استقلالية القضاء أولوية في مسيرة الاصلاح
تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT
توافق كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والرئيس المكّلف تشكيل الحكومة العتيدة القاضي نواف سلام، من دون سابق تنسيق، على أن "العدل هو أساس الملك". وهذه الحكمة لم تطبّق خلال العهود الماضية، وبالأخصّ في عهد الرئيس ميشال عون، إذ بقيت التشكيلات القضائية "نائمة" في أدراج القصر الجمهوري نوم أهل الكهوف، وكذلك لم يتمّ الافراج عن قانون استقلالية القضاء.
فلو أراد هؤلاء حقيقة أن يكون القضاء في منأى عن تدخلاتهم السياسية لكانت هذه التشكيلات قد أبصرت النور، ولكان العمل القضائي قد استقام بنسبة عالية، لأن مجلس القضاء الأعلى، وقبل تفريغه، كان مقتنعًا وبإجماع أعضائه، بأنه وضع في هذه التشكيلات الرجل المناسب في المكان المناسب، وهو لم يعتمد فيها أي مصلحة أخرى سوى مصلحة القضاء، المطلوب منه في المرحلة الآتية الكثير من العمل على ملفات عالقة، ومطلوب منه أيضًا أن يقوم بإنجازات لم يستطع القيام بها في الماضي لأسباب بعضها معروف وبعضها الآخر لا يزال غامضًا.
كثيرون هم هؤلاء الذين لم يكونوا يريدون أن يأخذ القضاء دوره كاملًا، لأنهم وبكل صراحة وبساطة كانوا يريدون أن يبقوه طيّعًا ومطياعًا، وهذا ما يتناقض مع مبدأ فصل السلطات، ويخالف ابسط قواعد العدالة، التي يُفترض أن تكون شفافة ونزيهة وغير منحازة لفريق ضد فريق آخر، وألاّ تكون استنسابية غير مستندة إلى القوانين والضمير.
ويتساءل المتسائلون: كيف يمكن مكافحة الفساد إذا كان القضاء فاسدًا. ولكي لا يكون القضاء فاسدًا يجب إبعاده عن السياسة وأهلها، ولكي يستطيع هذا القضاء غير الفاسد محاربة الفساد أينما وجد يجب رفع يد السياسيين عنه، وهذا لا يتمّ إلاّ إذا كان القضاء مستقلًا وحرًّا، ولكي يكون هذا القضاء حرّا ومستقلًا يجب تحريره من يد السياسيين، وهذا لا يكون إلاّ إذا تحررّت التشكيلات القضائية من القابضين عليها.
لا شك في أن اول ما يحتاج اليه لبنان اليوم هو التصدي الجاد للأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها. وهذا يتطلب إصلاحات جذرية ورؤية واضحة لبناء اقتصاد حديث ومنتج يؤمن فرص عمل جديدة ونموٍّ مستدام. غير أن الشرط الأساسي لتحقيق ذلك هو قيام دولة قادرة، دولة قانون ومؤسسات، ترتكز على قيم المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية وتوفر شروط المساءلة والمحاسبة الديمقراطية. وهذا ما يقود تلقائيًا وطبيعيًا الى ضرورة وضع الحصان أمام العربة وليس العكس، كخطوة أولى في مسيرة الإصلاح السياسي. ولعلّ حجر الزاوية في ذلك هو إقامة سلطة قضائية مستقلة، لان من دون تحقيق هذا الإصلاح البنيوي لا سيادة حقيقية للقانون، ولا انتظام لعمل المؤسسات، ولا ضمان للحقوق او الحريات العامة والخاصة. وهذا شرط اساسي لاستعادة الثقة بالدولة والنهوض باقتصاد البلاد.
ومن دون الوصول إلى نهايات طال انتظارها في جريمة تفجير مرفأ بيروت لا يمكن الحديث عن سلطة قضائية مستقلة. إلاّ أن عودة القاضي طارق البيطار إلى استئناف تحقيقاته توحي بأن الأمور متجهة إلى خواتيمها المرجوة، خصوصًا أن من هدده بـ "القبع" لم تعد له تلك "السطوة" التي كان يتمتع بها في السابق.
وما يبشرّ بأن هناك جدّية في انتظام عمل القضاء ما صدر من تشكيلات جديدة في المحكمة العسكرية، التي لم تعد خاضعة لسلطة أكبر من سلطتها. ومن بين الأسئلة المشروعة سؤال سيبقى من دون جواب إلى أن تدرج الأمور في نصابها الصحيح، يتعلق بدور القضاء في كل ما تم تداوله في السنوات الماضية من أمور خطيرة تلفّها شبهات فساد، وهدر، وصفقات، وفضائح.
فالرئيس عون وكذلك الرئيس المكّلف مقتنعان بأن مبدأ استقلالية القضاء هو في أساس مفهوم دولة القانون، وهو حجر الزاوية لقيامها، كما انه ملازم لفكرة فصل السلطات، مع تحصين القضاء ضد أي عوامل أو تدخلات خارجية. من هنا يمكن فهم لماذا يصرّ رئيس الجمهورية على أن تكون له الكلمة الفصل في تسمية الوزير الذي سيتولى حقيبة وزارة العدل، إضافة إلى وزارتي الدفاع والداخلية، من دون أن يعني ذلك بالطبع أنه يطالب بحصة وزارية في الحكومة الجديدة، التي قد تبصر النور قبل 27 الشهر الجاري. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: یکون القضاء من دون
إقرأ أيضاً:
مدبولي: إحياء الحرف التراثية واليدوية أحد الملفات المهمة التي توليها الحكومة أولوية
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماعًا بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، لاستعراض الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية (2025 – 2030)، بحضور الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، و/ باسل رحمي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، والدكتور رأفت عباس، نائب الرئيس التنفيذي للجهاز، و/ محمد مدحت، نائب الرئيس التنفيذي للجهاز، و/ هشام عماد عبد العزيز، استشاري تنمية وتطوير سلاسل القيمة بالجهاز، و/ عقيلة محمد رفيق، استشاري التنمية والاستراتيجيات بالجهاز.
وأكد رئيس الوزراء في مُستهل الاجتماع أن إحياء الحرف التراثية واليدوية يُعد أحد الملفات المهمة التي توليها الحكومة أولوية خلال هذه المرحلة، بما يسهم في الحفاظ على هذه الحرف واستدامتها.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أنه نظرًا لعمل عدد من الجهات في هذا الملف، كان من المهم أن تكون هناك استراتيجية وطنية للحرف اليدوية، وقد تم تكليف وزارة التضامن الاجتماعي وجهاز تنمية المشروعات بتوحيد الرؤى والجهود للخروج بهذه الاستراتيجية، بالتنسيق والتعاون مع عدد من الجهات الأخرى التي تتماس مع هذا الملف.
وفي ضوء ذلك، صرّح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع شهد استعراض الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية "2025 – 2030"، من حيث منهجية وآليات إعداد الاستراتيجية، وشركاء التنمية في صياغة الاستراتيجية من الوزارات والجهات المعنية. فضلًا عن دوافع إعداد الاستراتيجية التي تتضمن: التغيرات في أسواق التجارة العالمية وسلاسل الإمداد والسوق المحلية، التغيرات في توجهات المشترين عالميًا، معايير ومتطلبات الاستدامة البيئية والاجتماعية، وضرورة إعداد خطط عمل فعالة تحدد الجهة المسئولة والجهات المنفذة والشريكة والميزانية ومصادر التمويل ومؤشرات الأداء وأطر المتابعة والتقييم.
وتناول الاجتماع أيضًا، محاور الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية، ومن ذلك رؤيتها المُتمثلة في أن تصبح مصر من أهم مراكز إنتاج وتصدير الصناعات اليدوية على مستوى العالم من خلال بناء سلاسل القيمة التي تتميز بالتنافسية والاستدامة والقدرات الإبداعية العالية المُستمدة من تعدُد الثقافات وعراقة التراث المصري. وتتحقق تلك الرؤية من خلال إرساء بيئة حاضنة قوية ومنظمة تكفل فرص عمل لائقة في سبيل مساهمة أكبر للقطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتواجد أقوى في الأسواق الخارجية، وإعداد سلاسل إمداد محلية متطورة ومستدامة.
وأضاف المستشار محمد الحمصاني أنه بالإضافة إلى ما سبق، تم استعراض أهم أهداف الاستراتيجية التي تنعكس في: زيادة الصادرات إلى 600 مليون دولار في عام 2030، استئثار المنتجات اليدوية بنسبة 70% من السوق المحلية، توفير 120 ألف فرصة عمل جديدة مع الحفاظ على استدامة فرص العمل القائمة، زيادة المشروعات الرسمية بالقطاع بنسبة 10% سنويا، وتطوير 15 تكتلًا حرفيًا طبيعيًا.
ولفت المتحدث الرسمي إلى أن الاستراتيجية تشمل 32 خطة عمل تستهدف اختراق الأسواق وتنمية التكتلات الطبيعية الحرفية وتطوير البيئة التمكينية لقطاع الحرف اليدوية بشتى جوانبها، منوهًا إلى أنه وفقًا لما تم تأكيده خلال الاجتماع، سوف تنعكس هذه الاستراتيجية على مستقبل الحرف اليدوية بدءًا من 2031 وحتى 2035 من حيث زيادة إجمالي الصادرات خلال السنوات الخمس وانخفاض التكاليف الإجمالية.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء أنه تم استعراض أهم متطلبات تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية "2025 – 2030"، والتي تشمل إنشاء "المجلس القومي للحرف اليدوية" لقيادة القطاع، و"مركز تصميم وتصدير الحرف" للدعم الفني واللوجستي، وبعض الإصلاحات القانونية، فضلا عن التنسيق مع الجهات المعنية.
هذا، وتناول الاجتماع كذلك وضع قطاع الحرف اليدوية في مصر، وتحديدًا سلسلة القيمة لقطاع الحرف اليدوية المصرية من حيث المدخلات والإنتاج والتصنيع وقنوات التسويق والبيع وكذا الأسواق، فضلًا عن النقل واللوجستيات، وتدفق الأموال والمعلومات، مع استعراض بعض التحديات في سلسلة القيمة والحلول الممكنة لمعالجتها.
كما تم استعراض أفضل الممارسات الدولية التي تستهدف تنمية قطاع الحرف اليدوية، وأهم عناصر نجاح تلك الممارسات؛ والتي من بينها وجود كيان مؤسسي قوي يقود القطاع، والالتزام بتنفيذ استراتيجيات تنمية متتابعة، ووجود كيانات تسويقية قوية، وتنمية التكتلات الطبيعية والحفاظ على هويتها.