تعني الكلمات المكتوبة آخر العام الميلادي، وداعًا واستذكارًا للسنة المنقضية بأيامها ولياليها بدقائقها وساعاتها، وغصة القلب الدامي والمقلة الدامعة في دواوين الحياة الممهورة بنزيف السنين، المخفي عن أعين الخلق والخلائق تحت سماء الله.
ماذا كسبنا من صراعنا المحكوم بالهزيمة مع الزمن سوى أرصدة الخيبات المتراكمة وخطوط التجاعيد المحفورة على الوجنات.
نحاول هدهدة الإفصاح عن الوجع في وداع العام وانتظار القادم، مع أن الكتمان خيانة في عرف الحقيقة، والحقيقة منفية من عالم الذات الخاضع لسطوة المجاملة وسيطرة المعايرة، إلى أين الهروب من عالم متملق يتنكر للقيم والأخلاق الإنسانية، ويفرض علينا قانون الصمت والعجز عن رفع المظلمة والانتصار للأطفال والنساء والعجزة والمدنيين في فلسطين، هذا الشعور الذي ألزمنا بالتوقف عن مشاهدة ومتابعة ما يجري في الساحات العربية، فالعنف والأذى والظلم استشرى من العدو وذي القربى بحق شركاء الوطن والجغرافيا. ومقابل ذلك وُكّلت لنا مهمة التفرج والانزواء بعيدًا عن مشاهد الإبادة الجماعية وحرق الأحياء والمنازل والمرضى، ويولّد ذلك الاستسلام لهزيمة الحواس وخذلان النفوس.
ماذا فعلنا لوقف آلة القتل الجامحة كهيجان المحيط، سوى الترقب ومراقبة النتائج الوخيمة. إذن فليعذرنا الضمير إن دفنا بقايا الأمنيات المهزومة والأحلام الضائعة، والاحتماء في كنف الكلمات المغموسة بالأنين لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.
ذلك في الشأن العام، أما في الحيز الخاص فإننا نشعر باليأس والتبرم حينما نفقد من لم يتخط معنا عتبات الأعوام، الأصدقاء الراحلين، والذكريات التي هضمها النسيان حقها فأزالها من سجل الأيام، أو فتك بها النكران وضاعت في صحراء الإهمال الشاسع. وأبقت الذاكرة المتطرفة في الانتقاء على من اصطفته واستحق الذكر والتدوين. ألا يعد ذلك انتصارًا للمفردات والأحداث التي فرضت هيمنتها. فطوبى لمن افتك لنفسه مقامًا في محارب البقاء والخلود، أما الذكريات التي انتقلت إلى مقابر النسيان فلذويها الصبر والسلوان.
في نهاية كل عام نتنازل عن فكرة التقييم للأهداف المخطط لها منذ سنة، أو استعراض النتائج على المستوى الوظيفي أو الإنتاجي؛ لأن ذلك عمل من أعمال المؤسسات وبعض البشر الذين يسيرون وفق حسابات وقياسات خاصة، لكننا نجد أن الاستمتاع بلذة الحياة لا يتطلب إخضاع النفس لقسوة الأرقام والكسور، فقد يطرأ طارئ غير مخطط له كالاستماع إلى نغمة عابرة توقظ الحواس الخاملة فتستدعي أحداث من الأجداث وتُعرض الذكريات المهملة وقد يتولد الحنين من الذكرى، وأحيانا تحيلنا رائحة ما إلى خزائن الشم، مثل: الأسواق القديمة التي تّذكرنا برائحة الجدات والأعياد، وفي حالات مشابهة قد تقدح عبارة في كتاب شرارة تأليف عمل أدبي أو علمي يضاف إلى رف في المكتبة، وقد يحرض مشهد سينمائي أو مسرحي فكرة معالجة ظاهرة أو قضية ما.
نأمل أن يأتي عام يُغاث فيه الناس وفيه يفرحون، وقد انجلت الحروب والهموم والغموم، وانزاحت عن كاهل البشرية آثام وآثار العنف المتوارث منذ مقتل هابيل وإلى هذه اللحظة. وكل عام والجميع بخير.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
"الحياة اليومية بائسة".. أزمات عديدة تواجه سكان شطر كشمير الباكستاني
اتخذت السلطات المحلية إجراءات وقائية محدودة، مثل إغلاق المدارس مؤقتًا تحسبًا لأي تطورات مفاجئة قد تقلب المشهد في أي لحظة. اعلان
في ظل التصعيد العسكري المتزايد بين الهند وباكستان، يعيش سكان المناطق الحدودية في كشمير الخاضعة لسيطرة باكستان حالة من الخوف وعدم الاستقرار، إذ يضطر العديد منهم إلى هجر منازلهم بحثًا عن الأمان.
يقول، أحد السكان المحليين، في تصريح لوكالة أسوشييتد برس: "نطالب المجتمع الدولي بأن يلتفت إلى هذه الهجمات الصاروخية غير المبررة من قبل الهند، ونطالب بحقنا في تقرير المصير، وهو الحق الذي أقرته الأمم المتحدة منذ زمن بعيد ويجب منحه لنا".
السكان المتضررون يلجؤون غالبًا إلى أقاربهم المقيمين في مناطق أبعد داخل البلاد، بعيدًا عن خطوط التماس والخطر المباشر.
وفي هذا السياق، يوضح أحد القاطنين في تلك المنطقة أن "الناس الذين يعيشون على طول خط السيطرة يواجهون مشاكل جسيمة، ويضطرون إلى إخلاء المنطقة بسبب الوضع الراهن. الحياة اليومية في كشمير بائسة، والمدارس مغلقة، والنظام التعليمي معطل بشكل كبير".
Relatedحين تصبح كشمير "عروس الوطن".. لماذا اختارت الهند اسم "السِندور" لعمليتها ضد باكستان؟غضب شعبي في كشمير رفضًا لقرار الهند تعليق اتفاق تقاسم المياه مع باكستانفي المقابل، تبدو الحياة في مناطق أخرى من كشمير، مثل مدينة مظفر آباد، العاصمة الإدارية لكشمير الخاضعة لباكستان، أكثر استقرارًا. الأسواق لا تزال مزدحمة، والمتاجر مفتوحة، والشوارع تضج بالحركة المعتادة، وكأن لا تصعيد عسكري قائم.
مع ذلك، اتخذت السلطات المحلية إجراءات وقائية محدودة، مثل إغلاق المدارس مؤقتًا تحسبًا لأي تطورات مفاجئة قد تقلب المشهد في أي لحظة.
يأتي هذا التصعيد في وقت حساس إقليميًا، وسط دعوات متكررة من السكان المحليين للمجتمع الدولي للتدخل، فيما تتواصل المناوشات والتوترات على طول خط السيطرة، الذي يشكل أحد أخطر بؤر النزاعات في العالم منذ عقود.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة