في المناطق الخاضغة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، تتصاعد الاحتجاجات وتتعالى الأصوات الدّاعية لإضرابات، جرّاء تأخّر صرف رواتب الموظفين العموميين، وذلك في انعكاس لأزمة اقتصادية، مسّت البلاد منذ سنوات، وباتت تجرّه نحو الأسوأ، بحسب آراء عدد من المسؤولين والمحللين.

وبتاريخ الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بدأت نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيين بالعاصمة عدن، تخرج في إضرابات، عمّت جميع المدارس ورياض الأطفال ومكاتب التربية والتعليم على مستوى المحافظة، فيما سارت على النهج نفسه كل من نقابات المهن الطبية والصحية، ومكتب التعليم الفني والتدريب المهني، ومصلحة الجمارك.



من جهتها، بدأت عدد من النقابات العمالية، إضرابا شاملا، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر ترافقه اعتصامات عمالية، أمام القصر الرئاسي في معاشيق، لمدة أسبوع كامل، قالوا إنه سيتم الانتقال بعده للعصيان المدني في جميع مرافق الدولة، ابتداء من الأحد المقبل.

وفي السياق نفسه، قالت موظفة بالحكومة، أم محمد (47 عاما): "أصبح تأخير صرف الراتب بشكل متكرر يشكل قلقا وخوفا بالنسبة لي ولعائلتي لأننا نعتمد كليا على الراتب، أنا وزوجي ليس لدينا أي دخل آخر أو مشروع فنصبح غير قادرين على تلبية احتياجات أولادنا الثلاثة والمتطلبات اليومية وسد أهم احتياجات المصروف اليومي".

وأضافت أم محمد، في حديثها لوكالة "رويترز": "بدلا من رفع رواتب الموظفين المتدنية وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور وخفض أسعار السلع يتم تأخير الراتب، ليزداد تفاقم الأزمات التي نعانيها في عدن وانتشار الأمراض في ظل انعدام الجانب الصحي".

أيضا، اشتكى أحمد مسعود عمر (45 عاما) الذي يعمل معلما في عدن من تدني قيمة الراتب، بالقول: "الموظف قد وصل لحالة مأساوية، والجوع والفقر دخل كل منزل في عدن، والسلطات المحلية والحكومية غائبة عن المشهد وتركت الناس تواجه مصيرها المحتوم".

"ياعالم.. المعلم يستلم من 50 إلى 70 ألف ريال (حوالي 25 إلى 35 دولارا) وهي جريمة، ومع هذا يتم تأخير صرف الراتب" أوضح المتحدث نفسه لوكالة "رويترز"؛ فيما أكد موظف حكومي آخر،  عمر سعيد (50 عاما) أن: "الراتب فقد 80 في المئة من قيمته، ولم يعد يكفي لتوفير أدنى المتطلبات مثل الطحين والأرز والسكر".


وتابع "انتصف الشهر الثالث ولم يصرف الراتب، الناس لن تصبر أكثر من هذا، الناس تموت من الجوع كل يوم والمسؤولين خارج البلاد ولا كأن الأمر يعنيهم".

وفي سياق متصل، أبرز مسؤولان في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، أنّ: "الحكومة تواجه أسوأ أزمة مالية وتمويلية في مسيرتها منذ بدء الحرب في 2015 وسط تراجع إيرادات الدولة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بسبب فقدان عائدات النفط وتوقف الدعم السعودي والإماراتي".

وأشار المسؤولان إلى أنّ: "تعليق الصادرات النفطية وتأخر الدعم الخليجي أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، وتسبب في تأخير دفع رواتب العاملين في القطاع العام وتراجع الخدمات العامة ومنها العجز عن توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء والمياه في مدينة عدن والمحافظات المجاورة لها".

وفي سياق متصل، بيّنت مصادر حكومية أخرى وُصفت بـ"رفيعة" أنّ: "السلطات السعودية والإماراتية قررتا عدم تقديم أي دعم مالي لليمن دون تطبيق إصلاحات مالية ونقدية وهيكلية شاملة في مؤسسات الحكومة المختصة مع تشديد مكافحة الفساد في أجهزة الدولة".

وأضافت المصادر في حديثها لرويترز، أنّ:  "هذه الشروط قد عرقلت وصول الدفعات الأخرى من الدعم السعودي الإماراتي المعلنة سابقا، ما فاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد وتسبّب في استمرار تدهور قيمة العملة لأدنى مستوى له وهو 2055 ريالا للدولار".

إلى ذلك، تقود الرياض تحالفا عسكريا في اليمن، فيما يقاتل الحوثيين المتحالفين مع إيران منذ مطلع عام 2015 بعد أن أطاحت جماعة الحوثي بالحكومة من العاصمة صنعاء، ما اضطرها لاتخاذ عدن مقرا لها.

وكان رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، قد توجّه إلى السعودية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بغية: "التشاور بخصوص الدعم الاقتصادي العاجل، لتجاوز التحديات القائمة والمتغيرات في سعر العملة الوطنية، والإجراءات المتخذة لضمان استمرار وفاء الحكومة بالتزاماتها الحتمية".

وأحجم مسؤول كبير في البنك المركزي في عدن عن التعليق لـ"رويترز"، بينما أشار إلى أن: "الوضع الاقتصادي ازداد تدهورا بشكل كبير بسبب هجمات جماعة الحوثي على منشآت تصدير النفط منذ تشرين الأول/ أكتوبر عام 2022 ما أدى إلى توقف الصادرات النفطية التي تعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي مما تسبب في مضاعفة العجز بالموازنة العامة وميزان المدفوعات".


وخلال الأسبوع الجاري، دعا البنك المركزي اليمني في عدن، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، إلى تحرك عاجل لـ"معالجة الاختناقات المالية والنقدية التي يواجهها"، خاصة في كل ما يرتبط بملفي: الرواتب والخدمات.

إلى ذلك، يعتقد عدّة مراقبين واقتصاديين أنه إذا لم تسارع السعودية والإمارات والدول الصديقة بمساعدة اليمن ودعمه اقتصاديا وبشكل عاجل فإن الوضع متجه نحو الانهيار التام.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اليمنية الحكومة اليمنية اليمن الاقتصاد العربي الحكومة اليمنية المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عدن

إقرأ أيضاً:

السودان بين العواصف الدبلوماسية وتضييق الخناق الدولي على المليشيات وتصاعد الأزمة الإنسانية

يشهد السودان خلال الساعات الأخيرة سلسلة من التطورات المتلاحقة التي تعكس تعقيدات المشهدين السياسي والعسكري، وسط ضغوط دولية متزايدة، وتحديات إنسانية متفاقمة، وتوترات دبلوماسية تمتد إلى خارج الحدود.


ويستعرض هذا التقرير أبرز المستجدات التي رصدتها منصات إعلامية محلية ودولية، والتي سجلت حضورًا لافتًا في المشهد السوداني خلال اليومين الماضيين.


القوات المسلحة السودانية تنفي “اتفاق الانسحاب” وتطالب بالتحقق من المصادر الرسمية

أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية بيانًا مهمًا، نفت فيه بشكل قاطع صحة ما تردد في بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن وجود اتفاق مزعوم مع الحركة الشعبية يقضي بانسحاب الجيش من مدينتي الدلنج وكادوقلي.

وأكد البيان أن القوات المسلحة ما تزال في مواقعها الميدانية وفق الخطط العملياتية المعتمدة، مشيرًا إلى أن الشائعات المتداولة تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإرباك المواطنين.

ودعت القيادة الجميع — مواطنين وإعلامًا — إلى التحري الدقيق وعدم الانسياق وراء الأخبار غير الموثوقة، والاكتفاء بالبيانات الصادرة عبر القنوات الرسمية.


سفارة السودان بالقاهرة تعلن تأجيل انتقال قسم الجوازات

أعلنت سفارة جمهورية السودان في القاهرة عن تأجيل موعد انتقال قسم الجوازات إلى مقرها الجديد في التجمع الخامس إلى يوم الإثنين 22 ديسمبر 2025، موضحة أن التأجيل يعود لاستكمال الترتيبات الفنية.

ودعت السفارة المواطنين إلى الالتزام بالحجز المسبق عبر الموقع الإلكتروني لتجنب الازدحام وضمان انسياب العمل، مؤكدة حرصها على تقديم خدمة قنصلية حضارية لكافة السودانيين في مصر.

فيسبوك يرفع الحظر عن محتوى “الدعم السريع” ويثير جدلًا واسعًا

قامت منصة فيسبوك برفع الحظر المفروض سابقًا على المحتوى المتعلق بمليشيا الدعم السريع، بما في ذلك الكلمات المفتاحية: الدعم السريع – حميدتي.

القرار فتح باب الجدل من جديد، بين من يرى أنه يتيح انتشار سرديات المليشيا على نطاق أوسع، ومن يعتبره خطوة تعزز الشفافية الرقمية وتتيح تداولًا أكبر للمعلومات المتعلقة بالحرب. ويأتي ذلك في ظل الاتهامات الواسعة الموجهة للدعم السريع بارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة في عدة مناطق سودانية.


توتر دبلوماسي جديد – إيران تطرد دبلوماسيًا سودانيًا وتمهله 72 ساعة

في تطور لافت، أعلنت إيران طرد أحد الدبلوماسيين السودانيين ومنحه مهلة 72 ساعة لمغادرة أراضيها.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن القرار يعكس حالة توتر سياسي متصاعد بين الخرطوم وطهران، والتي تشهد علاقاتهما تعقيدًا بسبب تباينات إقليمية وتأثيرات الحرب السودانية.

ويرجّح مراقبون أن الخطوة الإيرانية مرتبطة بمواقف حكومية سودانية اعتبرتها طهران تدخلًا أو مساسًا بمصالحها، ما قد يفتح الباب أمام تصعيد دبلوماسي خلال الأيام المقبلة.


CIA تكشف لأول مرة عن تدخلات خارجية تطيل أمد الحرب في السودان

شهد اجتماع لمجلس الدفاع والأمن القومي الأميركي إقرارًا غير مسبوق من وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بوجود تدخلات خارجية مباشرة تساهم في prolonging الحرب السودانية عبر تقديم دعم عسكري ولوجستي لأحد أطراف النزاع.

وأشارت التقييمات الاستخباراتية إلى إمكانية تحقيق تقدم ملموس خلال 3 أشهر في إنهاء الحرب إذا تمكنت الجهود الدولية من وقف التدخلات الخارجية وتوحيد الضغوط على الأطراف المتحاربة.

هذا الاعتراف يعزز ما يتردد داخليًا حول تعدد أجندات القوى الإقليمية والدولية التي تتقاطع فوق الجغرافيا السودانية.

أزمة إنسانية خانقة – برنامج الأغذية العالمي يخفض حصص الغذاء

أعلن برنامج الأغذية العالمي (WFP) اضطراره إلى خفض حصص الغذاء المقدمة لمجتمعات تواجه المجاعة في السودان، بسبب نقص التمويل العالمي وتراجع الدعم الدولي.

ويعاني السودان حاليًا من واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في العالم، حيث يشير البرنامج إلى:

18 مليون سوداني في مواجهة انعدام الأمن الغذائي

مجتمعات محاصرة في دارفور والخرطوم وجنوب كردفان والنيل الأزرق

مخاوف من تفاقم نسبة سوء التغذية بين الأطفال والنساء


ودعا البرنامج المجتمع الدولي لتوفير تمويل عاجل لمنع انزلاق البلاد نحو كارثة إنسانية أكبر.


فرض عقوبات على الدعم السريع

إليك الصياغة في فقرة واحدة بأسلوب احترافي ومتوافق مع السيو كما طلبت:

 

أشهرت المملكة المتحدة "الكرت الأحمر" في وجه عدد من أبرز قادة قوات الدعم السريع، معلنة فرض عقوبات صارمة عليهم في خطوة تُعد الأكثر حزمًا منذ اندلاع الحرب في السودان.

وشملت العقوبات كلًا من الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع، واللواء جدو أبو شوك قائد قطاع شمال دارفور، إضافة إلى أبو لولو والفاتح قرشي الناطق الرسمي للمليشيا، وذلك على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم جسيمة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، من بينها القتل الجماعي والعنف الجنسي الممنهج والهجمات المتعمدة وتدمير الأحياء السكنية. 

 

وتتضمن الإجراءات البريطانية تجميد الأصول المالية وحظر السفر ومنع أي تعاملات اقتصادية معهم. وأثار القرار ردود فعل واسعة داخل السودان، حيث اعتبره مراقبون خطوة مهمة نحو محاسبة المتورطين في انتهاكات دارفور وإشارة واضحة إلى أن المجتمع الدولي لن يسمح بمرور الجرائم دون عقاب.

مقالات مشابهة

  • الجوع يهدد نحو 22 مليون مواطن.. السودان يواجه مجاعة متزايدة!
  • الركائز الاقتصادية للصراع في السودان
  • مصادرة أمريكا لناقلة نفط ينذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا
  • السودان بين العواصف الدبلوماسية وتضييق الخناق الدولي على المليشيات وتصاعد الأزمة الإنسانية
  • لتخفيف الأعباء الاقتصادية.. مصطفى بكري: الحكومة ستتغير بعد الانتخابات (فيديو)
  • مراقب تعليم الرجبان: نعتذر من أولياء الأمور بسبب تأخر توزيع الكتب المدرسية
  • مراقب تعليم الرجبان: نعتذر للطلاب والمعلمين بسبب غياب الكتب… و”الوضع أصبح مملًّا”
  • اليمن.. واشنطن تطالب بالإفراج الفوري عن جميع «الموظفين» المحتجزين
  • رواتب وامتيازات السلطة المتضخمة مفتاح الفساد!
  • محلل: ترامب يتبنّى الأزمة في السودان بالتنسيق مع القاهرة والرياض