سوريا بعد الأسد.. كيف يعزز ترامب موقفه ضد إيران وحلفائها؟
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
رأى مستشار ترامب الأسبق لشؤون الأمن القومي جون بولتون أن انتصار الثوار على الرئيس السوري السابق بشار الأسد مثل الهزيمة الكارثية الثالثة لإيران وهي تحاول تنفيذ استراتيجية حلقة النار المعادية لإسرائيل.
ألحقت الإطاحة بالأسد ضرراً كبيراً بطموحات إيران للهيمنة، وليس فقط في سوريا
وكتب بولتون في مجلة "واشنطن إكزامينر" أن هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع يكافحان من أجل تعزيز سلطتهما في سوريا التي تمزقها الانقسامات منذ فترة طويلة، وأولويتهما الرئيسية هي إقناع الدول العربية والغربية بأنهما لم يعودا جماعة إرهابية، ولا يخضعان لسيطرة تركيا، رغم أن تركيا تصنف هيئة تحرير الشام على أنها إرهابية، لكنها دعمتها لسنوات.
وقد تخلى الشرع عن اسمه الحربي وملابسه القتالية، وأصبح يظهر في المناسبات الإعلامية بزي غربي. ويبقى أن نرى ما إذا كان تحوله من إرهابي متطرف حقيقياً أم مجرد خطوة تجميلية.
Trump can turn Syria opportunity against Iran https://t.co/XfhfmHhFob
— Washington Examiner (@dcexaminer) January 7, 2025ومع ذلك، ليس الوقت مناسباً للولايات المتحدة لتقول "نحن لسنا معنيين"، إذ هناك مصلحتان أمنيتان قوميتان حاسمتان للولايات المتحدة نتيجة لسقوط الأسد.
أولاً، يجب على أمريكا، بالتعاون مع إسرائيل وحلفائها العرب، ضمان عدم تحول سوريا إلى دولة إرهابية أخرى تهدد حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين وربما أوروبا وأمريكا.
ثانياً، يجب على أمريكا وإسرائيل استغلال الفرصة الناتجة عن الأحداث السريعة في الشرق الأوسط لزيادة الضغط على إيران، بما في ذلك تدمير أو إضعاف برنامجها النووي بشكل جوهري."
لا أحد يريد أفغانستان أخرىوعلى جبهة مكافحة الإرهاب، لدى الولايات المتحدة أسباب مقنعة لمنع تشكل أفغانستان جديدة، إذ لا يزال ما يقرب من 2000 جندي أمريكي في شمال شرق وشرق سوريا، يدعمون القوات الكردية التي ساعدت في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي،وأي انسحاب أمريكي من شأنه أن يساهم فقط في عدم الاستقرار على المدى الطويل.
Trump can turn Syria opportunity against Iran https://t.co/XfhfmHhFob
— Washington Examiner (@dcexaminer) January 7, 2025وأضاف بولتون أن العديد من الأقليات العرقية والدينية في سوريا، تشعر بالقلق حيال مصيرها في ظل حكم إسلامي متطرف، والذي قد يكون على نفس خطورة حزب الله الشيعي في لبنان المجاور.
وتزيد الفوضى في سوريا من تفاقم التفتت الواسع الذي نشأ بسبب الصراع للإطاحة بالأسد، وهذه الظروف الفوضوية مواتية للإرهابيين الأجانب الحاليين والجدد لتأسيس وجود كبير في سوريا، كما هو الحال في أفغانستان، الأمر الذي من شأنه أن يشكل مخاطر كبيرة على المستوى الإقليمي والعالمي.
هل ترفض المغامرة؟بالنسبة إلى واشنطن، إن احتمال قيام هيئة تحرير الشام بدفع روسيا خارج محطتيها البحرية والجوية في طرطوس وحميميم على التوالي، يشكل ميزة كبيرة.
وذكرت تقارير أن هيئة تحرير الشام دعت جميع القوات الروسية إلى الانسحاب.
وتشير تقارير واسعة النطاق إلى أن بعض عمليات سحب القوات والمعدات جارية، وربما تباطأت بسبب غرق سفينة شحن روسية في البحر الأبيض المتوسط، والتي تلقي موسكو باللوم فيها على الإرهاب، لكن إذا طردت هيئة تحرير الشام الجيش الروسي من سوريا، فقد يكون ذلك دليلاً واعداً على أن هيئة تحرير الشام تريد تعزيز الاستقرار ورفض المغامرة عبر مساعدات أجنبية غير مفيدة.
الطريق مفتوحأما بالنسبة إلى إيران، فقد ألحقت الإطاحة بالأسد ضرراً كبيراً بطموحاتها للهيمنة، ومن خلال قطع طرق الإمداد البرية لحزب الله في لبنان، قطعت هيئة تحرير الشام الطريق الأكثر كفاءة واقتصاداً الذي تستخدمه طهران لسنوات من أجل تزويد وكيلها الإرهابي وإذا قررت إسرائيل ضرب البرنامج النووي لطهران. قد لا تكون هناك فرصة أفضل.
التاريخ جاهزأضاف بولتون أن إدارة بايدن ضغطت باستمرار وبشكل خاطئ على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لعدم القضاء على التهديد النووي الإيراني.
ومع ذلك، فإن المصالح الأساسية للأمن القومي للولايات المتحدة، تبرر القضاء على القدرات الحالية لطهران بعد فشل الدبلوماسية.
وختم بولتون أن التاريخ جاهز كي تتم صناعته في سوريا والشرق الأوسط، وينبغي لإدارة ترامب القادمة أن تبادر إلى ذلك.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية هيئة تحرير الشام أحمد الشرع سوريا للولايات المتحدة لسقوط الأسد إيران ترامب سقوط الأسد عودة ترامب هيئة تحرير الشام الجولاني الحرب في سوريا الولايات المتحدة إيران هیئة تحریر الشام بولتون أن فی سوریا
إقرأ أيضاً:
ترامب يغامر بضربة ضد إيران
في مشهد بدا كأنه عرض عسكري في السماء الإيرانية، نفذت الولايات المتحدة غارة جوية دقيقة وموسعة فجر الأحد، استهدفت مواقع رئيسية في البرنامج النووي الإيراني، وتحديدًا في فوردو وأصفهان ونطنز، بعد تسعة أيام من القصف الإسرائيلي المتواصل. العملية فاقت توقعات حتى بعض المسؤولين الإسرائيليين، وأظهرت أن الجيش الأمريكي، رغم فوضوية عهد ترامب، ما زال يمتلك القوة والدقة والقدرة التي لا تُضاهى.
ورغم أن ترامب تحدث بعد الغارة عن رغبته في تسوية سلمية عبر القنوات الدبلوماسية، إلا أن خطوته دفعت الولايات المتحدة إلى حافة هاوية خطيرة. ثلاثة رؤساء أمريكيين سابقين درسوا إمكانية ضرب المواقع النووية الإيرانية، لكنهم جميعًا امتنعوا عن التنفيذ، لعلمهم أن أي تدخل عسكري في الشرق الأوسط لم يؤتِ ثماره منذ ثمانينيات القرن الماضي.
في خطابه المتلفز بعد ساعتين من الغارة، طالب ترامب فعليًا باستسلام إيران، قائلاً: «إيران، متنمّر الشرق الأوسط، عليها الآن أن تصنع السلام. وإن لم تفعل، فالهجمات القادمة ستكون أعنف وأسهل بكثير». مثل هذا الخطاب المتغطرس لم يكن يومًا مجديًا مع القيادة الإيرانية. لكن نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، اختار نبرة أكثر هدوءًا في ظهوره صباح الأحد على قناة (آي. بي. سي) قائلاً: «لسنا في حرب مع إيران، بل مع برنامجها النووي».
وأوضح: «الرئيس يريد الآن الدخول في عملية دبلوماسية- ما نريده هو أن تأتي إيران إلى طاولة التفاوض، وأن تتخلى عن برنامجها النووي على المدى الطويل. وإذا أقدمت على ذلك، ستجد شريكًا راغبًا في الولايات المتحدة الأمريكية».
منذ فبراير، مارس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا على ترامب للانضمام إلى حملة عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية. لكن ترامب فضل لعدة أشهر محاولة التوصل إلى اتفاق يضمن إيقاف البرنامج دون استخدام القوة. وأشار فانس إلى أن البيت الأبيض كان متفائلًا بإمكانية التوصل إلى اتفاق في مارس، عندما بدت إيران وكأنها تقدم تنازلات.
لكن مع مرور الوقت، اقتنع ترامب، بحسب فانس، أن «الإيرانيين يماطلون». وحتى الأسبوع الماضي، كان ترامب يبدو مترددًا، معلنًا أنه سيمنح نفسه أسبوعين لاتخاذ القرار. ربما كانت هذه مهلة مخادعة. فقد أكد فانس أن قرار القصف لم يُتخذ إلا قبل التنفيذ بلحظات.
طرح ترامب على إيران عرضًا ضمنيًا مفاده إذا تخلّت إيران عن برنامجها النووي بموجب تعهّد يمكن التحقق منه، فإن التجارة والاستثمار من الولايات المتحدة ودول الخليج ستزدهر بسرعة. وربما، في سيناريو متفائل، تنتهي الثورة الإسلامية التي بدأت عام 1979 إلى مصالحة مع أمريكا والغرب، بما في ذلك إسرائيل.
لكن الواقعية تفرض نفسها، فأغلب الظن أن إيران مقبلة على مرحلة من الفوضى الداخلية، تحاول خلالها القيادة الدينية، مدعومة بالحرس الثوري، إعادة فرض السيطرة على بلد أُهين بفعل الهجمات الإسرائيلية والأمريكية، وفقد قادته العسكريين الأبرز. قد يغضب الشعب الإيراني من ضعف قيادته، لكن النظام ما زال يمتلك شبكات بنتها على مدار عقود.
ما ينتظر المنطقة ليس حربًا لا تنتهي، بل حلقة جديدة من الفوضى التي لا تهدأ. وفي الشارع الإسلامي، الذي يتألم أصلًا من المأساة الفلسطينية في غزة، سيكون لهذه الضربة الأمريكية سبب إضافي للامتعاض، حتى وإن شعر بعض قادة المنطقة سرًّا بالارتياح لتراجع الخطر النووي الإيراني.
ويبقى عنصر الغموض الأكبر: هل ستتجه إسرائيل نحو اغتيال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي؟ أم ستتخذ خطوات لتسريع تغيير النظام؟ أي مشروع إسرائيلي لتغيير النظام لن يجلب بالضرورة حكومة معتدلة في طهران، بل ربما مزيدًا من الفوضى.
وفي المقابل، ستضطر إسرائيل إلى مراقبة الوضع باهتمام بالغ، خوفًا من أن تعيد إيران بناء برنامجها النووي بسرعة، أو الأسوأ من ذلك، أن تسعى لصنع «قنبلة قذرة» باستخدام يورانيوم مخصب قرب المستوى المستخدم في الأسلحة النووية. إيران لديها خيارات أخرى غير تقليدية، فبعد ظهر الأحد، أعلن البرلمان الإيراني نيته إغلاق مضيق هرمز. قد يكون ذلك تهديدًا فارغًا، لكنه كافٍ لرفع أسعار النفط. وإذا أقدمت إيران على تنفيذ تهديدها، فكيف سترد الولايات المتحدة وحلفاؤها؟
هذا النوع من العواقب غير المتوقعة هو ما جعل رؤساء سابقين يترددون في استخدام القنابل الخارقة للتحصينات.
سيعترض الديمقراطيون على تجاهل ترامب للكونجرس وعدم طلب تفويضه قبل الهجوم. لكن السؤال الأخطر هو: لماذا اختار ترامب أن يثق بالمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية بدلًا من المعلومات الأمريكية؟ فعندما سأله صحفي يوم الجمعة: «ما هي الأدلة على أن إيران تبني سلاحًا نوويًا؟ أجهزة استخباراتك تقول إنه لا توجد أدلة»، أجاب ترامب: «حسنًا، إذًا أجهزتي الاستخباراتية مخطئة». وعلى أي أساس قال ذلك؟
أحد كبار أعضاء الكونغرس قال لي الأحد إن لجان الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ ستفتح تحقيقًا في هذا الأمر. وأضاف: «إذا كانت أجهزتنا مخطئة، فعلينا أن نعرف السبب. وإذا كان الرئيس قد اختار الوثوق بمعلومات استخباراتية أجنبية بدلًا من معلومات بلده، فعلينا أن نفهم لماذا».
على ترامب أن يخفف من لهجة النصر، لأن المشهد الراهن لا يزال غير واضح. تصريحاته تذكّرنا بعبارة الرئيس جورج بوش الابن عام 2003: «المهمة أنجزت»، التي ثبت لاحقًا أنها كانت سابقة لأوانها وخاطئة.
الخلاصة الواقعية هي أن ترامب كسب، بغض النظر عن النتائج القادمة، نفوذًا غير ملموس يأتي من استخدام القوة العسكرية. فمع تفاقم الأزمة الإيرانية خلال الأسبوع الماضي، لم تقم روسيا ولا الصين بدور حاسم، وكذلك أوروبا. وعلى عكسهم، اتخذ ترامب القرار. وسيسجّل هذا التحرك في حسابات بكين وموسكو، وأيضًا في عواصم الحلفاء مثل طوكيو وتايبيه وأبو ظبي، التي تتابع باهتمام قدرة أمريكا على الاستمرار في لعب دورها العالمي.
ديفيد إغناتيوس كاتب مقال في الشؤون الخارجية في صحيفة واشنطن بوست. وأحدث رواياته بعنوان المدار الشبحي.