هي ليست دعوة أخلاقية مجبولة بدوافع إنسانية، ولكنها دعوة غطرسة استعمارية حافلة بمفردات تحقير وازدراء لحلفاء أمريكا في المنطقة، وهي إهانة للأنظمة المطبعة، كما هي تحقير لكل المنظومة العربية _الإسلامية، وهي كذلك للمجتمع الدولي وللقانون الدولي، ولكل القيم التي تنظم العلاقات بين الأمم..
ترامب لم يكن يقصد فعليا نقل سكان غزة، بقدر ما كان قصده إفراغ القطاع من المقاومة من ( حماس والجهاد) وكل فصيل فلسطيني مسلح في غزة والضفة وفي كل فلسطين.
دعوة ( ترامب) لترحيل سكان قطاع غزة هي دعوة ضغط ومساومة الهدف من ورائها هو ترحيل قيادة المقاومة من القطاع وتفكيك فصائل المقاومة وتجريدها من السلاح، والحال ذاته ينطبق على الضفة وعلى كل الجغرافية الفلسطينية التي يجب أن تكون خالية من أي مظاهر مسلحة، ومن ثم البدء في السير على طريق (حل الدولتين) الذي يقوم وفق المنظور الأمريكي _الصهيوني _الغربي _بموافقة بعض الأطراف العربية، والذي يتلخص في إقامة دولة فلسطينية مجزأة الحدود ومنزوعة السلاح والسيادة..؟!
هذا الطرح سبق أن طرحته واشنطن في عهد ( ترامب) الأول وفي عهد ( بايدن) ويحاول ( ترامب) في عهده الثاني أن يطبق هذا المخطط على خلفية دعوته للتهجير التي هي دعوة مساومة وضغط، الغاية منها إحداث صدمة في الوعي الجمعي الفلسطيني، صدمة تؤدي إلى إعطاء أنظمة المنطقة شرعية ومبرراً للضغط على المقاومة الفلسطينية ووضعها أمام خيارات صعبة تبدأ بقطاع ما بعد الحرب من غير (حماس والجهاد) ومن كل أشكال المقاومة سواء المقاومة المسلحة أو المقاومة كفكرة وقناعة ورأي وثقافة..!
باختصار قطاع غزة من غير المقاومة ومنزوع السلاح يعني خضوعه لإدارة مدنية موالية للاحتلال، إدارة وفق المخطط الصهيوني الأمريكي تتشكل من أنظمة عربية وأوروبية وبرعاية أمريكية، من شأنها أن تعيد بناء القطاع المدمر على شكل (ريفيرا)، لتكون غزة (ريفيرا) المتوسط، على أن تتحمل الدول العربية تكاليف إعادة إعمار القطاع وفق المخطط الأمريكي _الصهيوني المعد سلفا، من خلال التدمير الممنهج الذي قام به جيش الاحتلال الذي كان حريصا على التدمير بطريقة تسهل إعادة البناء، بعد إزالة الركام وتطبيق مخطط يليق بجعل القطاع منطقة سياحية تدار من قبل (برج ترامب) وصندوقي ( أبوظبي) و (السعودية)، على أن تتم إعادة الإعمار أيضا برعاية وإشراف واشنطن حصريا وبما يمكن أمريكا من بسط سيادتها على القطاع بطريقة تمكنها من إحكام السيطرة على شواطئ القطاع حيث أكبر مخزون من (الغاز) تحتضنه جغرافية القطاع العربي الفلسطيني من ناحية ومن الأخرى المضي أمريكياً قدما في إنجاز قطار الهند _ دبي _حيفاء _غزة..!
هذا الخط الذي تحاول واشنطن من خلاله قطع_ طريق الحرير الصيني _ الذي انطلق منذ سنوات في سياق صراع جيوسياسي عالمي.
دعوة ترامب يمكن القول إنها دعوة (باطل) يراد بها (باطل) وهي دعوة جاءت بعد فشل مسارات السلام في المنطقة وفشل اتفاق (أوسلو) وأيضا فشل (الربيع العربي) في تحقيق رؤية أمريكا وبعده فشل (صفقة القرن) التي أطلقها ترامب نفسه في ولايته الأولى، ثم جاءت ( طوفان الأقصى) التي بددت أحلام الصهاينة في تعزيز اتفاقية (إبراهام)، ورغم مرور 15 شهرا من حرب إبادة وتدمير وقتل مروع بحق سكان قطاع غزة الذي لم يبق فيه العدو حجرا ولا شجراً، بشراكة أمريكية ومساعدة أوروبية وتواطؤ عربي إسلامي، حرب غير مسبوقة أظهر الكيان وجهه القبيح للعالم، الأمر الذي قلب الوعي الجمعي لشعوب العالم بمن فيها شعوب الدول الحليفة للكيان التي آمنت بحقيقة الكيان الإجرامية وبعدالة القضية الفلسطينية، بعد كل هذه التداعيات التي دفعت المنظمات قاطبة لإدانة الكيان ورعاته وفي المقدمة أمريكا، لتنتهي الحرب دون أن يحقق العدوان أيا من أهدافه ليضطر مجبراً على مفاوضات المقاومة لاسترجاع أسراه وكانت نهاية العدوان بمثابة انتصاراً استثنائي ومدوٍ للمقاومة، رغم ما رافقت المعركة من خسائر طالت محور المقاومة في لبنان وسوريا واليمن، وإيران، غير أن تراجيديا المعركة أظهرت العدو بحالة من قبح لم يكن واضحا لشعوب وأنظمة العالم، ولم يكن أمام أمريكا من طريقة إلا تلك التي عبر عنها (ترامب) الذي جاءت دعوته وبهذا السفور الوقح حافلة بالرسائل والرغبات المراد الوصول إليها، منها وضع أنظمة المنطقة أمام مسؤوليتها، بطريقة كمن يقول لهذه الأنظمة (تفضلوا حلوا الأزمة إن كانت دعوتي لا ترضيكم)، كما هي محاولة لتلميع وجه العدو وتبييض صفحته دوليا بعد الجرائم التي ارتكبها بالقطاع وبحق سكانه، وقد تزامنت الدعوة مع سلسلة إجراءات اتخذتها إدارة ترامب ومنها التغطية على تجاوز العدو في سوريا ولبنان وإطلاق يدها في الضفة، وتوعدها لليمن وتصعيدها ضد إيران، وتسويق الأكاذيب عن دول المنطقة، ليذهب ترامب بعيدا في خطاب الغطرسة الذي اتخذ منه وسيلة لترهيب العرب والفلسطينيين، رابطا كل أحداث العالم بجغرافية غزة وهو يدرك أن كل طروحاته عصية على التحقق إلا ما يتصل بسلاح المقاومة ومغادرتها القطاع وتجريدها في الضفة، من خلال دفع العرب والسلطة وبعض أصوات النشاز الفلسطيني والعربي والإسلامي إلى تحميل المقاومة وزر الأحداث، وتحويل انتصارها الأسطوري إلى هزيمة وجودية وترسيخ دعوة المقاومة التخلي عن سلاحها مقابل العيش الرغيد والآمن في كنف رعاية دولية، وبما أن التهجير دعوة مستحيلة التحقق غير أنها كافية لتطويق رقبة المقاومة على ضوء ما حدث في سوريا ولبنان وما ينتظر حسب المخطط إيران واليمن، وبالتالي قد لا يكون هناك مجال للمقاومة غير رعاة الحوار بينها وبين العدو والأمريكان وهم الأقرب للعدو والأمريكان منهم للمقاومة، وهذا ما يهدف إليه ترامب من دعوته التي غايتها تصفية المقاومة وتجريدها من أسلحتها وتسليم القطاع للسلطة التي بدورها تمثل أمريكا والعدو أكثر ما تمثل الشعب العربي الفلسطيني.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ترامب يشن هجوماً حاداً على ماسك.. ترامب: كان على إدارة الكفاءة الحكومية فحص الدعم الذي تلقته شركات ماسك
المناطق_متابعات
شنّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هجوماً لاذعاً على الملياردير إيلون ماسك في تدوينة نشرت على منصة تروث سوشيال، متهماً إياه بالاعتماد بشكل كبير على الإعانات الحكومية ومهاجماً ما سمّاه “تفويض السيارات الكهربائية” وهي إجبار الناس على شراء هذا النوع من السيارات، مضيفاً أنه كان على إدارة الكفاءة الحكومية فحص الدعم الذي تلقته شركات ماسك.
وقال ترامب، إن أميركا ستوفر ثروة طائلة إذا لم نطلق الأقمار الصناعية وننتج السيارات الكهربائية.
أخبار قد تهمك البيت الأبيض: ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لإنهاء عقوبات سوريا ومعاقبة الأسد 30 يونيو 2025 - 9:22 مساءً ترامب يتوقع التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أسبوع 28 يونيو 2025 - 3:03 صباحًاوأضاف أن ماسك كان على الأرجح سيغلق مصانعه ويعود لجنوب أفريقيا من دون الحصول على الدعم.
تأتي تدوينة ترامب في سياق تصاعد التوترات بين الرجلين حول قضايا اقتصادية وسياسية خلال الفترة الماضية، وعقب توجيه ماسك انتقادا شديدا لقانون ترامب بشأن الضرائب، وتحذيره من تمويل حملات ضد أعضاء الكونغرس.
وفي منشوره، لم يتوانَ ترامب عن وصف ماسك بأنه “ربما يحصل على دعم أكثر من أي إنسان في التاريخ، وبفارق كبير”، مشدداً على أن شركات ماسك العملاقة مثل تسلا وسبيس إكس لن تتمكن من البقاء “ولن تطلق صاروخاً واحداً أو قمراً صناعياً واحداً أو تنتج سيارة كهربائية واحدة” لو لم تحصل على هذا الدعم.
وأضاف ترامب بلهجة حادة: “لو لم يكن لديه ذلك، لكان قد أغلق متجره وعاد إلى جنوب إفريقيا”، في إشارة واضحة إلى أصول ماسك.
ولم تقتصر انتقادات ترامب على الجانب المالي، بل امتدت لتشمل “تفويض السيارات الكهربائية”، وهو ما أشار إليه على أنه “جزء رئيسي من حملتي الانتخابية”. وأوضح ترامب وجهة نظره قائلاً: “السيارات الكهربائية جيدة، ولكن لا ينبغي إجبار الجميع على امتلاك واحدة”. ويعكس هذا الموقف سعيه لجذب قاعدة انتخابية واسعة، خاصة تلك التي قد تشعر بالضغط من السياسات البيئية أو التي تعمل في الصناعات التقليدية المرتبطة بالوقود الأحفوري. يُظهر ترامب بذلك رفضه للتشريعات التي يعتبرها قسرية وتحد من حرية الاختيار الفردي.
وفي جزء مثير للفضول من تدوينته، ألمح ترامب إلى “DOGE دوج”، متسائلاً “ربما يجب أن تنظر “DOGE” بجدية في الإعانات المقدمة لماسك قائلا: أموال طائلة يمكن توفيرها!”.
ويُرجح أن ترامب كان يشير هنا إلى مبادرته السابقة التي تحمل نفس الاسم، وهي اختصار لـ “وزارة الكفاءة الحكومية” (Department Of Government Efficiency)، والتي أطلقها بهدف تقليص الهدر الحكومي وتحقيق الكفاءة. ومن خلال هذه الإشارة، يعزز ترامب صورته كشخص يسعى لترشيد الإنفاق الحكومي والتخلص من الإعانات التي يعتبرها غير مبررة أو مفرطة.
ويأتي هذا الهجوم في ظل تقلبات في العلاقة بين ترامب وماسك، والتي كانت تتأرجح بين التعاون والانتقاد. ويُفهم أن التدوينة تمثل محاولة من ترامب لاستغلال الخلافات الأخيرة مع ماسك حول مشروع قانون “الجميل الكبير”، الذي أقره ترامب، والذي انتقده ماسك بشدة.
ويستخدم ترامب هذه المنصة لتعزيز سرديته السياسية، مستهدفاً في الوقت ذاته شخصية بارزة لتسليط الضوء على ما يعتبره تضارب مصالح أو استغلالاً للنظام.