تتحدى القضية الفلسطينية منذ النكبة العالم الأكاديمي للتفكير بشكل مختلف حول العدالة. وتحث الطلبة والباحثين على مراجعة أثر الهيمنة، وقوة رأس المال في المؤسسات التعليمية والعمل الأكاديمي.
يُستخدم مصطلح «scholasticide» للتعبير عن التدمير المتعمد للبنية التعليمية في مكان ما (أو ربما لمجموعة ما؟) ويتركب من الكلمة اللاتينية «schola-» والتي تعني المدرسة، كما لنا أن نخمن بسهولة، متبوعة باللاحقة «-cide» التي تعني القتل، في إحالة واضحة لكلمة «genocide» أي الإبادة الجماعية.
سنظن أول تعرضنا للكلمة أنها صيغت للتعبير عن المأساة الحالية في غزة، والتي أدت إلى تدمير الاحتلال الإسرائيلي لمعظم المنشآت التعليمية (جميع جامعات غزة دون استثناء دُمرت خلال الإبادة)، والواقع أن الأكاديمية والمنظّرة السياسية الفلسطينية كرمة النابلسي استخدمته أول مرة في 2009 لوصف الاغتيالات الممنهجة للهيئة الأكاديمية، والطلبة، والضرر الملحق بالمؤسسات التعليمية ليس خلال ذلك العام فحسب - أواخر 2008 وبداية 2009 شهد الاجتياح الأول منذ فرض الحصار على القطاع - بل ومنذ النكبة. مع ذلك، فقد اكتسب المصطلح زخمًا في السنة الأخيرة، مع العدوان الذي لا مثيل له ضد كل جسد (مادي أو مجازي) في غزة.
وكما يحدث في الإطار القانوني المتعلق بالإبادة الجماعية، فالتدمير المقصود والممنهج للمنشآت التعليمية، والعنف ضد الطلبة والطواقم الأكاديمية كلها خصائص للإبادة التعليمية. القصد والمنهاج - وكما في الإبادة - شروط أساسية ليصح استخدام هذا المصطلح.
في ورقتهما التي يُمكن أن يُترجم عنوانها إلى: «الأكاديميا في زمن الإبادة: نزعات الإبادة التعليمية واستمراريتها» (الآن والمصطلح يتخذ مكانه في العنوان لا يبدو أنيقًا تمامًا، أنا أعترف). ورقة الكاتبتين بسمة هاجير ومزنة قاطو التي نشرتاها هذا الشهر، تأتي كمحاولة للقيام بأي فعل من أجل «سد التدفق غير المنضبط لسلطة رأس المال إلى جامعاتنا» حسب تعبيرهما، فتحللان تجليات الإبادة التعليمية في غزة، وتوسعان مجال الرصد، ذاهبتين خارج حدود القطاع، للوقوف على النزعات الإبادية في جامعات العالم.
أولاً، الصمت. يستخدم بعض الأكاديميين مصطلحات مثل نقض الاستعمار، الوعي النقدي، والعدالة المعرفية بسهولة عندما يعالجون الأمر بشكل مجرد (أو عند تقدمهم للمنح)، لكنهم يفشلون، بل يختارون بقصد تجنب «السياسة» عندما يأتي الأمر على معالجة قضايا الواقع، في تناقض كامل بين مواضيع اهتمامهم السياسية، والموقف السلبي والصمت المقصود تجاه القضايا التي يفترض أن تكون في صلب اهتمامهم. هنا لا يُصبح الصمت مجرد حياد، بل هو فعلٌ موازٍ، يُعادل (وإن بدرجة أقل درامية على المستوى المباشر) أن يكون المرء طبيبًا، ويختار أن لا يعالج مريضه في غرفة الطوارئ. يمكن للمريض أن يموت، لا لأن الطبيب فعل شيئا، بل لأنه لم يفعل. بهذا المعنى تكون الأفعال السالبة، والصمت الانتقائي أدوات للإبادة.
ثانياً، قمع التضامن. الطلبة هم محركات التضامن الرئيسية في أمريكا وأروبا، ولهذا يحارب بشراسة، كما تحارب المحاضرات، والمؤتمرات، والمتحدثين الفلسطينيين.
ثالثاً، ادعاء التعقيد. والمجادلة أن اصطفافهم سيختزل موقفا معقدا وعدم إمكانية لاستيعاب الطبيعة المعقدة والمركبة للقوى والعلاقات في ثنائيات مبسطة. فيما الموقف المعقد الذي يحكون عنه هو إعدام ما يزيد على 16 ألف طفل، وتحويل مكان صغير ومحاصر إلى أكبر تجمع للأطفال فاقدي الأطراف خلال أشهر من الضرب والقصف المتواصل بأشد الأسلحة التي اخترعت في التاريخ البشري.
رابعا، وعود النظريات وتهديداتها. فيما تلجأ بعض قضايا العدالة كالتغير المناخي إلى التركيز على الأثر الكارثي - لمشكلة تسبب فيها عالم الشمال - على الجنوب العالمي، تنحو أخرى نحو تفكيك التفوق البشري، وإعادة رسم العلاقة بين البشر وغير البشر. تفكيك التسلسل الهرمي للعلاقات، وإزاحة البشر من القمة يُفترض أن يذكي إلحاحا في الاستجابة للآثار البيئة حتى وإن لم تكن الضحية بشرية. عندما يختار المناصرون لهذه المقاربة الحياد - متجاهلين الأثر التدميري للآلة الإسرائيلية ليس على الحيوان، والبيئة فحسب بل حتى البشر - يخبرنا هذا أن قيمهم جوفاء، وأن هواجسهم بلا معنى، وأن أمانتهم العلمية تفشل عند أول اختبار.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المواءمة بين الجهات المعنية فيما يتعلق بأهلية العلاج.. «الإحالات الطبية» .. 15 مسؤولية أبرزها الإجازات المرضية
البلاد (الرياض)
حدد تنظيم مركز الإحالات الطبية- الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرًا- 15 مسؤولية للمركز أبرزها تنظيم إجراءات ومسارات الإحالات الطبية للعلاج داخل المملكة وخارجها، ومتابعة تنفيذها، واتخاذ ما يلزم في شأنها؛ وفقًا للأحكام النظامية ذات الصلة.
ويختص المركز أيضًا؛ وفق تفاصيل التنظيم الذي نشرته جريدة “أم القرى” اليوم (الجمعة)، بوضع القواعد الإجرائية والتنفيذية الخاصة بالإخلاء الطبي الجوي؛ وفقًا للأحكام النظامية ذات الصلة، ومتابعة تنفيذها، ودراسة طلبات الإخلاء الطبي الجوي داخل المملكة وخارجها، والبت في هذه الطلبات بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
ويقوم المركز كذلك بتنظيم الإجراءات المتصلة بدراسة تقارير الإجازات المرضية لموظفي الخدمة المدنية، التي تكون داخل المملكة وتزيد مدتها على 30 يومًا، ودراسة تقارير الإجازات المرضية لموظفي الخدمة المدنية، التي تكون خارج المملكة، واتخاذ ما يلزم في شأنها؛ وفقًا للأحكام النظامية ذات الصلة.وأشار التنظيم إلى أن المركز يقوم بتنظيم الإجراءات المتصلة بدراسة تقارير طلبات العجز الصحي لموظفي الخدمة المدنية، واتخاذ ما يلزم في شأنها؛ وفقًا للأحكام النظامية ذات الصلة، بالإضافة إلى تنظيم الإجراءات المتصلة بدراسة تقارير طلبات الإفراج الصحي التي تقدمها الجهة المعنية بحالة المريض السجين، والتوصية باتخاذ ما يلزم في شأنها وفقاً للأحكام النظامية ذات الصلة.
المركز يختص أيضًا، وفق التنظيم، بتنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئة الطبية العليا بعد اعتمادها من قبل الوزير لعلاج الحالات الصحية وفقاً للأحكام النظامية ذات الصلة، ومتابعة تنفيذ الأوامر الصادرة في شأن علاج الحالات الصحية داخل المملكة وخارجها، والإشراف على الملحقيات الصحية، ومتابعة أعمالها، ومتابعة بيانات المنشآت الصحية المتعلقة بالأسرّة، لتحديد عددها، ومعرفة مدى كفاءة استخدامها، ونسبة إشغالها.
ويهدف المركز كذلك إلى إدارة حركة الإحالات الطبية بين المنشآت الصحية في المملكة وخارجها، ومتابعة حالة الطاقات الاستيعابية لتلك المنشآت، وتقديم الدعم الفني لها في حال الحاجة، والمواءمة بين الجهات المعنية فيما يتعلق بأهلية العلاج بما يحقق التكامل مع الجهات الأخرى ذات العلاقة؛ لتسهيل وصول المرضى للرعاية الصحية في الزمان والمكان المناسبين.
وفيما يتعلق بالجوانب الإدارية، حدد التنظيم أن يكون المركز ضمن الهيكل التنظيمي للوزارة، ويرتبط تنظيميّاً بالوزير.
ويكون للمركز لجنة إشرافية برئاسة وزير الصحة، وعضوية ممثلين من الخدمات الصحية بوزارة الدفاع، والخدمات الطبية بوزارة الداخلية، والشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني، ووزارة الصحة، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وشركة الصحة القابضة، ومجلس الغرف السعودية (اللجنة الصحية)، والأمانة العامة لمجلس شؤون الجامعات، والمجلس الصحي السعودي، ومركز التأمين الصحي الوطني، بالإضافة إلى المدير.