أدوات «الذكاء الاصطناعي» لتحسين جودة الحياة تطغى على معرض لاس فيجاس للإلكترونيات
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
عمان و«وكالات»: عرضت كل جهة مُشارِكة في معرض لاس فيجاس للإلكترونيات -الذي عُقد منتصف الشهر الجاري- منتجًا على الأقل قائمًا على الذكاء الاصطناعي، وتزخر الأجنحة تاليًا بسيارات أو ثلاجات أو أجهزة تلفزيون ذكية أو روبوتات تؤدي دور الحيوانات الأليفة.
ومع أجهزة تلفزيون يُمكن طرح أسئلة عليها أو سيارات تقترح للسائقين طرقًا معينة من دون طلب ذلك منها، تسعى الجهات العارضة في لاس فيجاس هذا العام إلى جعل الذكاء الاصطناعي على اتصال بالمستهلك.
ويؤشر ظهور المساعدين الصوتيين كـ«جيميناي» من «جوجل»، الذي بات مُدمجًا في تلفزيون ذكي من إنتاج شركة «تي سي إل»، إلى الرغبة في إبراز الذكاء الاصطناعي لتسريع استخدامه.
ويشير رئيس مجموعة «سامسونج» جيه إتش هان إلى أنّ شركته تسعى إلى تمكين المستهلكين، بفضل الذكاء الاصطناعي، من «العيش بشكل أفضل وأسهل وأبسط عن طريق فهم مختلف احتياجاتهم الفردية».
أما شركة «إل جي» المنافسة لـ«سامسونج»، فتسعى بدورها إلى «دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف تفاصيل الحياة»، كما أكد مديرها العام وليام تشو.
السيارات والصحة
يؤدي الذكاء الاصطناعي والحوسبة بشكل عام دورًا متزايد الأهمية في عالم السيارات، وقد بات هذا القطاع لاعبًا رئيسيًا في معرض لاس فيجاس للإلكترونيات.
وقال المحلل في شركة «تيكسبوننشل» آفي جرينجارت: «إن معرض لاس فيجاس للإلكترونيات بات بمثابة معرض للسيارات منذ فترة، وسيصبح ذلك أكثر وضوحًا هذا العام».
وكانت شركات «تويوتا» و«بي إم دبليو» و«مرسيدس» و«هيونداي» و«بي واي دي» الصينية حاضرة في المعرض، وكذلك شركة «وايمو» التابعة لـ«جوجل» والمتخصصة بالمركبات ذاتية القيادة، فضلًا عن شركة «موبيلاي» المتخصصة في برامج المساعدة على القيادة.
وبحسب وسائل إعلام عدة، يفكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تولى منصبه رسميًا في 20 يناير الجاري، في تخفيف القواعد التنظيمية المتعلقة بالمركبات ذاتية القيادة بالكامل.
وفي قسم النقل أيضًا، توقع المحلل المستقل روب إندرله أن يرى زوّار المعرض مركبات طائرة متاحة للبيع.
وتخطط شركة «إكسبنج» الصينية لتقديم «لاند إيركرافت كاريير»، وهي مركبة كهربائية تنقل آلية طائرة أشبه بطائرة مسيرة عملاقة، يمكن استخدامها بشكل منفصل.
وتعتزم الشركة المصنعة بيعها اعتبارًا من عام 2026 بسعر يُقدّر بـ280 ألف دولار أمريكي للمركبة الواحدة.
لكنّ «الحصول على رخصة للطيران سيكون موضوعًا آخر»، بحسب إندرله.
ومن بين الموضوعات الرئيسية الأخرى في المعرض هذا العام «الصحة الرقمية التي ستكون حاضرة بقوة»، وفق المحلل الذي قال: «نشهد عددًا أكبر بكثير من الأشخاص يضعون أجهزة متصلة يمكنها قياس المؤشرات الصحية».
وستجد التكنولوجيا طريقها أيضًا إلى المنازل، من خلال ثلاجة من نوع «إل جي LG» قادرة على اقتراح وصفات بناءً على المواد الغذائية التي تحتويها، أو مرآة ذكية تكتشف حالة اللياقة البدنية للفرد الموجود أمامها.
أجهزة تلفاز مختلفة
ستصبح أجهزة التلفزيون أكثر من مجرد شاشات عالية التقنية، بحسب مصنّعيها الذين يسلطون الضوء على إمكاناتها في الحياة اليومية للمستخدمين، إذ ستؤدي البرامج المُساعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي دورًا متزايد الأهمية فيها.
وتظهر النماذج الجديدة، وهي من أبرز المعروضات في معرض لاس فيجاس للإلكترونيات، تطورًا في القدرات لناحية الذكاء الاصطناعي أحيانًا مع مساعد «جوجل» أو مساعد «مايكروسوفت».
ومن خلال دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في الشاشات، تأمل الشركات في تحويلها إلى أجهزة قادرة على التفاعل مع البشر وكذلك مع الأغراض الأخرى المتصلة في المنزل.
وروّجت شركة «إل جي» الكورية الجنوبية لـ«الذكاء العاطفي» الذي من شأنه جعل الأجهزة المنزلية حريصة على الأشخاص، عن طريق مراقبة نوعية نومهم أو التأكد من عدم نسيانهم مثلًا لمظلتهم عندما يكون الطقس ممطرًا.
وأعلنت شركة «تي سي إل» الصينية الكبرى المصنّعة لأجهزة التلفزيون عن مجموعة جديدة من أجهزة التلفزيون المتطورة بسعر يبدأ من 800 دولار، بالإضافة إلى شراكة مع «جوجل» لدمج المساعد القائم على الذكاء الاصطناعي «جيميناي» في نماذج معينة.
وقالت نائبة رئيس «جوجل» شاليني جوفيل باي، في مؤتمر صحفي لشركة «تي سي إل»: «مع جيميناي والمكونات الجديدة مثل جهاز الاستشعار عن قرب والميكروفونات طويلة المدى، سنكون قادرين على إضافة استخدامات جديدة، حتى يصبح جوجل تي في قادرًا على مساعدة مالكه عندما يحتاج إلى ذلك».
بدورها، ستدمج شركة «هايسنس» الصينية المتخصصة في الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، برنامج «هوم» من «جوجل» في مجموعة منتجاتها من أجل «تعميم التشغيل الآلي في المنزل».
وهذا الهدف مشابه للذي تسعى إليه «سامسونج إلكترونكس» ومشروعها الذي يحمل عنوان «الذكاء الاصطناعي للجميع» ويرمي إلى جعل الذكاء الاصطناعي حاضرًا في كل جانب من الحياة اليومية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل اقتربنا من سيناريوهات انفجار الذكاء الاصطناعي؟
انتقل الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تُستخدم في الترجمة وإعداد النصوص وتحليل البيانات إلى قوة صاعدة تفرض نفسها في برامج الهندسة والصناعة والطب وحتى الإعلام والسياسة والأمن.
ولم يعد النقاش الحالي يتناول قضايا الذكاء الاصطناعي وقدرته على أداء المهام التقليدية من ترجمة وتحليل للبيانات وتلخيص للنصوص، وإنما أصبح التركيز يدور حول الفرضيات التي تقول إن هذا المجال سيدخل في مرحلة "الانفجار الذاتي" أي إعادة برمجة ذاته عبر تطوير خوارزميات جديدة من دون الاعتماد على المبرمج البشري.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لماذا تدعم دول جزر المحيط الهادي إسرائيل؟list 2 of 2أبرز ما نشرته مراكز الدراسات والأبحاث في أسبوعend of listوبشأن الأبحاث والتقارير التي تناقش فرضية الذكاء الاصطناعي ودخوله قريبا في مرحلة جديدة تتيح له أن يصبح كيانا مستقلا قادرا على إعادة تصميم ذاته، نشر موقع مركز الجزيرة للدراسات ورقة بحثية تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي وإعادة البرمجة الذاتية: سيناريوهات الانفجار الذكي".
الورقة البحثية -التي أعدها الدكتور خالد وليد محمود رئيس قسم الإعلام والاتصال في معهد الدوحة للدراسات العليا- ناقشت جذور فرضية الانفجار الذكي للذكاء الاصطناعي، ومن يتحكم في هذه القوة، وإشكالية الاستقلال والاعتماد على الذات.
في أبريل/نيسان 2025، نشر مشروع "مستقبل الذكاء الاصطناعي" تقريرا رسم صورة مذهلة عن الذكاء الاصطناعي مفاده أنه خلال عامين سيكون قادرا على القيام بدور المهندس، إذ يمكن أن يعتمد على ذاته في إعادة تصميم بنيته الداخلية.
وتفاعلت وسائل الإعلام العالمية مع هذا التقرير، حيث أشارت مجلة " ذا نيويوركر" (the new Yorker) إلى مسارين متباينين حول مستقبل الذكاء الاصطناعي:
الأول: يرجح أن يكون له مستقبل يفوق الإنسان في جميع المجالات. أما الاحتمال الثاني: فيفترض أن التحول لن يكون سريعا، لاعتماده على محدودية الموارد وتأجيل الحوكمة. إعلانوفي الوقت الذي وصفت فيه بعض وسائل الإعلام العالمية هذه التقارير والأبحاث بأنها تبقى في سياق الفرضيات المحملة بالجدلية، فإنها دعت إلى صياغة سياسات استباقية للتعامل مع احتمالية التطور الذي يفوق التدخل البشري.
ويعود جذور مفهوم "الانفجار الذكي" إلى عام 1965، حين نشر عالم الرياضيات البريطاني آي. جي. غود (I.j. good) مقالا بعنوان: "تخمينات حول أول آلة فائقة الذكاء"، تنبّأ فيه بأن أول آلة فائقة الذكاء ستتمكن من تحسين تصميمها الذاتي باستمرار حتى تصل إلى مرحلة يصعب على البشر اللحاق بها.
وقد تبين أن هذه الرؤية التي بدت حينها أقرب إلى الخيال العلمي أو التأمل الفلسفي، تحولت لاحقا إلى فرضية مركزية في أدبيات الذكاء الاصطناعي والفلسفة العقلية، وخرجت من نطاق النقاشات الأكاديمية إلى مجالات التطبيق والممارسة الفعلية.
وبعد فكرة العالم البريطاني، جاء الفيلسوف السويدي، نيك بوستروم (Nick Bostrom)، ليُطوّرها بشكل منهجي في كتابه: "الذكاء الفائق: المسارات، المخاطر، الإستراتيجيات"، حيث وضع فيه سيناريوهات مفصلة للانفجار الذكي، محذرا من أن لحظة الوصول إلى ذكاء فائق قد تكون أسوأ ما تواجهه البشرية.
من جانب آخر، وجّه باحثون -مثل غاري ماركوس (Gary Marcus) وأرفيند نارايانان (Arvind Narayanan)- انتقادات حادة لفكرة الانفجار الذكي، معتبرين أن الحديث عن قفزة مفاجئة نحو ذكاء فائق، يتجاهل القيود التقنية والمادية الصارمة التي تحكم تطور الخوارزميات.
ويجادل هذا الفريق بأن الذكاء الاصطناعي، مهما بلغت قدراته، سيظل قائما على بيانات ومعالجات مادية، وأنه لا يمكن فصله عن القيود البشرية المتعلقة بالطاقة والموارد والتكلفة.
وعلى الصعيد العملي، أصبح "الذكاء الفائق" جزءا من إستراتيجيات الحكومات الكبرى، فالولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي يتعاملون مع هذه الأفكار بوصفها سيناريو واقعيا لا محالة ينبغي الاستعداد له، وليس قصة من الخيال العلمي أو الأفكار الفلسفية.
مشكلة القدرة على الاستقلاليةورغم الإشارات القوية التي تصب في اتجاه فرضية الانفجار الذاتي للذكاء الاصطناعي، فإن الوقت الراهن يكشف أن الحاجة ما زالت قائمة للاعتماد على البشر، وأن الأنظمة الذكية لا تزال غير قادرة على الاعتماد على ذاتها.
فالنماذج الأكثر تقدما في الذكاء الاصطناعي اليوم مثل "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، و"جيميني" (Gemini)، و"كلود" (Claude) كلها تعمل ضمن إطار بنية تحتية بشرية معقدة وضخمة إلى حدّ مذهل، إذ تحتاج إلى ملايين من المعالجات الفائقة موزعة على مراكز بيانات عالمية، تستهلك وحدها طاقة كهربائية تعادل استهلاك مدن صغيرة أو حتى متوسطة الحجم.
وبالإضافة إلى ذلك تعتمد هذه الأنظمة على شبكات إنترنت عالية الكفاءة، وأنظمة تبريد هائلة للحفاظ على استقرار الأجهزة والوسائل اللوجيستية، وسلسلة طويلة من الخبراء والمهندسين الذين يشرفون على كل تفصيل، ويقومون بالمراقبة والتنظيم والتدخل.
ورغم كل ذلك فإن الباحثين يقولون إن المؤشرات تثبت وجود ملامح قدرات على إعادة البرمجة الذاتية، حيث ظهرت برامج تستطيع تعديل بنيتها الداخلية وتوليد خوارزميات وأكواد جديدة لتحسين الأداء.
إعلانوبناء على ذلك يمكن القول إن العالم يقف عند مفارقة لافتة للانتباه، وهي الأنظمة الحالية قوية وأصبحت تفوق توقعات العقد الماضي، بيد أنها في الوقت ذاته لا تزال هشة وتعتمد كليا على البشر.
من يمتلك الذكاء الفائق؟وانطلاقا من فرضية أن نظاما قادرا على تطوير نفسه قد ظهر بالفعل، فإن الإشكال الجيوسياسي سيزيد من التعقيد المتعلق بالذكاء الاصطناعي الخارق.
فمن سيملك التحكم في هذا النظام؟ هل تكون الولايات المتحدة عبر شبكات وادي السيليكون التي تسيطر على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتملك رأس المال الثقافي والتمويلي؟ أم ستكون الصين التي تراهن على الدمج العميق بين الدولة والجيش والشركات، وتستثمر مواردها الهائلة لتصبح صاحبة الريادة؟
أوروبا بدورها اتخذت مسارا تشريعيا عام 2014، عبر قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي، الذي وضع قواعد صارمة للشفافية والأمان والنزاهة.
وعلى مستوى الشرق الأوسط، فقد ظهرت إستراتيجيات السيادة الرقمية التي تبنتها دولتا قطر والإمارات إدراكا بأن من يمتلك البيات يكون له حضور في المشهد السياسي والعسكري في المستقبل.
الأبعاد الأخلاقية وسيناريوهات المستقبلوفي سياق المخاوف، تطرح الأبعاد الأخلاقية لمسألة الذكاء الخارق، لأنه قد يتحول إلى صناديق سوداء يجهل البشر ما يجري بداخلها، فثورة الإنترنت التي غيرت مفهوم الزمان والمكان، لم تسلب الإنسان عقله ولم تغير دوره كفاعل معرفي، أما الذكاء الاصطناعي فإنه بهذه الفرضيات والتنبؤات يتجه إلى أن يحل محل العقل.
وفي هذا السياق الذي يشكل مخاطر وقيودا على عقل الإنسان، بدأت الأمم المتحدة في مناقشة إمكانية صياغة "معاهدة للذكاء الاصطناعي" شبيهة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية على أساس أن المخاطر لا تقتصر على دولة أو شركة واحدة بل تمس الإنسانية كلها.
وحول المستقبل، هنالك احتمالات أهمها:
السيناريو التفاؤلي: الذي يقول إن الذكاء الاصطناعي سيكون شريكا حقيقيا وليس مجرد أداة مساعدة.
أما السيناريو التشاؤمي: فيرى أنه سيفوق الإنسان وينافسه في سوق العمل ويقضي على ملايين الوظائف.
وتفرض الثورة الحالية على البشرية أن تكون أكثر جرأة في التفكير لمواجهة الذكاء الاصطناعي، لأن التجارب التاريخية تقول إن التحولات الكبرى لا تنتظر البشر حتى يستعدوا لها.