في نهج متكرر، ربط النائب البرلماني عن حزب "فوكس" في قرطبة، خوسيه راميريث ديل ريو، خلال زيارة إلى مدينة "مونتيّا"، ارتفاع معدلات الجريمة فيها بما وصفه بـ "التدفق الهائل للمهاجرين غير الشرعيين". إلا أن البيانات الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء ووزارة الداخلية الإسبانية تدحض هذه الادعاءات، إذ تثبت أن غالبية الجرائم المسجلة في البلاد خلال عام 2023 ارتكبها مواطنون إسبان.

وبحسب الإحصائيات الرسمية، يشكّل الإسبان 73% من إجمالي مرتكبي الجرائم المسجلة، كما بلغت نسبتهم 70.6% في جرائم القـ*تل، و80% في جرائم القـ*تل غير العمد. وفيما يتعلق بالاعتداءات الجسدية، كان 70.6% من المتهمين من المواطنين الإسبان.

كما أظهر تقرير وزارة الداخلية أن ثلاثة من كل أربعة جرائم في إسبانيا ارتكبها مواطنون إسبان، بينما شكل الأجانب 25% فقط من الجناة. وقد أرجع باحثون في علم الاجتماع والجريمة ارتفاع معدلات الجريمة، إلى الفقر والتهميش الاجتماعي وليس الجنسية، إذ أكدت الدكتورة إليسا جارثيا، أن الدراسات العلمية تثبت انخفاض معدلات الجريمة بين المهاجرين مقارنة بالسكان المحليين.

وواصفًا عملية الربط بـ"الهراء المطلق"، انتقد رئيس حكومة "أندلُثيّا"، خوان مانويل مورينو بونيّا، خطاب حزب فوكس الذي يتنافى مع الأرقام المثبتة التي تشير إلى أن الجرائم التي يرتكبها المهاجرون لا تتجاوز 7% في الإقليم، ومعظمهم من مواطني دول أوروبية أخرى.

وعن ذلك، يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن ربط الهجرة بارتفاع معدلات الجريمة في إسبانيا أو غيرها من دول العالم لا يستند إلى أدلة موضوعية، بل يعكس خطابًا سياسيًا يسعى إلى تأجيج المخاوف وخلق الانقسامات داخل المجتمع. إن مرصد الأزهر لا يعجب مثل هذه الآراء المستهجنة الصادرة عن اليمين المتطرف في إسبانيا، إذ تتماشى مع نهجه لتشويه صورة الإسلام والمهاجرين وربطهما -كذبا- بالجريمة والإر هاب.

ويلفت المرصد إلى ما ورد في الدراسات العلمية والإحصائيات الرسمية التي تؤكد أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية، مثل الفقر والتهميش، هي المحركات الرئيسية للجريمة، بغض النظر عن جنسية الأفراد. لذا، فإن تبني خطاب يستند إلى الحقائق، بدلًا من الأفكار المسبقة والتصورات النمطية، يعد أمرًا ضروريًا لتعزيز التعايش الاجتماعي والتصدي للمفاهيم الخاطئة التي تغذي الكرا-هية والتمـ،ييز.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مرصد الأزهر اسبانيا الكراهية التمييز الأزهر الشريف المزيد معدلات الجریمة فی إسبانیا

إقرأ أيضاً:

عباس شومان: الأزهر يتبنى خطابًا عالميًا يرسخ الوعي الفكري الآمن ويحمي كرامة الإنسان

أكد الدكتور عباس شومان، رئيس المنظمة العالمية لخريجى الأزهر - أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن رسالة الأزهر الشريف، بقيادة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، تقوم على إعلاء قيمة الإنسان، ودعم مسارات السلم العالمي، وتعزيز جسور التفاهم بين أتباع الديانات، مشيرًا إلى أن الإسلام جاء حاملًا لرسالة الرحمة، واحترام التنوع الإنساني، وأن جميع الأديان السماوية التقت على ترسيخ مبدأ التعايش، ونبذ العنف.

«منظمة خريجي الأزهر» تستقبل وفدا من كلية «العلوم بنات» الأزهر منظمة خريجي الأزهر تشارك «كلية العلوم بنات» في افتتاح الملتقى التوظيفي الرابع

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في المؤتمر، الذي يعقده المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإسبانية (مدريد)، تحت عنوان: (دَور المؤسسات الدِّينيَّة في صناعة وعي آمن.. الأزهر الشريف أنموذجًا)، والذي يهدف إلى إعادة قراءة خطاب الأديان في مواجهة التطرف، وتحصين المجتمعات من مخاطر العنف والكراهية.

أشار رئيس منظمة خريجى الأزهر - أمين عام هيئة كبار العلماء، إلى أن المؤتمر يمثل منبرًا مهمًّا لعرض الصورة الحقيقية للإسلام، بوصفه دينًا يرسّخ قيم المحبة والإخاء، موضحًا أن حرمة الدم الإنساني ثابتة بديهةً وعقيدةً، وأن احترام خصوصيات الآخرين قاعدة شرعية أصيلة، لا تنفصل عن مقاصد بقاء الأمم، واستقرار المجتمعات، ومستشهدًا بعدد من الآيات القرآنية التي أكدت وحدة الأصل الإنساني، وضرورة التعارف والتواصل، مبينًا أن الخطاب القرآني حين يخاطب «الناس»، يخاطبهم على أساس إنسانيتهم المشتركة، لا على أساس اختلاف أعراقهم أو أديانهم.

وشدد الدكتور شومان على أن الحضارات لم تنهض يومًا على التمييز أو الإقصاء، بل قامت على الانفتاح والتسامح، وإتاحة مساحات التلاقي بين الثقافات.

وأوضح أن الأزهر عبر تاريخه الطويل قدم نموذجًا عمليًا للتعايش، تجلّى في مبادراته الكبرى، مثل: بيت العائلة المصرية، ووثيقة الأخوّة الإنسانية، وحوار الشرق والغرب، ومبادرة صناع السلام، التي حملت رسائل الأزهر للعالم.

ولفت إلى أن التطرف والعنصرية ليستا نتاجا للأديان، بل هي أمراض اجتماعية تولد حين تطغى المادية على القيم، مؤكدًا أن عدالة القوانين، وإعلاء قيمة الإنسان، هما الأساس الحقيقي لترسيخ التسامح والتعايش، مشيرًا إلى خطورة توظيف التكنولوجيا بلا منظومة قيمية، فقد أصبحت من أكبر أدوات تشكيل الوعي، كما أن استخدامها بعيدًا عن الأخلاق، قد يؤدي إلى تمزيق نسيج المجتمعات بدل بنائه.

وأكد الدكتور شومان أن الدين لم يكن في تاريخه مصدرًا للصراع، وإنما أُسيء استخدامه حين غاب العدل، وانحرفت بوصلة القيم، داعيًا إلى إعادة الدين إلى دوره الحقيقي في تقريب الناس إلى الله، وإلى بعضهم البعض، وبناء أوطانهم.

وختم أمين هيئة كبار العلماء كلمته بأن مؤتمر مدريد يعد نقطة انطلاق نحو إعادة تشكيل الوعي العالمي، على أساس من الإنصاف الحضاري، موضحاً أن «السلام» لم يعد خيارا تجميليا، بل ضرورة بقاء للبشرية، وأن التجارب المريرة أثبتت أن إقصاء الآخر يغذّي التطرف، فيما يفتح الحوار والاندماج أبواب الاستقرار الحضاري.

ودعا في ختام كلمته إلى تبني وعي عالمي بالقيم، يضع الإنسان فوق كل انتماء، ويعيد للدين دوره في تعزيز السلام، وصون الكرامة الإنسانية، ومواجهة خطاب الكراهية بكافة أشكاله.
 

مقالات مشابهة

  • الجزائر: يجب تعويض أفريقيا عن جرائم الاستعمار
  • عباس شومان: الأزهر يتبنى خطابًا عالميًا يرسخ الوعي الفكري الآمن ويحمي كرامة الإنسان
  • إليكم برنامج الزيارة الرسمية والرعوية التي يقوم بها البابا لاوون الرابع عشر في لبنان
  • عضو العفو الرئاسي: جرائم مستحدثة تضرب المجتمع بسبب غياب القيم وانهيار المنظومة التقليدية
  • الضويني: الأزهر يؤهل الدعاة على خطاب دعوي رشيد يحافظ على ثوابت الدين
  • دميترييف: الولايات المتحدة ستكشف أزمة الهجرة والجريمة في بريطانيا تحت قيادة ستارمر
  • جرائم التحرش بالأطفال .. 4 وصايا للأزهر الشريف
  • بين القانون والدين وعلم النفس| ماذا بعد مطالبة الأزهر بتغليظ عقوبة التحرش بالأطفال؟.. خبراء يعلقون
  • إيران تدين جرائم العدو في الضفة الغربية وتدعو لملاحقة مرتكبيها
  • العلاقة سيئة والسفير غير متحمّس