم أصبح الآن مقولة المرحلة وشعارها وسلوجانها البغيض، فقد صار الحال يظهر لنا ان الكل اصبح يريد العيش فى سلام مهما كلفه ذلك من مذلة وهوان . ان تعيش سالما آمنًا فى هذا الزمان فلابد ان تكمل المثل الذى يقول من عاش ندلا مات مستورا ؛ لان مايحدث فى الاراضى المحتلة طاغ وزاد الطين بلة وأصبح حال المنطقة والامة المسماة بالعربية تاريخيا فقط وليس أخلاقيا اصبح حالها من خاف سلم وبالطبع اكمل المثل بلا خذلان ولا قلق لان الكل سيغض بصره ويصم أذنه من اجل ان يعيش بمبدأ من خاف سلم . أى سلم هذا وأى أمان ذاك الذى نتغنى به ونتخذه نبراسا لنا . لعن الله المرحلة التى فرضت علينا فرضا وجبرتنا اجبارا بأن نخاف كى نعيش سالمين آمنين .. لاعزاء لنا ولا صوان ينصب لأخذ العزاء لاننا لم نمت بأجسادنا ولذا فلن يقام عزاء ولن نتلقى التعازى لأننا نعيش سالمين خائفين.

طباعة شارك الأمثال الشعبية من خاف سلم من عاش ندل مات مستور

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأمثال الشعبية من عاش

إقرأ أيضاً:

شيخة الجابري تكتب: التنشئة والذكاء الاصطناعي

نعيش زمناً تتقاطع فيه الكثير من المغريات والتحديات، الفرص والصعوبات، الاتصال والانفصال، التشارك والتعارك، مصطلحات متعددة بعضها يغريك بالدخول في تفاصيله، وبعضها يضعك أمام خيارات لا قِبل لك إلا أن تجاريها أو تقتنص منها ما يناسب ثقافتك وهويتك وتنشئتك وتربيتك الأسرية والقيميّة، في ظل ما يصلنا من جديد في التقنية والذكاء الاصطناعي والابتكارات، إن جاز التعبير «المؤذي» بعضها، والذاهب بنا نحو تعقيدات نحتاج زمناً لاستيعابها والتعامل معها.
لقد أصبح للتكنولوجيا بمختلف تصنيفاتها وخدماتها، تأثير عميق على العلاقات والتفاعل بين الأفراد، ووفقاً لما نراه من تغيرات، يبدو أن الذكاء الاصطناعي ستكون لهُ اليد الطولى في المستقبل، وسوف يكون أحد الأدوات التي تعيد تشكيل أنماط التنشئة الاجتماعية، حيث أصبح الأفراد يعتمدون على التطبيقات الرقمية والخوارزميات في التواصل والتفاعل اليومي بينهم، ما يؤثر في العلاقات الاجتماعية، ويرفع من درجة خطورة الاعتماد عليه.
اليوم أصبحت تلك العلاقات افتراضية كما يقولون، لكنها واقعاً تقترب إلى أن تكون هي الواقعية ونحن الذين نعيش في الزمن الافتراضي كما يحلو للشباب وصفه، ففي الوقت الذي تزداد فيه وتيرة التواصل عبر القنوات والوسائط الجديدة بين الجيل الشاب، يسير الجيل الذي لم يواكب هذه المتغيرات، بعد نحو عزلة اختيارية ينأى فيها بنفسه عن الحرج أمام ما يعاصر من تحولات جذرية في بنية التنشئة والتواصل الإنساني الواقعي.
لقد تغيرت مفاهيم العلاقات الاجتماعية مع انتشار الوسائل الرقمية، وصار التواصل الشخصي مع الآخر مرهوناً بالوقت، والفرصة السانحة، وربما الرغبة الحقيقية لدى من يسعى للتواصل، كما أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يسير بنا نحو متغيرات سوف تضع الأسر أمام تحديات تربوية حقيقية، فالأبناء الذين يملكون الهواتف والأجهزة اللوحية، يجهل الوالدان الكيفية التي يتعاملون بها مع تلك الأجهزة، من يحاورون، ماذا يبتاعون، ماذا يستخدمون من أدوات قد تشكل خطراً عليهم وعلى مستقبلهم.
هناك صعوبات عديدة ستواجه الأسر وهم يتعاملون مع أبنائهم، ذلك أنهم لم يعودوا وحدهم الذين يقومون بهذه العملية، فهناك شركاء افتراضيون يدسون أنوفهم في كل ذلك، ما عاد للأجداد ذاك الدور التربوي القيمي والأخلاقي الذين يساهمون به في التنشئة، فقد أضمحل هذا الدور لدى بعض الأسر، ولذا صار من المهم أن تضع الأسر أمامها هذه التحديات وتأخذها على محمل الجد، فهناك من يستطيع اختراق عقول الأبناء وأخذهم إلى طرق وعرة يتعرضون فيها إلى الاستغلال والتلاعب والتحايل الإلكتروني الذي لم يتم توعيتهم باتجاهه التوعية الصحيحة بَعد.

أخبار ذات صلة بدء تقييم الأعمال القصصية لـ«جائزة غانم غباش» شيخة الجابري تكتب: الإمارات تصنعُ الدهشة

مقالات مشابهة

  • شيخة الجابري تكتب: التنشئة والذكاء الاصطناعي
  • عقد قران سلطان النعيمي على كريمة سالم الشعالي
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 53
  • إيمان كمال تكتب:عادل إمام..حلم لا يشيخ
  • إلهام أبو الفتح تكتب: سلامتك يابو زهرة
  • أكثر من مليار دولار .. العراق يستورد احجاراً كريمةً من تركيا
  • السعود تكتب عن العلم.. الزمان أطول من أهله
  • أروى رأفت تكتب: غرور الإنسان.. من وهم المركزية إلى سلب الحرية
  • نتنياهو يقول إن إسرائيل مستعدة لصفقة تؤدي لوقف نار مؤقت بغزة