شريف سليمان يكتب: فيتو الرئيس في الانتخابات
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
في كل دولة تراهن على مستقبل سياسي مستقر، تُعدّ الانتخابات لحظة فارقة تُظهر مدى احترام المؤسسات لإرادة المواطنين. لكن عندما يدق الرئيس ناقوس الخطر ويطلق "الفيتو" علي عوار بعض الاجراءات ويطالب بإعادة الانتخابات و تتردد الأحاديث حول تدخلات غير معلنة، يتحول المشهد الانتخابي من ممارسة ديمقراطية إلى جرس إنذار يقرع في لحظة دقيقة.
الانتخابات الأخيرة طرحت أسئلة صعبة حول مدى نزاهة العملية برمتها، خاصة مع تزايد الحديث عن تدخلات تؤثر في من يترشح ومن يُستبعد.
هذا الواقع خلق انطباعًا عامًا بأن العملية الانتخابية لا تسير بشكل طبيعي، وأن هناك اعتبارات غير واضحة تلعب دورًا في توجيه النتائج قبل أن تذهب أصوات الناخبين إلى الصندوق.
العوار هنا لا يقتصر على تفاصيل إجرائية، بل ينعكس على جوهر المشاركة السياسية، ويجعل المواطن يشعر أن المساحة التي تُركت له للاختيار باتت أضيق مما يجب.
تأتي أهمية هذا العوار من تأثيره المباشر على البرلمان القادم. فالبرلمان ليس مجرد مقاعد تُملأ، بل هو مؤسسة تبنى شرعيتها على ثقة الناس.
وحين يشعر المواطن أن بعض المقاعد حُسمت مسبقًا، أو أن المنافسة كانت شكلية، فإن الثقة في البرلمان تُصاب بضرر يصعب إصلاحه.
البرلمان الذي لا يولد من إرادة واضحة وصريحة للناخبين، سيعاني من ضعف القدرة على الرقابة الفعلية و اهتزاز صورة الاستقلالية أمام الرأي العام و محدودية القدرة على تمثيل دوائره بشكل حقيقي و غياب الزخم الشعبي الذي يمنح القوة لأي مؤسسة سياسية.
فمجرد تداول فكرة فساد الانتخابات الأمر يعكس أزمة ثقة في البيئة السياسية وإحساسًا عامًا بأن هناك من يحاول إعادة تشكيل الساحة الانتخابية بعيدًا عن مشاركة المواطنين.
هذا الشعور وحده كافٍ ليكون ناقوس خطر يستدعي مراجعة شاملة لآليات الاختيار والترشح، ويؤكد أن أي إصلاح سياسي يبدأ من احترام العملية الانتخابية كحق أصيل لا يُمسّ.
السؤال الذي يفرض نفسه بعد كل ما سبق: كيف يمكن المطالبة بالثقة في برلمان لم تمر ولادته عبر بوابة انتخابات واضحة ونزيهة؟
الثقة لا تُفوض ولا تُفرض، بل تُبنى من خلال عمليات شفافة يشعر فيها المواطن أن صوته يغيّر، وأن القانون يقف على مسافة واحدة من الجميع.
الخلاصة
الحديث حول الفيتو الرئاسي في الانتخابات ليس جدلًا سياسيًا عابرًا، بل مؤشر على أزمة تحتاج معالجة.
فالمشهد الانتخابي بما يحمله من عوار، ينعكس مباشرة على البرلمان القادم، وعلى دوره، وعلى شرعيته أمام الناس.
إصلاح العملية الانتخابية لم يعد رفاهية… بل ضرورة تفرضها حماية الدولة ومؤسساتها من اهتزاز الثقة العامة، وضمان أن البرلمان القادم يعبر عن إرادة حقيقية لا تقبل الشك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الانتخابات إرادة المواطنين ناقوس الخطر
إقرأ أيضاً:
باشات : صوت المواطن أصبح قادرًا على تغيير خريطة البرلمان
أكد حاتم باشات، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب السابق، أن المرحلة الحالية تتطلب أن تكون مصر أمام انتخابات تُفرز نوابًا حقيقيين قادرين على التعبير عن الإرادة الشعبية بصورة نزيهة وموثوقة، مشيرًا إلى أن التجربة الديمقراطية لا تكتمل إلا باحترام صوت المواطن وضمان أن يصل إلى البرلمان من يحظى بثقته ومعبرًا عن احتياجاته، وهو ما عكسته تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة عن الانتخابات.
وقال "باشات"، في تصريحات صحفية اليوم، إن تصريحات الرئيس الأخيرة حول الانتخابات تحمل رسالة واضحة مفادها أن الدولة حريصة على صون حقوق المواطنين في اختيار ممثليهم بحرية تامة، وأن توجيهاته بضمان النزاهة والشفافية تمثل أكبر ضمانة لنزاهة العملية الانتخابية في جميع مراحلها، من بدء التصويت وحتى إعلان النتائج النهائية.
وأضاف أن ما تشهده الانتخابات من رقابة قضائية كاملة وإجراءات تنظيمية مشددة كالتي شهدتها المرحلة الثانية، يعكس التزام الدولة بإجراء انتخابات جادة تُعلي من شأن الإرادة الشعبية وتواجه أي مخالفات يمكن أن تمس الثقة العامة في النتائج، مؤكداً أن هذه الرسائل يجب أن تعطي طمأنينة لكل ناخب بأن صوته محفوظ ومؤثر مؤكدا على أهمية الاستمرار في الحزم بالتصدي لممارسات شراء الأصوات و المال السياسي كما رأينا في المرحلة الثانية لأنها تمثل تهديدا للإرادة الشعبية كما حذر منها الرئيس السيسي في اكثر من مناسبة .
ودعا باشات المواطنين إلى المشاركة بقوة في الانتخابات المقبلة، مؤكداً أن الصوت الواحد أصبح له قيمة حقيقية وقدرة على تغيير خريطة البرلمان، وأن العزوف عن المشاركة يفتح المجال أمام اختيار غير دقيق، بينما المشاركة الإيجابية تضمن وصول الأكفأ والأقدر على خدمة الوطن.
وشدد على أن مصر تحتاج في هذه المرحلة الدقيقة إلى نواب يتمتعون بالمسؤولية والخبرة والقدرة على تمثيل المواطنين في مختلف القضايا وعلى قدر التحديات التي تواجه الدولة المصريه وأن تحقيق ذلك لن يتم إلا بخروج المواطنين بكثافة إلى صناديق الاقتراع.