البيض بجنوب أفريقيا يرفضون عرض ترامب بإعادة توطينهم في أمريكا
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
مؤخرا، قدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب عرضا لإعادة توطين أصحاب البشرة البيضاء من مواطني جنوب أفريقيا “كلاجئين فارين من اضطهاد الأغلبية السمراء”.
التغيير ــ وكالات
ووقّع ترامب يوم الجمعة أمرا تنفيذيا بخفض المساعدات الأميركية لجنوب أفريقيا، مشيرا إلى قانون نزع الملكية الذي وقّعه الرئيس سيريل رامافوزا الشهر الماضي لمعالجة التفاوت في ملكية الأراضي الناجم عن تاريخ تفوق البيض في جنوب أفريقيا.
ونص قرار ترامب على إعادة توطين “الأفريكانيين في جنوب أفريقيا، باعتبارهم ضحايا للتمييز العنصري”، كلاجئين في الولايات المتحدة.
ويطلق وصف الأفريكانيين في الغالب على ذوي البشرة البيضاء من الوافدين قديما إلى جنوب أفريقيا من هولندا وفرنسا، الذين يمتلكون معظم الأراضي الزراعية في البلاد.
وقال متقاعد يبلغ من العمر 78 عاما ويعيش في بلدة بالقرب من كيب تاون “إذا لم يكن لدى المرء أي مشاكل هنا، فلماذا يريد الرحيل؟”.
وأضاف “لم نتعرض لأي استيلاء بشكل سيئ حقا على أرضنا، والناس يواصلون حياتهم بشكل طبيعي وتعلمون ذلك، فماذا ستفعلون؟”.
معالجة التفاوتوتمتلك الأقلية البيضاء ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية المصنفة على أنها مملوكة للقطاع الخاص.
ومن خلال القانون، تسعى السلطات إلى معالجة التفاوت على أساس عنصري في ملكية الأراضي من خلال تسهيل مصادرة الدولة للأراضي لصالح الملكية العامة. ودافع رامافوزا عن هذه السياسة.
وتشير بيانات هيئة الإحصاء إلى أن البيض يمثلون 7.2% من سكان جنوب أفريقيا البالغ عددهم 63 مليون نسمة. ولا توضح البيانات عدد الأفريكانيين.
ويقول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بزعامة رامافوزا -وهو الحزب الأكبر في الائتلاف الحاكم- إن ترامب يعمل على تضخيم المعلومات المضللة التي تروجها منظمة أفري فورام، وهي جماعة ضغط يقودها الأفريكانيون.
لكن المنظمة التي مارست الضغط على إدارة ترامب السابقة بشأن قضيتها، قالت إنها لن تقبل عرض إعادة التوطين.
الوسومأمريكا البيض ترامب جنوب أفريقيا عرض لاجئينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمريكا البيض ترامب جنوب أفريقيا عرض لاجئين
إقرأ أيضاً:
أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب
محمد بن علي البادي
منذ تأسيسها، سعت الرئاسة الأمريكية إلى ترسيخ صورة الدولة القائدة للعالم "الحر"، المتحدثة باسم الديمقراطية، والحارسة لمصالحها عبر تحالفات محسوبة وخطابات مدروسة.
لكن هذه الصورة لطالما بدت مزدوجة، تمارس الضغط وفرض الهيمنة بقدر ما تروّج للقيم. ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بلغ هذا التناقض ذروته، حين تحوّل التعامل الأمريكي مع الشرق الأوسط إلى صفقات مكشوفة، وتراجع دور المؤسسات لصالح نزوات الرئيس ومصالحه الضيقة.
فقد دعم أنظمة قمعية باسم "الاستقرار"، وتخلى عن قضايا عادلة كالقضية الفلسطينية، وروّج لما سُمي بـ"صفقة القرن" دون اعتبار لحقوق الشعوب.
وبدا الشرق الأوسط في نظره ليس أكثر من سوق صفقات، يتعامل معه بمنطق التاجر لا رجل الدولة.
سياسة بلا بوصلة
منذ اللحظة الأولى لتسلّمه الحكم، ظهرت ملامح الارتباك في تعاطي ترامب مع القضايا الدولية.. فقد بدا أقرب إلى رجل أعمال يراوغ ويتفاوَض ويهدد، منه إلى رئيسٍ يدير ملفات عالمية بحسٍّ مسؤول.. وتصريحاته المتقلّبة، قراراته المفاجئة، وانفعالاته المتكررة، كلها جعلت الثقة في منصب الرئاس ة تتآكل، داخليًا وخارجيًا.
كثير من تصريحاته كانت متناقضة أو تفتقر للدقة، ما أضعف مصداقيته وأربك شركاءه.. تعامل بفوقية مع الحلفاء، وبمزاجية مع الخصوم، وانسحب من اتفاقيات دولية كبرى دون تبرير واضح.. كل ذلك ساهم في تقويض صورة أمريكا بوصفها دولة مؤسسات، وأظهرها كدولة تُدار بتغريدة.
ازدواجية فاضحة
من أبرز مظاهر تخبطه، تردده في ملف إيران؛ يتفاوض عبر قنوات سرية، ثم يأمر بضرب منشآت نووية فجأة.. يتحدث عن السلام، ثم يشعل التوترات.
أما في ملف حقوق الإنسان، فقد سقطت كل الأقنعة، حين دعم بشكل سافر الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، متجاهلًا دماء المدنيين وآهات الأطفال.
ينادي بالقيم في العلن، ويدعم من ينتهكها في الخفاء.
اليد الأمريكية في تجويع غزة وتدمير قوى المقاومة
وقف ترامب بقوة إلى جانب إسرائيل في سياستها العدوانية ضد أهالي غزة، متجاهلًا معاناة المدنيين المحاصرين الذين يعانون من الحصار والتجويع المستمر.
لم يقتصر دعمه على الكلمات، بل شمل تقديم دعم سياسي وعسكري لتمكين إسرائيل من تنفيذ حملات التدمير ضد قوى المقاومة، بدءًا من غزة مرورًا بجنوب لبنان وسوريا، وصولًا إلى اليمن وإيران.
هذا الدعم ساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية، وتدمير البنى التحتية، وإضعاف قدرات المقاومة، ما عزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وأغرق الشعوب في معاناة مستمرة بلا أفق للحل.
رئيس بلا هيبة
تجلّى الارتباك حتى في حضوره الدولي؛ قادة يتجاهلونه، وآخرون يُظهرون عدم احترامه علنًا... كُشف عن صفقات سرّية معه، وأحرج في مؤتمرات صحفية أكثر من مرة. لقد تراجعت هيبة الرئاسة الأمريكية في عهده، وتحوّل الحضور السياسي إلى عرض مرتجل، خالٍ من الحكمة والاتزان.
انهيار الثقة
كيف يمكن لحلفاء أن يثقوا برئيس ينقض الاتفاقيات، ويبدّل المواقف، ويُعلن السياسات في تغريدة ويلغيها في أخرى؟ كيف تُبنى التحالفات مع قيادة لا تفرّق بين الدولة والمصلحة الشخصية، ولا تثبت على موقف أو شراكة؟
لقد زرع ترامب الشك حتى في أروقة الحلفاء، وأدار أمريكا كما تُدار شركة خاصة، حيث مصير الشعوب مرهون بمزاج المدير.
خاتمة
ترك عهد ترامب ندوبًا عميقة في صورة أمريكا، التي كانت رمزًا للثبات والقوة. تحولت الرئاسة إلى حكم متقلب قائم على الأهواء الشخصية، بعيدًا عن الحكمة والاستراتيجية.
أمريكا صارت دولة ضائعة بين تغريدات متناقضة ودعم متحيز على حساب العدالة وحقوق الإنسان.
السؤال: هل يمكن استعادة الثقة والسياسة الرشيدة التي تحترم الشعوب وتحافظ على السلام، أم أن أوراق أمريكا ستظل تتساقط في خريفٍ لا ينتهي؟
فالاستقرار العالمي لا يبنى على مزاج قائد، بل على مسؤولية وطنية وعالمية حقيقية.