مهرجان المسرح العربي.. منارة الفن تُضيء من مسقط
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
رامي بن سالم البوسعيدي
في قلب عاصمة سلطنة عُمان؛ حيث يلتقي التراث العريق بجماليات الحاضر، سُعدنا بالمشاركة في افتتاح مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة عشرة تحت رعاية صاحب السُّمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، في رسالة تؤكد على أنَّ الفن هو لغة الشعوب، وأداة التعبير عن طموحاتها وأحلامها.
هذا المهرجان الذي يُعد واحدًا من أهم الفعاليات الثقافية في العالم العربي، يتجاوز دوره كمنصة للعروض المسرحية؛ ليصبح حدثًا شاملًا يساهم في تعزيز الهوية الثقافية، ويرسخ دور الفنون كعنصر حيوي في التنمية المجتمعية والاقتصادية.
المسرح هو فن التلاقي الإنساني، فضاؤه خشبة صغيرة، لكنه يحمل عوالم بأسرها، إنه الوسيط الذي يجمع بين المشاعر العميقة والأسئلة الكبرى، وبين الفن كمتعة والعقل كأداة للتأمل، ومن هذا المنطلق، يُمثل مهرجان المسرح العربي احتفاءً بواحد من أعظم أشكال التعبير الفني، حيث تُعرض الأعمال المسرحية التي تتناول قضايا الإنسان في شتى تجلياته، وتطرح أسئلة عميقة حول الوجود والحرية والعدالة.
وأهمية المسرح لا تكمن فقط في كونه مرآة للمجتمع، بل في قدرته على التأثير فيه، على إثارة النقاش وتحفيز التغيير، وهُنا تبرز رسالة المهرجان الذي يجمع نخبة من الفنانين والمبدعين العرب، ليقدموا أعمالًا تُمزج فيها الأصالة بالتجديد، وينفتحوا على آفاق فنية جديدة تُثري المشهد المسرحي العربي.
واستضافة سلطنة عُمان لهذا الحدث الثقافي الكبير تعكس مكانتها كجسر للتواصل بين الشعوب والثقافات؛ فهذه البلاد التي عُرفت بتاريخها البحري ودورها التجاري والحضاري عبر العصور، تواصل اليوم هذا الدور من خلال دعمها للفنون والثقافة، وسلطنة عُمان ليست فقط أرض اللبان وأيقونة الحضارة العُمانية القديمة؛ بل هي أيضًا نموذج للدولة الحديثة التي تُقدر الإبداع وتُدرك دوره في بناء مجتمع متوازن ومتطور؛ فالمهرجان يُعد شهادةً على الرؤية الثقافية العُمانية التي ترى في الفنون وسيلة لتعزيز الحوار الحضاري وتكريس قيم الانفتاح والتسامح.
لا تقتصر فوائد المهرجان على الجانب الثقافي؛ بل تمتد لتشمل جوانب اقتصادية ملموسة، فتنظيم مثل هذا الحدث يُسهم في تعزيز القطاع السياحي من خلال جذب الزوار من مختلف الدول العربية والعالمية؛ مما ينعكس إيجابًا على حركة الفنادق والمطاعم وقطاع الخدمات بشكل عام. كما يتيح المهرجان فرصًا للشراكات بين الفرق المسرحية العربية والعالمية، ما يفتح آفاقًا لتبادل الخبرات وتطوير الصناعات الإبداعية، علاوة على أن الورش الفنية والندوات التي تُقام على هامش المهرجان تُسهم في تنمية الكفاءات المحلية، مما يجعل الفنون المسرحية جزءًا من اقتصاد مستدام يرتكز على الإبداع والابتكار.
يحق لنا أن ننظر إلى الثقافة كأحد أركان التنمية المستدامة في سلطنة عُمان؛ فالمهرجان يُسهم في غرس القيم الجمالية والفكرية في نفوس الشباب، مما يُعزز وعيهم بأهمية الفن كقوة ناعمة تستطيع تحقيق التغيير في شتى المجالات، كما إن الاستثمار في الفنون يُعزز من فرص العمل في مجالات متعددة مثل الإنتاج المسرحي والإدارة الثقافية والإعلام والتصميم الفني. وبهذا نستطيع القول إنَّ مهرجان المسرح العربي لا يُعد حدثًا موسميًا فقط؛ بل هو جزء من استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى جعل الفن أداة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتُسهم في خلق بيئة حاضنة للإبداع والابتكار.
إنَّ مهرجان المسرح العربي في مسقط، رسالةٌ إلى العالم، تُجسِّدُ فيها عُمان إيمانها العميق بدور الثقافة والفن في بناء جسور التواصل الإنساني، كما إنه احتفال بالجمال وبالحوار وبالحلم، في مسقط يجد المبدعون فضاءً حرًا للتعبير عن قضاياهم، وتجسيد تطلعاتهم.. وبهذا الألق الثقافي والفني، تُثبت سلطنة عُمان أنها ليست فقط وجهة للتاريخ والجغرافيا؛ بل أيضًا وطن للثقافة والفن والتنمية، ومهرجان المسرح العربي شاهدٌ على هذا الدور الريادي، وتأكيدٌ على أنَّ الفن بقدرته على ملامسة الوجدان وتحفيز العقول، سيظل دائمًا قوة محركة للمجتمعات نحو مُستقبل أكثر إشراقًا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026
يشارك العرض المسرحي "كارمن" إخراج ناصر عبد المنعم إنتاج فرقة مسرح الطليعة بقيادة المخرج سامح بسيوني في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح بالقاهرة خلال الفترة من 10 إلي 16 يناير 2026.
وأعلنت لجنة اختيار العروض، برئاسة الدكتور يوسف عايدابي من دولة السودان، عن اختيار 15 عرضًا مسرحيًا فقط من مختلف الدول العربية للتنافس على جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي، وجاء العرض المسرحي "كارمن" إنتاج البيت الفني للمسرح ضمن العروض التي اجتازت مراحل التقييم بنجاح.
وعبّر المخرج هشام عطوة رئيس قطاع المسرح عن سعادته واعتزازه بمشاركة العروض المصرية التابعة للبيت الفني للمسرح في المهرجانات الدولية، مشيرًا إلى أن قطاع المسرح حقق نجاحات واسعة خلال الفترة الماضية، من بينها مشاركة عرض "الملك لير" في افتتاح مهرجان قرطاج المسرحي بتونس، ومشاركة عرض "ذات والرداء الأحمر" في مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي.
يُذكر أن "كارمن" مأخوذة عن رواية الكاتب الفرنسي بروسبير ميريميه، دراماتورج محمد علي إبراهيم، وتتناول حياة كارمن الفتاة الغجرية المتمرّدة التي تمثل ثقافة الغجر في مواجهة ثقافة المدنية الإسبانية القائمة على النظام والقانون.
عرض "كارمن " بطولة ريم أحمد، ميدو عبد القادر، محمد حسيب، عبد الرحمن جميل، ميار يحيى، لمياء الخولي، أحمد علاء، عصام شرف الدين، وأحمد بدالي، إعداد موسيقى حازم الكفراوى ،استعراضات سالى احمد، ديكور و ملابس احمد شربي ، اضاءه ابو بكر الشريف، دراماتورجيا محمد علي ابراهيم، إخراج ناصر عبد المنعم.