شامبليون وحجر رشيد.. ندوة فك رموز اللغة المصرية القديمة في معرض الكتاب
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
عقدت ندوة «شامبليون فك رموز اللغة المصرية القديمة»، بحضور دكتور أحمد منصور، دكتورة علا العجيزي، الدكتور فتحي صالح والدكتور ممدوح الدماطي وإدارتها الإعلامية هدى عبد العزيز، التي كشفت الأسرار الكاملة عن رحلة شامبليون لمصر وحكاية الرسالة المشفرة التي كُتبت باللغة المصرية القديمة الهيروغليفية والعامية الديموطيقية، وايضا اللغة اليونانية.
الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الآثار السابق، قال إن فك رموز حجر رشيد أخذ رحلة كبيرة حتى وصلت إلى شامبليون، فقد حاول العديد من المستشرقين فك الرسالة الموجودة على الحجر، والتي كانت عبارة عن تكريم للملك بطليموس الخامس أنه وصل إلى سن التتويج، وكتبت الرسالة وأهدى المعابد تماثيل وكتبت باللغة الهيروغليفية لأنها مقدسة، والديموطيقية لأنها اللغة العامية.
أضاف الدماطي أن حجر رشيد عليه رسالة تمكننا من استرداده، على الجانب الأيسر منها كتب استولى عليها الجيش البريطاني في مصر ومن الجانب الأيمن «مقدم إلى الملك جورج الثالث»، والرسالة في الجانب الأيسر حجة قوية يمكنها أن تساعد في استرداده.
الدكتورة علا العجيزي، أستاذ اللغة المصرية القديمة بقسم الآثار بكلية الآثار جامعة القاهره، قالت إن شاملبيون كان مبدعاً، فقد كان يُدرس الآثار في الجامعة بعمر الثانية والعشرين، وكانت مصر هي شغفه، حصل على نسخة من كتاب وصف مصر بصعوبة وسافر إلى روما، ودرس المسلات الموجودة هناك، ووصل بالبحث إلى 200 اسم من اسماء الأقاليم المصرية، وصل الإسكندرية عام 1826 معه حصيلة ضخمة من المعلومات عن التاريخ المصري، وألف كتاب نادر بعد حل الرموز، يمكن أن يكون مرجعاً مهما لدراسة اللغة المصرية القديمة.
الحملة الفرنسية على مصرالدكتورة فتحي صالح، أستاذ هندسة الحاسبات بكلية الهندسة، قال الحملة الفرنسية كانت قادمة ومعها عدد كبير من العلماء 21 عالم رياضيات، غير علماء الفلك والفيزياء واول مطبعة دخلت الى مصر وكان شيء غريب جدا على حملة استعمارية، فكان الهدف منها محير ، هل جاءت بناء على طلب العلماء ام أنها دخلت وجلبت العلماء للتنمية في مصر.
الدكتور أحمد منصور، مدير مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية، قال إن شامبليون خالد في الذاكرة العربية والفرنسية، ثلاث شوارع مصرية باسمه منها شارع شامبليون في القاهرة والآخر في الإسكندرية، وفي بلدته فيجاك نصب تذكاري، كذلك هناك ميدان في فرنسا اسمه الأخوين شامبليون وكذلك أيضا بعض الطوابع البريدية التي كتب عليها «ستبقى آثارك خالدة مثل السماء».
الدورة 56 من معرض الكتابيذكر أن معرض القاهرة الدولي للكتاب، بدورته ال 56، يقام تحت رعاية وزارة الثقافة ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ورعاية رئيس الجمهورية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معرض القاهرة للكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض الكتاب اللغة المصریة القدیمة
إقرأ أيضاً:
صنعاء القديمة.. ذاكرة الحجر والهوية في وجه الزمن والتحدي
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
عند أول خطوة تخطوها عبر “باب اليمن”، لا تدخل مدينة فحسب، بل تنغمس في زمن يتنفس عبق الحضارات، في صنعاء القديمة، لا الجدران صامتة، ولا الأزقة هامدة. كل حجر، كل زخرفة جصّية، كل نقشة على باب خشبي قديم، تحكي حكاية مدينة لم تكن يومًا مجرد عمران، بل كانت ولا تزال رمزًا للهوية، حافظة للذاكرة، ومنارة ثقافية تمتد من سبأ ومعين إلى صدى المقاومة المعاصرة.
يمثّل هذا التقرير رحلة تحليلية استعراضية في قلب صنعاء القديمة، نرصد فيها تفاصيل المكان في أبعاده الجغرافية والمعمارية، نستعرض ألق الهوية الإيمانية التي تكلّلت فوق قباب مساجدها، ونتلمّس نبضها الثقافي المتجدّد من حلقات العلم إلى أسواق الحرف التقليدية. كما نسلّط الضوء على مكانة المدينة الفكرية في المشروع القرآني، ومواقفها من قضايا الأمة، لنختم بكيف يعيش أهلها اليوم رغم التحديات .
صنعاء… حيث بدأ الحِجر يروي التاريخ
نشأت صنعاء القديمة في قلب السهول الجبلية على ارتفاع أكثر من 2,200 متر عن سطح البحر. يعود ذكرها في نقوش المسند إلى القرون السابقة للإسلام، وارتبطت منذ نشأتها الأولى بممالك سبأ وحمير. ويُروى أن سام بن نوح هو من وضع أولى لبناتها، وفق الرواية المحلية. ازدهرت المدينة في العهد الإسلامي المبكر، وتحوّلت إلى مركز ديني وثقافي، حيث شُيّد فيها أول مسجد خارج الحجاز: “الجامع الكبير”.
هذا الامتداد الزمني يجعل من صنعاء واحدة من أقدم العواصم المستمرة في العالم، مدينة تشهد لجغرافيا المقاومة، وروح الحضارات المتعاقبة.
صنعاء.. رمز للهوية الإيمانية اليمنيةمنذ فجر الإسلام، اكتسبت صنعاء مكانة خاصة في قلب الرسالة الإيمانية. فقد وصفها النبي محمد صلوات الله عليه وآله بأنها أرض الحكمة والإيمان، قائلاً: “الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية”. ومن هذه الأرض، خرج العلماء والمجاهدون الذين حملوا مشعل الهداية إلى الآفاق بقيادة أعلام الهدى ابتداءً بالإمام علي عليه السلام .
لقد كانت صنعاء القديمة مركزًا علميًا وفكريًا وروحيًا، احتضن حلقات العلم في مساجدها، ومدارسها الشرعية، ومجالسها الثقافية. كما ظلت عبر العصور نموذجًا حيًا للإيمان العملي المتجذر في سلوك الإنسان اليمني، في أمانته، وكرمه، ورفضه للظلم، وتمسكه بقيم الحق والعدل.
تجسّد صنعاء في تكوينها المعماري والاجتماعي نموذج المدينة المؤمنة: تتداخل فيها بيوت العبادة مع الأسواق، والمجالس مع المدارس، والروح مع المادة، في توازن فريد جعل من المدينة بوتقة للهوية الإيمانية الجامعة.
المعمار الصنعاني: الحجر والطين يرسُمان فن الهويةلم يكن المعمار في صنعاء القديمة مجرد بناء، بل كان انعكاسًا لروح الإنسان الصنعاني: بسيط، صامد، جميل. تمتاز البيوت بارتفاعها الذي قد يصل إلى تسعة طوابق، تُبنى أسفلها بالحجر الصلب وتعلوها الطوابق بالطين المدكوك والطوب اللبن. كل طابق يحكي قصة، وكل نافذة ملونة بزجاج القمريات ترسم لوحة.
هذه البنية لم تأتِ عشوائية، بل استجابت للمناخ، والاحتياج، والذوق، وحوّلت المدينة إلى تحفة طينية حجريّة لا نظير لها في العالم.
الرمزية الإيمانية: مدينة تسكنها الروحلم تفصل صنعاء يوماً بين الحجارة والإيمان. إذ تنتشر المساجد في كل حارة وزقاق، أهمها الجامع الكبير، أحد أقدم المساجد الإسلامية. تُعدّ هذه المساجد مراكز للتعليم والتأمل، وتدل هندستها على عمق الروح اليمنية التي جمعت بين البساطة والتقوى والجمال.
رمزية صنعاء الإيمانية لا تتجلى فقط في معمارها، بل في تمسّك سكانها بالمفاهيم الدينية كمصدر للهوية والكرامة، خاصة في أزمنة الجهاد ضد الاحتلال.
الثقافة المتجذرة: مجالس، شعر، وإنشادفي الدور العليا للمنازل، حيث تُقام “المفرّجات”، يجتمع الرجال على القات، لكن ليس فقط للفراغ أو التسلية، بل ليتبادلوا الشعر، والموشحات، والحكمة. المجالس هنا مدارس، والقصيدة أداة تفكير. وحكايات من الموروث الشعبي الشفهي المعبر عن الارتباط بقيم الفخر والاعتزاز بالهوية .
ثقافة المجالس أنجبت مثقفين وحكماء ، وكان لها الفضل في بقاء صنعاء مرجعية ثقافية حتى اليوم.
الحرف: تراث حي في أزقة الزمنتنتشر الحرف التقليدية في كل زاوية من المدينة: صناعة الجنابي (الخناجر اليمنية)، تطريز الثياب، الفخار، وصياغة القمريات. ورش صغيرة متوارثة من الأجداد، لا تزال تقاوم الحداثة الجارفة. لكل حرفة شيخ، ولكل سوق طابع. هذه المهن لا تقدم منتجات فقط، بل تحافظ على هوية حيّة ومتجددة.
المعالم الأثرية: حيث تسكن الأسطورةالجامع الكبير: أقدم من الأزهر، وأكبر من بعض الكاتدرائيات الأوروبية.
قصر غمدان: معلم أسطوري كان يعلو فوق المدينة، وكان يُقال إن له سقفًا من زجاج، ومنه أُلقي الشعراء إلى حتفهم!
باب اليمن: ليس مجرد بوابة، بل رمز سياسي وثقافي وتجاري، من خلاله دخل التجار والفقهاء والثوار.
المتاحف: الذاكرة المُجسّدةلا تزال المتاحف مثل “بيت الثقافة”، و”المتحف الوطني”، و”متحف الموروث الشعبي” تعمل على عرض تاريخ اليمن بصريًا وروحيًا. من النقوش المسندية إلى الملبوسات الشعبية، يُحفظ التاريخ في زجاج العرض، كما يُحفظ في القلوب.
الأسواق: عصب الحياة الصنعانيةمن “سوق الملح” إلى “سوق الجنابي”، تُمثّل الأسواق قلب المدينة النابض. ليست فقط أماكن تجارة، بل مراكز لقاء اجتماعي وثقافي. البائع يحفظ اسم الزبون وأحواله، والزبون يعرف نسب البائع. إنها شبكات اجتماعية أكثر منها تجارية.
العادات والتقاليد: طقوس لها جذورالزواج في صنعاء مهرجان يبدأ من السوق وينتهي في سطح المنزل.
الأعياد تُحيى بالزينة والولائم وتبادل الحلوى المحلية.
جلسات القات طقس يومي يُمارس بأدب وحدود.
المناسبات تُدار ضمن تقاليد قبلية ودينية لا تزال صامدة رغم تغير الزمن.
أشهر المناسبات والمواسم– عيد الفطر والأضحى تتحول المدينة إلى لوحة زاهية، وتُقام الولائم، وتُجهّز المساجد والمنازل بزينة تراثية.
– المولد النبوي، من أهم المناسبات في صنعاء، تُضاء الشوارع وتُلقى المدائح وتوزع المأكولات.
– المهرجانات الثقافية، مثل مهرجان القمريات، ومعارض الحرف اليدوية، والأسابيع الثقافية التي تنظمها مؤسسات المجتمع المحلي للحفاظ على التراث.
صنعاء والمشروع القرآني: هوية في مواجهة التغريببفعل التحولات السياسية، أصبحت صنعاء مركزًا للمشروع القرآني الذي يدعو للعودة إلى مفاهيم العدل، السيادة، والكرامة. وهذا المشروع لا يُروّج فقط بالشعارات، بل بالمساجد، والمؤسسات التعليمية، والمجالس الثقافية التي تعيد صياغة الوعي الجمعي.
مناصرة القضايا الكبرى: صوت صنعاء يصل إلى القدسفي كل وقفة تضامن مع فلسطين، كانت صنعاء حاضرة. في المسيرات، والخطب، واللافتات، وحتى في جدران المدينة القديمة، حيث كُتبت شعارات المقاومة، نُسِج موقف صنعاء من قضايا الأمة، لا بالتحالفات السياسية بل من عمق الانتماء الإسلامي والعروبي.
الحياة اليوم: تحديات البقاء وسط عبق الماضيرغم التحديات الكبيرة، يواصل أبناء صنعاء القديمة الحفاظ على نمط حياة جماعي تقليدي. البيوت لا تزال مأهولة، والحرف متوارثة، والمناسبات تُقام بروح الأصالة. الأسواق نابضة بالحياة، والمقاهي والمجالس لا تزال شاهدة على التقاليد الاجتماعية والثقافية المتجذرة ، هم صامدون، ولا يرحلون عنها لأن الرحيل يعني التخلي عن الذاكرة.
بين الماضي والحاضر: صنعاء لا تموتفي قلب كل يمني، شيء من صنعاء القديمة. فهي ليست مجرد مدينة، بل تراث إنساني عظيم، شاهدة على تطور الإنسان من العمارة إلى الأدب، ومن الحرف إلى الطقوس، ومن الأسواق إلى المتاحف. هي روح اليمن ومهد هويته. الحفاظ عليها مسؤولية مشتركة لكل من يقدّر قيمة التاريخ والحضارة.