تهديدات “كاتس” محاولة يائسة لإخفاء الإرهاق
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
يُعدّ التصريح الأخير لوزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأنهم “سيتعاملون مع صنعاء مثل طهران” وأن الجيش أُمر بإعداد خطة ضد الحوثيين، محاولة واضحة لكسر عزيمة وإرادة اليمنيين؛ يأتي هذا التهديد في ظل استمرار الدعم اليمني الثابت لغزة، وهو ما يُشكل قلقًا استراتيجيًا كبيرًا لكيان الإسرائيلي.
إنّ التلويح بمعاملة صنعاء كطهران ليس سوى محاولة لزيادة الضغط على اليمن، بهدف إجبارها على التراجع عن موقفها المساند لغزة؛ وتهدف أيضًا مثل هذه التصريحات إلى استعراض القوة وإظهار قدرة “إسرائيلية” على التصعيد العسكري ضد خصومها؛ وغالبًا ما تُستخدم مثل هذه التصريحات كأداة رئيسية في الحرب النفسية، تسعى إلى بث الخوف والشك، وتقويض الروح المعنوية للطرف الآخر، خاصةً مع استمرار العمليات العسكرية اليمنية التي تستهدف مواقع العدو الإسرائيلي العسكرية والحيوية في عمق الأراضي المحتلة، وفرض الحصار عليه في البحار والمطارات دعمًا لغزة.
من الواضح أيضًا أن الكيان يسعى من خلال هذه التصريحات إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية:
▪️محاولة يائسة لردع اليمن عن الاستمرار في دعم غزة عسكريًا.
▪️تحويل الانتباه عن الوضع المتأزم في غزة وتوسيع نطاق الصراع ليشمل أطرافًا أخرى.
▪️قد يسعى الكيان أيضًا إلى بناء تحالفات إقليمية ودولية ضد اليمن تحت ذريعة مواجهة “التهديدات”.
لكن، من المؤكد أن هذه التصريحات لم ولن تحقق هدفها في كسر إرادة اليمنيين، فقد أكد اليمنيون مرارًا وتكرارًا استمرارهم في مساندة غزة حتى وقف العدوان الإسرائيلي بشكل كامل.
وفي هذا السياق، من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن “إسرائيل” تبدو منهكة بشكل كبير بعد الضربات الإيرانية الأخيرة؛ خاصة أن هذه الضربات كبدتها خسائر لم تعلن عنها بشكل كامل، وأثرت بشكل كبير على قدراتها العسكرية والاقتصادية، مما وضعها تحت ضغط غير مسبوق؛ هذا الاستنزاف يحد بشكل كبير من قدرتها على فتح جبهات جديدة أو التصعيد بشكل كبير في أكثر من اتجاه، مما يجعل تهديداتها ضد صنعاء تبدو أقل واقعية وأكثر تركيزًا على الجانب النفسي ومحاولة يائسة لإعادة بناء صورتها الرادعة المهتزة.
ما يزيد من ضعف الموقف الإسرائيلي، وبالتالي الأمريكي، تجاه اليمن هو انعدام المعلومات التام حول المشهد اليمني، خصوصاً في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، حيث أظهرت الأحداث الأخيرة أن الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية والأمريكية تعاني من فشل ذريع في اختراق القبضة الأمنية القوية التي تفرضها صنعاء.
هذا النقص الحاد في المعلومات ليس مجرد تحدٍ بسيط، بل هو عقبة استراتيجية كبرى تُعيق أي تخطيط عسكري أو سياسي فعال.
تُفسر هذه الفجوة الاستخباراتية لماذا تبدو التهديدات الإسرائيلية مفرطة في الطابع اللفظي والتخويفي، وليست مبنية على فهم دقيق للواقع الميداني أو القدرات الفعلية للقوات اليمنية.
هذا الواقع يضع الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة في موقف صعب، حيث لا يمكنهما الاعتماد على المعلومات التي يعتمدون عليها عادةً في مناطق أخرى من الصراع.
لقد استطاعت حكومة صنعاء، عبر سنوات من الصراع والحصار، بناء منظومة أمنية محكمة، تعتمد بشكل كبير على الأمن الداخلي واليقظة المجتمعية. هذا النظام الفعال أدى إلى شل أي محاولات تجسس أو جمع معلومات من قبل الأطراف المعادية؛ وهذا ما يفسر عدم قدرة التحالف الذي قادته الولايات المتحدة على تحقيق أهدافه في اليمن، بالرغم من تفوقه التكنولوجي والعسكري.
فالاستخبارات الدقيقة هي شريان الحياة لأي عملية عسكرية ناجحة، وعندما يُقطع هذا الشريان، تصبح الأطراف الخارجية عاجزة عن اتخاذ قرارات مستنيرة.
إن هذا النقص في المعلومات يمثل نقطة ضعف جوهرية تعاني منها كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة، ويزيد من تعقيد أي محاولة لهما للتصعيد في اليمن، ويجعل مجرد التهديد بالكلام هو السلاح الوحيد المتاح في مواجهة إرادة اليمنيين الصلبة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
صاروخ من اليمن باتجاه جنوب فلسطين المحتلة.. وصفارات الإنذار تدوي في النقب
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح السبت، أنه رصد صاروخاً باليستياً تم إطلاقه من الأراضي اليمنية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال الجيش في بيان نشره عبر قناته الرسمية على تطبيق "تيليغرام"، إن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة داخل "إسرائيل"، منها مدينة بئر السبع، وإيلات ومناطق أخرى ضمن صحراء النقب.
وتُعد منطقة إيلات، الواقعة في أقصى الجنوب الفلسطيني المحتل، إحدى أبرز النقاط التي تعرضت لسلسلة هجمات صاروخية وطائرات مسيرة أطلقتها جماعة الحوثي خلال الأشهر الماضية، وهو ما دفع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى تعزيز دفاعاتها الجوية في المنطقة.
ويعتمد الاحتلال الإسرائيلي على منظومات متعددة للتصدي للهجمات الجوية، أبرزها منظومة "حيتس" (Arrow) لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، و"القبة الحديدية" للصواريخ القصيرة المدى، ومنظومة "مقلاع داوود" لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى.
وكانت جماعة الحوثي قد أعلنت منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، بدء عمليات عسكرية بحرية وجوية ضد السفن التجارية المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة في البحر الأحمر، إضافة إلى إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه العمق المحتل.
وجاء هذا التصعيد ضمن ما أطلقت عليه الجماعة "نصرة الشعب الفلسطيني"، و"الرد على الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة"، حيث نفذت الجماعة عشرات الهجمات البحرية والجوية، كما أعلنت فرض "حظر بحري" على ميناءي إيلات وحيفا، و"حظر جوي" على مطار بن غوريون.
في المقابل، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدعم من الولايات المتحدة، عدة غارات جوية وصاروخية استهدفت البنية التحتية اليمنية، تركزت في العاصمة صنعاء، وموانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف غربي البلاد. وقد طالت الضربات مطار صنعاء الدولي، ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه وتقييد حركة الطيران المدني.
وتأتي هذه التطورات في ظل مواصلة الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الواسع على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في حرب وصفتها منظمات حقوقية وإنسانية دولية بأنها تمثل "إبادة جماعية" ضد المدنيين الفلسطينيين.
وبحسب إحصائيات وزارة الصحة في غزة، فإن عدد الشهداء والمصابين تجاوز 188 ألفاً بين قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، ومئات آلاف النازحين الذين هجرتهم آلة الحرب من منازلهم نحو مناطق غير مؤهلة للسكن.
ويواجه الاحتلال الإسرائيلي اتهامات متزايدة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في القطاع، بينما تتوسع رقعة الاشتباك الإقليمي مع فصائل المقاومة في اليمن ولبنان والعراق، في مشهد يشير إلى أن الحرب لم تعد محصورة داخل حدود غزة، بل باتت ذات امتدادات إقليمية تهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها.