تقف منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا عند مفترق طرق فبعد سنوات من الاضطراب الاقتصادي الذي اتسمت به الجائحة، وأزمات المناخ المدمرة، وتزايد عدم الاستقرار السياسي، فقد بدأت المنطقة أخيرا في رؤية علامات التعافي ومع ذلك يظل هذا التعافي هشا ومتفاوتا.

وتبلغ توقعات النمو للعام الجاري، وفقا لصندوق النقد الدولي، نحو3.

8%، بارتفاع طفيف مقابل3.4% في العام السابق، مع توقعات بالاستقرار عند 4% في عام 2025، ومع ذلك، فإن هذه الأرقام تخفي وراءها تحديات قد تعيق أي ازدهار حقيقي على المدى الطويل، حسبما أشارت صحيفة لوبوان الكونغولية اليوم.

وتابعت «يبدو أن الانتعاش الاقتصادي الملحوظ مدفوع بـ البلدان المنتجة للموارد الطبيعية، لا سيما البلدان المصدرة للنفط ومن المتوقع أن تسجل هذه الدول، التي تستفيد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، متوسط نمو قدره3.0% هذا العام. ومع ذلك، فإن هذا الأداء يخفي حقيقة معقدة: فـ الاقتصادات الغنية بالموارد الطبيعية تظل عرضة لتقلبات الأسواق العالمية ومن الأمثلة الصارخة على ذلك ما حدث في السنغال والنيجر، اللتين توقعتا، بفضل مشاريع استغلال الغاز والنفط الكبرى، نموا بنسبة 8.3% و10.4% على التوالي في العام 2024. ولكن هذه النتائج هشة، وقد يصبح اعتمادهما على المواد الخام عائقا سريعا. إذا انخفضت الأسعار أو إذا تباطأ الاستثمار الأجنبي

وفي الوقت نفسه، تسجل البلدان الإفريقية الأقل اعتمادا على المواد الخام، ولكن اقتصاداتها أكثر تنوعا، نموا أكثر ديناميكية. وتتوقع هذه الدول أن يبلغ متوسط النمو 5.7% هذا العام، وهو أداء أعلى بكثير من أداء الدول الغنية بالموارد.وهذا يدل على أن الاقتصاد المتنوع الذي يركز على قطاعات أخرى غير استغلال الموارد الطبيعية يبدو أكثر مرونة في مواجهة الصعود والهبوط الاقتصادي العالمي.

ومع ذلك، فإن هذه الدول، رغم وضعها الأفضل، تواجه تحديات عديدة. يتعين عليها التعامل مع التضخم، والبطالة، وزيادة الفجوات الاجتماعية التي تعيق خلق بيئة اقتصادية مستقرة وشاملة

ولا تزال التحديات المالية تشكل تهديدا دائما للمنطقة. إن ارتفاع الدين العام والإدارة المعقدة للمالية الوطنية والصعوبات في الحصول على التمويل الدولي تؤثر بشكل كبير على النمو.

وتتعرض معظم الاقتصادات الأفريقية بشكل كبير لتقلبات أسعار الفائدة العالمية والتغيرات في أسعار السلع الأساسية. ويفضل المستثمرون، الذين غالبًا ما يكونون حذرين في مواجهة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، انتظار إشارات أكثر وضوحًا قبل الإطلاق. وهذا الوضع يجعل من الصعب تعزيز النمو المستدام والشامل.

ويسلط تقرير صندوق النقد الدولي، الضوء على حقيقة لا مفر منها: فبدون إدارة صارمة للديون وتعزيز المؤسسات الاقتصادية، يمكن أن تشهد المنطقة تقدما بطيئا. وعلى هذا فإن منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا تجد نفسها في مواجهة معضلة. فمن ناحية، تبدو الآفاق الاقتصادية واعدة، يدعمها انتعاش جزئي في صادرات المواد الخام والاستثمارات الأجنبية.

من ناحية أخرى، فإن مخاطر الاقتصاد الكلي، وخاصة المرتبطة بالديون وعدم استقرار الأسواق العالمية، يمكن أن تعرض هذه الديناميكية للخطر. وسيتعين على الحكومات معالجة الأسباب الجذرية لهذه الاختلالات لضمان النمو المستدام والشامل على المدى الطويل.

وخلصت «لوبوان» الكونغولية إلى أن المستقبل الاقتصادي لدول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا سوف يعتمد على قدرتها على تنويع أنشطتها الاقتصادية وتنفيذ إصلاحات هيكلية طموحة و سيتعين على البلدان الغنية بالموارد الطبيعية أن تضاعف جهودها للتخلص من اعتمادها على المواد الخام، في حين يتعين على البلدان التي اختارت اقتصادا أكثر تنوعا أن تحافظ على استقرارها الداخلي بينما تواصل انفتاحها على السوق العالمية. وإذا تمت معالجة هذه التحديات، فلن تتمكن المنطقة من رؤية تسارع نموها فحسب، بل قد تقدم أيضا نموذجا تنمويًا أكثر مرونة في مواجهة الشكوك الاقتصادية العالمية.

اقرأ أيضاًبعثة صندوق النقد الدولي تختتم مراجعتها الرابعة في مصر

«المراجعة الرابعة تبدأ الثلاثاء».. أبرز تصريحات رئيس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي مع مدير صندوق النقد الدولي (إنفوجراف)

«تخفيف الضغوط عن المواطنين».. أبرز تصريحات الرئيس السيسي خلال لقائه مدير عام صندوق النقد الدولي (إنفوجراف)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولي الاقتصاد اليوم توقعات صندوق النقد الدولي الاقتصاد الآن دول جنوب إفريقيا النقد الدولی ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

خبراء: إسرائيل قد تواجه تحديات اقتصادية طويلة بعد ضرب إيران

القدس المحتلة- دخلت إسرائيل في حالة من الترقب الاقتصادي والشعبي في أعقاب الإعلان عن الهجوم الإسرائيلي على إيران، وسط مخاوف من توسع رقعة التصعيد وامتداد تبعاته داخليا.

فقد شهدت فروع شبكات التسوق والبقالة الإسرائيلية طوابير طويلة وتدافعا واسعا، مع توافد مئات الآلاف من الإسرائيليين لتخزين المواد الأساسية وإمدادات الطوارئ، وتكرر المشهد في تل أبيب الكبرى ومعظم المدن الإسرائيلية، حيث بلغ الإقبال على المتاجر ذروته ظهر الجمعة، وسُجل نقص حاد في منتجات حيوية مثل الحليب والبيض والخضروات وعبوات المياه.

وبالتوازي مع الحركة النشطة في الأسواق الاستهلاكية اتجهت المؤشرات الاقتصادية إلى مسار مقلق، إذ سجل سعر صرف الشيكل انخفاضا حادا أمام الدولار والعملات الأجنبية، وسط قلق المستثمرين من تداعيات أمنية واقتصادية طويلة الأمد.

وتراجعت بورصة تل أبيب بشكل ملحوظ مدفوعة بانخفاض أسهم شركات الطيران والسياحة بعد إعلان عدد من شركات الطيران العالمية تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل، وتوقف الحركة بشكل شبه تام في مطار بن غوريون عقب إغلاق المجال الجوي.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية بفعل المخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهة أوسع قد تؤثر على إمدادات الطاقة، وهو ما انعكس بدوره على توقعات تكلفة الوقود داخل إسرائيل، مما يزيد الأعباء الاقتصادية المحتملة على المواطنين.

إعلان تهافت على الأسواق

وأعلنت شبكة متاجر "كارفور" عن قفزة هائلة في نشاط فروعها بالمدن بلغت 500% مقارنة بالأيام العادية، حيث فضل الزبائن الشراء من الفروع القريبة على التسوق من متاجر الخصومات في الضواحي.

ووفقا للشبكة، سجلت زيادات حادة في الطلب على منتجات مختلفة بنسب متفاوتة بلغت في المياه المعدنية 500%، والأغذية الجافة 400%، ومستلزمات الأطفال والحفاضات 350%، وورق التواليت 300%، ومنتجات الألبان 200% والبطاريات 1000%.

كما شهد تطبيقات طلب الأغذية ارتفاعا بنسبة 150% في عدد الطلبات، وتصدرت قائمة المنتجات المطلوبة الحليب والجبن والمياه المعدنية والطماطم والخيار والخبز والموز.

وإلى جانب الغذاء لوحظ تزايد غير مسبوق في الإقبال على معدات الطوارئ، حيث سجلت شبكة متاجر الكهرباء ارتفاعا بمئات الآلاف في نسبة بيع البطاريات الاحتياطية والمولدات الكهربائية وأجهزة الإضاءة للطوارئ.

وفي ظل هذه الأجواء المتوترة يقول مراسل "دي ماكر" لشؤون التسوق والمواد الغذائية عومر تماري ليون إن "الإسرائيليين يواصلون التهافت على تخزين المواد الأساسية، في حين تستعد المتاجر وموردو السلع لمرحلة قد تطول من الضغط والطلب المرتفع، وسط أجواء أمنية مشحونة وحالة طوارئ".

ويعتقد ليون أن هذه التطورات بين الضغط الشعبي على شبكات التوريد والاستهلاك، والتقلبات الحادة في المؤشرات الاقتصادية والمالية تجتمع لتشكل ملامح أزمة متعددة الأوجه ستكون لها انعكاسات واضحة في الأيام والأسابيع المقبلة، سواء على سلوك المستهلك أو على أداء الاقتصاد الإسرائيلي ككل.

الطلب على الغذاء ومعدات الطوارئ شهد تزايدا غير مسبوق بالأسواق الإسرائيلية (رويترز) تقلبات حادة

بالمقابل، شهد سوق صرف العملات الأجنبية في إسرائيل يوما مضطربا عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران، حيث سجل الشيكل تراجعا ملحوظا أمام العملات الأجنبية، وسط حالة من القلق والترقب في الأوساط الاقتصادية.

إعلان

لكن وتيرة التراجع خفت لاحقا مع إعلان بنك إسرائيل دعم الشيكل والبقاء في حالة انعقاد طارئة.

وبحسب البيانات المحدثة عند إغلاق البورصة الإسرائيلية ظهر الجمعة، ارتفع سعر صرف الدولار بنسبة 1.2%، ليصل إلى 3.59 شيكلات بعدما كان قد تجاوز 3.65 شيكلات في الصباح، كما ارتفع اليورو بنسبة 0.6% ليبلغ نحو 4.14 شيكلات بعد أن كان قد لامس 4.22، وارتفع الجنيه الإسترليني إلى نحو 4.86 شيكلات، على ما أفاد تقرير لصحيفة "كلكليست".

وشهدت بورصة تل أبيب تراجعا ملحوظا في معظم مؤشراتها الرئيسية على خلفية استمرار التوترات الأمنية والتقارير عن احتمال توجيه إسرائيل ضربة إضافية وشيكة ضد إيران، فقد انخفض مؤشر تل أبيب 125 بنسبة 1.8%، في حين تراجع مؤشر تل أبيب 35 للأسهم القيادية بنسبة 1.6%، بحسب ما أفادت صحيفة "غلوبس".

وتأثرت القطاعات الحيوية في السوق بانعكاسات الأوضاع الجيوسياسية، حيث سجل مؤشر قطاع النفط والغاز تراجعا بنسبة 2.6% بعد أن كانت أسعار النفط قد ارتفعت الخميس بشكل حاد بفعل التصعيد، قبل أن تشهد اليوم عملية تصحيح وانخفاض في الأسواق العالمية.

وتكبدت أسهم البنوك الإسرائيلية خسائر بنسبة 2.1%، في حين هبطت أسهم شركات التأمين بنسبة 2.8%، مما يعكس حالة القلق لدى المستثمرين من تأثير التوترات على الاستقرار المالي والائتماني في البلاد.

استنفار اقتصادي

وفي تعليقه على هذه التحركات، يقول حيزي ستيرنليخت مراسل أسواق رأس المال في صحيفة "غلوبس" إنها تعكس مزيجا من الحذر والتموضع الاستثماري في السوق الإسرائيلية، مع توجه المستثمرين نحو القطاعات الدفاعية وتخفيف التعرض للقطاعات الحساسة للتقلبات الأمنية.

وأوضح أن هذه التحركات تؤكد مجددا مدى هشاشة الأسواق أمام التوترات الجيوسياسية، ومدى سرعة انتقال أثرها إلى العملات والسلع الرئيسية، ورجح أنه ستكون للهجوم تداعيات سلبية على إسرائيل وأسواقها، خاصة فيما يتعلق بسعر صرف الشيكل الذي تراجع بشكل كبير.

إعلان

وفي ظل تصاعد التوترات الأمنية أعلن بنك إسرائيل عن عقد اجتماع خاص للجنة الاستقرار المالي، في خطوة تعكس القلق من تداعيات الوضع الحالي.

أسهم البنوك الإسرائيلية تكبدت خسائر بنسبة 2.1% (الجزيرة) نحو أزمة مركبة

ويؤكد شلومو تيتلباوم مراسل صحيفة "كلكليست" الاقتصادية أن "اللجنة التي تضم ممثلين عن وزارة المالية والرقابة المصرفية نادرا ما تكشف عن اجتماعاتها، لكن البنك اختار هذه المرة الإعلان صراحة كإشارة للجاهزية، وليس الذعر".

وأوضح تيتلباوم أنه رغم التكتم على تفاصيل الاجتماع فإن البنك أكد أنه "جاهز في جميع المجالات ضمن صلاحياته"، بما يشمل ضمان عمل الأسواق المالية والنظام المصرفي وأنظمة الدفع.

وفي خطوة تعكس قلق السلطات النقدية من تداعيات الوضع الأمني، يضيف تيتلباوم أن وزارة المالية الإسرائيلية أجرت مشاورات عاجلة مع كبار مسؤوليها، وأعلنت جاهزيتها لكافة السيناريوهات.

وقال رونين مناحيم كبير الاقتصاديين في بنك "مزراحي طفاحوت" إن بداية المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران تمثل نقطة تحول واضحة في تقييم الأسواق، متوقعا أن تؤدي إلى "تفضيل الأصول الآمنة على حساب الأصول ذات المخاطر، مما قد يضعف الشيكل في المدى القريب ويزيد تقلبات أسواق رأس المال والائتمان.

ويضيف أنه "بينما تتفاعل الأسواق الإسرائيلية مع التطورات الميدانية بحذر تبدو السلطات النقدية والمالية في حالة استنفار"، مستعدة لاستخدام أدواتها كافة لضمان الاستقرار المالي في مواجهة واحد من أكثر الأيام حساسية منذ اندلاع الحرب الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 500 ألف طالب وطالبة بمدارس تعليم جدة يبدؤون اختباراتهم لنهاية العام الدراسي
  • محللة اقتصادية: أثر استمرار نمو الأنشطة غير النفطية سيظهر بخلق فرص وظيفية أكثر
  • 25.4 مليار ريال حجم المعروض النقدي بزيادة 7.5%
  • نواب يكشفون عن توقعاتهم لمعدلات النمو في مصر خلال الفترة القادمة.. ويؤكدون: الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى ثابتة
  • صندوق النقد: مراجعة برنامج غانا بعد الصعود التاريخي لعملتها المحلية
  • برلماني: معدل النمو الاقتصادي في مصر سيرتفع خلال المرحلة القادمة
  • وكيل موازنة النواب: أتوقع وصول معدل النمو في مصر إلى 4 % أو أكثر حال استقرار الأمور
  • تركيا تفقد ملايين البيض
  • خبراء: إسرائيل قد تواجه تحديات اقتصادية طويلة بعد ضرب إيران
  • المؤتمر الوطني الإفريقي: دعم جنوب إفريقيا لشعب الصحراء الغربية  واجب أخلاقي وسياسي