عربي21:
2025-06-26@10:08:48 GMT

كيف ستتعامل تركيا مع قسد في سوريا؟

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

تأتي تركيا في مقدمة الدول المستفيدة من سقوط نظام الأسد في دمشق وتبلور قيادة جديدة لسوريا. وقد حققت مكاسب كبيرة وعديدة، تبدأ من الانتقال من نظام معاد إلى نظام ينظر لها بإيجابية، وتمر بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والتأثير في المؤسسات وفتح المجال لعودة اللاجئين، ولا تنتهي بالمكاسب الجيوسياسية والتنافس مع قوى إقليمية أخرى.



من هذه الزاوية ولاعتبارات أخرى عديدة، تبرز أمام أنقرة فرصة غير مسبوقة لتحقيق أهم أهداف سياساتها السورية عبر سنين طويلة، وهي منع تشكيل كيان سياسي للمنظمات الانفصالية المرتبطة بالعمال الكردستاني على حدودها الجنوبية، والحديث هنا عن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المتواجدة في الجزيرة السورية أو مناطق شرق الفرات بدعم أمريكي.

فهل تنفذ أنقرة تهديداتها السابقة بعملية عسكرية جديدة في سوريا ضد قسد؟

تركيا ترى فعلا في المتغيرات في سوريا فرصة ذهبية غير مسبوقة لها لإنهاء هذا الملف الذي ترى أنه يشكل تهديدا لأمنها القومي، وكان أداة ضغط خارجية عليها لأكثر من عقد من الزمان
في المقام الأول، من المفيد التأكيد على أن تركيا ترى فعلا في المتغيرات في سوريا فرصة ذهبية غير مسبوقة لها لإنهاء هذا الملف الذي ترى أنه يشكل تهديدا لأمنها القومي، وكان أداة ضغط خارجية عليها لأكثر من عقد من الزمان. ويضاف لهذا المعنى ويعضده أمران:

الأول، أنها تراهن على موقف ترامب العائد للبيت الأبيض وغير المتحمس تقليديا لبقاء قوات بلاده في سوريا، وبالتأكيد أن انسحاب القوات الأمريكية إن حصل (بل حتى تقليل عددهم) سيهدد مشروع قسد، ولذلك تستشعر الأخيرة الخطر وبدأت بمناورات سياسية وإعلامية لمحاولة تجنب هذا المصير. والثاني، توجه أنقرة لعملية سياسية منتظرة مع أكراد الداخل، بدأت مع دعوة زعيم التيار القومي دولت بهتشلي زعيمَ العمال الكردستاني أوجلان لإلقاء كلمة في البرلمان التركي يعلن فيها حل التنظيم ووقف العمليات، ووصلت إلى رسالة واضحة من الأخير عن استعداده لتقديم هذا "الخطاب اللازم" والتجاوب مع "النموذج الجديد الذي قدمه السيّدان أردوغان وبهجلي".

تقديرنا أن أنقرة تضع أمامها مروحة من الخيارات للتعامل مع قسد، أهمها ثلاثة، وفق ترتيب الأولويات:

الأول، إتاحة الفرصة والوقت لخيار سوري داخلي عبر القيادة الجديدة التي تجمعها مع تركيا بالضرورة الخطوط الحمراء المتعلقة بوحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم والفدرلة، وهو ما جاء على لسان أكثر من مسؤول سوري في مقدمتهم أحمد الشرع نفسه. قد يتم ذلك بحوار بين القيادة الجديدة وقيادة قسد، أو عبر عملية تفاوض تشمل "حصة" ما في هيكلية الدولة الجديدة، أو بالقوة إذا ما دعت الحاجة.

الثاني، ما أسماه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان "تغيير سلوك قسد"، ويفهم من ذلك تخليهم عن أفكار الاستقلال والتقسيم والفدرلة، من خلال حل التنظيم مثلا وهو أمر مستبعد في المرحلة الحالية. ولكن يمكن أن يحصل ذلك أيضا عبر فك الارتباط بالعمال الكردستاني، من خلال عدة خطوات مثل إخراج القيادات غير السورية وحتى السورية المحسوبة على الكردستاني من البلاد، والإعلان الصريح عن الالتزام بالحلول السورية الداخلية والتخلي عن المشروع الإقليمي. وساعتها يمكن أن تدمج العناصر المتبقية، وبدون أجندة عابرة للحدود، في مؤسسات الدولة بعدة أشكال.

ويبقى الخيار الثالث هو أن تتدخل أنقرة بنفسها وبالقوة لتحقيق ذلك، في حال فشل الحل السوري الداخلي ورفضت قسد التخلي عن مشروعها، وبالتالي يكون الخيار عملية عسكرية موسعة ضدها. كانت تركيا لوّحت مرارا بعملية من هذا القبيل، لكن الظروف الآن تعظّم من فرص شنها ونجاحها.

تنتظر أنقرة، وليست في عجلة كبيرة من أمرها، لكنها تنتظر هذه المرة ويدها على الزناد، مجازا وعمليا، إذ لا تريد أن تندم لاحقا على تفويت فرصة تاريخية مثل هذه سيكون لها انعكاسات إيجابية على البلاد من جميع النواحي وفي مختلف المجالات على المدى البعيد
فإضافة إلى أن تركيا تبدو في موقف أقوى اليوم وقسد في أضعف موقف لها منذ 2014، تستشعر واشنطن مدى حاجتها اليوم إلى أنقرة في سوريا، في عملية البناء الداخلي والتواصل مع القيادة الجديدة وملء الفراغ الإقليمي سواء بسواء، كما أن ترامب لن يكون متحمسا لبقاء القوات الأمريكية -بنفس العديد والمهمات- في سوريا على المدى البعيد. بل إن احتمال قيام تركيا بهذه العملية مع إدارة العمليات العسكرية (أو أيا صار اسمها في المرحلة القادمة) جنبا إلى جنب مع "الجيش الوطني السوري"؛ تبقى قائمة.

في الخلاصة، ترى تركيا أن الظروف اليوم ملائمة لتحقيق إنجاز يغير قواعد اللعب في سوريا والمنطقة، وأنها لا يجب أن تفوت هذه الفرصة كما فعلت سابقا لعدة أسباب.

لكن، من جهة ثانية، لا تبدو أنقرة في عجلة من أمرها. فهي تدرك أن أي عملية عسكرية كبيرة في سوريا قد تعقد المسار السياسي الداخلي المشار له آنفا، وهي كذلك في انتظار إعلان الرئيس الأمريكي الجديد عن رؤيته وسياسته في سوريا، فضلا عن أنها تتيح المساحة الزمنية الكافية لقسد كي تفكر وتقرر مسارها المستقبلي، وللقيادة الجديدة في سوريا لتحدد خياراتها الممكنة بخصوص هذا الملف.

تنتظر أنقرة، وليست في عجلة كبيرة من أمرها، لكنها تنتظر هذه المرة ويدها على الزناد، مجازا وعمليا، إذ لا تريد أن تندم لاحقا على تفويت فرصة تاريخية مثل هذه سيكون لها انعكاسات إيجابية على البلاد من جميع النواحي وفي مختلف المجالات على المدى البعيد.

x.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا سوريا قسد العمال الكردستاني سوريا تركيا العمال الكردستاني قسد مقالات مقالات مقالات اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

أردوغان وترامب يجتمعان اليوم على هامش قمة الناتو

أنقرة (زمان التركية) – من المنتظر أن يجري الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لقاءً مهما مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، على هامش قمة حلف الناتو في لاهاي.

وكشفت مصادر مطلعة في حديثها مع وكالة بلومبيرج أن اللقاء سيُعقد مساء اليوم في لاهاي.

وقد يشكِّل اللقاء أرضية لبداية جديدة في العلاقات عقب التوترات المتصاعدة خلال السنوات الأخيرة بين أنقرة وواشنطن.

وتجنب المسؤولون الإدلاء بأية تفاصيل حول مضمون اللقاء، بينما أفادت المصادر الدبلوماسية أن الاجتماع سيتضمن قضايا مهمة.

وأثار شراء تركيا لمنظومة الدفاع الصاروخي اس 400 من روسيا أزمة دبلوماسية بين البلدين.

وعقب هذه الخطوة، أقصت الولايات المتحدة تركيا من برنامج مقاتلات الاف 35 وتوترت العلاقات بشكل كبير.

وبرز الدعم الأمريكي للمجموعات الكردية السورية، التي تعتبرها تركيا تهديدا لأمنها القومي، كعنصر آخر فاقم التوترات بين الطرفين.

ولم يُدل الجانب الأمريكي بأي تصريح رسمي بعد بشأن اللقاء، غير أن الخبراء أشاروا إلى أهمية عقد اللقاء في فترة يخضع فيها التضامن داخل حلف الناتو للاختبار.

ومن المنتظر أن يطلب أردوغان من ترامب خلال اللقاء برفع الحظر عن مقاتلات الاف35 مقابل ضمانات بشأن الاستخدام المحدود لمنظومة الاس 400.

وترغب تركيا في شراء 40 مقاتلة من طراز اف 35 و40 مقاتلة من طراز اف 16 من الولايات المتحدة. وستطلب أنقرة أيضًا الدعم من واشنطن لتوريد وتجميع محركات اف 110 واف 404 التي تنتجها شركة GE Aerospace والمستخدمة في هذه الطائرات.

وسيتم استخدام هذه المحركات أيضا في مقاتلات كان التي تطورها تركيا وطائرات التدريب Hürjet .

وسيشهد اللقاء أيضًا بحث التطورات في سوريا، حيث سيتم طرح خطة دمج عناصر العمال الكردستاني في الجيش السوري.

ومن المنتظر أن يطالب أردوغان ترامب بمزيد من الضغط على محاولات اسرائيل إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في سوريا.

 

Tags: العلاقات التركية الأمريكيةحلف الناتودونالد ترامبرجب طيب أردوغانلاهاي

مقالات مشابهة

  • انفراجة غير مسبوقة بأسعار الوقود في تركيا… إليك الأسعار الجديدة!
  • أردوغان: تركيا ستواصل دعم استقرار سوريا
  • تركيا تعزز حضورها في أفريقيا عبر الاقتصاد الأزرق باتفاق جديد مع الصومال
  • تركة ثقيلة من الفساد والحرب.. هل تستطيع الحكومة السورية الجديدة النهوض بالاقتصاد؟
  • تركيا توقف 158 جنديا بتهمة ارتباطهم بالراحل فتح الله جولن
  • هل يعود كيليتشدار أوغلو لرئاسة حزب الشعب الجمهوري؟
  • أردوغان وترامب يجتمعان اليوم على هامش قمة الناتو
  • أسعار الوقود في تركيا 24 يونيو: ارتفاعات حادة يعقبها خصم.. إليك الأسعار الجديدة في إسطنبول وأنقرة وإزمير
  • تركيا: اتفقنا مع سوريا على إنشاء مركز عمليات مشترك
  • الحريري: جريمة كنيسة دمشق تستهدف سوريا الجديدة بأمنها واستقرارها