قدر مكتوب.. الزناتى: المنطقة العربية تعيش على صفيح ساخن
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
أكد حسين الزناتى وكيل نقابة الصحفيين رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية بها على أن منطقتنا العربية أصبحت وكأنها قدر مكتوب عليها أن تبقى ومعها حياة شعوبها على صفيح ساخن طوال الوقت، فلايمضى عام تلو الآخر إلا ونرى المزيد من التحديات فى مواجهتها ، والكثير من الصراعات مستمرة عليها، والمزيد من التوترات والانتهاكات التى وصلت إلى حد سفك الدماء من دولة الاحتلال ضد الأبرياء العرب،فى فلسطين ولبنان وغيرها تحولت أمام العالم وكأنه أمر عادى ومعتاد دون .
وقال على هامش ندوة " سوريا.. ومستقبل المنطقة " التى نظمتها لجنة الشئون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين : كل هذا يأتى فى ظل مجتمع دولى يعيش وكأنه لايسمع ولايرى، أوأنه يسمع ويرى الحقيقة بعينيه، لكن المشهد اصبح رائقا له، بل ورُبما يحث عليه لتحقيق مصالحه فى المنطقة، التى تسعى دولها أن تعيش فى هذا الأمان الذى يكفله لها المواثيق وأهداف المنظمات الدولية، لكنهاعلى المحك تجد وجهاً آخر ليتحول هذا الأمان إلى خوف، والسلام إلى حرب ، والمستقبل إلى ماض بممارساته المستمرة من الظلم والواقع المرير على دول بسبب دول أخرى لاتترك لها سوى فُتات العيش وأدنى مقوماته.
مشيراً إلى أنه فى هذا السياق تأتى ندوة لجنة الشئون العربية عن مستقبل المنطقة العربية ، بعد عام مرير من الأحداث عليها ، أنهت أيامها الأخيرة بما جرى فى سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، وصعود قوة جديدة، الكثيرون يبحثون فى ماهية وجودها وتداعيات ذلك ليس على سوريا فقط ، ولكن على المنطقة كلها، بعد هذا الصعود السريع والمفاجئ لها .
فكان هذا اللقاء الذى دعونا فيه قامات كبيرة لتقدم رؤاها وتحليلها، فيما حدث خلال العام التى انتهت بماجرى فى سوريا ، وكيف ترى المستقبل فى المنطقة فيما هو قادم ، وفى مقدمة هذه القامات المفكر والسياسى البارع د. مصطفى الفقى ، الأستاذ الذى تعلم على يديه أجيال وأجيال علوم السياسة، مابين النظريات والتطبيق، وصاحبتها التجربة العملية، التى جعلته دائما قريباً من الأحداث، ودائرة صناعة القرارات وبخبرته وحنكته ووطنيته بقى عطائه إلى الآن فينتظره الكثيرون للاستماع إلى رؤيته فى هذا اللقاء الهام، وهو السياسي المصري، الذى شغل سابقا منصب سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات والمتابعة وكان سفيراً لمصر فى النمسا، وسلوفانيا وكرواتيا، ومستشار السفارة المصرية في «الهند» وأستاذ العلوم السياسية ومدير معهد الدراسات الدبلوماسية ، ورئيس الجامعة البريطانية في مصر وعضو لجنة الشرق الأوسط في اتحاد البرلمان الدولي اللجنة الاستشارية لاتحاد البرلمان الدولي الخاصة بالأمم المتحدة ومدير مكتبة الإسكندرية .
وأيضاً فى هذا اللقاء كانت الدعوة للسفير حازم عهدى خيرت سفير مصر الأسبق بدمشق ، فهو صاحب التجربة العملية هناك على مدار أربعة سنوات هناك فى الفترة من 2003 إلى 2007 ، وكان سفيرا لمصر فى تشيلى ودولة الاحتلال الإسرائيلى ، غير عمله فى سفارات مصر فى هولندا وواشنطن، ودوره الدبلوماسى على مدار تاريخه بالخارجية المصرية، وهو الآن مستشار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية للتعاون الدولى .
وكذلك اللواء الدكتور وائل ربيع مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية ، بخبرته العسكرية والعلمية، و رؤاه الاستراتيجية التى نستعين بها فى التحليلات الموضوعية للجانب العسكرى، والمرتبطة بعناصر الأمن القومى ، ونحن فى أشد الاحتياج للإستماع إليها الآن ، فى ظل هذه التوترات العصيبة سياسياً وعسكرياً فى المنطقة.
وأيضاً اللواء أركان حرب أيمن عبد المحسن ، عضو مجلس الشيوخ، المتخصص فى الشأن العسكرى والاستراتيجى بخبرته العلمية والعملية، والسياسية، على الأرض ، لنرى معه تحليله، لواقع الأمن القومى العربى فى ظل هذه التوترات فى سياقه العسكرى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سوريا نقابة الصحفيين حسين الزناتي حرب سوريا المزيد فى هذا
إقرأ أيضاً:
الأمن السيبراني في المنطقة العربية
في زمنٍ تتسارع فيه التحولات الرقمية وتتقاطع فيه المصالح الجيوسياسية مع مستهدفات التفوق التكنولوجي، بات الأمن السيبراني في العالم العربي أحد أعمدة السيادة الوطنية ومفاصلها الحاسمة. فالتكنولوجيا أصبحت ساحة الصراع الجديدة التي تُدار فيها الحروب الخفية وتُصاغ من خلالها موازين النفوذ العالمي. وفي قلب هذا المشهد المعقد، تواجه المنطقة العربية موجة متصاعدة من التهديدات السيبرانية التي تتجاوز مجرد الاختراقات التقنية لتلامس جوهر الاستقلال المعلوماتي والسياسي.
تتمثل طبيعة هذه التهديدات في تعدد أدواتها ومصادرها، بدءًا من برمجيات التجسس التي تستخدمها جهات استخباراتية غربية مثل برنامج "بيغاسوس"، وصولًا إلى الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية في مجالات الطاقة والاتصالات. كما تتجسد في حروب المعلومات التي تعتمد نشر الأخبار المضللة وتوجيه الرأي العام بما يخدم المصالح الخارجية. هذه الممارسات وإن كان البعض يعتبرها عشوائية، إلا أنها أقرب لأن تكون جزء من استراتيجيات طويلة المدى تهدف إلى اختراق الوعي الجمعي العربي والتحكم في مسارات القرار الوطني والسيطرة على الفضاء الرقمي في المنطقة. ولا بد لنا أن ندرك بأن المعارك اليوم تُخاض بالبيانات والمعلومات، وبالقدرة على الوصول إلى أسرار الدول ومؤسساتها الحيوية.
لكن المشهد العملي يكشف أن الأمن السيبراني العربي يواجه تحديات بنيوية عميقة. فضعف البنية التقنية في العديد من الدول يجعلها أكثر عرضة للاختراق، بينما يفاقم نقص الكفاءات المحلية المتخصصة من هشاشة الدفاعات الرقمية. كما أن غياب التنسيق الإقليمي وازدواجية السياسات الوطنية يعوق بناء جبهة موحدة قادرة على التصدي للتهديدات العابرة للحدود. يضاف إلى ذلك الاعتماد المفرط على البرمجيات والتقنيات الأجنبية التي قد تحتوي على منافذ خفية تسمح بالتجسس أو بالتحكم عن بعد، وهو ما يجعل الأمن الرقمي العربي مرهونًا بإرادة الآخرين لا بإرادته الذاتية.
غير أن هذه التحديات تفتح في الوقت ذاته نافذة نحو إعادة التفكير في مفهوم السيادة في عصر البيانات. فبدلاً من الاتكاء على الحلول المستوردة، يمكن للعالم العربي أن يطور أنظمته الرقمية اعتمادًا على طاقاته البشرية المحلية، عبر الاستثمار في البحث العلمي والابتكار التقني. كما أن بناء أطر قانونية حديثة قادرة على التعامل مع الجرائم السيبرانية ومعالجة الثغرات التشريعية أصبح ضرورة ملحة. وإلى جانب ذلك، فإن رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الفضاء الرقمي يمثل خط الدفاع الأول في مواجهة الاختراقات، إذ أن الأمن يبدأ من الوعي قبل أن يتحقق بالتقنية.
الأمن السيبراني أصبح قضية وجود ترتبط بمستقبل الدولة العربية وموقعها في النظام العالمي الجديد. الحفاظ على البيانات يعني الحفاظ على القرار، وحماية الشبكات تعني حماية السيادة. ومن دون رؤية استراتيجية بعيدة المدى تُبنى على الإرادة السياسية والتكامل الإقليمي، سيظل العالم العربي عرضة لهجمات غير مرئية تضعف قدرته على حماية نفسه رقمياً.
على صدى كل ذلك، تبدو الحاجة ماسة إلى فكر عربي جديد يدرك أن الصراعات في القرن الحادي والعشرين لم تعد تدور حول الحدود الجغرافية، بل حول الفضاءات المعلوماتية، حيث تُصنع القوة وتُختبر الإرادات. فالدول التي تملك أمنها السيبراني هي التي تملك مستقبلها، أما التي تظل تابعة في التكنولوجيا فستظل مكشوفة مهما بلغت قوتها العسكرية أو الاقتصادية. بناء منظومة عربية مستقلة للأمن السيبراني يمثل الركيزة الأساسية لإعادة تموضع الدول العربية في المشهد الدولي الرقمي.