الشعوب تدافع عن أوطانها ضد أى تهديد خارجى، إلى حد الموت فى سبيل قدسية واستقلال ترابها، ليس لأنها تنعم بالأمن والاستقرار فى ظل أنظمة سياسية معينة، ما يفرض عليها الحفاظ على هذه النعمة وحتى لا يهددها مصير دول تنهار وأمم تموت جوعا وحربا. الأصوب أن نقول إنها تفعل ذلك وتعتبره واجبا مقدسا لأنها شعوب حرة فى أوطانها، تنعم بالمساواة أمام القانون، وبتكافؤ الفرص بين الجميع، وبحريتها الكاملة فى اختيار نظامها السياسى.
الأمن والاستقرار لأى وطن مسئولية طبيعية لأى نظام سياسى، والمعنى الأشمل للأمن والاستقرار لا يجب أن نقصره على المفهوم الأمنى الضيق الذى يعنى أنك آمن على بيتك وأهلك ومالك.. المعنى الأكبر لمفهوم أمن الأوطان أن يكون الناس آمنين على استقرار قواعد الحكم الرشيد، وآمنين على قدرة برلمانهم المنتخب منهم على الفرز والتقييم والمحاسبة، وآمنين على أن العدالة الناجزة هى من قواعد الحكم الراسخة التى بدونها يفقد أى نظام شرعيته وأسباب استمراره. الفرنسيون، قاوموا حكم هتلر الذى دهس باريس بالدبابات والأحذية صيف يونيو 1940، رغم تشكيل حكومة فيشى الموالية للنازية وعلى رأسها المارشال الفرنسى فيليب بيتان، الذى حكم عليه بالإعدام بعد انتهاء الحرب، ثم خفف الجنرال ديجول رئيس فرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية وقائد المقاومة الجرىء والعنيد، الحكم للسجن المؤبد.
الفرنسيون هؤلاء، لم يستميتوا فى الدفاع عن بلدهم فرنسا لأنهم قبل الغزو النازى كانوا يرفلون فى نعمة «الأمن والاستقرار» ولكنهم قاوموا لأن فرنسا – مونتسكيو، وجون لوك، وتوماس هوبز، وجان جاك روسو، وفولتير، وموليير وجان بول مارا "مفكر الثورة الفرنسية- فرنسا الحرية والعدالة والمساواة وقواعد الحكم الرشيد لا يمكن ولا يجب أن تموت، وتطفأ هكذا أنوار التاريخ تحت وطأة مذبحة جغرافية نازية.
الشعب المصرى ليس استثناء من قاعدة الشعوب التى تقدس الحرية، وبرغم قسوة التاريخ الممتد من آلاف السنين عليه، إلا أن ضمير الحرية داخله لم يمت لحظة، وهذا الضمير لم يقايضه بلقمة عيش وسقف بيت يستظل به. الحضارة المصرية القديمة وبكل تأثيراتها المسافرة عبر الأزمان هى حضارة حرية وجمال وسعى نحو تحقيق الذات. لم يكن تأمل المصريين لما بعد الحياة وانشغالهم بالبعث سوى رغبة ونشوة بفكرة العدالة التى إن لم تتحقق فى الحياة، فلنبحث عنها فيما وراء الحياة.
مصر فى أمان حقيقى بثقة كل مصرى أن الوطن بيته الكبير، وأنه شريك فى كتابة التاريخ، وليس عابر سبيل على هامش صفحاته.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح مصر التى فى خاطرى الشعوب بالأمن والاستقرار
إقرأ أيضاً:
الآلية الثلاثية من القاهرة.. مصر والجزائر وتونس في جبهة دبلوماسية موحدة لدعم الاستقرار في ليبيا
استضاف د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة يوم السبت اجتماعا للآلية الثلاثية مع "أحمد عطاف" وزير الشئون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، و "محمد علي النفطي" وزير خارجية الجمهورية التونسية، وذلك لبحث التطورات فى ليبيا والتنسيق المشترك حول مستجدات الأوضاع فى طل هشاشة الموقف فى غرب ليبيا والرغبة المشتركة لتبادل الرؤى والتقييمات بما يسهم فى دعم ليبيا فى هذا التوقيت الدقيق.
تجدر الاشارة إلى ان الآلية الثلاثية بين مصر والجزائر وتونس قد تم تدشينها عام ٢٠١٧ وتوقفت عام ٢٠١٩، ويأتى الاجتماع بالقاهرة اليوم فى إطار إعادة تفعيل هذه الآلية المشتركة، انطلاقا من حرص الدول الثلاث على دعم الأمن والاستقرار فى ليبيا الشقيقة.
أكد الوزير عبد العاطي على خصوصية العلاقة التى تجمع مصر والجزائر وتونس بدولة ليبيا الشقيقة وعمق الروابط التاريخية والصلات الإنسانية والمصالح المتشابكة بين البلاد الثلاث مع ليبيا، مشيرا الى الأولوية التي يمثلها الملف الليبي بالنسبة للأمن القومي لمصر والجزائر وتونس كدول جوار مباشر لليبيا، مؤكدًا ضرورة تقديم الدعم للجهود الرامية لإطلاق عملية سياسية لتسوية الأزمة فى ليبيا.
واستعرض وزير الخارجية محددات الموقف المصرى من التطورات فى ليبيا الداعم لمسار الحل الليبي-الليبي بدون إملاءات أو تدخلات خارجية أو تجاوز لدور المؤسسات الوطنية الليبية، وصولًا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وأكد على أهمية احترام وحدة وسلامة الاراضى الليبية والنأي بها عن التدخلات الخارجية، ودعم جهود الامم المتحدة فى التواصل مع كافة أطياف الشعب الليبى، وضرورة تضافر الجهود الدولية من أجل إنفاذ المقررات الأممية ذات الصلة بخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، بما يسهم في استعادة الأمن والاستقرار.
وفيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في العاصمة الليبية طرابلس، فقد توافق الوزراء الثلاثة على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في كافة الأراضي الليبية، وصون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، واحترام وحدة وسلامة ليبيا الشقيقة، داعين إلى الحفاظ على السلمية ونبذ العنف وإعلاء المصلحة الوطنية الليبية فوق كل اعتبار. وأكدوا على الاستمرار العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون وكافة أوجه الدعم لليبيا والعمل على ضمان أمن وسلامة شعبها الشقيق.
وقد صدر بيان مشترك عن اجتماع الآلية الثلاثية لدول الجوار حول ليبيا.