أخبر الممثل ميل غيبسون مقدم البودكاست جو روغان أن 3 من أصدقائه شفوا من سرطان في المرحلة الرابعة بعد تناول عقارين، فما هما؟ وما مدى مصداقية زعم غيبسون؟

والعقاران اللذان تحدث عنهما غيسبون هما "إيفرمكتين" (Ivermectin) و"فينبيندازول" (Fenbendazole)، وفقا لتقرير في نيوزويك. كما ذكر روغان عقار "الأزرق الميثيليني" (Methylene Blue).

والإيفرمكتين هو عقار معتمد من منظمة الصحة العالمية، وعادة ما يتم تناوله لعلاج "عمى النهر والعدوى المعوية من الديدان الخيطية وأنواع أخرى من عدوى الديدان"، وفقا لمايو كلينك.

أما الفينبيندازول هو مضاد للديدان، والذي تقول مايو كلينك إنه "يستخدم أيضا لعلاج الالتهابات التي تسببها الديدان".

وفي حلقة من البودكاست الشهير "جو روغان إكسبيرينس" (The Joe Rogan Experience)، قال غيبسون إن أصدقاءه المصابين بالسرطان في مرحلة متأخرة تناولوا هذه الأدوية مع علاجات أخرى والآن لا تظهر عليهم أي علامات للمرض "على الإطلاق".

وعندما اتصلت به مجلة نيوزويك عبر البريد الإلكتروني، رفض غيبسون التعليق.

وبينما كانا يناقشان عدم ثقتهما المشتركة في النصائح الطبية الرسمية، قال غيبسون لروغان "لا أعتقد أن هناك أي شيء يمكن أن يصيب البشرية ولا يوجد له علاج طبيعي له. أعتقد أنه يجب أن يكون هناك، إنه أمر منطقي بالنسبة لي. الآن، لا يمكنني إثبات ذلك، لكنني أعتقد فقط أنه يجب أن يكون هناك شيء يعالج الأشياء".

إعلان

وقال غيبسون وهو يعرض على روغان "قصة جيدة": "لدي 3 أصدقاء. كان الثلاثة منهم مصابين بالسرطان في مرحلته الرابعة. والآن، لا يعاني الثلاثة منهم من السرطان على الإطلاق، وكانوا يعانون من بعض الأشياء الخطيرة".

وعندما سأل روغان "ماذا تناولوا؟" أجاب غيبسون بالقول إنهم "تناولوا بعضا.. مما سمعت أنهم تناولوه".

وسأل روغان "إيفرمكتين؟ فينبيندازول؟"، بينما أومأ غيبسون برأسه.

وقال روغان "هناك دراسات حول هذا الأمر الآن حيث أثبت الناس ذلك"، قبل أن يقاطعه غيبسون ليذكر "الأزرق الميثيليني".

فأجاب روغان "نعم، الأزرق الميثيليني، وهو صبغة نسيج. كانت صبغة نسيج. والآن وجدوا أن لها تأثيرات عميقة على الميتوكوندريا"، وقال غيبسون "هذا الشيء يعمل، يا رجل".

وفقا لمايو كلينيك، يتم حقن الميثيلين الأزرق في المرضى لعلاج الميتهيموغلوبينية، وهي حالة "تحدث عندما لا يتمكن الدم من توصيل الأكسجين إلى المكان المطلوب في الجسم".

هناك تجارب سريرية جارية لاستخدامه كغسول للفم "لتسكين الألم لدى المرضى الذين يعانون من التهاب الغشاء المخاطي الفموي المرتبط بالسرطان و/أو علاجات السرطان".

هل إيفرمكتين وفينبيندازول يعالجان السرطان؟

انتشرت مقتطفات من مقابلة غيبسون على وسائل التواصل الاجتماعي، وحصدت ملايين المشاهدات على فيسبوك، وإنستغرام، وتيك توك، وإكس.

لقد انتشر الادعاء بأن الفينبيندازول يعالج السرطان أو يشفيه على الإنترنت منذ عام 2019 على الأقل. ومن جانبه، اكتسب الإيفرمكتين شهرة عامة كبيرة خلال جائحة (كوفيد-19) بعد أن روجت بعض المجموعات له زورا باعتباره علاجا لكوفيد-19.، وهذا وفقا لتقرير نشره موقع ساينس فيد باك.

وقد دفع انتشار مقابلة غيبسون جمعية السرطان الكندية إلى التعليق على منصة إكس، قائلة: "روج ميل غيبسون لأدوية لم تثبت علميا أنها علاجات للسرطان. والمعلومات المضللة حول علاج السرطان خطيرة وقاسية وغير مسؤولة، وتمنح أملا كاذبا للأشخاص المصابين بالسرطان وأحبائهم.. إن اختيار استخدام علاج بديل يمكن أن يكون له آثار صحية خطيرة، مثل انتشار السرطان أو تفاقمه".

During Joe Rogan’s podcast on January 9, Mel Gibson promoted drugs that are not scientifically proven cancer treatments. Misinformation on cancer treatment is dangerous, cruel, irresponsible and gives false hope to people with cancer and their loved ones.

Researchers around the…

— Canadian Cancer Society (@cancersociety) January 10, 2025

إعلان

في الواقع، لا يوجد دليل علمي يدعم استخدام الإيفرمكتين أو الفينبيندازول لعلاج السرطان. على الرغم من أن كلا العقارين أظهرا تأثيرات واعدة في الخلايا والحيوانات المعملية، إلا أن هذه النتائج لا تثبت أنهما آمنان وفعالان لعلاج السرطان لدى البشر.

وأظهر عقار إيفرمكتين وفينبيندازول تأثيرات مضادة للسرطان في التجارب المعملية، ولكن الأدلة على البشر غير متوفرة. ويعتبر عقار إيفرمكتين وفينبيندازول عقارين مضادين للطفيليات تم تطويرهما في البداية للطب البيطري. وقد أظهر كلاهما تأثيرات مضادة للسرطان في الخلايا والحيوانات المعملية، لذا فإن البحث حول استخدامهما المحتمل كعلاجات للسرطان مستمر.

وتم تضمين عقار إيفرمكتين في قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الأساسية لفعاليته ضد العديد من الأمراض الطفيلية لدى البشر، بما في ذلك عمى النهر (داء كلابية الذنب)، وداء الديدان الخيطية، والديدان الخطافية، والأمراض الأخرى التي تسببها الديدان الطفيلية المنقولة بالتربة. كما يستخدم لعلاج الجرب.

ويعطل عقار إيفرمكتين الأداء الطبيعي للجهازين العضلي والعصبي للطفيليات، مما يتسبب في شللها ووفاتها. وقد وجد الباحثون أن الإيفرمكتين يمكنه أيضا تعطيل مسارات الإشارة التي تشارك في تكاثر العديد من أنواع الخلايا السرطانية المزروعة في المختبر. ففي الفئران، عزز الإيفرمكتين فعالية أدوية العلاج الكيميائي والعلاج المناعي ضد سرطان المبيض والثدي.

وبناء على هذه النتائج، بدأت التجارب السريرية على البشر لتقييم ما إذا كانت تأثيرات الإيفرمكتين المضادة للسرطان صحيحة لدى البشر. وفي عام 2023، بدأ الباحثون في مركز السرطان "سيتي أوف هوب" (City of Hope) تجربة سريرية لاختبار سلامة وفعالية الإيفرمكتين جنبا إلى جنب مع عقار العلاج المناعي Balstilimab في تقليل نمو الورم وانتشاره لدى الأشخاص المصابين بسرطان الثدي العدواني. وفي وقت كتابة هذا التقرير، كانت التجربة في مرحلة توفير متطوعين.

إعلان

فينبيندازول هو مبيد ديدان واسع الطيف يستخدم في الحيوانات، بما في ذلك الكلاب والقطط والخيول والماشية. على عكس الإيفرمكتين، لم تتم الموافقة على فينبيندازول للاستخدام البشري من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية "إف دي إيه" (FDA) أو من قبل وكالة الأدوية الأوروبية "إي إم إيه" (EMA).

وتختلف آلية عمل فينبيندازول عن آلية عمل الإيفرمكتين. حيث يتداخل فينبيندازول مع تكوين الأنابيب الدقيقة، وهو أحد مكونات الهيكل الخلوي الذي يوفر الدعم الهيكلي للخلايا وهو ضروري لنشاطها ونموها. من خلال تعطيل الأنابيب الدقيقة، يعيق فينبيندازول انقسام خلايا الطفيليات واستقلاب الطاقة، مما يتسبب في وفاتها.

تنقسم الخلايا السرطانية بسرعة أكبر بكثير من الخلايا السليمة. لذلك، فهي أيضا تعتمد بشكل أكبر على تكوين أنابيب دقيقة جديدة، مما يجعلها عرضة بشكل خاص لتأثيرات فينبيندازول.

ولاحظت دراسة أجريت عام 2018، ونشرت في مجلة تقارير علمية (Scientific Reports)، أن فينبيندازول يعزز موت الخلايا السرطانية، مما يقلل من نمو الورم في الخلايا المزروعة في المختبر، وفي الفئران أظهر فينبيندازول أيضا، عند تناوله مع مكملات فيتامين أ، د، هـ، ك، وفيتامين ب، تأثيرات مضادة للسرطان في الفئران المصابة بالورم الليمفاوي، وهو نوع من سرطان الدم.

ويمكن للأدوية المضادة للطفيليات الأخرى -التي تنتمي إلى نفس عائلة فينبيندازول أيضا- أن تمنع نمو الورم في خلايا سرطان الثدي المزروعة في المختبر، وفي الفئران المصابة بسرطان البنكرياس. ومع ذلك، فإن فينبيندازول والأدوية الأخرى من العائلة نفسها ضعيفة الذوبان في الماء، وهذا يحد من استخدامها لعلاج السرطان، والذي غالبا ما ينطوي على توصيل الدواء عن طريق الوريد داخل محلول ملحي.

ففي حين أن النتائج التي تم الحصول عليها في الدراسات الخلوية والحيوانية تستحق المزيد من البحث، فإنها لا تثبت أن الإيفرمكتين والفينبندازول علاجان آمنان وفعالان للسرطان للبشر.

إعلان

وتعد التجارب المعملية (على الحيوانات) خطوة أولى أساسية في البحث عن علاجات جديدة. ومع ذلك، فإن البشر أكثر تعقيدا بكثير من الخلايا التي تنمو في أطباق اختبار. أيضا، تختلف طريقة عمل أجسامنا عن الحيوانات المعملية الشائعة مثل القوارض.

ونتيجة لهذه الاختلافات، غالبا ما لا تعمل الأدوية الواعدة في الخلايا والنماذج الحيوانية في البشر. ووجدت دراسة أجريت عام 2024، ونشرت في مجلة "بلوس بيولوجي" (PLoS Biology) أن 5% فقط من العلاجات الجديدة التي تم اختبارها على الحيوانات تحصل على موافقة تنظيمية للاستخدام البشري.

ولهذا السبب، فإن التجارب السريرية (على البشر) مطلوبة قبل التوصية بأي علاج للناس. وفي حالة السرطان، قدر تحليل أجري عام 2019 أن 3.4% فقط من الأدوية المرشحة التي تم اختبارها تنجح في التجارب السريرية. ولم يتم اختبار إيفرمكتين ولا فينبيندازول كأدوية للسرطان، وبالتالي فإن فوائدهما المحتملة وآثارهما الجانبية لدى الأشخاص المصابين بالسرطان غير معروفة.

الأزرق الميثيليني

بالنسبة للأزرق الميثيليني هو صبغة تم تطويرها لأول مرة لصبغ بعض الميكروبات وتعطيلها. كما كان أيضا أحد أول الأدوية الكيميائية العلاجية التي تم اختبارها على البشر، حيث تم استخدامه لعلاج الملاريا، في عام 1891. وتم استبداله بأساليب بديلة، ولكنه لا يزال يستخدم في مستحضرات التلوين في علم الأمراض النسيجي اليوم.

وأحد الاستخدامات الراسخة للأزرق الميثيلين هو كصبغة لعينات الدم، يستهدف خلايا الدم غير الناضجة بشكل مختلف، وبالتالي يمكن استخدامه لإظهار تكوين خلايا الدم الحمراء والتحلل المرتبط بالعمر.

ومع أنه حاليا توجد عليه دراسات، فلا يوجد دليل علمي على أنه يمكن استعمال الأزرق الميثيليني لعلاج السرطان لدى البشر.

في الخلاصة، فإن الادعاء بأن الأدوية المضادة للطفيليات مثل الإيفرمكتين والفينبيندازول تعالج السرطان لدى البشر غير مدعوم. وحاليا، تمت الموافقة على الإيفرمكتين فقط للاستخدام لدى البشر لعلاج الالتهابات الطفيلية، وتمت الموافقة على الفينبيندازول للاستخدام البيطري فقط.

إعلان "علاجات" السرطان المعجزة خادعة وخطيرة محتملة

علينا أن نشير إلى انتشار العديد من المنتجات التي تدعي منع أو علاج السرطان على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. يلجأ بعض المرضى إلى مثل هذه المنتجات على أمل أن تكون أكثر فعالية أو لها آثار جانبية أقل من العلاجات التقليدية مثل العلاج الكيميائي والإشعاعي.

ويجب أن يخضع أي علاج طبي، بما في ذلك علاجات السرطان، لتجارب سريرية صارمة لإثبات السلامة والفعالية. وتفتقر العلاجات عبر الإنترنت عموما إلى مثل هذا الإثبات العلمي ولا تقدم سوى القليل من الأدلة أو لا تقدم أي دليل على ما إذا كانت آمنة ومفيدة للأشخاص المصابين بالسرطان. ويمكن لهذه العلاجات غير المثبتة أن تضر الناس بعدة طرق.

كما يمكن أن يكون العلاج الذاتي بالأدوية خطيرا، لأن جميع الأدوية تأتي بآثار جانبية. إن حقيقة أن دواء ما تمت الموافقة عليه لعلاج مرض ما تعني فقط أن فوائده في علاج هذا المرض المعين تفوق مخاطر الآثار الجانبية. وهذا لا يعني أن الدواء سيكون فعالا تلقائيا في علاج حالات طبية أخرى. علاوة على ذلك، يمكن لبعض الأدوية أن تسبب ضررا عندما لا يتم استخدامها على النحو المقصود.

على سبيل المثال، يمكن أن يسبب الإيفرمكتين تفاعلات خطيرة مع أدوية أخرى، مثل أدوية تسييل الدم. ففي فترة جائحة كوفيد-19، شهدت مراكز مكافحة السموم في الولايات المتحدة زيادة في المكالمات بسبب جرعة زائدة من الإيفرمكتين، والتي تحدث أحيانا بسبب تركيبات بيطرية مركزة مخصصة للحيوانات الكبيرة. وتتراوح الأعراض من طفح جلدي خفيف وصداع وغثيان وقيء إلى سمية شديدة تنطوي على نوبات وغيبوبة وفشل تنفسي.

وفي حالة الأدوية التي لم تتم الموافقة عليها للاستخدام لدى البشر، مثل فينبيندازول، غالبا ما لا توجد دراسات حول آثارها على الناس. لذلك، فإن قدرتها على التسبب في آثار جانبية وسمية وتفاعلات مع أدوية أخرى لدى البشر غير معروفة.

إعلان

وحتى المنتجات التي لا تشكل ضررا في حد ذاتها قد تسبب ضررا غير مباشر، حيث قد يؤخر بعض المرضى العلاج الطبي الفعال أو يستبدله بعلاجات غير مثبتة. ويمكن أن يتسبب العلاج المتأخر في انتشار السرطان أو تفاقمه، مما يقلل من فرص الشخص في البقاء على قيد الحياة.

ووجد الباحثون في كلية الطب بجامعة ييل في الولايات المتحدة أن الأشخاص الذين يستخدمون علاجات السرطان التكميلية والبديلة تلك المستخدمة، بالإضافة إلى العلاج التقليدي أو بدلا منه على التوالي، هم أكثر عرضة لرفض العلاجات الطبية التي أوصى بها أطباء الأورام. ويرتبط هذا بارتفاع خطر الوفاة مقارنة بالأشخاص الذين يتلقون فقط علاجات مثبتة سريريا.

من المهم أيضا أن نتذكر أنه "لا يوجد علاج واحد للسرطان"، كما توضح جمعية السرطان الأميركية. بدلا من ذلك، يجمع الأطباء عادة بين إستراتيجيات مختلفة لتخصيص العلاج لكل مريض.

وتتناقض الأسطورة المستمرة القائلة إن شركات الأدوية تخفي "علاج السرطان" لأنه ليس مربحا مع التطوير المستمر للعلاجات الجديدة. وتعد خيارات العلاج الحالية -بما في ذلك الجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي والعلاج المناعي والعلاج الهرموني- آمنة وفعالة في منع السرطان من النمو والانتشار.

ولكن حتى عندما ينجح العلاج، لا يوجد ما يضمن أن السرطان لن يعود أبدا. ولهذا السبب يستخدم أطباء الأورام عموما مفهوم الهدأة، وهو ما يعني أن السرطان تحت السيطرة ولا يسبب أي أعراض، بدلا من "الشفاء".

لذلك، فإن المنتجات التي تدعي "شفاء" السرطان، في أفضل السيناريوهات، خادعة. ونحن ندعو الناس إلى الابتعاد عن هذه المنتجات غير الآمنة وغير المثبتة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المصابین بالسرطان لعلاج السرطان علاج السرطان فی الخلایا فی الفئران بما فی ذلک لدى البشر على البشر سرطان فی لا یوجد التی تم أن یکون یمکن أن

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف: أسلاف البشر يصنعون أدوات عظمية قبل مليون ونصف!

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / متابعات:

توصلت دراسة نُشرت الأربعاء في مجلة «نيتشر» إلى أنّ أشباه البشر، وهم الممثلون الأوائل للسلالة البشرية، كانوا يصنّعون أدوات عظمية قبل 1.5 مليون سنة؛ أي في مرحلة أبكر بكثير مما كان يُعتقد.

ومن المعلوم أنّ بعض هؤلاء الأسلاف البعيدين، على سبيل المثال شبيه الإنسان الأسترالي (القرد الجنوبي)، استخدموا بقايا العظام لحفر تلال النمل الأبيض أو حفر الدرنات. واليوم مثلاً، لا تزال قردة الشمبانزي، وهي من سلالة قريبة من البشر، تستخدم عيدان تناول الطعام للوصول إلى النمل الأبيض في موائلها.

قبل أكثر من مليونَي سنة، أنتج أشباه البشر من شرق أفريقيا في مضيق أولدوفاي في تنزانيا، وهو أحد أهم مواقع ما قبل التاريخ في العالم، أدوات حجرية. لكن حتى اليوم، ما كان يُعرَف أي مثال على الإنتاج المنهجي لأدوات عظمية يعود تاريخها إلى ما قبل 500 ألف سنة قبل الميلاد، باستثناء بضعة أمثلة متفرقة في أفريقيا.

وكان لاكتشاف أجرته مجموعة تضم علماء من مختلف أنحاء العالم، دور في تغيير هذا السيناريو من خلال إعادة عقارب الساعة مليون سنة إلى الوراء.

وحددت الدراسة التي وقعها إغناسيو دي لا توري من المعهد الإسباني للتاريخ في مدريد، 27 أداة مصنوعة من عظام الفخذ والساق وعظم العضد لحيوانات كبيرة، خصوصاً لفيلة وأفراس نهر.

وفي حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول عالم الآثار فرنشيسكو ديريكو من جامعة بوردو، والذي أشرف على الدراسة مع أنجيليكي تيودوروبولو من المعهد الإسباني للتاريخ: «هذه المرة الأولى التي نكتشف فيها مجموعة من هذه الأدوات تعود إلى الأرض نفسها في أولدوفاي».

ولن ترى عيون غير الخبراء سوى قطع كبيرة من العظام. لكن بالنسبة إلى عالم الأنثروبولوجيا، تشكل هذه العظام شاهداً على قدرات معرفية مميزة، وتؤشر إلى إتقان «أنماط ذهنية» للغرض الذي رغبوا في الحصول عليه، واختيار المادة المناسبة، والاستراتيجية المستخدمة لإنجازه.

ويُظهر تحليل الأدوات أن مبتكريها فضّلوا استخدام عظام الفخذ المأخوذة مباشرة من الجيفة في حالة فرس النهر مثلاً، ولكن أيضاً من الأفيال، رغم ندرتها في هذا المكان، مما يؤشر إلى أنه تم الحصول عليها في مكان آخر.

وكانت هذه العظام تُشذّب بالحجارة التي كانت تُستَخدم كمطارق، للحصول على أداة يتراوح طولها بين 20 و40 سنتيمتراً، ويصل وزنها إلى أكثر من كيلوغرام.

يقول ديريكو: «لاحظنا وجود رغبة في تغيير شكل العظم، وإنتاج أدوات ثقيلة جداً وطويلة. وحتى في بعض الحالات، إنشاء نوع من الشق في وسط العظم، ربما للتمكّن من حمله بشكل أفضل في اليد».

ويُفترض أن هذه العظام الضخمة وذات الرؤوس المدببة قد استُخدمت لذبح ثدييات كبيرة، في وقت كانت لا تزال فيه الأدوات الحجرية، في الثقافة المسماة أولدوفاية تيمّناً بموقع أولدوفاي، مشذبة بطريقة بدائية.

وبحسب عالم الآثار، فإنه «ثمة عدد قليل جداً من الأدوات الكبيرة» المصنوعة من الحجر في موقع أولدوفاي، وهو نوع من الكوارتز لا يناسب العمليات الوحشية لذبح الفرائس الكبيرة.

وكانت الثقافة الأشولية التي ظهرت في المرحلة نفسها هي التي اخترعت قطع الحجارة ثنائية السطح التي أتاحت قطع لحم الطرائد وكشط جلودها.

ويقول فرنشيسكو ديريكو إن «فرضية الدراسة هي أن هذا الحجم من العظام في أولدوفاي هو اختراع أصلي، في لحظة تحوّل نحو السطوح الثنائية».

ويتابع أنّ «الاحتمال الآخر هو أنّ هذا التقليد استمر، لكن لم يتم تحديد هذه العظام فعلياً في مواقع أثرية أخرى».

وبالتالي، فإن التقنية التي بدأ اعتمادها في أولدوفاي «اختفت» لمليون عام، قبل أن تعاود الظهور لاحقاً، كما الحال في منطقة روما الحالية التي كانت تفتقر إلى الصوان ذي الحجم المناسب، فقام السكان بقطع عظام الفيل على شكل قطع ثنائية.

ويتبع استخدام العظام تطوّر السلالة البشرية؛ إذ انتقل ممثلوها من نحت عظام الفخذ قبل 1.5 مليون سنة إلى نحت قطع أكثر تعقيداً، مثل إبر الخياطة التي «تم اختراعها في الصين وسيبيريا ولم تصل إلى أوروبا إلا اعتباراً من 26 ألف سنة قبل الميلاد»، بحسب عالم الآثار.

مقالات مشابهة

  • واشنطن بوست تنتج برامج بودكاست بالذكاء الاصطناعي مليئة بالأخطاء
  • أفضل العلاجات الطبيعية لتخفيف الكحة في الشتاء.. تعرّف عليها
  • مؤتمر عُمان الدولي للأمراض الجلدية يوصي بالتوسع المنهجي في استخدام العلاجات البيولوجية
  • الملك تشارلز يزف أخبارا سارة بشأن صحته
  • مؤتمر الأمراض الجلدية يؤكد أهمية التوسع في استخدام العلاجات البيولوجية واعتماد بروتوكولات علاجية محدثة
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • دراسة تكشف: أسلاف البشر يصنعون أدوات عظمية قبل مليون ونصف!
  • أحمديات: مملكة النمل تتحدث عن البشر
  • آيات أباظة تتصدر تريند جوجل: رحلة شجاعة نحو التعافي من السرطان تتفاعل معها الجماهير
  • تعاون مصري سويدي لتوفير أحدث علاجات الأمراض النادرة في مصر