الحق قديم لن يسقط بالتقادم…ويا كاتل الروح وين بتروح

حيد المكاشفي

مرور عشرون عاما على أحداث مجزرة بورتسودان وعودتها الى الواجهة، لا يعيد الى الأذهان ذكرى تلك المأساة الحزينة وحدها، بل يعيد معها ذكرى كل المجازر التي حدثت طوال الخمسة وثلاثين عاما الماضية، والى مجازر القتل والسحل وجز الاعناق وتهشيم الرؤوس وبقر البطون التي ما تزال تتوالى مع استمرار هذه الحرب القذرة، وليس اخرها الحادث البشع الذي ذبحوا فيه رئيس حزب الامة القومي بمحلية أم روابة ذبح الشاة، وتركوه غارقا في دمائه لساعات أمام أعين الناس، وطالما ان الحرب القذرة مستمرة ستتواصل هذه البشاعات، وكل هذه الاحداث البشعة والشنيعة التي تكشف عن نفوس مريضة وغير سوية ولا انسانية، تعيد معها أيضا ذكرى سيئة الذكر (لجان التحقيق)، التي كانوا يعلنون عن تكوينها عند وقوع أية مجزرة، وأحسب عندك أحداث بورتسودان المؤسفة والمحزنة التي راحت بسببها نيف وعشرون نفساً عزيزة، وأحداث العيلفون التي سقط بسببها عشرات الطلاب من منسوبي الخدمة الإلزامية غرقاً في النيل، وحجاج مدينة القضارف الذين راحوا هدراً جراء انهيار سور متهالك عليهم فأودى بحياتهم بين غمضة عين وانتباهتها، وشهداء كجبار والعوج وأم دوم وشهداء هبة سبتمبر وشهداء ثورة ديسمبر وشهداء انقلاب اكتوبر، والحلفايا وبحري وسنار ومدني والكنابي و…….

.و……الى حادثة أم روابة الشنيعة، ورغم مرور كل هذه السنين العجاف الطويلة على كل هذه  الجروح النفسية الغائرة، إلا أن لجان التحقيق الرسمية التي قيل إنها كونت للتحقيق في هذه الحوادث الأليمة المفزعة لم تخرج على الناس بأي خبر، ولم تقل شيئاً ولم توضح للناس لماذا سقطت كل هذه الأعداد وبأية وسيلة وعلى يد من وكيف يمكن جبر الخواطر وتهدئة النفوس التي لم ولن تهدأ ولن تنسى مهما تطاول الوقت ومرت السنون، فمثل هذه القضايا لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة خاصة إذا وجدت التجاهل ولم تعالج آثارها وتضمد جراحها. وكل هذه الأحداث الأليمة التي كونت لها لجان تحقيق لم تفعل فيها شيئاً غير أنها قتلتها، خاصة عندما يصبح تشكيل لجان تحقيق للنظر في الأخطاء والكوارث أو توقيع اتفاقيات وتفاهمات مثاراً للتندر وبمثابة (طرائف) يتهكم بها الناس على عدم الجدية وضياع المصداقية، فكل ذلك مقروءاً مع ذكرى أحداث بورتسودان وكل الاحداث السابقة واللاحقة يعيد إلى الذاكرة معضلة اسمها لجان التحقيق التي رغم كثرتها إلا أنها كانت وستظل كغثاء السيل ما لم تكن هناك جدية عند تكوينها واختيار المؤهلين الشجعان لعضويتها، وإعلان نتائجها بكل شفافية ومن ثم امتلاك الارادة الحقيقية لمحاسبة ومحاكمة من تسببوا في الخطأ أو ارتكبوا الكارثة. وخذ عندك فقط تسليم مدينة ود مدني وكل ولاية الجزيرة تسليم مفتاح للدعم السريع..

وتحضرني بهذه المناسبة المؤسفة كلمة لاختصاصي الطب الشرعي د. علي الكوباني رحمه الله رحمة واسعة، مؤداها أن كاتل الروح طال الزمن أم قصر لازم ينال عقابه في الدنيا قبل الاخرة..قد يفتكر انو نجا وهرب بعملته بعد ان قتل الارواح ودفن الاجساد كما تُدفن جيف الهوام والكلاب..رغم انهم انبل واطهر واشرف من قاتليهم، علمتني الحياة في سنيني الطويلة في الطب الشرعي بحمد الله انو (الروح ما بتروح)، والدم ببراك دنيا وآخرة مهما (حدث ما حدث)..والقصاص لاحق والديان لا يموت. في كل جثة شرحناها او نبشناها (في جريمة قتل) يرينا الله كل العلامات والاسباب..ويتحدث معنا الميت جسدا او رفاة بلغة خاصة مفرداتها الاثار التشريحية والنسيجية ليخبرنا عن من قتله وكيف ومتين ووين، واحيانا القاتل منو ذااتو، نوعا ما اختصنا الله بعلم (موسوي) خاص وتأهيل (لدني) لكي نعرف سبب وطريقة ونوع الوفاة..ونحدد ما اذا كانت جنائية ام لا، مهما كان حال الجثة، حديثة الوفاة ام متحللة تماما. فيدبرالله ويسخر لك العلم لتحق الحق وتظهر كيد الخائنين والقتلة والمارقين كيف لا، ورب العزة هو القائل: (إِذا قتلتم نَفْسًا فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون) البقرة 72.. والتفسير الميسر: (واذكروا إذ قتلتم نفسًا فتنازعتم بشأنها كلٌّ يدفع عن نفسه تهمة القتل، والله مخرج ما كنتم تخفون من قَتْل القتيل). حكى لي احد المحكومين بالاعدام..وقال لي:تصدّق يا دكتور انا الزول الحاكموني فيهو بالاعدام ده والله ما كتلتو..لكن انا زمان كتلت لي نفرين في الخلا وما في زول جاب خبري..وانا متأكد انو الحصل لي ده حقهم.. اليوم وبعد ان أصاب اليأس أُسر الشهداء والمفقودين، واصابت الهواجس شعبنا الابي، فإذا باللجنة التي كونها النائب العام للتحقيق في شأن المفقودين برئاسة مولانا (الطيب العباس) يُكلل جهدها بالنجاح، ويُظهر الله مقبرة دفن جماعي والتي قالوا انها غالبا ما تكون لجثث الشهداء المفقودين في جريمة فض الاعتصام، رحمهم الله وانزلهم عالي الجنان. نتمنى ان يقوم النائب العام بمخاطبة رئيس الوزراء ليستعينوا بفريق من خبراء الامم المتحدة المتخصصين في نبش مقابر الدفن الجماعي، وفيهم اطباء شرعيين وعلماء في علم الاجناس الشرعي وفي علم الاثار الشرعي وعلماء في البصمة الوراثية والاسنان والاعيرة النارية وغيره، ولهم خبرات متراكمة في هذا العمل في العديد من الدول التي شهدت مثل هذه الجرائم واكثر، بالإضافة الى ما لهم من اجهزة متقدمة رادارية واشعاعية وموجات صوتية، ومعينات معملية شاملة ودعم لوجستي غير محدود، وعليه ستكون تقاريرهم صلدة لا تخر المويه، بالاضافة للحيادية ودون التأثر بأي ضغوط أو خوف من أي مخلوق! ده الاقتراح القلناه من قبل، وده المفروض يحصل، وحتى لو فيو إلتزامات مالية يجب على الدولة تنفيذه دون تردد، وهو اقل واجب على الحكومة بحق الشهداء الكرام، الذين بفضلهم ترَّيس وتسيَّد وتحكَّم من هم على سدة الحكم الان.. فوق وتحت..

وبعد…فالشاهد ان دماء هؤلاء الشهداء ستبقى معلقة على رقبة السلطات ولن تسقط الى يوم الدين، ولكن لا تزال للأسف قضايا كل هؤلاء الشهداء معلقة تنتظر العدالة، اذ ما تزال قضايا كل هذا الرتل من الشهداء الكرام تراوح مكانها بلا حسم، وتجري محاولات يائسة لـ(دغمستها) وطيها وتسجيلها ضد مجهول باللعب على الزمن ولكن هيهات، ان كل هذا العدد الكبير من الشهداء الذين ظلوا يتساقطون منذ انقلاب الاسلامويون في يونيو 1989 ومرورا بانقلاب 25 اكتوبر 2021، والى يوم الحرب هذا، قتلوا بواسطة قوات مدججة بالسلاح، ولهذا يبقى من المؤكد أن هناك (أشخاصا ما) أو (جهة ما) تعلم هؤلاء القتلة علم اليقين، بل المؤكد أيضا أن هؤلاء الأشخاص أو تلك الجهة هم أو هي من دفعتهم لارتكاب هذه المجازر المحزنة، وعلى كل حال، فان قضية كل هؤلاء الشهداء لن تسقط بالتقادم الى يوم الدين، يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش، ويقول كل أحد نفسي نفسي حيث لا ينفعه تنظيم ولا حزب ولا تجيره مؤسسة مدنية أو عسكرية، وما أصدق المثل الشعبي الذي يقول (يا كاتل الروح وين بتروح)..

 

 

 

 

 

الوسومالتقادم الحق بورتسودان حيدر المكاشفي مجزرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: التقادم الحق بورتسودان مجزرة

إقرأ أيضاً:

الحسين (عليه السلام) صرخة المظلومين من كربلاء إلى غزة .. الثورة التي لا تموت

تحلّ على الأمة الإسلامية في العاشر من شهر الله المحرم ،  ذكرى أليمة تهزّ القلوب وتوقظ الضمائر، إنها ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، سبط النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، في واقعة كربلاء الخالدة التي وقعت في العاشر من محرّم سنة 61 للهجرة ،  واقعة لا تزال حيّة في وجدان الأمة، متجددة في وجعها، عميقة في دلالاتها، وشاهدة على صراع الحق والباطل الذي لا ينتهي.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

عاشوراء الحسين عليه السلام .. يوم الثورة والكرامة 

وليس الحديث عن كربلاء مجرد سرد تاريخي لحدث مأساوي، بل هو استحضار لدروس عظيمة، وقيم رفيعة، ومواقف إيمانية خالدة. فمن عاشوراء نتعلم كيف يكون الصمود في وجه الطغيان، وكيف تُبذل الأرواح في سبيل المبادئ، وكيف يُصان الدين من الانحراف والتحريف ،  ذكرى الحسين (عليه السلام) محطة وعي وإصلاح وبناء داخلي وروحي، تستحق أن نتوقف عندها بكل خشوع وتفكر في كل عام، بل في كل حين.

هذا التقرير الصحفي يُسلط الضوء على محاور متعددة تبرز المعاني العظيمة لثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، منها: دوره كأول ثائر في الإسلام بوجه الاستبداد والطغيان ، وملحمة كربلاء مثال للعزة والكرامة، والأبعاد الدينية والإنسانية العميقة التي تجعل من مظلوميته قضية ممتدة لكل المظلومين في التاريخ والواقع المعاصر،  كما يستعرض التقرير كيف يُنظر إلى عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية، وخصوصًا كما يراها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، من منظور تعبوي وثوري يرتبط بالواقع السياسي والإنساني للأمة.

إن أهمية هذا التقرير لا تكمن فقط في التوثيق، بل في كونه دعوة للتأمل والعمل، ومحاولة جادة لفهم كيف يمكن للأمة أن تُعيد بناء نفسها على ضوء قيم كربلاء، وكيف تكون عاشوراء نبراسًا للهداية ومصدرًا لا ينضب من القوة والكرامة في وجه التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة الإسلامية في كل مكان وزمان.

 

الحسين عليه السلام .. الثائر الأول في الإسلام

كان الإمام الحسين (عليه السلام) أول ثائر إسلامي يعلن رفضه الصريح لنظام سياسي منحرف عن قيم الإسلام، تمثّل في حكم يزيد بن معاوية الذي حول الخلافة إلى مجون واستبداد ونظام ملكٍ عضوض تحكمه المصالح وتطغى فيه الأنانية على العدالة، والفساد على الإصلاح ،

ثورة الإمام الحسين لم تكن ذات دوافع شخصية أو طموحات سلطوية، بل جاءت كخط دفاع أخير عن جوهر الإسلام، وعن كرامة الأمة التي كادت تُصادر باسم الدين، وموقفه كان واضحًا عندما قال: “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”.

وبهذا، رسم الإمام الحسين (عليه السلام) للأمة طريقًا واضحًا ،  أن (لا مساومة على الحق، ولا سكوت على الباطل، وأن الدم الطاهر أقوى من سيوف الطغاة).

 

كربلاء.. ملحمة العزة والإباء

في كربلاء، حيث قلة في العدد، وكثرة في العزم، وقفت ثلة من أهل بيت النبوة وأصحاب الحسين (عليه السلام) بوجه جيش جرّار لا يعرف رحمة ولا عدالة،  لكنهم صمدوا واستُشهدوا واقفين، ليؤكدوا أن الكرامة لا تُشترى، وأن الظلم لا يُهادَن ، إنها ملحمة إنسانية خالدة كتبتها دماء الشهداء، لتبقى منارةً تهدي الضمائر وتلهم الأحرار في كل العصور.

ملحمة كربلاء كانت مشروعاً متكاملاً للإصلاح والتغيير صدح به الإمام الحسين عليه السلام بكل وضوح : ( إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) ، ومنذ ذلك اليوم تحولت كربلاء إلى رمز حي في وجدان المسلمين وكل الأحرار في العالم بأن درب الحسين هو درب الكرامة واليقظة والثورة .

 

الأبعاد الدينية والإنسانية العظيمة لمظلومية الإمام الحسين (عليه السلام)

مظلومية الإمام الحسين عليه السلام ليست حدثًا مغلقًا في الزمان، بل قضية مفتوحة تتكرر في كل عصر، وتتجدد في كل مظلومية يتعرض لها الإنسان، وخاصة المسلم، في أي مكان من العالم.

لقد كانت كربلاء صرخة ضد الظلم السياسي، والديني، والاجتماعي، ولهذا فإن كل مظلوم في الأمة، من شرقها إلى غربها، إنما يحمل في وجعه شيئًا من دم الحسين.

وفي هذا السياق، تمثل مظلومية غزة اليوم أبرز الشواهد الحيّة على امتداد عاشوراء. ففيها يُقتل الأطفال والنساء، وتُهدم البيوت على ساكنيها، ويُحاصر الأبرياء ويُحرمون من أبسط مقومات الحياة، وكل ذلك على يد عدوّ صهيوني يتجرد من كل معاني الإنسانية، ويمارس الإبادة والتطهير بكل ما تحمله الكلمة من فظاعة.

هذا العدو ليس غريبًا عن التاريخ، بل هو في امتداد طبيعي لنهج يزيد، المتجرد من القيم، المتصف بالوحشية، المتعطش للدماء،  وإن ما فعله يزيد في كربلاء، يفعله الاحتلال في غزة اليوم، لكن بأدوات عسكرية متطورة وإعلام كاذب وتواطؤ دولي مخزٍ.

وهكذا، فإن كل مقاومة في وجه الاحتلال، وكل صرخة في وجه الظالم، وكل شهيد يسقط من أجل قضية عادلة، هو على خطى الحسين عليه السلام، ويحمل روحه، ويعيد إحياء ملحمته.

 

ماذا تعني ثورة الحسين للأمة الإسلامية؟

ثورة الإمام الحسين تمثل الضمير الحيّ للأمة في مواجهة الطغيان وميزانًا أخلاقيًا يقيس الشعوب والأنظمة والقدوة العملية لكل من يسعى لإصلاح الواقع و المنارة التي تهدي المقاومين والمجاهدين في سبيل الحرية والكرامة وما تعنيه هذه الثورة للأمة الإسلامية أن الحق لا يُقاس بالكثرة، بل بالثبات عليه،  فالحسين عليه السلام واجه آلاف الجنود بقلةٍ مؤمنةٍ واعية، لكنها أصبحت ضمير الأمة إلى يوم الدين ، وأن الكرامة فوق الحياة، لأن الحسين لم يختر القتال ليُقتل، بل ليحيا الإنسان حُرًّا بكرامة، ويُسقط من يبيعون الأمة مقابل سلامهم الزائف ، وأن الدين لا يُفصل عن الموقف السياسي، لأن الانحراف السياسي كان مدخلاً لانحراف عقائدي عميق، ما جعل الحسين عليه السلام يربط إصلاح الأمة بإصلاح الحكم والنتيجة أن التضحية من أجل الحق لا تموت، بل تُثمر في أجيال لا تُعد، وهذا ما رأيناه في كل ثورة انطلقت تحت شعار “هيهات منا الذلة”.

اليوم، كل مظلوم يرفع صوته، وكل مقاوم يقف في وجه طغيان داخلي أو خارجي، إنما يستحضر من الحسين روحه، ومن كربلاء عزيمته. من فلسطين إلى اليمن، ومن كل أرض تقف بوجه الاستكبار، نجد في ثورة الحسين عليه السلام  إلهامًا لا يخبو.

عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية كما يراها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)

ذكرى عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية ليست مجرد مناسبة عاطفية أو طقسية، بل هي محطة وعي متقدمة، تُستعاد فيها القيم الحية التي جسّدها الإمام الحسين (عليه السلام) في مواجهة الطغيان والانحراف،  وفي خطابات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، نجد أن عاشوراء تمثل مدرسة متكاملة للتعبئة الإيمانية والثورية، ومنطلقًا لفهم واقع الأمة وتحديد موقفها من قضاياها المصيرية.

ويرى السيد القائد أن كربلاء ليست حدثًا معزولًا، بل هي صراع مفتوح بين خط الحق وخط الباطل، وأن الحسين (عليه السلام) خرج لمواجهة انحراف الأمة عن القرآن الكريم، وانقلابها على تعاليم النبي (صلى الله عليه وآله)،  ولهذا فإن إحياء عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية يكون بالتحرك العملي في مواجهة قوى الاستكبار والهيمنة، وعلى رأسها  أمريكا و”إسرائيل”، اللتان تمثلان اليوم امتدادًا ليزيد في العصر الحديث.

ويؤكد السيد القائد في خطاباته أن الوقوف مع المستضعفين والمظلومين، وفي مقدمتهم شعب فلسطين وغزة، هو من جوهر الولاء للحسين ونهج كربلاء، وأن التخاذل عن نصرة قضايا الأمة هو خيانة لرسالة عاشوراء.

ويشدد على أن ما تحتاجه الأمة اليوم هو استلهام الروح القرآنية الثورية من الإمام الحسين (عليه السلام)، والانطلاق بها لمواجهة كل أشكال الظلم، سواء في الداخل عبر مكافحة الفساد والطغيان، أو في الخارج بمواجهة العدوان والحصار والتدخلات الأجنبية.

في هذا السياق، تُقدَّم المسيرة القرآنية كامتداد حي لثورة كربلاء، تتبنى خيار التضحيات الكبرى، وتعبئ الجماهير بروح الصمود والإيمان، وتُسقِط أقنعة الطغاة باسم الدين والسياسة، تمامًا كما فعل الحسين في وجه يزيد.

هكذا، تُعدّ عاشوراء كما قدمها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) ثورة متجددة، وإصلاحًا دائمًا، وخط مواجهة ممتدًا إلى آخر الزمان، لا يقبل الحياد ولا المساومة، ويمنح كل الأحرار في الأمة بوصلة هدى تقودهم في زمن التيه والانحراف.

خاتمة

عاشوراء ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي اختبار دائم للوعي والضمير، وفرصة لإعادة صياغة علاقة المسلمين بدينهم وتاريخهم وواقعهم. إنها محطة إلهام للشعوب المستضعفة، ودعوة مستمرة لكل الأحرار لأن يكونوا على درب الحسين، أن يثوروا للحق، ويقفوا مع المظلوم، ويرفضوا الانحناء للطغيان.

سلام الله على الإمام الحسين عليه السلام وأصحاب الإمام الحسين ، وجعلنا من السائرين على دربه، الناصرين لرسالته، المستنيرين بنوره حتى قيام الحق واندحار الباطل، في غزة، وفي كل أرض ينزف فيها المظلومون.

مقالات مشابهة

  • دروس من كربلاء
  • "حتى لا أتكشف عندما يقتلونني"!
  • عُمان.. وطن السلام والثوابت
  • المفسدون في الأرض
  • «الشعب الجمهوري» يُكرّم أسر الشهداء في احتفالية كبرى بالقليوبية
  • نعيم قاسم: خيار المقاومة في لبنان ليس محل مساومة
  • الشيخ نعيم قاسم: قادرون على مواجهة العدو الاسرائيلي وهزيمته
  • إحصاء الأضاحي ينطلق بإقليم الحوز… لجان رسمية تُحكم قبضتها على العملية، وتمصلوحت في الواجهة.
  • الحسين (عليه السلام) صرخة المظلومين من كربلاء إلى غزة .. الثورة التي لا تموت
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث للغد 2)