أرهقت الحرب التي تشهدها اليمن منذ انقلاب ميليشيا الحوثي كاهل اليمنيين، وعلى مدار نحو عقد من الزمن تأثرت مناحي الحياة بشكل مباشر، ومع كل إطالة لأمد الحرب تتفاقم المعاناة ويتضاعف سوء الأوضاع أكثر فأكثر.

 

وشهدت الأعوام الماضية محاولات متكررة وحثيثة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية وإنهاء حالة الحرب، وفق أطر سلمية تفرضها وتصوغها طاولات المفاوضات والمباحثات السياسية واللقاءات الدبلوماسية، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، بسبب تعنت الحوثيين ونقضهم لالتزاماتهم وتعهداتهم.

 

 وفي ظل كل ذلك، لا يزال هنالك سواء على المستوى المحلي أو الدولي، من يتبنى وجهة النظر التي تُشير إلى أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد والسبيل الأمثل نحو تحقيق سلام شامل ومستدام.

 

في المقابل، يعتبر كثيرون، لا سيما في الداخل، أن الحسم العسكري هو الخيار الحتمي والأنسب لإنهاء سيطرة ميليشيا الحوثي، والبدء في إعادة إعمار الدولة، بعيدًا عن تأثير إيران.

   

*الحسم العسكري*

 

ويرى نائب رئيس التوجيه المعنوي بقيادة محور تعز والمتحدث العسكري باسم المحور، العقيد عبد الباسط البحر، أن "القضاء على الحوثيين لا يمكن تحقيقه إلا بالحسم العسكري"، معتبرًا أن "المسار السياسي مجرد حلم بعيد المنال، بسبب تعنت الميليشيا ورفضها أي حلول سياسية، خصوصًا أنه جرى تجريبها في أكثر من مرحلة سابقة".

 

وقال البحر، إن "الحوثيين لا يعترفون بالسلام أو التعايش، فمشروعهم قائم على الحرب والعنف وفرض السيطرة بالقوة، وفق ما أثبتته تجارب عديدة معهم، إذ نقضوا جميع الاتفاقيات السابقة فور تحقيق مكاسب مؤقتة".

 

وأشار إلى أن " الحوثيين لطالما استفادوا من تنازلات كثيرة قدمتها لهم الحكومة الشرعية، لكنهم في كل مرة يعودون إلى نقطة الصراع، ما يثبت عدم جديتهم وقابليتهم للدخول في أي عملية سياسية، وبهذا عدم جدوى هذا الخيار"، مؤكدًا أن "الحديث عن السلام مع الحوثيين وفق أُطر سياسية غير واقعي".

 

وشدّد البحر على أن "الدولة يجب أن تحتكر استخدام القوة ضد الجماعات المسلحة مثل الحوثيين، كما هو الحال في أي دولة طبيعية"، منوهًا بأن "أي محاولة لفرض حل سياسي معهم، ستكون مجرد تأجيل للصراع، وليس إحلالًا للسلام".

 

وأكد البحر أن "الدعم العسكري للحكومة الشرعية والجيش هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة اليمنية واستعادة الدولة ومؤسساتها، ورفع المعاناة عن أبناء الشعب اليمني"، معتبرا أن "انتهاء الحوثيين عسكريًا سيُسهم في حل الأزمات الاقتصادية والإنسانية، وعودة التنمية والاستقرار إلى كامل ربوع البلاد".

 

وبدوره، يرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا، فياض النعمان، أن "خلاص اليمن من الميليشيا الحوثية الإرهابية يجب أن يتضمن نهجًا متكاملًا يجمع بين المسارات العسكرية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية والإعلامية، كون النظام الإيراني عمل على تعزيز أدوات الحوثيين بمختلف الأصعدة، منذ انقلابهم على الدولة اليمنية" وفق تعبيره.

 

وقال النعمان، إنه "يجب على الشرعية اليمنية العمل بشكل متوازن، بين مسار الضغط العسكري الحازم في جميع الجبهات، بتنسيق مشترك مع الشركاء الإقليميين والدوليين، والمسار السياسي المدروس، بما يحقق إنهاء الأزمة اليمنية، وفق المرجعيات الأساسية الثلاث".

 

ولفت إلى أن ذلك "هو الأكثر فاعلية للقضاء على قدرات الميليشيا الحوثية بشكل جذري ومستدام".

 

وأوضح النعمان أن "الخيار العسكري أصبح اليوم أكثر المسارات المُمكنة لتحقيق استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، عبر القضاء على الدعائم الأساسية التي ترتكز عليها الميليشيا الإرهابية الحوثية، المتمثلة في قياداتها السياسية والعسكرية".

 

*استحالة الحل السياسي*

 

وتابع: "أن إنهاء النظام المالي والاقتصادي الذي تعمل عليه الميليشيا الحوثية لتمويل حربها الداخلية والإقليمية، بالإضافة إلى تبييض صورتها وفق الاستراتيجية الإعلامية والدعائية المتبعة في نشر وقائع زائفة وغير منطقية، وتتنافى مع الحقيقة، يتطلب تفعيل كل المسارات الاقتصادية والإعلامية والدبلوماسية، إلى جانب المسار العسكري، للخلاص من المشروع الدخيل على اليمن والمنطقة برمتها".

 

ويقول المحلل السياسي، أحمد عائض، إن "المجتمع الدولي بدأ تبني وجهة نظر الشرعية اليمنية، التي تؤكد استحالة تحقيق أي تقدم سياسي مع ميليشيا الحوثي".

 

وأضاف أنه "على مدار أكثر من عقد، أثبتت التجارب والمفاوضات الدولية والمحلية، أن الحوثيين لا يلتزمون بأي اتفاقيات، رغم التنازلات المقدمة، مثل فتح مطار صنعاء والموانئ والاعتراف بالجوازات الصادرة عنهم، فضلًا عن الصبر على عدم تصدير المشتقات النفطية والغازية كضرورة وطنية".

 

*"جماعة إرهابية"*

 

ويعتقد عائض، في سياق حديثه لـ"إرم نيوز" أن "المجتمع الدولي بات على قناعة تامة بأن الحل السياسي بات خيارًا غير مجدٍ، وتستخدمه الميليشيا كوسيلة لكسب واستهلاك مزيد من الوقت، من خلال إلهاء المباحثات بقضايا جزئية وجانبية".

 

ويؤكد أن "الحل السياسي لا يحظى بأي قيمة، لا سيما عقب إعادة التصنيف الأمريكي باعتبار ميليشيا الحوثيين (جماعة إرهابية أجنبية)".

 

وقال إن "هذا التصنيف يُعد برتبة إجراء عسكري غير مباشر، فقد فرض قيودًا على السفن والموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وأصبحت قياداتهم مطلوبة للعدالة الدولية".

 

وتابع عائض أن"التصنيف الأمريكي نزع أي شرعية تدّعيها الجماعة، كسلطة أمر واقع، التي لطالما كانت تحاول ترسيخها وتمريرها بين أوساط المجتمع الدولي، ما عزز موقف الشرعية اليمنية أكثر في نظر العالم".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

عقب بدئها... مطالبات واسعة بتغيير وفد الحوثيين المشارك في المفاوضات

طالب المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) الأمم المتحدة بالتدخل والضغط على مليشيا الحوثي لتغيير وفدها المشارك في مشاورات مسقط، على خلفية اتهامات خطيرة تتعلق بتورط عدد من أعضائه في ممارسات تعذيب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خصوصًا في ملف المختطفين والمحتجزين.

وقال المركز، في بيان، إن مشاركة عبدالقادر المرتضى، رئيس لجنة شؤون الأسرى لدى مليشيا الحوثي، ونائبه مراد قاسم، في مفاوضات إنسانية تتعلق بملف المختطفين، تُعد أمرًا غير مقبول، في ظل تقارير دولية وشهادات موثوقة تشير إلى ارتباطهما المباشر بحالات تعذيب وإخفاء قسري خلال السنوات الماضية.

واعتبر المركز أن إشراك شخصيات متهمة بانتهاكات خطيرة في مسار تفاوضي إنساني يثير تساؤلات جدية حول نزاهة العملية التفاوضية وسلامتها، ويهدد حقوق الضحايا، ويقوض الثقة في أي نتائج محتملة قد تخرج بها هذه المشاورات.

وكان الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ)، قد أعلن انضمامه رسمياً إلى دعوة نقابة الصحفيين اليمنيين للمطالبة باستبعاد القيادي في جماعة الحوثي، عبدالقادر المرتضى، من المشاركة في جولة المفاوضات القادمة بمسقط؛ على خلفية اتهامات موثقة بتورطه المباشر في ارتكاب جرائم تعذيب وحشية بحق صحفيين مختطفين في سجون الجماعة.

شهادات موثقة

ويستند تقرير المركز الأمريكي إلى شهادات أربعة صحفيين يمنيين أُفرج عنهم مؤخرًا بعد سنوات من الاحتجاز، أكدوا تعرضهم لأبشع صنوف التعذيب والمعاملة القاسية، ووجّهوا رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالبوا فيها باستبعاد عبدالقادر المرتضى ونائبه مراد قاسم من المشاورات، على خلفية تورطهما المباشر في الانتهاكات التي تعرضوا لها خلال فترة احتجازهم.

وقبيل بدء جولة المفاوضات الأخيرة، أعلن المحامي والناشط الحقوقي عبد المجيد صبرة إضرابه عن الطعام داخل أحد سجون مليشيا الحوثي، احتجاجًا على استمرار احتجازه ومنع الزيارة عنه، في واقعة زادت من حجم الضغوط الإنسانية الملقاة على طاولة المفاوضات، وأعادت تسليط الضوء على أوضاع المحتجزين في سجون الجماعة.

وفي هذا السياق، أكد المركز الأمريكي للعدالة، كما ورد في تقريره، أن أي تقدم حقيقي في ملف المختطفين يتطلب فصل المسار الإنساني عن الحسابات السياسية والعسكرية، وضمان عدم منح المتورطين في الانتهاكات أي غطاء سياسي أو شرعية تفاوضية. 

جماعة إرهابية

وكانت الإدارة الأمريكية قد أدرجت، في العام 2024، لجنة الأسرى التابعة لـمليشيا الحوثي، التي يترأسها عبدالقادر المرتضى، على قوائم الإرهاب الدولية، ضمن سلسلة إجراءات استهدفت مسؤولين متورطين في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وفي وقت سابق من العام 2024، اتهم فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن عبدالقادر المرتضى، رئيس لجنة الأسرى لدى مليشيا الحوثي والمشرف على عدد من السجون في صنعاء، بارتكاب جرائم تعذيب بحق المختطفين. ووفقًا لتقرير الفريق، فقد ارتكب المرتضى انتهاكات خطيرة في عدة سجون، من بينها السجن المركزي بصنعاء، الذي يدير أحد ملحقاته.

وتأتي جولة مشاورات مسقط الجديدة بشأن ملف الأسرى والمختطفين في سياق سلسلة طويلة من الجولات السابقة التي لم تحقق اختراقًا حقيقيًا، رغم ما رافقها من تعهدات وتصريحات متفائلة. 

ومنذ سنوات، ظل هذا الملف الإنساني رهينة التجاذبات السياسية والعسكرية، ما أدى إلى تعثر تنفيذ اتفاقات أُعلن عنها سابقًا، وبقاء آلاف الأسرى والمختطفين في السجون، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.

مقالات مشابهة

  • نائب القائد العام: نبارك إجراء الانتخابات البلدية ونؤكد دعمنا للاستحقاقات الوطنية التي تدعم مسار بناء الدولة
  • برلماني: تثبيت وقف إطلاق النار في غزة أولوية قصوى لإطلاق مسار سياسي مستدام
  • خبير عسكري: هجوم تدمر سيسرع الدعم العسكري الأميركي لسوريا
  • أزمة مصطفى كامل وعاطف إمام تتجه للقضاء| محامي الموسيقار يهاجم الموسيقيين
  • عقب بدئها... مطالبات واسعة بتغيير وفد الحوثيين المشارك في المفاوضات
  • مشروع قانون في الشيوخ الأمريكي لفرض عقوبات على الحوثيين
  • عاجل.. مصدر في الرئاسة يكشف المهمة التي جاء من أجلها الفريق السعودي الإماراتي العسكري إلى عدن.. إخراج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة
  • محافظات 76 عملية في يوم.. إنجاز طبي جديد بمستشفى أشمون العام للقضاء على قوائم الانتظار
  • 76 عملية في يوم .. إنجاز طبي جديد بمستشفى أشمون العام للقضاء على قوائم الانتظار
  • تزايد معدلات العنف.. ما الحل؟