استنهاض هِمَم
الحمد لله فالق الحبّ والنّوى، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، والصلاة والسلام على النبي العدنان، وعلى آله وصحبه البررة الكرام، خير من تكلّموا بلغة القرآن، حينما نزّل على سبعة أحرف، وبعد:
فإنه في هذا اليوم العظيم، ليسرّني ويشرّفني بأن أقف لأتحدّث بين أيديكم، عن #اللغة #الجليلة #الجزيلة، لغة #القرآن الخالدة، اللّغة التي يتغنى بها معظم البلدان في المشرق والمغرب، ولا غرو في هذا!
فإنّ المتجول في رياضها -بعد أن طاف بسواها- ليرى ألوانا من التعابير تحاكي في دقتها وجميل صنعها ألوان الزهور.
في هذا اليوم، كان لا بد من #استنهاض_الهمم، لإعادة إحياء هذه اللغة، التي تكاد تضمحل، بعد تفككها وتشرذمها.
أصبحنا وأضحينا وأمسينا وبتنا ولا زلنا نسمع ونرى تفككا وتغيرا تشنف لسماعه الآذان، للّغة في حياتنا اليومية الملأى بالعُجمة، فأضحت منحولة، ولم يبق منها إلا أحرفٌ صماء، ولم أعهد بأن اللغة هكذا، فاللغة ليست مادة بلا مضمون، أو قوالب فارغة؛ بل هي روح تنسجم مع كل زمان ومكان، فإنك عندما تقول: لغة عربية، فهذا يعني قرآنا وسنة، يعني دستورا ومنهجا، وتكاد تكون الركيزة الأساسية لبناء الأمة بشتى جوانبها.
هجروكِ؛ فهجروا الميراث الأنفع لقوامة الدين والحضارة والأدب والتاريخ المجيد!
هجروكِ؛ فصار الصرح الشامخ رثا ركيكا!
هجروكِ؛ فتطاول عليكِ العاكف فيكِ والباد!
لقد حبانا الله -عز وجل- بفضل عظيم، حينما ساقنا سوقا لدراسة هذا التخصص الجليل، وشعرنا بأن حلمنا قد بدت نواجذه؛ لنسعى جاهدين لإعادة نهضة الامة، فلن تنهض إلا بنهضة لغتها، وسنعيد لها مجدها وعزها، ونبعد عنها ملامح الهجران وصعوباته.
وإننا حينما نتنقّل بين بحور هذا التخصص، من أدب ونقد، أو نحو وصرف، أو إعجاز وبلاغة، أو صوتيات ولسانيات … أو غيرها، فإننا نغوص بين بحور مزدانة بالجواهر النفيسة، فحافظوا على أية جوهرة تمسكون بها.
ويقول الشاعر سليمان العيسى:
أنـا مـا بَرِحْتُ تألُّقـاً وسَـنَا
لُغَـةُ العُروبــةِ والبَقَـاءِ أنَـا
في بُـرْدِيَ التـاريخُ أنْسُــجُهُ
شِـعْراً ونَثْـراً أبْهَـرُ الزَّمَنَـا
أطْوِي العُصُورَ وما شـكَوْتُ بِها
في بُنْيَتِـي ضَـعْفاً ولا وَهَنَــا
عُمْرِي هُوَ التـاريخُ لا تَسَـلُوا
عـن مَوْلِدي في فَجْرِهِ اقْتَرَنا
ضِــعْتُمْ عَنِ الدُّنيـا وضَيَّعَني
عَنـكُمْ سَـوَادُ الليـلِ مَـرَّ بِنـا
هُـوَ عابِـرٌ لُمُّـوا شَــتَاتَكُمُ
وتَشَــبَّثُوا بِروائِعـي وَطَنــا
عُــودوا إِلى صَدرِي أُوَحِّـدُكُمْ
أنـا أُمُّكُـمْ أُمُ اللُّغَـاتِ أَنــا
وسَـلُوا الحضَارةَ أَيُّ سـاطعةٍ
في الفكـرِ لم أصْلُحْ لها سَــكَنا !
وللنهوض باللغة العربية فعلينا التكاتف لندافع عن خياضها، بدءا من الأسرة فالمدارس والجامعات ثم المجتمع بأسره، وعلينا أن نبعد عنها الألفاظ الدخيلة، ولا بدّ من استعمال اللغة الفصيحة أكثر من العاميّة؛ حتى تنهض مجددا، فبنهضتها تنهض هويتنا وثقافتنا وحضارتنا.
ولا شكّ في أنّ اللغة العربية لا تنفك عن معلميها؛ لذا ارتأينا لأن نشيد بدورهم، لما لهم علينا من أفضال، فإكراما وإجلالا لهم، نتوجه بوافر الشكر والعرفان وجزيله، والتبجيل والتقدير، من أساتذتنا الذين لا نراهم إلا كآبائنا، فهم من يوسعون مداركنا، ويصقلون مهاراتنا، وينيرون طريقنا بالعلم والمعرفة والأخلاق.
إنهم معلمون ومربون، وقورون صبورون، في عملهم دؤوبون مخلصون، فلله درّهم!
فيا طيور الخير… انثري على أساتذتنا جميل عبارات الشكر والثناء وجليله، وألبسهم تاج العزّ والافتخار.
وفي الختام، أسأله عزّ وجلّ بأن يجزيكم عنا خير الجزاء على جهودكم الميمونة الفذّة، المعطاءة النبيلة، وأن نُجمع في جنّات عدن، إخوانا على سرر متقابلين، وأن يكون آخر دعوانا فيها سبحانك اللهمّ، وتحيّتنا فيها سلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: اللغة الجليلة القرآن
إقرأ أيضاً:
مكتبة الإسكندرية تنظم دورتين لتعليم اليونانية القديمة
ينظم مركز دراسات الخطوط بقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية دورتين لتعليم اليونانية القديمة، مستوى أول ومستوى ثانٍ، وذلك بدءًا من 16 نوفمبر القادم (المستوى الأول)، والاثنين والخميس (المستوى الثاني) من كل أسبوع. يقوم بالتدريس في الدورتين رنا الزلباني، باحث بمركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية.
يأتي اهتمام مركز دراسات الخطوط بتعليم اللغة اليونانية القديمة في إطار جهود المركز المستمرة لنشر المعرفة وتعزيز الاهتمام بالخطوط واللغات القديمة والتراث المكتوب.
ويمثل تعليم اللغة اليونانية القديمة خطوة هامة نحو فهم أعمق للحضارات التي أثرت وتأثرت بالتراث المصري. تهدف الدورة إلى تمكين المشاركين من فهم أساسيات اللغة اليونانية القديمة، والتعرف على قواعدها وتراكيبها، بالإضافة إلى التدريب على قراءة وتحليل النقوش والمصادر التاريخية الأصلية المكتوبة بهذه اللغة.
وتُعد الدورة فرصة متميزة للطلاب والباحثين والمهتمين بمجالات الآثار والتاريخ والإرشاد السياحي والمهتمين باللغات القديمة والتراث المكتوب عامًا.
يركز المستوى الأول (المبتدئين) على الأسس والقواعد الأولية للغة اليونانية القديمة، فلا يتطلب المعرفة المسبقة باللغة اليونانية القديمة، حيث إن المنهج يتدرج من تعلم الأبجدية اليونانية القديمة ونطقها الى فهم تركيبة الجملة اليونانية القديمة وترجمتها.
أما المستوى الثاني (المتقدمين) فيركز على قواعد أكثر تركيبًا، ويتطلب اجتياز المستوى الاول بنجاح، حتى يستطيع الطالب فهم وترجمة نصوص أكثر تقدمًا.
ويعتمد المنهج المتبع في المستويين، على التدريب على نماذج مختلفة من نقوش وقطع أثرية تحمل نصًا يونانيًا. كما يعتمد المنهج أيضًا على المناقشات التاريخية والأثرية مما يدعم المتدرب بالخلفية التاريخية والأثرية التي تمكنه من فهم وتحليل النصوص المكتوبة.
تُعقد الدورتين بالمبنى الرئيسي بمكتبة الإسكندرية، ولمدة ستة أسابيع متتالية، بواقع محاضرتين أسبوعيًا لكل مستوى، مع توفير المادة العلمية اللازمة للمشاركين.