لا ادري هل تدرك قوانا السياسية فى الحكومة والمعارضة ان هنالك ثمة واقع جديد شكلته الحرب ام لا، ولكن عليهم ان يدركوا ان السودان بعد الحرب لن يحكم بالطرق القديمة وان هنالك (ماكيت جديد لنج)، انتجته ديناميكية المعركة سيكون ناظما للحراك المستقبلي فى اي مسعى لترتيب مشهد الحكم فى البلاد.

صعدت اثناء هذه الحرب قوى سياسية ومجتمعية، لم تدخل ميدان المعركة عبر اللافتات السياسية ولا المنصات الحزبية، باتت جزءا من تشكيل النسيج المؤثر فى تحريك خيوط الترتيب للمشهد القادم، وفي المقابل سقطت قوى اخرى من وجدان الشارع والناس لانها ابدت تماهيا مع انتهاكات المليشيا وفشلت فى امتحان الوطنية المكشوف وسقطت وسقطت وخسرت قلب المواطن الذى بحث عنها فى عز محنته فلم يجدها.

.

لا اعتقد ان بيئة مابعد الحرب ستكون مناسبة لحكم الأحزاب ووجودها على سدة الحكم، الاجدي ان تكون هنالك فترة انتقالية طويلة تعتمد التكنوقراط بوجود الجيش بعيدة عن عبث الممارسات القديمة، مرحلة يتعافى فيها الوطن من جراح الحرب، تعده الى مرحلة الانتخابات بعد تعقيمه وعلاجه من امراض الفساد السياسي والتسلط على رقاب الناس.

والافضل للاحزاب خلال هذه المرحلة ان تعود الى دورها وتنظم قواعدها – ان وجدت- وتقدم برامج حقيقية بعيدا عن الاكلشيهات المرحلية والهتافات والشعارات الزائفة، واستدعاء البطولات من كتب التاريخ.

الواقع السياسي القادم لن يتجاوز باي حال من الاحوال القوى الجديدة وتيار الشباب الثائر المرابط فى الخنادق والممسك بالبنادق، فهم يمثلون سلطة الشعب ، لم يستاذنوه ولم يقدمهم ولكنه علم باخلاصهم ووطنيتهم واعتمدهم زادا لمقبل الايام فى سودان ما بعد الحرب.
غير الممسكين بالزناد- الذين تدافعوا لتحرير السودان شبرا شبرا – هنالك ايقونات مدنية وتنظيمات شبابية صعدت مع الحرب عبر رافعة الافعال لا الاقوال ، وصارت معتمدة لدى الشارع وسيكون لها دور تاريخي مؤثر بعد الحرب ، فقد وجدهم الناس فى تنظيم التكايا وتقديم العلاج وتبني المبادرات الخيرة يهشون عنه الجوع والمسغبة ويطردون المرض عن جسده المنكوب ويحفظون حقه فى العيش بعزة وكرامة.

على قوانا السياسبة التى تجتمع فى بورتسودان الان ضمن مبادرة الحوار السوداني لتشكيل مرحلة مابعد الحرب بالتزامن مع اعلان تعديلات الوثيقة الدستورية، وتشكيل الحكومة الجديدة عليهم ادراك ان السودان الجديد فى مرحلة ما بعد الحرب لن يحكم بذات الادوات القديمة التى اورثتنا ما نحن عليه من دمار وحرب هددت وجود الدولة السودانية ووضعتها امام اصعب امتحانات البقاء على قيد الحياة..

الذين يحاولون اختطاف سلطة ما بعد الحرب ليتهم سجلوا زيارات الى المناطق المحررة ، واستمعوا لحماس الشباب الثأئر فى الخطوط الامامية ووقفوا على فيوض الوطنية التى تتدفق من الحناجر والخنادق، وعايشوا رهق اللحظات العصيبة للمشاركين من المجاهدين والمستنفرين وبراؤون وحتى منسوبي ثورة التغيير السودانية، هذا الامر عبر عنه الفريق اول ياسر العطا عضو مجلس السيادة ، مساعد القائد العام للجيش بقوله (كيزان يقاتلوا معانا فوق راسنا شباب غاضبون يقاتلوا معانا فوق راسنا شباب المقاومة يقاتلوا معانا وفوق راسنا)، وربما التقطه الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للحيش في تاكيده خلال لقائه بالرموز المجتمعية فى ام درمان مؤخرا بوجود تشكيلات شبابية صاعدة.

لو كنت مكان القائمين على امر الدولة لاستصحبت السياسيين المرابطين فى (فندق القراند) ببورتسودان الي مناطق العمليات والمواقع المحررة ليروا بام اعينهم ويدركوا ان امر السلطة فى السودان لن يعود مثلما كان ، وان زمن المحاصصات وعهد الانقياد الاعمى للولاءات القديمة قد انقضى وان زمان ( حيكورة) السلطة لفلان او علان قد مضى الى غير رجعة..

رأينا شباب القوى الجديدة فى الخطوط الامامية وفي المواقع المحررة ، يتدفقون كما السيول الجارفة يجمعهم حب الوطن ويؤلف بينهم الكاكي، شرف الجيش والوطن، يقبلون على حب البلد بافئدة خالية من ( كلسترول السياسة)، همهم بقاء السودان واحد موحدا وعزيزا كريما.. رايناهم فادركنا ان قوى حديثة تنهض متجاوزة الاحزاب المتكلسة وفشلها التاريخي..

لن نقول ان من يوجدون فى الخنادق الان ويمسكون بالبنادق يريدون السلطة، ولن ندعو كذلك لمحاصصة تاتي حسب مستوى المشاركة فى الحرب ولو قلنا ذلك سنكون محقين ، ولكن نوصي قوانا السياسية بان تستصحب الواقع الجديد فى سعيها للحفاظ على نفوذها السلطوي وحصتها فى كعكة الامتيازات.. فالسودان لم يعد كما كان… والشعب كذلك..

*محمد عبدالقادر*

صحيفة الكرامة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعد الحرب

إقرأ أيضاً:

عرمان .. جلوس الأطراف للوصول لوقف إطلاق نار إنساني فوري ينهي الكارثة

قال رئيس الحركة الشعبية_ التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان إن الطريق القصير للسلام في البلاد يتمثل في جلوس الأطراف للوصول لوقف إطلاق نار إنساني فوري ينهي الكارثة الإنسانية ويوفر الحماية للمدنيين ثم إنهاء الحرب بمخاطبة جذورها.
وأضاف عرمان في تغريدة على منصة إكس معلقا على تشكيل حكومة تأسيس “لأوّل مرّة منذ 1956يشهد السودان حكومتين في بلدٍ واحد يتنافسان على السلطة والموارد والشرعية ويعملان على إطالة أمد الحرب” وتابع “النموذج الليبي دمر دولة أهلنا في ليبيا ولن يكون أفضل حالا في السودان”.

الحدث_السوداني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: مؤتمر "حل الدولتين" يأتى فى مرحلة مفصلية من الحرب الإسرائيلية على غزة
  • 3 وفيات و53 إصابة بضربات شمس شرقي السودان
  • غوتيريش يرفض استخدام الجوع سلاحا في الحرب
  • اقرأ عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية الإثنين 28 يوليو 2025
  • ماذا فعلت الأصابع الخفية في السودان؟
  • بورتسودان تحترق: “41” إصابة خلال يومين فقط
  • السودان.. والي شمال دارفور: الوضع الإنساني في الفاشر سيئ
  • عرمان .. جلوس الأطراف للوصول لوقف إطلاق نار إنساني فوري ينهي الكارثة
  • أبرز عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية اليوم الأحد 27 يوليو 2025
  • الهلال يتوج بكأس السودان بعد انسحاب المريخ