محمد بدوي

في مقال سابق حول آثار الحرب في السودان أشرت إلي أن ما يحدث في السودان لن يبقي في السودان، وذلك لعدة اسباب اشرنا إليها في ذاك الحيز، في ربطها بموضوع المقال فإن الاثر الاكبر وقع على دولة جنوب السودان، لتوقف الخط الناقل للبترول حينها نتيجة للحرب، فانعكس في تراجع إقتصادي بجوبا لإعتمادها على البترول كمصدر يساهم ٩بنسبة % في الموازنة العامة.


ضرورة الفقرة الاولي واقترانها بموضوع المقال المخصص لعلاقات الشعوب علي خلفية التطورات التي برزت عقب إعادة الجيش السيطرة على ولاية الجزيرة بوسط السودان، بعد عام من الانسحاب وسيطرة الدعم السريع عليها، تمثلت جملة التطورات في الانتهاكات التي طالت المدنيين، بما شمل الجنوب سودانيين وفقا للخارجية الجنوب سودانية التي إستدعت السفير السوداني بجوبا لإبلاغة بإحتجاج الدولة على ما تم.

دون الخوض في التفاصيل وأشكال الانتهاكات لأنها ليست بجديدة في السجل السوداني لما بعد الاستقلال لكن الجديد هو اتساع نطاقها وتوثيقها من قبل مرتكبيها، وياتي التوثيق كجزء من سلسلة إقتران الانتهاكات بخطاب الكراهية الذي يمثل التوثيق والنشر جزء من الانتهاك الذي في اختلاف طبيعته يخلص إلي إشباع رغبة المنتهكين في التشفي والشماتة المرضيتان، لأن مفعول خطاب الكراهية يكتمل عند المنتهك الا بمعاملة الضحايا كالحيوانات، وهذا يكشف لماذ الذبح احد أشكال الانتهاكات .

عطفا علي ما سبق فإن ما حدث في مدني استهدف المدنيين بناء على العرق قبل الانتماء بالجنسية أو للسودان أو جنوب السودان، هذا يقود إلي أن ما تم ينتهك الكرامة الانسانية ويختلف الضمير الإنساني والوجدان السليم.

جاءت بيانات الشجب والتضامن مع الضحايا من قطاعات واسعة خارجية وداخلية ربط بينها احترام الحق في الحياة واحترام حقوق الانسان، ولعل غزارة البيانات والمواقف المعلنة تجاوزت ما صدر في اي حدث اخر خلال هذه الحرب.

في تطور لاحق جاء رد فعل بعض الفئات بجنوب السودان تدعوا للتصعيد والنظر بالمقابل تحريضا ضد المدنيين السودانيين السودانيين بجنوب السودان، يمكن فهم ما حدث في سياق أن ما تم جاء نتيجة لاعادة ذاكرة الحرب الاهلية، لكن بالنظر الي الاصوات التي نشطت في التحريض فهم يمثلون فئات عمرية لم تشهد عمق وفظاعة الحرب الاهلية، ليرتبط الأمر بسؤال جوهري حول الأسباب التي دعت تلك الاصوات للنشاط للتحريض، لعل جزء من الإجابة يمكن الوقوف عليها بالنظر الي اتفاق إعادة ضخ بترول جنوب السودان عبر السودان في ٨ يناير ٢٠٢٥ بعد توقف دام لما يقارب ال١١ شهرا .

ما يحدث في جوبا في تقديري يتطلب النظر بروية والاستفادة من ما يحدث في السودان، وعلى إنها حرب سلطة وموارد، فانتقالها مظاهرها إلي اي مكان آخر يحمل ذات جينات الأسباب بما فيها نسق عدم الاستقرار.

أن العنف وتوجيهه نحو المدنيين في جنوب السودان، لن يحل الازمة لأنهم ليسوا طرفا في الصراع،في الغالب تواجدهم بجوبا ناتج من أسباب مختلفة منها رفضهم للحرب أوهربا منها أو بحثا عن العيش الاقتصادي الكريم

ظلت الحرب بين السلطات السودانية والحركة الشعبية بفتريتها مرتبطة بطبيعة سياسية، حتي جاء الانفصال / الاستقلال أيضا كقرار سياسي مرتبط باتفاق السلام الشامل ٢٠٠٥، في هذا الخضم ظلت علاقات الشعوب السودانية لا مجال لها لتعبر عن مواقفها في ظل الهينمة السلطوية، بما يتطلب النظر مليا إلي علاقات الشعوب بعيدا عن العلاقات الرسمية للحكومات التي تتاثر سلما وتوترا، لأن ما يربط بين الشعوب تواريخ مشتركة، و ذاكرة السلم غيبت قسرا وحسن الجيرة، والملاذات حين تعمل آلة الحرب في اي من الجغرافيا.

الخلاصة : تراخينا في التوحد كمدنيين في وقف الحرب في السودان، بما يجعل هذه التطورات تعيد تذكيرنا بذلك وتفرض واجب العمل المشترك بين شعوب الدولتين لتفويت الفرص على زعزعة الاستقرار، غياب العدالة والمحاسبة تاريخيا حتي في بنود اتفاق السلام الشامل ٢٠٠٥ ستظل الحلقة المفقودة لضمان الاستقرار في السودانيين

الوسوممحمد بدوي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: محمد بدوي جنوب السودان فی السودان

إقرأ أيضاً:

الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأساة إنسانية متصاعدة

ارتفع عدد ضحايا المجاعة في القطاع إلى 162 شخصاً، بينهم 92 طفلاً، وفق أحدث التقارير، في مؤشر على تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة جراء استمرار الحرب والحصار في قطاع غزة. اعلان

في مشهد مؤثر يعكس واقعًا إنسانيًا مأساويًا، ودع طفل فلسطيني مصاب، بجسده المكلوم وعينيه المليئتين بالحزن، مجموعة من الضحايا الذين قتلوا جنوب قطاع غزة. خلال تشييع جنازاتهم في محيط مجمع ناصر الطبي بخان يونس، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".

وتُظهراللقطات، الطفل المصاب يلوح بيديه مودعاً للجثامين، في حضور عدد من الأهالي والمُشيعين الذين امتلأت وجوههم بالحزن والأسى. لم تُكشف هوية الطفل أو هويات القتلى، ولم تُقدَّم تفاصيل إضافية عن ملابسات الحادث.

Related ترامب يريد إطعام غزة وقادة ديمقراطيون للرئيس: "هذه فرصتك للوفاء بوعدك لإنهاء الحرب"نجت بأعجوبة.. إصابة طفلة فلسطينية في غزة برصاصة في الرأس أطلقتها مسيّرة إسرائيليةفلسطينيون في غزة يخاطرون بحياتهم من أجل لقمة وحشد إسرائيلي على الحدود يدعو لاستيطان القطاع

تأتي الجنازة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية في جنوب قطاع غزة، حيث أفادت قناة "الجزيرة" في تقرير منفصل أن سبعة فلسطينيين قُتلوا أثناء انتظارهم توزيع مساعدات غذائية قرب ممر موراج، جنوب خان يونس.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الجمعة، تسجيل 3 وفيات جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية؛ نتيجة المجاعة وسوء التغذية، بينهم طفلان، ليرتفع بذلك إجمالي عدد ضحايا المجاعة في القطاع إلى 162 شخصاً، من بينهم 92 طفلًا.

وأكدت الوزارة في بيان، أن الأزمة الإنسانية في غزة مستمرة بالتفاقم في ظل الحصار المستمر، ونقص الإمدادات الغذائية والطبية.

ووفق آخر الأرقام المتوفرة، فقد أسفرت الاستهدافات الإسرائيلية منذ بداية الحرب على قطاع غزة عن مقتل 60,332 شخصًا على الأقل، وإصابة 147,643 آخرين، في واحدة من أطول وأشد الحروب تدميرًا في تاريخ القطاع.

وتزامن نشر اللقطات في اليوم نفسه الذي زار فيه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي مواقع توزيع المساعدات في غزة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • نكوسي سيكليل أفريكا.. الترنيمة التي حررت جنوب أفريقيا
  • (خطاب العدوان والتكامل الوظيفي للنفي والإثبات)!
  • الفاشر .. أيقونة الصمود في مواجهة جريمة تجويع المدنيين
  • الوداع الأخير.. طفل يلوح لجثامين في جنازة بخان يونس وسط مأساة إنسانية متصاعدة
  • عقاد بن كوني: نحيي قوات درع السودان التي واصلت التقدم بثبات حتى وصلت إلى إقليم كردفان
  • 4 أسئلة تشرح سبب الأزمة الحدودية بين أوغندا وجنوب السودان
  • هكذا تجنبت كمبوديا وتايلاند الحرب
  • إزالة “741” مقذوفا من مخلفات الحرب بولاية في وسط السودان
  • مرتزقة أجانب يغادرون محاور القتال في كردفان ويتجهون إلى دولة مجاورة
  • تحالف “صمود” ينزع الشرعية عن الجميع