متلازمة سوريا مرض جديد أصاب عددا غير معروف من البشر، من أشد أعراضه أنه يفقد المصاب توازنه العقلي فيبدأ بالهذيان وتوزيع التهم والشتائم والتحليلات المجنحة، سبب المرض هو الانتصار الصاعق والمفاجئ لثلة من أهالي الشام وبعض مناصريهم، أنجزوا في أيام ما عجزت عن إنجازه جيوش وأنظمة وقوى إقليمية ودولية في سنين.
سيمر وقت طويل قبل أن يكتشف المصابون بالمرض أنهم وقعوا صيدا سهلا لذهنية المؤامرة التي تعيش معنا في فراشنا في الشرق، حيث لا يمكن أن يحدث شيء دون مشيئة أمريكا و"إسرائيل"، فكل شيء يتم هو سيناريو معد مسبقا ممن وضعوهم مكان الإله عز وجل.
سوريا انتصرت بكل المقاييس وعلى أي وجه قرأت المشهد، ونحن في الحقيقة في انتظار انتصارات من نفس الجنس
سوريا انتصرت بكل المقاييس وعلى أي وجه قرأت المشهد، ونحن في الحقيقة في انتظار انتصارات من نفس الجنس، فكل الدلائل تقول إن ساعة الرمل التي كانت تأتمر بأمر الغرب: أمريكا والكيان ومن ورائها، تمت السيطرة عليها، وقُلبت لتبدأ حركتها المضادة. نحن هنا لسنا في صدد الاسترسال في تعداد هذه الدلائل وحصرها، لكن مجمل التحولات في بلادنا تؤكد أننا في خضم تغييرات مذهلة وصادمة في بيئتنا الاستراتيجية التي ظلت لسنوات طويلة خلت تسير وفق مشيئة أيد خفية وظاهرة، كلها عكس مصلحة الأمة. والذكي الفطن من يلتقط رسالة التاريخ الجديد فيتكيف معها، ويبدأ بإجراء عملية "إصلاح ذاتي" لاعوجاجه، قبل أن تدوسه عجلة التغيير جبرا وقهرا.
متلازمة سوريا، جعلت فئة غير قليلة ممن أدمنوا العبودية يفكرون في الهجرة خارج الكرة الأرضية كلها، فهم لم يستوعبوا بعد أن نظاما أسطوريا كنظام الأسرة العلوية الأسدية تحول إلى قمامة كَنَسها أبناء الشام الأشاوس، الذين كانوا قبل أشهر قليلة أو حتى أيام مجرد ضحايا في "أفران غاز" النظام المجرم، فقد ارتكب النظام كل ما يخطر وما لا يخطر ببال البشر من فظائع، وسيُمضي من يشرع بالتحقيق في تفاصيلها بقية عمره في حصرها و"ترتيبها!" ولعل فداحة ما تم، أفقد فئة العبيد تلك قدرتهم على تخيل أنه من الممكن أن يعيشوا حياة البشر، بعد أن حولهم النظام المجرم إلى ديدان لا يتقنون إلا الزحف على بطونهم.
هذه الفئة من العبيد تضم أيضا طيفا كبيرا من أنواع المتضررين من زوال النظام، عربا وعجما، دفعتهم الوقائع الجديدة للتصرف بجنون وهذيان، أحد هؤلاء باركت له "النصر" الذي هو نصر له، باعتباره أحد المنكوبين الذين اضطروا لترك الوطن والبحت عن حياة أخرى في بلاد الله هائما على وجهه، فبادرني قائلا: أي نصر، لقد ضاعت سوريا!
يعتبرون أن تحرير سوريا (على حد تعبيرنا نحن) هو الذي فتح المجال للعدو الصهيوني لـ"تحطيم" قدراتها العسكرية، وهذا يؤكد تبعية الثوار للعدو، وعملهم لمصلحته! حسنا، ماذا لو لم يفعل العدو ما فعل من عدوان؟ أكانت الثورة ثورة شعب فعلا، أم جزءا من مؤامرة على سوريا "العروبة" "قلعة الصمود والتصدي"؟ ماذا لو امتدح العدو ثورة سوريا، وأبدى "تعاطفه" مع الثوار، والتزامه باتفاق الهدنة؟ هل كان مثل هذا التصرف صك براءة للثوار من "عمالتهم" للعدو؟
لم أعرف كيف أجيبه، إلا بسؤال: هل كانت سوريا قبل زوال الطاغية "موجودة" ثم ضاعت حينما تحررت منه؟ لم يجب، ولن يجيب، فهو يعاني من المتلازمة إياها، التي سكنت لاوعيه، فجعلته يهذي، شأنه شأن من يسوق هجوم الكيان على سوريا وتدميره لأسلحتها، دليلا على فشل "الثورة" وارتباطها بمصالح العدو. طبعا هذه الفئة لا ينفع معها نقاش، فهم يعتبرون أن تحرير سوريا (على حد تعبيرنا نحن) هو الذي فتح المجال للعدو الصهيوني لـ"تحطيم" قدراتها العسكرية، وهذا يؤكد تبعية الثوار للعدو، وعملهم لمصلحته! حسنا، ماذا لو لم يفعل العدو ما فعل من عدوان؟ أكانت الثورة ثورة شعب فعلا، أم جزءا من مؤامرة على سوريا "العروبة" "قلعة الصمود والتصدي"؟ ماذا لو امتدح العدو ثورة سوريا، وأبدى "تعاطفه" مع الثوار، والتزامه باتفاق الهدنة؟ هل كان مثل هذا التصرف صك براءة للثوار من "عمالتهم" للعدو؟
المصابون بمتلازمة سوريا لا يُناقَشون، فهم في غيبوبة، ولا يمكن لأي "منطق" أن يفحمهم، لأنهم غير قابلين لسماع أي منطق، ويقابلهم في "صلابة" موقفهم من ثورة سوريا، جماعة الثورة المضادة، وتحت هذا العنوان يندرج طيف واسع (أيضا) ممن ضربتهم الصدمة على "أم رأسهم"، فبعضهم هرع لفتح أبواب الحوار مع الثوار وأبدى "نواياه الحسنة!" للتعاون معهم، فيما بدأ بعض آخر بالعبث "سرا" بكل ما أوتي من خبث وشر لتخريب المشهد، كما فعل من قبل في مصر وليبيا وتونس، فانتصار ثورة سوريا "نذير شؤم" عليهم، ولن يدخروا جهدا في تخريبها سرا وعلانية!
ما نحن موقنون به -بعون الله- أن ترياق الشفاء من متلازمة سوريا، هو قدرتها على الصمود وإعادة إنتاج وطن جديد على مقاس المواطن، لا على مقاس النظام (أي نظام) ومن يدعمه، وهو "نموذج" حين يتم دورة اكتماله سيكون ملهما لكل الأوطان التي تنتظر في طابور "التغيير".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا المؤامرة النصر الثورة تحرير سوريا ثورة تحرير مؤامرة نصر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ثورة سوریا ماذا لو
إقرأ أيضاً:
أبو علي: النظام الضريبي الأردني شهد ثورة رقمية شاملة نحو عدالة لا تستثني أحداً
صراحة نيوز – أكد مدير عام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، حسام أبو علي، أن النظام الضريبي في الأردن لم يشهد مجرد إصلاحات، بل “ثورة متكاملة” غيّرت بنيته على مختلف المستويات، من التشريعات إلى الآليات التشغيلية والرقمية، بما يعزز العدالة الضريبية، ويوسّع الامتثال الطوعي، ويكافح التهرب الضريبي بأدوات ذكية.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها المنتدى الاقتصادي الأردني، بحضور رئيسه مازن الحمود وعدد من أعضاء المجلس والهيئة العامة، لمناقشة التحولات الضريبية في ضوء الإصلاحات الهيكلية والتحول الرقمي.
وقال أبو علي إن الدائرة لم تكتفِ بمكافحة التهرب، بل تبنت تطبيق الممارسات الدولية في الإدارة الضريبية، وعلى رأسها توحيد الإدارات الضريبية في جميع مناطق المملكة، وتطبيق نظام الأسعار التحويلية للحد من التلاعب بين الشركات التابعة.
وأضاف أن دائرة الضريبة أصبحت رقمية بالكامل، عبر 65 خدمة إلكترونية متاحة للمكلفين، بدءًا من التسجيل وحتى استرداد الضريبة، مشيرًا إلى استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي كشفت عن أكثر من 13 ألف حالة ازدواج في الإعفاءات العائلية.
وفيما يخص الرقابة على السلع الخاضعة للضريبة الخاصة، لفت إلى أن النظام الرقمي المطبق يتيح تتبع الإنتاج لحظة بلحظة، خاصة في مصانع الدخان والمشروبات الكحولية، مما حد من فرص التهرب.
وتحدث أبو علي بإسهاب عن نظام الفوترة الإلكترونية، الذي وصفه بأنه “ليس مجرد إجراء ضريبي، بل نظام وطني يعيد تنظيم الاقتصاد”. وكشف أن 90% من مبيعات الأردن باتت موثقة إلكترونيًا، بقيمة تجاوزت 68 مليار دينار العام الماضي، بفضل إلزام فئات مهنية رئيسية بإصدار فواتير إلكترونية، على رأسها الأطباء والمحامون.
وأكد أن شركات التأمين لن تصرف أي مبلغ مالي دون فاتورة إلكترونية معتمدة، كما أن جميع مقدمي الخدمات الطبية ملزمون بذلك، مشيرًا إلى أن الربط مع برنامج “حكيم” عزز شمول الأطباء بالنظام.
وقال: “لن يتمكن أي طبيب من تقاضي أتعابه دون إدخالها في منظومة الإيرادات، ولو كانت 20 دينارًا”، مضيفًا أن عدد الفواتير اليومية تجاوز مليون فاتورة، وعدد المكلفين المسجلين في النظام ارتفع إلى أكثر من 132 ألفًا، مقابل أقل من 100 ألف قبل عام.
وفي ختام الجلسة، شدد رئيس المنتدى الاقتصادي الأردني مازن الحمود على أهمية استمرار الحوار بين القطاعين العام والخاص، وتكثيف اللقاءات الدورية لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق نمو شامل ومستدام.