14 عاما على ربيع مصر الذي سحقته الفاشية العسكرية
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
تمر اليوم الذكرى الرابعة عشرة على ثورة مصر البيضاء، التي أظهرت إرادة شعبية واعدة جمعت أطياف المجتمع المصري العريق. تلك الثورة كانت بمثابة إعلان صريح من شعب شاب، متوسط أعمار أبنائه صغير، ومتعطش للديمقراطية والعدالة الاجتماعية رافعين شعارهم الذي بات رمزا للربيع العربي (عيش- حرية- عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية) تعبر عن طموحه في بناء مستقبل قائم على العدالة الاجتماعية والسياسية.
هذه الديمقراطية الوليدة، التي كانت إحدى أبرز إنجازات الثورة، أثارت قلق قوى إقليمية ودولية. هذه القوى، وعلى رأسها الكيان الصهيوني، استخدمت أدواتها لإجهاض الإقليمية والدولية لإجهاض هذا الحلم الشعبي، عبر دعم ثورة مضادة استهدفت تقسيم المصريين وتشويه إرادتهم ليوظف النظام العسكري تلك الانقسامات لإعادة ترسيخ أركان حكمه الاستبدادي، ما أدى إلى سحق أول ديمقراطية منتخبة في تاريخ البلاد وإعادة المصريين إلى مربع الاستبداد.
لقد أدركوا أن الرئيس المنتخب الذي اعتمد التقشف ولم يسكن القصور ولم يجدوا عليه أو على مساعديه، رغم كل ما افتأتوا عليهم من اتهامات فسادا في جنيه واحد.
في العام المالي اليتيم 2012/2013 الذي حكم فيه الرئيس مرسي رحمه الله وعلى الرغم كل مؤامراتهم لإعاقته؛ يشير الحساب الختامي الرسمي للبنك المركزي المصري لمعجزة لم تحدث من 50 عاما، فقد نشرت صحيفة الأهرام الرسمية في المانشيت الرئيسي بتاريخ الأول من أيلول/ سبتمبر 2013 -أي بعد الانقلاب في يوليو 2013- "فائض في الميزان التجاري لأول مرة منذ نصف قرن". وفي 25 أيلول/ سبتمبر نشرت الأهرام أيضا "ميزان المدفوعات يتحول من عجز 11.3 مليار دولار إلى فائض237 مليون دولار"..
هذا هو العام المالي الذي حكم فيه الرئيس مرسي رحمه الله. لقد أدرك المتربصون بمصر أنه لو تركت الديمقراطية لعالجت أي قصور بنفسها، وأن تمكينه من تنفيذ برنامجه ومشاريعه التنموية الكبرى التي انتهت بالفعل دراستها، كانت ستضع مصر في مكانها الذي لا ينازعها فيه أحد في الإقليم والعالم.
هذه الأرقام تعكس رؤية اقتصادية كان من الممكن أن تنتشل البلاد من أزماتها، لكن المتربصين بمستقبل مصر أدركوا أن هذه النجاحات إن استمرت ستعزز استقلال القرار المصري وتعيده إلى موقعه الريادي في الإقليم. ولهذا، أُجهضت الديمقراطية عبر انقلاب عسكري ألقى بالبلاد في دوامة من القمع والديون.
رغم القمع والاستبداد، تبقى ثورة يناير نموذجا ملهما للشعب المصري، حيث جسّدت فهما عميقا لأهمية الحرية كشرط أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الثورة ليست مجرد ذكرى، بل هي نموذج يُهتدى به لاستعادة الإرادة الشعبية. بعد أن عرف المصريون طعم الحرية والكرامة، أصبح من المستحيل إخماد تطلعاتهم بالكامل
لقد عانت مصر كثيرا خلال الإحدى عشر عاما الماضية من تدهور شامل على كافة الأصعدة، بعد أن أغرق النظام الحالي البلاد في الديون، وقلّص الإنفاق على التعليم والصحة، بينما أهدر الموارد على مشاريع شديدة البذخ والفخامة تخدم دائرة ضيقة من المنتفعين، وبات الآن أكثر من ثلثي الشعب المصري تحت خط الفقر، ويعاني الملايين من غياب شبكة أمان اجتماعي تحميهم من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
الوعود التي أطلقها قادة الانقلاب بتحويل مصر إلى "قد الدنيا" باتت أوهاما، حيث أصبح النظام يعاير المصريين بفقرهم، بينما يبني لنفسه القصور الفخمة التي تُبهر لكنها لا تعكس إلا فجوة متزايدة بين النظام والشعب.
ورغم القمع والاستبداد، تبقى ثورة يناير نموذجا ملهما للشعب المصري، حيث جسّدت فهما عميقا لأهمية الحرية كشرط أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الثورة ليست مجرد ذكرى، بل هي نموذج يُهتدى به لاستعادة الإرادة الشعبية. بعد أن عرف المصريون طعم الحرية والكرامة، أصبح من المستحيل إخماد تطلعاتهم بالكامل.
النظام الحالي، الذي ينفق مئات المليارات على أدوات القمع وبناء القلاع خوفا من ثورة جديدة، لا يدرك أن انتفاضة الشعب قد تحدث في أي لحظة. الأسباب التي أدت إلى ثورة يناير الأولى تتراكم يوما بعد يوم، والغضب الشعبي بات حاضرا في كل بيت بسبب الفقر والظلم والفساد غير المسبوق.
مصر، بحجمها وتاريخها، لن تقبل أبدا بحكم يستند إلى القمع وتكميم الأفواه. التغيير قادم، وسيكون أقرب مما يتصور النظام، لأن الشعب المصري أدرك الفرق بين الشعارات الزائفة والوعود الصادقة.
رحم الله شهداء يناير وشهداء الحرية الذين قدموا حياتهم لتحقيق أهداف ثورة يناير، المجد لهم، والعار لمن باعوا البلاد واستعبدوا العباد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الذكرى ثورة مصر مرسي مصر السيسي مرسي ذكرى ثورة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ثورة ینایر
إقرأ أيضاً:
الناشط أنس حبيب يكشف تفاصيل زيارة الشرطة الهولندية لمنزله.. ما علاقة النظام المصري؟
كشف المدون والناشط المصري المقيم في هولندا أنس حبيب كواليس زيارة شرطة مكافحة الإرهاب الهولندية لمنزله، عقب عدة بلاغات تقدم ضده بعد قيامه إغلاق أبواب السفارة المصرية في هولندا احتجاجات على غلق معبر رفح والحصار المفروض على غزة.
ونشر حبيب فيديو عبر حسابته على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به قال فيه: "يوم الأربعاء الماضي 23 تموز/ يوليو كتبت أني ذاهب إلى فرانكفورت علشان أغلق سفارة مصر المحتلة واللى يعرف يوقفني يفرجني".
وأضاف الناشط المصري أن إعلانه كان خداع ولم يذهب إلى فرانكفورت ولكنه فوجئ باتصال من زوجته لتخبره أن شرطة مكافحة الإرهاب متواجدة داخل منزله وعندما تحدث معهم طالبهم بمغادرة المنزل لعدم وجود قانوني لوجودهم"، واصفا التصرف بأنه حق له من حقوقه المكفولة بالقانون والدستور الهولندي".
وتابع حبيب أن زوجته أخرجت الشرطة من المنزل وأخبروها أنهم متواجدون للحفاظ عليه وأن هناك شكوك لوجود خطر على حياته وطالبوه بالتواصل معهم وهو ما قام به بالفعل.
وأكد حبيب أن خلال تواجده في مقر شرطة مكافحة الإرهاب علم بأن هناك بلاغات مقدمة ضده مما وصفهم بأتباع النظام المصري اتهموه خلالها بالإرهاب ومحاولة تفجير السفارة الإسرائيلية وأنه يربي طفله على الجهاد وانتماءه لداعش، إلا أن الشرطة أخبرته بعمل تحريات عليه وأثبت عدم صحة البلاغات المقدمة خاصة وأنها بنفس الصيغة وأن الشرطة قررت حمايته خوفا من تعرضه لأي أذى.
وكشف الناشط المصري أن شرطة مكافحة الإرهاب قالت له إن نشاطه أوجع النظام المصري وطالبته بالانتباه من أي تحركاته من شأنها تعريضه للخطر مؤكد له حرص الشرطة على حمايته.
وكان الناشط قد اتهم النظام المصري ورئيسه عبد الفتاح السيسي بـ"التواطؤ الكامل والتآمر الصريح" ضد قطاع غزة، مشددا على أن ما يمارسه النظام المصري من حصار وتضييق ومنع للمساعدات الإنسانية، يجعله شريكا مباشرا في المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
ويذكر أن حبيب هو من أشعل مبادرات غلق أبواب السفارات المصرية في الخارج احتجاجات على حصار غزة بعد أن قام بإغلاق أبواب السفارة المصرية في لاهاي خلال بث مباشر عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجا على الدور المصري في إغلاق معبر رفح، قائلاً إن :"إذا كان معبر رفح مغلقًا أمام الأطفال والدواء، فلتغلق السفارات التي تصمت على ذلك، فالصمت تواطؤ".
وأطلق الناشط هتافات غاضبة تجاه السفارة، واتهم النظام المصري بالمسؤولية عن تجويع سكان القطاع، بالتعاون مع الاحتلال، عبر إغلاق معبر رفح.