حزب الله المحاصر.. كيف يواجه؟
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
في خضم التحديات المُعقَّدة التي يُواجهها ، بات " حزب الله"محاصراً من ثلاث جبهات: عسكرية من إسرائيل، وجيوستراتيجية من سوريا، وسياسية من الداخل اللبناني. هذه الضغوط تفرض عليه إعادة تشكيل استراتيجياته للبقاء، في ظلِّ واقعٍ يُهدِّد بزعزعة مكانته كقوّة فاعلة في لبنان والإقليم.
من الجبهة الإسرائيلية، تُواصل تل أبيب فرض وجودها في نقاط حيوية بجنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، والذي تضمَّن سحب قوات الحزب من المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، تحاول إسرائيل تحويل المناطق الحدودية إلى "مناطق غير قابلة للحياة" عبر تأخير إعادة الإعمار، مما يُعقِّد جهود الحزب لاستعادة حضوره في الجنوب.
أما من الشرق، فسوريا - التي كانت يوماً الشريان الحيوي لإمدادات الحزب العسكرية والمالية - تحوَّلت إلى مصدر تهديد. سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024 قطع الخط البري الذي كانت إيران تستخدمه لتمويل الحزب وتسليحه، بينما يُشكِّل النظام الجديد في دمشق، المدعوم من تركيا وقوى دولية، تحدياً لوجود الحزب في البقاع اللبناني، حيث تُهاجم القوات السورية مناطق لبنانية بشكل متكرر في الاسبوع الاخير.
هذا الواقع يُضعِف قدرة الحزب على الحفاظ على "محور المقاومة" الذي بناه لعقود، ويُجبره على الاعتماد أكثر على موارده الداخلية المحدودة.
على الصعيد الداخلي، يواجه الحزب عزلة سياسية غير مسبوقة. فبعد انتخابات رئاسية حاسمة، تبوأ جوزيف عون - القائد السابق للجيش - سدَّة الرئاسة، مدعوماً بتحالفٍ يهدف إلى عزل الحزب ونزع سلاحه. كما ان الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام، والتي تُعدُّ أول حكومة منذ سنوات لا يحصل فيها الحزب على اكثرية او على ثلث معطل، هي اكبر دليل على واقع الحزب الصعب.
في مواجهة هذا الحصار الثلاثي، يبدو أن حزب الله سيُحاول احتواء الأزمات عبر تجنُّب المواجهات العسكرية المباشرة، والتركيز على تعزيز وضعه الداخلي. فقد بدأ يُروِّج لخطابٍ إصلاحي يَتعهَّد بمكافحة الفساد وتحسين الخدمات الاجتماعية، سعياً لاستعادة ثقله، خاصة في الساحة الشيعية التي تشكل حجر الاساس للحزب في اعادة تعزيز حضوره. كما يعمل على إعادة تنظيم صفوفه العسكرية بشكل سري، مستفيداً من الترسانة المتبقية.
من ناحية أخرى، يراهن الحزب على تحوُّلات إقليمية قد تُشغِل خصومه، مثل حصول فوضى سياسية في اسرائيل، او تصادم خليجي تركي في سوريا أو تقاطع المصالح التركية-الإيرانية فيها. فالحزب يدرك أن أيَّ تصعيدٍ إقليمي قد يُعيد له دوره الاستراتيجي في مواجهة لإسرائيل، ويُخفِّف الضغط عليه داخلياً . لكنَّ هذه المراهنة محفوفةٌ بالمخاطر، خاصة مع تراجُع الدعم الإيراني وتصاعُد الضغوط الدولية لتحجيمه.
باختصار، يواجه حزب الله اختباراً وجودياً يتطلَّب منه الموازنة بين الحفاظ على "مقاومته" كهُوية، والتكيُّف مع واقعٍ جديدٍ يُهدِّد بتقويض أسُس قوته. فإمَّا أن يتحوَّل إلى حزب سياسي تقليدي، أو أن يُصارع للبقاء ككيانٍ مركب. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
لا تبدو الحكومة اللبنانية قادرة على نزع سلاح حزب الله في ظل غياب أي ضمانات بعدم تعرض البلاد لاعتداءات إسرائيلية جديدة، وهو ما يجعل احتمال العودة للتصعيد أمرا قائما خلال الفترة المقبلة.
فالولايات المتحدة التي لا تتوقف عن مطالبة لبنان بنزع سلاح الحزب، لا تقدم أي ضمانات بعدم وقوع اعتداءات إسرائيلية على لبنان، ولا تلزم الجانب الإسرائيلي بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقا.
ففي حين ترفض إسرائيل الانسحاب من المناطق التي دخلتها في جنوب لبنان خلال المواجهة الأخيرة، ولا تتوقف عن ضرب أهداف في الأراضي اللبنانية، أكد المبعوث الأميركي توم براك ضرورة تجريد حزب الله من سلاحه في أقرب وقت ممكن وطالب الحكومة بتنفيذ المطلوب بدل الاكتفاء بالكلام.
وقد أكدت الرئاسة اللبنانية أن البلاد تمر بمنعطف خطير يقتضي حصر السلاح بيد الدولة، وأنها على تواصل مع الحزب بشأن هذا الملف، لكنها قالت إنها تحرز تقدما بطيئا في هذا الملف.
في المقابل، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أنه لا مجال للحديث عن نزع السلاح قبل رحيل قوات الاحتلال عن الأراضي اللبنانية، وإلزام إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم نهاية العام الماضي. كما قال قيادي بالحزب إن الولايات المتحدة تحاول تجريد لبنان من قوته.
ومن المقرر أن تبدأ الحكومة اللبنانية بحث ملف نزع سلاح الحزب الثلاثاء المقبل، لكنّ هذا لا يعني بالضرورة عزمها المضي قدما في هذا الملف الذي سيجد إشكالية كبيرة في نقاشه، كما يقول الكاتب الصحفي نيقولا ناصيف.
ورغم عدم ممانعة رئيس مجلس النواب نبيه بري مناقشة نزع سلاح الحزب، فإن هذا لا يعني وجود توافق على هذا الأمر لأن الحكومة تتكون من 3 أطراف أحدها معتدل بينما الآخران لن يوافقا على هذه المسألة أبدا، وفق ما أكده ناصيف خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر".
إعلانالأمر الآخر المهم الذي تحدث عنه ناصيف، يتمثل في أن أعضاء الحكومة يعودون إلى انتماءاتهم السياسية فور خروجهم من مجلس الوزراء، مما يعني أن مناقشة نزع سلاح الحزب يأتي في إطار التزام حكومة نواف سلام، بما أقسمت عليه عند توليه مقاليد الأمور.
ولا يمكن لحزب الله ولا لحكومة لبنان القبول بنزع السلاح ما لم تحصل بيروت على ضمانات أميركية فرنسية والتزامات إسرائيلية واضحة بعدم وقوع أي اعتداءات مستقبلا، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة.
لذلك، فإن حكومة نواف سلام تتفهم مخاوف الحزب ولن تقبل بحصر السلاح في يد الدولة التي تعرف أنها لن تكون قادرة على حماية البلاد من أي عدوان مستقبلي ما لم تكن هناك ضمانات واضحة بهذا الشأن، برأي ناصيف، الذي قال إن التاريخ مليء بالدروس المتعلقة بالتعامل مع إسرائيل.
في الوقت نفسه، فإن هناك تطابقا كاملا بين موقفي حزب الله وحركة أمل فيما يتعلق بمسألة نزع السلاح، ولا يمكن الحديث عن خلاف جوهري بينهما في هذه المسألة.
وبناء على هذا التطابق، فإنه من غير المتوقع أن يقبل الطرفان بالقفز على اتفاق وقف إطلاق النار والمضي نحو نزع السلاح بينما لم تلتزم إسرائيل بما عليها من التزامات حتى اليوم، كما يقول الباحث السياسي حبيب فياض.
التصعيد خيار محتمل
وفي ظل هذا التباعد في المواقف، تبدو احتمالات التصعيد كبيرة لأن الأميركيين يريدون وضع لبنان بين خيارين كلاهما سيئ، فإما أن يستسلم لشروط إسرائيل وإما أن يُترك وحيدا لمواجهة مصيره ووقف كل المساعدات التي يعول عليها في إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد.
وحتى لو قدمت الولايات المتحدة ضمانات مستقبلية، فإن حزب الله وحركة أمل لا يمكنهما القبول بتسليم السلاح وفق الشروط الأميركية الإسرائيلية وهو ما يعني -برأي فياض- إمكانية العودة للتصعيد الذي قد يصل في مرحلة ما إلى مواجهة شاملة.
في المقابل، يرى الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي كينيث كاتزمان، أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان محو حزب الله تماما كما هي الحال بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإنما تريدان نزع سلاحه والسماح له بالانخراط في السياسة.
وتقوم وجهة النظر الأميركية في هذه المسألة، على إمكانية ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل وصولا إلى تطبيع محتمل للعلاقات مستقبلا، ومن ثم فإن إدارة دونالد ترامب -كما يقول كاتزمان- لا تصر على نزع سلاح الحزب اليوم أو غدا ولكنها تريده في النهاية لأنها تعتبره أداة إيرانية في المنطقة.
كما أن الفرق السياسية في لبنان نفسه ليست متفقة تماما مع الحزب حيث يعارضه بعضها ويتفق معه بعضها، وهو أمر يجعل مسألة تسليم سلاحه للدولة أمرا منطقيا، من وجهة النظر الأميركية.
لكن فياض يرى أن حديث كاتزمان عن التطبيع وخلاف اللبنانيين حول حزب الله "ينم عن عدم دراية بطبيعة الوضع في لبنان، الذي لن يطبع مع إسرائيل ولو طبعت كل الدول العربية"، مضيفا أن أقصى ما يمكن الوصول إليه هو العودة لهدنة 1949.
الموقف نفسه تقريبا تبناه ناصيف بقوله إن هناك 3 فرق لبنانية تتبنى مواقف مختلفة من حزب الله، حيث يريد فريق نزع سلاحه دون شروط، ويرفض فريق آخر الفكرة تماما، فيما يدعم فريق ثالث هذا المطلب لكنه يتفهم مخاوف الحزب.
إعلان