هل تنجح وساطة رئيس السنغال بإعادة دول الساحل إلى إيكواس؟
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
خلال مشاركته في منتدى الدوحة في بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي إنه يقوم بوساطة تعتمد على الحوار والتشاور لإرجاع دول كونفدرالية دول الساحل (مالي وبوركينافاسو والنيجر) إلى المجموعة الاقتصادية لدول فرب أفريقيا (إيكواس).
وضمن حديثه عن مشاكل منطقة غرب أفريقيا وتحديات الاتحاد الأفريقي، قال فاي إن تكتل تحالف الساحل الذي يضم الدول الثلاث أصبح واقعا بحكم ما يجمعها من المصالح المشتركة.
وبالتزامن مع جهود الرئيس السنغالي، انعقدت الأحد الماضي في العاصمة النيجيرية أبوجا القمة الـ66 لإيكواس لمناقشة قضايا متعددة، يقع على رأسها ملف انسحاب الدول الثلاث الذي تقول نصوص المنظمة إنه لا يعتبر نهائيا إلا إذا تمت المصادقة عليه من الدول الأعضاء في المجموعة.
وفي نهاية اجتماعها أمس الاثنين، وافقت القمة على طلب "كونفدرالية دول الساحل" الخروج من الكتلة الاقتصادية، لكنها أعطت مهلة 6 أشهر للتفاوض قبل التوقيع النهائي على الانسحاب.
وقالت المنظمة إنها كلفت الرئيس السنغالي -الذي يتولى الوساطة منذ يوليو/تموز الماضي- بمواصلة التفاوض مع الدول المنسحبة على مدار الأشهر الـ6 المقبلة من أجل الوصول إلى حلول ترضي الجميع وتحول دون تفكك المجموعة.
إعلانويتقاسم الرئيس السنغالي مع قادة تحالف دول الساحل جزءا من الأفكار المتعلقة بإيكواس، إذ يرى أنها تعاني من مشاكل بنيوية، ولا بد من اتخاذ خطوات جادة لإصلاحها حتى يمكن أن تساير التكتلات المهمة في العالم.
وخلال حملته الانتخابية في أبريل/نيسان الماضي، قال الرئيس فاي إن مجموعة إيكواس ينبغي أن تخرج من هيمنة باريس الاقتصادية، وتعتمد عملة مشتركة غير الفرنك الأفريقي الموحد التابع للبنك المركزي الفرنسي.
وتتماشى هذه الأفكار مع خطابات رؤساء المجالس العسكرية في منطقة "ليبتاغو كورما" الذين رفعوا شعار التحرر الاقتصادي ليكون منطلقا لإكمال السيادة والاستقلال.
وأكثر من مرة، أعلن القادة في دول الساحل الثلاث نيتهم الخروج من الفرنك التابع لباريس، والتوجه نحو إصدار عملة موحدة جديدة.
ومثلما يطالب الرئيس فاي بضرورة ضخ دماء جديدة في منظمة إيكواس وإعادة توزان النفوذ بين أعضائها، يأخذ العسكريون في الساحل على المنظمة ابتعادها عن نهج التشاور الذي تأسست عليه، وخضوعها لهيمنة بعض الدول الأعضاء، وذلك في إشارة إلى نيجيريا التي تتمتع بنفوذ كبير في المنظمة.
وخلال كلمته في منتدى الدوحة الأخير، قال باسيرو فاي إن الدول الأعضاء في مجموعة إيكواس بحاجة إلى الحوار والتشاور، وإن بلاده تقوم بخطوات من أجل التفاهم والتصالح بهدف إحلال السلام في المنطقة.
وقال موقع الرئاسة السنغالية إن الأطراف رحبت بقيادة فاي للحوار من جديد بين كونفدرالية دول الساحل ومنظمة إيكواس.
ويعتبر الرئيس السنغالي وسيطا موثوقا لدى دول الساحل، نظرا لما ترتبط به دكار وباماكو من مصالح مشتركة متعددة أهمها التبادلات التجارية، والحدود المشتركة التي تصل إلى 500 كيلومتر.
وسبق لدكار أن أرسلت رسائل إيجابية لدولة مالي، إذ زارها باسيرو فاي في 31 مايو/أيار الماضي، أي بعد توليه السلطة بشهرين.
إعلانوفي أغسطس/آب الماضي، زارها وزيره الأول عثمان سونكو، الذي صرح من العاصمة باماكو أن بلاده لن يمر من خلالها أحد يريد زعزعة استقرار مالي، ولن تكون جزءا من حصارها اقتصاديا.
وتشير دراسة أعدها مركز المستقبل للدراسات والأبحاث أن مالي هي الفاعل الأول في تحالف دول منطقة ليبتاغو كورما، وهي أول من انسحب من مجموعة "دول الساحل الخمس"، قبل أن تخرج بشكل جماعي مع النيجر وبوركينافاسو من التكتل الاقتصادي لمنطقة غرب أفريقيا في بداية 2024.
وتذهب القراءة نفسها إلى أن الحكام الجدد في دكار يتقاسمون مع قادة الساحل التوجه نحو ضرورة فك الارتباط الاقتصادي مع باريس.
وينظر بكثير من الترقب إلى ما ستؤول إليه الوساطة التي يقوم بها باسيرو فاي، خاصة أن قمة أبوجا طلبت من رئيس توغو فور غناسينغبي الانخراط في الحوار والتفاوض الذي يقوم به نظيره السنغالي.
وسبق لقادة المجالس العسكرية في الساحل أن طلبوا من الرئيس غناسينغبي عام 2023 التدخل لدى إيكواس لفك الحصار الاقتصادي عن بلدانهم.
ويرى الباحث والمحلل السياسي سلطان البان أن أقصى ما يمكن أن يصل إليه الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي من خلال مشروع وساطته المرتقب هو الإبقاء على تعاون بين الطرفين خارج إطار المنظمة الإقليمية، وهذا بحد ذاته قد يكون ضمن إستراتيجية الدول المنسحبة ريثما يكتمل مشروعهم التحالفي الذي ما يزال في خطواته الأولى.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال سلطان البان إن مالي والنيجر وبوركينافاسو وصلت لمرحلة اللاعودة، وأي شكل من التراجع سيفقد القادة العسكريين رصيد الثقة الشعبي الذي راكموه خلال سنوات ما بعد الانقلابات العسكرية، والذي يعتبر جسر الحكم بينهم وبين الشعوب التي تنتظر تغييرا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي.
مواقف متناقضة
وتواجه وساطة الرئيس السنغالي مطبات متينة بحكم المواقف المتناقضة والمتباينة بين كونفدرالية دول الساحل ومجموعة إيكواس حول مستقبل التنسيق وآلياته.
إعلانففي الحين الذي يبرر فيه قادة المجالس العسكرية انسحابهم من منظمة إيكواس بكونها أصبحت أداة لخدمة الأجندات الفرنسية وينبغي العمل على تفكيكها، يتمسك رؤساء باقي الدول الغرب أفريقية بهيئتهم التي تأسست 1975 كإطار للاندماج الاقتصادي يمهد إلى التكامل السياسي.
وقبل انعقاد قمة إيكواس الأحد في أبوجا، اجتمع وزراء خارجية النيجر ومالي وبوركينافاسو في نيامي، وأعلنوا أن قرار الخروج من المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لا رجعة فيه.
لكن وزراء الخارجية قرروا أن منطقتهم لن تطلب تأشيرات من مواطني دول إيكواس، وكذلك الحال بالنسبة لحركة البضائع والتبادلات التجارية ستبقى هي الأخرى حرة ومفتوحة أمام جميع الأسواق.
ويقرأ من خلال هذه الخطوة أن الحكام العسكريين في الساحل رغم مضيهم في قرار الانسحاب، لا يريدون التصعيد مع دول المنظمة بخصوص تسهيل حركة السكان والتبادلات التجارية.
وقد واجه هذا المسعى رفضا من قمة أبوجا أمس الاثنين، إذ قررت أن الانسحاب إذا تم لن تكون فيه استثناءات.
وسابقا، أكد رئيس مفوضية إيكواس عمر توراي هذا التوجه إذ قال في يوليو/تموز الماضي إن انفصال الدول الثلاث سيعرضها لعزلة سياسية، وخسائر اقتصادية تقدر بملايين الدولارات.
وبعد قرار إيكواس إعطاء فرصة 6 أشهر للوساطة والتشاور، علق تحالف كونفدرالية الساحل -عبر صفحته في منصة إكس على الخطوة- قائلا إن رغبته في التكامل مع شعوب غرب أفريقيا ورفاهيتها قوبل بالرفض من طرف إيكواس التي رفضت المعاملة بالمثل فيما يتعلق بحرية حركة البضائع والأشخاص التي تبنتها مالي والنيجر وبوركينافاسو.
خطر التفكك
وفي قمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا المنعقدة في بداية يوليو/تموز 2024، قال رئيس المفوضية عمر توراي إن المنظمة باتت مهددة بخطر التفكك وتفاقم انعدام الأمن، بسبب انسحاب مالي والنيجر وبوركينافاسو.
إعلانوقال توراي إن السوق المشتركة التي تتكون من تكتل يمتد عمره إلى 50 عاما ويضم قرابة 400 مليون نسمة قد يتعرض للخسارة إذا انسحبت دول الساحل الثلاث التي تقودها مجالس عسكرية.
ومن شأن تفكك المنظمة أن يساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي لدول غرب أفريقيا التي تعاني من ارتفاع الفقر والأمراض، وانتشار البطالة بين الشباب.
وتشهد منطقة الساحل بغرب أفريقيا حركة للانقلابات العسكرية منذ عام 2020، وارتفعت معها نسبة العنف المسلح بين القوات الحكومية من جهة، والحركات الانفصالية والمسلحة من جهة أخرى.
وتصنف منظمة إيكواس من التكتلات البارزة في القارة الأفريقية، إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 350 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 5.2 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من مساحة أفريقيا.
وتقع كونفدرالية الساحل على مساحة 2.78 مليون كيلومتر مربع، أي نسبة 53% من مساحة دول إيكواس مجتمعة، كما يصل تعداد سكانها إلى 73 مليون نسمة، أي نسبة 20.8% من مجموع سكان دول المنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
ويشار إلى أن أزمة إيكواس بدأت مع مجيء الأحكام العسكرية في الساحل، وخاصة بعد انقلاب النيجر عام 2023، إذ قررت المجموعة وقتها أنها ستتدخل عسكريا لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة، وهو الأمر الذي جعل دول الساحل الثلاث تبادر إلى التنسيق والتعاون العسكري للوقوف في وجه تلك القرارات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات کونفدرالیة دول الساحل لدول غرب أفریقیا الرئیس السنغالی الاقتصادیة لدول فی الساحل فای إن
إقرأ أيضاً:
عاجل- رئيس الوزراء يلتقي المدير العام لمنظمة الفاو لتعزيز التعاون في الأمن الغذائي والتنمية الزراعية
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، الدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، على هامش فعاليات افتتاح المؤتمر العالمي الثالث لممثلي المنظمة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وحضر اللقاء كل من الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وعلاء الدين فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى جانب عدد من مسئولي المنظمة.
تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر ومنظمة الفاووفي مستهل اللقاء، رحب رئيس الوزراء بالدكتور شو دونيو، معربًا عن تقديره لاختيار مصر لاستضافة النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للمنظمة، والتي تضم أكثر من 130 ممثلًا حول العالم، مؤكدًا أن ذلك يعكس تقدير الدور الاستراتيجي الذي تقوم به مصر في المنطقة ودعمها المستمر لأنشطة الفاو.
وأشار مدبولي إلى الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد بين مصر والمنظمة منذ تأسيسها عام 1945، مؤكدًا الالتزام المشترك بالعمل نحو تحقيق عالم خالٍ من الجوع بحلول عام 2030، مشيدًا بما تم تحقيقه من تعاون وثيق خلال العقود الماضية في مجالات التنمية الزراعية والريفية والأمن الغذائي.
جهود مصر لتحقيق الأمن الغذائيوتطرق رئيس الوزراء إلى جهود الدولة المصرية في تعزيز الأمن الغذائي ضمن الرؤية التنموية "مصر 2030"، بما يشمل مبادرات تحسين الظروف المعيشية، وخفض معدلات الجوع في الفئات ذات الأولوية، وخطة العمل المحدثة للتنمية الزراعية المستدامة، والاستراتيجية الوطنية للغذاء، بالإضافة إلى مبادرة "حياة كريمة"، معربًا عن استعداد مصر لتقديم كل أشكال الدعم المطلوبة لإنجاح زيارة المدير العام للفاو.
تقدير الفاو للدور المصري الإقليميمن جانبه، أعرب الدكتور شو دونيو عن تقديره لعلاقات التعاون بين المنظمة ومصر، مشيدًا بدور مصر كمؤسسة أساسية للمنظمة، وبالدعم الذي تقدمه القيادة المصرية للدول الإقليمية التي تواجه أزمات إنسانية، مثل قطاع غزة ودول أخرى، مؤكدًا أن التعاون المشترك هو السبيل لتحقيق مستقبل أفضل.
تعزيز التعاون الإقليمي والدوليوخلال اللقاء، أكد الدكتور بدر عبدالعاطي على أهمية تعزيز التعاون مع الفاو لدعم الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى التركيز على تقديم الدعم لقطاع غزة ودولة السودان الشقيقة، في ظل التحديات الراهنة.
كما أعرب عن فخر مصر بتولي مينا رزق، بالإجماع، منصب رئيس المجلس التنفيذي للفاو، ليصبح أول مصري يشغل هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة عام 1945.
بدورها، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط جهود مصر في تعزيز التعاون مع الفاو على المستويين الثنائي وثلاثي الأطراف، وكذلك في إطار التعاون "الجنوب – جنوب"، مؤكدة أهمية تطوير البرامج المشتركة لدعم المجتمعات الأكثر احتياجًا.
من جانبه، شدد علاء الدين فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، على تطلع مصر لتكثيف التعاون الثنائي مع المنظمة في مختلف المجالات الزراعية والأمن الغذائي، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز القدرة على الصمود أمام التحديات المناخية والاقتصادية.
تأكيد الالتزام المشترك بالأمن الغذائيواختتم اللقاء بالتأكيد على عمق الشراكة المصرية مع منظمة الفاو، والالتزام المستمر بدعم جهود المنظمة في تعزيز الأمن الغذائي العالمي، وتطوير النظم الغذائية، ودعم الدول الأكثر هشاشة، بما يعكس الدور الإقليمي لمصر ومسؤوليتها الأخلاقية تجاه القضايا الإنسانية في المنطقة.