حكم الاحتفال بالإسراء والمعراج في السابع والعشرين من رجب
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن المشهور والمعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وعليه عمل المسلمين أنَّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ؛ فاحتفال المسلمين بهذه الذكرى في ذلك التاريخ بشتَّى أنواع الطاعات والقربات هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا له.
وأما الأقوال التي تحرِّمُ على المسلمين احتفالهم بهذا الحدث العظيم فهي أقوالٌ فاسدة، ولا يجوز الأخذ بها ولا الالتفات لها.
وإحياءُ المسلمِ ذكرى الإسراءِ والمعراجِ بأنواع القُرَب المختلفة أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه شرعًا؛ لِمَا في ذلك من التَّعظيمِ والتَّكريمِ لنبيِّ الرَّحمة وغوث الأمَّة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
وتعيَّينُ الإسراء والمعراج بالسابع والعشرين من شهر رجب حكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين قديمًا وحديثً.
فحكاه الحافظ ابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" (3/ 26، ط. دار الكتب العلمية)؛ فقال: [ويقال: إنه كان ليلة سبعٍ وعشرين من رجب] اهـ.
الاحتفال بالإسراء والمعراج في السابع والعشرين من رجب
أوضحت الإفتاء أن العلماء اختلافوا في تحديد وقت الإسراء إلا أنهم جعلوا تتابع الأمة على الاحتفال بذكراه في السابع والعشرين من رجب شاهدًا على رجحان هذا القول ودليلًا على غلبة الظَّنِّ بصحَّتِه.
قال العلَّامة الزُّرقاني في "شرح المواهب اللدنية" (2/ 71، ط. دار الكتب العلمية) عند قول صاحب "المواهب" (وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من رجب): [وعليه عمل الناس، قال بعضهم: وهو الأقوى؛ فإنَّ المسألة إذا كان فيها خلاف للسلف، ولم يقم دليل على الترجيح، واقترن العمل بأحد القولين أو الأقوال، وتُلُقِّيَ بالقبول: فإن ذلك مما يُغَلِّبُ على الظنِّ كونَه راجحًا؛ ولذا اختاره الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الحنبلي الإمام أوحد زمانه في الحديث والحفظ، الزاهد العابد، صاحب "العمدة" و"الكمال" وغير ذلك] اهـ.
وقال العلامة الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "خاتم النبيين" (ص: 562، ط. المؤتمر العالمي للسيرة بالدوحة): [وقد وجدنا الناس قَبِلُوا ذلك التاريخ أو تَلَقَّوْهُ بالقبول، وما يتلقاه الناس بالقبول ليس لنا أن نردَّه، بل نقبله، ولكن من غير قطعٍ ومن غير جزمٍ ويقين] اهـ.
ومن أقوى الأدلة على رجحان ذلك: توارد السلف الصالح على الاحتفال بهذه الليلة الكريمة وإحيائها بشتى أنواع القُرَبِ والطاعات؛ كما نقله العلامة ابن الحاج المالكي في "المدخل" (1/ 294، ط. دار التراث): [ليلة السابع والعشرين من رجب هي ليلة المعراج التي شرف الله تعالى هذه الأمة بما شرع لهم فيها بفضله العميم وإحسانه الجسيم، وكانت عند السلف يعظمونها إكرامًا لنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم على عادتهم الكريمة من زيادة العبادة فيها وإطالة القيام في الصلاة، والتضرع، والبكاء وغير ذلك مما قد عُلِمَ من عوائدهم الجميلة في تعظيم ما عظمه الله تعالى؛ لامتثالهم سنَّةَ نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث يقول: «تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ اللهِ»، وهذه الليلة المباركة من جملة النفحات، وكيف لا، وقد جعلت فيها الصلوات الخمس بخمسين إلى سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء، وهذا هو الفضل العظيم من غنيٍ كريمٍ، فكانوا إذا جاءت يقابلونها بما تقدم ذكره؛ شكرًا منهم لمولاهم على ما منحهم وأولاهم، نسأل الله الكريم أن لا يحرمنا ما مَنَّ به عليهم، إنه ولي ذلك آمين] اهـ بتصرف يسير، هذا مع إنكاره بعض ما يحصل من الناس في تلك الليلة مما هو موضع خلاف، ومما استحسنه غيره من العلماء.
وقال العلَّامة المحدِّث أبو الحسنات اللكنوي في كتابه "الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص: 77، ط. مكتبة الشرق الجديد): [قد اشتهر بين العوام أن ليلة السابع والعشرين من رجب هي ليلة المعراج النبوي، وموسمُ الرجبية متعارَفٌ في الحرمين الشريفين؛ يأتي النَّاس في رجبٍ من بلاد نائية لزيارة القبر النبوي في المدينة، ويجتمعون في الليلة المذكورة.. وعلى هذا فيستحب إحياء ليلة السابع والعشرين من رجب، وكذا سائر الليالي التي قيل إنها ليلة المعراج بالإكثار في العبادة؛ شكرًا لِمَا منّ الله علينا في تلك الليلة من فرضية الصلوات الخمس وجعلها في الثواب خمسين، ولِمَا أفاض الله على نبينا فيها مِن أصناف الفضيلة والرحمة وشرَّفه بالمواجهة والمكالمة والرؤية] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رجب شهر رجب الإسراء والمعراج الإسراء والمعراج معجزة صلى الله علیه وآله وسلم الإسراء والمعراج
إقرأ أيضاً:
وثائق بخط السنوار تكشف كواليس التخطيط لهجمات السابع من أكتوبر
زعم مركز معلومات الاستخبارات والإرهاب الإسرائيلي (مائير عميت) أنه كشف وثيقة وُصفت بأنها من أهم المستندات التي تُلقي الضوء على التخطيط لهجمات السابع من أكتوبر، كتبت بخط يد يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في قطاع غزة، الذي استشهد في أكتوبر من العام الماضي.
الوثيقة، التي تعود إلى أغسطس 2022، تتضمن مجموعة من التوجيهات والتعليمات التنظيمية والعسكرية التي تصف مراحل التحضير الميداني والإعلامي، وتوضح رؤية السنوار لمراحل الهجوم وآلياته وأهدافه بعيدة المدى.
ويقول المركز إن الوثيقة «تُظهر أن السنوار لم يهدف فقط إلى تنفيذ هجوم واسع النطاق، بل سعى إلى إحداث تحول استراتيجي شامل في ميزان السيطرة، عبر الاستيلاء على مراكز القيادة والاتصالات الإسرائيلية، وفرض واقع جديد على الأرض».
مراحل الخداع والتحضير
بحسب التحليل، تبدأ الوثيقة بتعليمات واضحة حول مرحلة التضليل السابقة للهجوم، والتي شدّد السنوار فيها على ضرورة تنفيذ تحركات مكثفة ومنسّقة لأسابيع قبل أي عملية، بحيث تُقدَّم على أنها أنشطة روتينية للتمويه على نوايا التحرك الفعلي.
وأشار المركز إلى أن هذه التكتيكات انعكست فعلاً على الأرض خلال شهري أغسطس وسبتمبر 2023، حيث رُصدت تحركات لآليات ومعدات هندسية ومظاهرات قرب السياج الحدودي، في مشهد اتضح لاحقًا أنه جزء من خطة تمويه شاملة.
وثيقة بخط اليد
في مستهل الوثيقة، كتب السنوار توجيها يوصي فيه بضرورة تنسيق الاقتحامات من محاور متعددة، مع إدارة التوقيت بدقة واستدعاء القوات تباعًا وفق خطة محكمة.
ورغم أن النص الأصلي احتوى على تفاصيل تكتيكية، إلا أن التحليل الاستخباراتي ركّز على المعنى الأوسع: وهو التحكم في الزمن والمشهد خلال الساعات الأولى للهجوم، التي وصفها السنوار بأنها حاسمة لترسيخ «الحقائق الثابتة» ومنع الخصم من استعادة السيطرة أو شنّ هجوم مضاد.
الأهداف الميدانية والتنسيق المركزي
تُظهر الوثيقة أيضًا تقسيمًا دقيقًا لمهام الوحدات المشاركة، بحيث يتولى كل لواء محورًا محددًا من مسرح العمليات، تحت إشراف قيادة مركزية موحدة.
ويرى مركز مائير عميت أن هذا الهيكل التنظيمي يعكس أسلوب إدارة متدرج ومنسّق، يعتمد على موجات متعاقبة من الغارات وفق تقييم الموقف الميداني، مع التأكيد على ضرورة وجود خطط بديلة لتعزيز التقدم أو تثبيت المواقع.
الجانب الإعلامي والنفسي
من أبرز ما تضمنته الوثيقة، بحسب التحليل، توجيهات متعلقة باستخدام الصورة والإعلام كأداة نفسية. فقد شدّد السنوار على أهمية بثّ مشاهد تُحدث أثرًا مزدوجًا: إذ تهدف من جهة إلى رفع المعنويات داخل صفوف الفلسطينيين، ومن جهة أخرى إلى بثّ الخوف والارتباك في صفوف الإسرائيليين.
ويُعلّق مركز التحليل بأن «السنوار أدرك مبكرًا قوة الصورة في صياغة الرواية الميدانية»، ولذلك منح الإعلام مساحة مركزية ضمن التخطيط الميداني.
تقييم مركز الاستخبارات
خلص التقرير التحليلي إلى أن الوثيقة تعكس رؤية استراتيجية متكاملة، تجمع بين الميدان والإعلام والنفسية العامة، وأن السنوار كان يسعى عبرها إلى «تغيير ميزان القوى وإعادة تعريف خطوط السيطرة» لا إلى عملية محدودة الأثر.
كما اعتبر المركز أن اكتشاف الوثيقة وتحليلها «يُقدّم صورة دقيقة عن طبيعة التفكير داخل قيادة حماس قبل اندلاع الحرب، وعن مدى التنظيم والتخطيط الذي سبق هجمات أكتوبر».