السيسي وتهجير الفلسطينيين إلى مصر!!
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
فاجأ الرئيس دونالد ترامب الجميع، بإعلانه أنه سيتصل بالملك عبد الله، والسيسي، ليقبلوا بتهجير أهل غزة إلى الأردن وسيناء، أو أي منطقة في مصر، وكان رد الأردن الأسرع على لسان وزير خارجيتها، ثم ردت الخارجية المصرية بالرفض. وظل الأمر موضع شك وريبة، خاصة وأن ترامب في اليوم التالي، تحدثت وسائل إعلام أنه اتصل بالسيسي وطلب إليه نقل أهل غزة لسيناء، وردت صحف مصرية بالتكذيب، وبأنه لم يتم أي اتصال بينهما، ثم جاء كلام السيسي قاطعا أمس الأربعاء، برفض ما يتم تداوله من حديث عن التهجير.
هذا الموقف لا يملك أي إنسان عاقل، يحب أو يكره السيسي، يتفق أو يختلف معه، سوى تأييد الموقف، فليس معنى العداء والظلم الذي يمارسه السيسي تجاه الشعب، وتجاه أهل غزة، ألا نقدر موقفا يصدر عن سلطة غاشمة ظالمة، ولو كان الموقف مجبورا عليه، وليس معبرا عن قناعة شخصية لديه، لكنه في النهاية موقف إن لم تتفق مع صاحبه مبدئيا، فأنت متفق معه في الهدف، وهو الحفاظ على أهل غزة، ومنع تهجيرهم.
يعلم الجميع أن السيسي ليس معبرا بصدق عما بداخله بهذا الرفض، ولكن الظروف لا تسنح له بأي موقف آخر، ويعلم ترامب أن السيسي ليس شخصا قادما باختيار شعبه، ولا لديه برلمان يحاسبه، ولذا هو طلب ممن سيلبي طلبه، وقال في خطابه أنه سيطلب من الجنرال السيسي، ولم يقل: الرئيس السيسي، وهي كلمة لها دلاتها كما قال الأستاذ حافظ الميرازي، فهي تعني، أنه ليس آتيا للحكم باختيار الشعب، بل باختيارهم، واختيار حلفائه، ولهم عليه أفضال، ووقتما يحين رد بعضها فليس عليه سوى قول: تمام يا افندم!
يعلم الجميع أن السيسي ليس معبرا بصدق عما بداخله بهذا الرفض، ولكن الظروف لا تسنح له بأي موقف آخر، ويعلم ترامب أن السيسي ليس شخصا قادما باختيار شعبه، ولا لديه برلمان يحاسبه، ولذا هو طلب ممن سيلبي طلبه، وقال في خطابه أنه سيطلب من الجنرال السيسي، ولم يقل: الرئيس السيسيلقد كانت عبارات السيسي التي رفض بها تهجير أهل غزة، معبرة عن واقع لا تخطئه عين راصد لمسيرة السيسي، فقد قال عن أسباب الرفض: (إنه ظلم لأهل غزة وفلسطين لن نشارك فيه)، وكأن الظلم على مدى خمسة عشر شهرا للقطاع لم يكن مشاركا فيه، وقد فضحه جو بايدن الرئيس الأمريكي السابق، حين قال: إننا حاولنا إقناع السيسي بفتح المعبر وهو الرافض لذلك، وهو الذي اقترح في بدايات الحرب على الكيان، أن يرحلوا أهل غزة إلى منطقة النقب، حتى إذا ما أنهوا مهمتهم، بالقضاء على المقاومة، يرجعونهم إلى غزة، أو يبقونهم كما يحب الكيان، حسب قراره وخياره.
أما عن رفض السيسي للطلب، رغم أن تاريخه وسياسته تجزم بالقبول، فهي عوامل ليست في صالح قبوله للطلب، فقد عبر عن ذلك بقوله: إن ذلك ظلم، وله تأثيره على الأمن القومي المصري. وهذا من الواضح أنها تقارير أجهزة، لا يمكنه تجاوزها أو تجاهلها، سوف تتسبب له في مشكلات كبيرة، حاضرا ومستقبلا، يطول المقام لشرحها.
وهناك عامل آخر مهم جدا في الموضوع: وهو أن الكلمة الأولى والأخيرة في الأمر لأهل غزة، فلن يكونوا كما قال الشاعر:
ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأمرون وهم شهود!
فالواقع رغم مراته وصعوبته، إلا أنه يستحيل تجاوز أهل غزة فيه، وقد كان مشهد عودتهم من الجنوب إلى شمال القطاع، مشيا على الأقدام، محملين بأمتعتهم، وأطفالهم، بمجرد أن لاحت لهم الفرصة للعودة، رغم أنهم لم يكونوا خارج غزة، بل كان في جنوبها، ولم يكونوا خارج فلسطين، فمن يتعامل بهذه الروح مع مسقط رأسه، وموضع حياته، ولو عاد إلى دمار وأطلال وبقايا ذكريات، إلا أنهم مصرون على العودة، فهذا المشهد هو رسالة واضحة وقوية، أن الفلسطيني الغزاوي والفلسطيني بوجه عام قد تعلم الدرس من قبل، فحق العودة الذي منح من قبل لهم كان وهما، والحق الأهم والأقوى هو حق البقاء، البقاء حيا على الأرض، أو شهيدا مدفونا في باطنها.
هناك مشهد آخر في المسألة، لا ينبغي أن يهمل رصده، وهو موقف المقاومة، وهي بجل فصائلها إسلامية، ومع ذلك كان الترحيب الشديد منها لتصريح الأردن، ثم مصر، وهو نفس الموقف للرافضين للانقلاب العسكري، فقد تعالوا على مظالمهم الشخصية والعامة التي يئنون منها من هذا النظام المجرم، لكن الأمر هنا يتعلق بحق آخر لإخوة لهم في العروبة والإسلام والإنسانية يعانون من ظلم الاحتلال، فكانوا مؤيدين لقرار النظام وتصريحاته.
وهذا الموقف كشف عن كذب ما يصمهم به الإعلام السيساوي، بل كانوا أرجح عقلا، وأكثر وطنية وتمسكا بثوابتها عن هذا النظام، الذي لم يدع موضعا للتفريط إلا وفرط فيه، أرضا وكرامة وسيادة للأسف، رغم ما ينتظرهم من مظالم قادمة على يد هذا النظام، وما يعانيه الإسلاميون سواء في مصر أو من أهل المقاومة من مساوئ هذا النظام، ومن تعاونه مع كل عدو لهم في الداخل والخارج، وهو ما لحظه كثيرون من أهل العقل والحكمة، وأن النظام في مأزق كبير، فلم يعد له ظهير يسنده في مثل هذه القضايا، وهو ما كانت تتجنبه الأنظمة السابقة، فكانت تترك شعرة معاوية مع معارضتها التي يبقيها لمثل هذه المواقف.
[email protected]
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مصر التهجير الموقف فلسطين مصر فلسطين غزة تهجير موقف مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن السیسی لیس هذا النظام أهل غزة
إقرأ أيضاً:
مئات الفلسطينيين يواجهون خطر التهجير القسري الوشيك من القدس
عندما زارت الجزيرة نت منزل السيدة المقدسية أم ناصر الرجبي في حي بطن الهوى بمدينة القدس المحتلة في خريف عام 2018، وصفت هذه السيدة الحياة بجوار المستوطنين آنذاك بـ"الجحيم"، وذلك بعدما استولوا على المنزل الملاصق لبيتها بادعاء أنهم اشتروه رغم إثبات عائلة الرجبي أنها اشترته هي الأخرى من أحد المقدسيين.
ورغم حصولها على إخطار إخلاء سابقا، لم تكن تعلم هذه المسنة أنها ستُخطر بعد 7 أعوام من ذلك اللقاء بإخلاء منزلها في حي بطن الهوى بسلوان بشكل نهائي لصالح المستوطنين، الذين يدّعون أن الأرض التي أُقيمت عليها المنازل الفلسطينية في هذا الحي هي وقف يهودي.
تعيش أم ناصر الرجبي في منزلها منذ عام 1968 وأنجبت فيه 4 ذكور و7 إناث، وبعدما كبر الأبناء تزوج بعضهم وغادروا الحي، في حين بقي عائد وناصر يعيشان في البناية ذاتها معها، وفي 24 يونيو/حزيران الجاري أُخطر أصحاب الشقق السكنية الثلاث بإخلائها بشكل نهائي لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية بعد قرار صدر من المحكمة العليا الإسرائيلية.
ذاقت أم ناصر الأمرّين خلال السنوات التي جاورت فيها المستوطنين، ومُنعت خلالها من إجراء أي ترميم لمنزلها ومنازل نجليها المتهالكة، لكنها رفضت أيضا أن تغادر المنزل تحت وطأة الاستفزازات اليومية منذ عام 2004، الذي اقتحم فيه المستوطنون العقار المجاور الذي دفعت ثمنه وزوجها نحو 50 ألف دولار أميركي كي يكون ملكا لنجلهما.
عندما سألتها الجزيرة نت عن أمنيتها في عام 2018، قالت "أقصى أمنياتي أن أنام بشكل متواصل، فكلما خلدت للنوم أستيقظ بفزع على صوت أجهزة حراس المستوطنين.. عندما أنهض لأداء صلاة التهجد وبمجرد سماعهم حركتي في المنزل يسلّطون كشافا نحوي ويكشفونني وأنا أصلي داخل غرفتي، ينتهكون حرمة منازلنا كل دقيقة".
تواجه أم ناصر الآن خطر إخلائها قسريا، ولم يفلح صبرها ورباطها في منزلها في حمايته من الإخلاء، فهل ستخلد إلى النوم بشكل متواصل بعد تهجيرها؟
يقول رئيس لجنة حي بطن الهوى في بلدة سلوان زهير الرجبي إن 3 شقق سكنية أُخطر أصحابها بالإخلاء خلال شهر يونيو/حزيران الجاري، وسبقهم كل من عائلة عودة وشويكي، وجميع هؤلاء بات تهجيرهم وشيكا، إذ صدرت بحقهم قرارات عام 2024 لكنها جُمدت بانتظار بتّ المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية في ملفاتهم.
إعلانوأضاف "للأسف يتم استغلال حالة الطوارئ في البلاد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث لا يستطيع أي شخص أو جهة الاعتراض في ظل هذه الظروف، بل يُخلى المقدسيون بالعشرات".
يسكن بناية عائلة الرجبي، وفقا لرئيس لجنة الحي، 17 فردا، بينهم شخصان من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدّعي الجمعيات الاستيطانية أن 87 منزلا بُنيت على أرض تعود لليهود اليمنيين منذ عام 1892 في تلك المنطقة.
أما في أم طوبا فتفاجأ أصحاب 18 بناية في أواخر عام 2024 بتسجيل أراضيهم لصالح "الصندوق القومي اليهودي" دون إخطارهم بأن أراضيهم دخلت ضمن مشروع "تسجيل وتسوية الأراضي" الذي أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن انطلاقه عام 2018.
وقال مختار قرية أم طوبا المهندس عزيز أبو طير للجزيرة نت آنذاك إن أهلها قديما ثبّتوا ملكياتهم كما بقية الفلسطينيين عند المخاتير، وهذا حال سكانها الحاليين الذين يبلغ تعدادهم 5 آلاف نسمة.
وأضاف عزيز، في حديثه للجزيرة نت، أن 139 مقدسيا من أهالي أم طوبا تضرروا بهذا الإجراء، وأنهم لجؤوا فورا للقضاء لحل هذه المعضلة.
وقالت جمعية "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية قبل أيام إنه في ظل التصعيد الإقليمي الأخير تستخدم إسرائيل أجواء الحرب كغطاء لتسريع سياسات التهجير القسري بحق الفلسطينيين في ثلاثة تجمعات بشرقي القدس، هي أم طوبا وبطن الهوى في سلوان وقرية النعمان، ويواجه 300 فرد هدم وإخلاء منازلهم وأراضيهم خلال أيام معدودة.
ووفقا للجمعية الحقوقية، فإن "سلطة أراضي إسرائيل" سلّمت بشكل مفاجئ أوامر إخلاء لـ18 منزلا في أم طوبا بُني معظمها بتراخيص رسمية على مدى 40 عاما، وذلك بعد تسجيل الأرض باسم "الصندوق القومي اليهودي" ضمن عملية تسوية أراض تستخدم اليوم كأداة لمصادرة أراضي الفلسطينيين تحت غطاء "إجراءات رسمية"، ورغم أن الأهالي قدموا التماسا لإبطال التسجيل، فإن السلطات بدأت فعليا بالمطالبة بإخلائهم الفوري.
أما في حي بطن الهوى بسلوان، فقد رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماسا لثلاث عائلات فلسطينية، وأقرت بإخلائها لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية، وفي قرية النعمان جنوبي شرقي القدس وزعت البلدية أوامر هدم لجميع منازل القرية البالغ عددها 45 منزلا.
وطالبت البلدية، وفقا لـ"عير عميم"، السكان بهدم المنازل غير المرخصة، "رغم أن الدولة نفسها حرمتهم من أي وسيلة قانونية للبناء منذ عقود، إذ يعيش السكان في فراغ قانوني منذ أن ضُمت أراضيهم للقدس عام 1967 دون منحهم أي حقوق، ويُمنعون من الحصول على تصاريح أو خدمات بلدية، مما يجعل وجودهم مهددا بشكل دائم".
وعلقت الجمعية الحقوقية على حملة التهجير الوشيكة لمئات الفلسطينيين من شرقي القدس بالقول إن ما يجري ليس فقط هدما للمنازل، بل هو "تفكيك منهجي للمجتمعات الفلسطينية في القدس باستخدام أدوات قانونية تمييزية ومنظومة تحرم الفلسطينيين من أي حماية أو عدالة، وهذه السياسات لا تنفصل عن المشروع الاستيطاني الأكبر، وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وجريمة تهجير قسري تحت غطاء القضاء والإدارة".
إعلانالباحث في جمعية "عير عميم" الحقوقية أفيف تاتارسكي قال للجزيرة نت إن دولة إسرائيل تعمل ضد السكان الفلسطينيين في القدس، ولا أحد من سكان القدس الشرقية لديه حماية من السلطة الإسرائيلية.
وأضاف "المشكلة في قرارات الإخلاء هذه أنها ليست قانونية كما يدّعون، بل سياسية، ونحن كمؤسسات حقوق إنسان يجب أن نوقف هذه السياسة بأدوات سياسية أيضا".