19 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: في خضم التحولات الكبرى التي تعصف بسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، تبدو المواقف العراقية متباينة بين انتظار حذر وتحركات خجولة، فيما تعكس التصريحات والأنشطة السياسية في الداخل العراقي نوعاً من الترقب لأحداث قد تعيد تشكيل خريطة النفوذ في المنطقة.

الموقف الرسمي: صمت ومشاركة دبلوماسية محدودة

الحكومة العراقية لم تعلن حتى الآن عن أي تواصل مباشر مع الأطراف العسكرية الفاعلة في سوريا، رغم إعادة فتح السفارة العراقية في دمشق والمشاركة في مؤتمر مجموعة الاتصال العربية الذي عُقد مؤخراً في العقبة.

هذا التحرك يحمل إشارات إلى محاولة العراق الحفاظ على خيط من العلاقات الدبلوماسية مع القيادة السورية الجديدة، دون الانحياز الصريح لأي طرف.

وبين السطور، يظهر أن العراق الرسمي يسعى للتوازن في مواقفه، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السوري التي تشمل قوى إقليمية ودولية. إلا أن هذه الحيادية قد تواجه انتقادات داخلية مع تصاعد المخاوف من تأثيرات سقوط النظام السوري على الحدود الغربية للعراق، واستمرار نشاط الجماعات المسلحة.

السنة: دعم مشروط ومرحلة جديدة

على الصعيد السني، عبَّر عدد من القادة البارزين، ومنهم رئيس البرلمان الحالي محمود المشهداني وعدد من رؤساء البرلمان السابقين باستثناء محمد الحلبوسي، عن ترحيبهم بالتغيرات في سوريا. البيان الصادر عنهم دعا إلى انتقال سياسي يعكس واقعاً جديداً أكثر استقراراً للمنطقة.

في خلفية هذه التحركات، تثار تساؤلات حول اللقاء المزعوم بين رئيس حزب السيادة خميس الخنجر وأبو محمد الجولاني، زعيم “هيئة تحرير الشام”. هذا اللقاء، إن صح، يعكس امتدادات لعلاقات قديمة تعود لسنوات دعم العمليات المسلحة في العراق. هنا قد يكون الموقف السني جزءاً من محاولات ترتيب أوراق جديدة في التعامل مع الملف السوري، ولكن بخطوات محسوبة.

الكرد: دعم للقيادة الجديدة وحذر استراتيجي

الكرد، من جانبهم، بدوا أكثر وضوحاً في موقفهم. الزعيم الكردي مسعود بارزاني أشاد بموقف القيادة السورية الجديدة تجاه أكراد سوريا. هذه الإشادة تشير إلى رغبة كردية في بناء علاقة إيجابية مع القيادة الجديدة، بما يضمن مصالح الأكراد في سوريا ويجنبهم أي تصعيد مستقبلي.

رؤية الكرد تبدو مدفوعة بتجربة مريرة مع تهميش الأكراد في العراق وسوريا على حد سواء. لذا، فإنهم ينظرون لهذه التحولات كفرصة لإعادة تعريف أدوارهم في المعادلة السياسية الإقليمية.

الشيعة: انقسام داخلي ومخاوف مشروعة

أما المواقف الشيعية، فتعكس انقسامات عميقة بين قياداتها.

نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، أعرب عن قلقه من تداعيات سقوط النظام السوري، خاصة في ظل احتمال تصاعد النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. من جهة أخرى، وجه هادي العامري انتقاداته للحكومة العراقية بسبب موقفها “المتردد” حيال الأزمة السورية، داعياً إلى دور أكثر وضوحاً وحسماً.

في هذا السياق، يبدو الموقف الشيعي محكوماً بثنائية المصلحة والخوف؛ إذ تخشى القوى الشيعية من تصاعد نفوذ جماعات معادية لها على الساحة السورية بعد سقوط الأسد، لكنها تدرك في الوقت ذاته تعقيدات الانخراط المباشر في هذا الملف.

المواقف المتباينة تعكس رغبة عراقية في تفادي أي صدام مباشر مع القوى المتصارعة في سوريا، لكن هذا الحذر قد يحد من قدرة العراق على التأثير في مسار الأحداث الإقليمية. مع ذلك، يبدو أن العراق يدرك أن مرحلة ما بعد سقوط الأسد ستتطلب ترتيباً جديداً للأوراق داخلياً وخارجياً.

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی سوریا

إقرأ أيضاً:

العراق .. إسقاط مسيرة مفخخة في قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيل

نجح جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق في إسقاط مسيرة مفخخة  في قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيل.

وقال الجهاز في بيان له، اليوم الأربعاء  أنه "بحسب معلومات جهاز مكافحة الإرهاب في كوردستان، في الساعة 09:30 صباح اليوم الأربعاء، سقطت طائرة مسيرة مفخخة بالقرب من قرية دووگردكان في قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيل، ولم تنفجر".

ويشار الي ان  الشهر الجاري شهد ، أكثر من 20 هجوماً بطائرات مسيّرة على مناطق مختلفة في إقليم كردستان، استهدف بعضها حقول النفط.  

وبحسب نائب مدير مكتب رئيس حكومة إقليم كردستان عزيز أحمد، تسببت تلك الهجمات في خسارة إقليم كوردستان ما يقارب 200 ألف برميل من إنتاج النفط.

وزار يوم الاثنين الماضي زار مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أربيل، وبحث مع المسؤلين في اقليم كوردستان عدداً من الملفات، منها هجمات الطائرات المسيّرة الأخيرة.

وقال قاسم الأعرجي، لشبكة رووداو الإعلامية بهذا الصدد، إن لجنة مشتركة بين الجانبين "ستقدم توصياتها إلى القائد العام للقوات المسلحة"، محمد شياع السوداني.

وأوضح أن "اللجان الفنية المشتركة مستمرة في أعمالها، لجمع كافة الأدلة والحقائق حول الهجمات".

بحسب مكتب مستشار الأمن القومي العراقي، فإن الزيارة والاجتماعات جاءت بتوجيه من محمد شياع السوداني، القائد العام للقوات المسلحة العراقية.

وفقاً للأعرجي، فقد تم في الاجتماع استعراض مهام اللجنة بـ"تفصيل، مع تحليل طبيعة الهجمات والمعلومات المتوفرة بشأنها من قبل إقليم كوردستان".

وأكد قاسم الأعرجي في الاجتماع أن "أمن إقليم كوردستان جزء لا يتجزأ من أمن العراق، والأجهزة المعنية تعمل على تحليل المعلومات المتعلقة بالهجمات"، مشيراً إلى أن "التنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان سيستمر في هذا الصدد".
 

بدون إصابات.. انفجار مسيرة مفخخة في أربيلالثاني من نوعه خلال ساعات ..سقوط طائرة مسيرة مفخخة في أربيلكردستان العراق .. انفجار يهزّ أربيل جراء سقوط طائرة مسيّرة مفخخةانفجار قرب مطار أربيل.. والقاعدة الأمريكية تفشل في اعتراض مسيرتين طباعة شارك العراق اقليم كردستان اربيل طائرة مسيرة سقوط طائرة

مقالات مشابهة

  • تنفس السُمّ في صمت.. بغداد في قبضة الكبريت
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تعمل بشكل متواصل لحل جميع المشكلات التي تواجه الشعب السوري، وخاصة الاقتصادية منها، بهدف دفع عجلة التنمية وتحسين نوعية حياة المواطنين
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القيادة الأذربيجانية تولي أهمية خاصة للعلاقات مع سوريا الجديدة، وقد لقي ذلك ترحيباً وتجاوباً من الجانب السوري، الأمر الذي أدى إلى إقامة علاقات الصداقة والتعاون المتبادل بما يتماشى مع مصالح البلدين والشعب
  • الداخلية السورية: مزاعم حصار السويداء محض كذب
  • العراق .. إسقاط مسيرة مفخخة في قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيل
  • سقوط طائرة مسيرة مفخخة في قضاء مخمور
  • سقوط قتيل وجريح.. ماذا يحصل على الحدود اللبنانية -السورية؟
  • نهاية الريف العراقي.. الزراعة تلفظ أنفاسها في زمن التصحر
  • المدير العام للمؤسسة السورية للمعارض والأسواق الدولية محمد حمزة: دورة هذا العام ستعكس صورة سوريا الجديدة، الواثقة بقدراتها ومستقبلها
  • سوريا تستعد لأول انتخابات برلمانية منذ سقوط الأسد