رغم الانتكاسة العسكرية التي مُني بها الاحتلال أمام المقاومة في غزة، لكن الجبهة الإعلامية والدعائية لم تكن أقل انتكاسة، لاسيما لحظات تسليم الأسيرات في غزة من قبل مقاتلي حماس، وما رافقها من طقوس أثارت  غضب الاحتلال، الأمر الذي كشف بدوره عن الثمن الباهظ الذي دفعه لإبرام صفقة التبادل.

وأكد غادي عيزرا، المدير السابق لمركز المعلومات الإسرائيلي، ومؤلف كتاب "11 يومًا في غزة"، أن "هدف حماس من مراسم إعادة المختطفين الإسرائيليين هو التأثير على المجتمع الدولي، والجمهور في غزة، والإسرائيليين، وهذه لحظات أصبحت فيها عملية الوعي خارجة عن السيطرة، حث بدأت الحركة دعايتها كحملة توعية مدروسة، مستهدفة ثلاث فئات رئيسية".



وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الفئة الأولى التي استهدفتها حماس من حربها الدعائية هي الرأي العام الدولي، في محاولة منها لإيجاد شرعية لها استعداداً لما هو آتٍ، من خلال وضعها شعار على المسرح باللغة الإنجليزية نصّه "انتصار المظلومين على النازية الصهيونية"، في تطابق مقصود مع ثقافة WOKE، التي ترى العالم من خلال عدسات ثنائية من الظالمين والمظلومين، رغم أنه لا يزال من المبكر جدا تقييم تأثير الحدث في هذه الفئة".

وأوضح أن "استهداف حماس للجمهور الفلسطيني من دعايتها هذه، وهو الفئة الثانية، هدف لمواصلة ترسيخ الوعي السيادي في غزة، بدءًا بالزي الرسمي الذي يرتديه المقاومون، مرورًا باستخدام العناصر المؤسسية مثل الأختام، وانتهاءً بالحشد المتحمس من المؤيدين الذين حضروا الحدث، والأهم من ذلك تأكيد عودة مئات الآلاف لشمال قطاع غزة بعد ذلك بوقت قصير".

وزعم أن "حماس خاطبت الرأي العام الاسرائيلي، وهو الفئة الثالثة، من خلال إجبارها للمختطفات الإسرائيليات على قول أشياء معينة، وارتداء ملابس بعينها، وعلامات غريبة، والحصول على شهادات إطلاق سراحهن، بهدف تدمير الروح المعنوية للإسرائيليين، من خلال لافتة بارزة تعلن باللغة العبرية أن "الصهيونية لن تنتصر"، بهدف تحدّي مفهوم الصهيونية، والتضامن الاجتماعي للإسرائيليين".



من جانبها زعمت ليلاخ سيغان الخبيرة الاعلامية في صحيفة معاريف، أن "مشاهد تسليم الأسيرات في غزة تكشف الضغط النفسي الذي تمارسه حماس على الإسرائيليين، ووصل مستويات متطورة للغاية، حيث تحظى وسائلها الإعلامية بدعم من العديد من القنوات العربية الكبرى، وعدد لا بأس به من وسائل الإعلام الغربية".

وأضافت في مقال ترجمته "عربي21" أن "المشاهد الإعلامية المرتبطة بتسليم الأسيرات للصليب الأحمر في غزة تحمل دلالات داخلية وخارجية، أولاها أن حماس تُبدي قوتها في استعادة السيطرة على غزة، وثانيها تكشف مقاطع فيديو أن الأسيرات يتلقين معاملة حسنة من خاطفيهن أثناء وداعهن، وهم يشكرونهم باللغة العربية، ويبتسمون، بل يحصلن على شهادة وحقيبة تذكارية، وكل إنتاج هذا الفيديو له جمهور وهدف وغرض".

وأوضحت أن "حماس أرادت من مقاطع الفيديو المصورة لعمليات تسليم الأسيرات ترسيخ روايتها وسرديتها حول الحرب الأخيرة، والتزاما منها بهدفها المتمثل بإلحاق القسوة، الجسدية والنفسية، بالإسرائيليين، الأمر الذي يستدعي منهم ألا يقعوا في هذا الفخ، وعدم التصرف بردود الأفعال المنفعلة، بل التعامل بتفكير بطريقة جديدة، والتحرر من الهواجس، رغم أن المشكلة التي تواجهنا تتمثل بأن سردية حماس تريد إبقاءنا عالقين في كابوس هجومها في السابع من أكتوبر".

وأشارت إلى أن "المشاهد المصورة خلال تسليم الأسيرات تتعلق بالحرب النفسية التي تشنها حماس على الاحتلال، بهدف محاولة تقييد الاسرائيليين من الناحية العاطفية والمعنوية، مما يجعل من الصعب عليهم رؤية الصورة الكبيرة بسبب كثرة المشتّتات من حولهم، لكن الأهم هو أن نتخلص من روايات "النصر الكامل" أو "الضغط العسكري فقط هو الذي سيقضي على حماس، ويطلق سراح المختطفين"، لأنها أثبتت عدم فعاليتها".

وأكدت أن "الاحتلال الذي أعلن أنه لن يتفاوض مع العناصر المعادية، لكن رفضه انهار، وقد حان الوقت للتفكير بمعادلة واستراتيجية جديدة، لا تقوم على ردود الفعل، بل نهج طويل الأمد ومتطور، يعتمد على القضاء على العناصر المعادية بمساعدة تعاونيات جديدة، وبرئيس أمريكي غير تقليدي ومؤثر، لكن الخطوة الأولى هي إنهاء صفقة التبادل، مع كل الصعوبات المنطوية عليها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة حماس صفقة التبادل حماس غزة الاحتلال صفقة التبادل صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تسلیم الأسیرات من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

ضباط إسرائيليون يعترفون باتلاف حمولة 1000 شاحنة من المساعدات.. وتفاقم المجاعة في غزة

أقرّ ضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي بإتلاف كميات ضخمة من المواد الغذائية والمياه والإمدادات الطبية، كانت محمّلة على أكثر من ألف شاحنة مساعدات تُركت لتتعفّن لأيام وأسابيع تحت أشعة الشمس، عند معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة المحاصر، بعد منع دخولها وتوزيعها داخل القطاع المحاصر.

ونقلت قناة "كان" العبرية الرسمية، الجمعة، عن ضباط في جيش الاحتلال قولهم إنهم قاموا بـ"دفن بعض المساعدات في الأرض وإحراق بعضها الآخر"، بذريعة فسادها جراء التعطيل المتواصل وعدم السماح بتفريغ الشحنات داخل قطاع غزة.

تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث تتقاطع المجاعة الكارثية مع حرب إبادة جماعية يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تسببت في استشهاد أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أس الجمعة، بأن حصيلة الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية ارتفعت إلى 122 فلسطينيا، بينهم 83 طفلا، في ظل انعدام الغذاء والدواء نتيجة الحصار الكامل الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من أربعة أشهر.

وأكد برنامج الأغذية العالمي، في تقرير الثلاثاء الماضي، أن ثلث سكان غزة لم يتناولوا أي طعام منذ أيام، محذرا من انهيار الوضع الإنساني الكامل في القطاع.

"دفنّا كل شيء في الأرض"
وفي إحدى الشهادات الصادمة التي بثتها القناة العبرية، قال ضابط إسرائيلي: "دفنّا كل شيء في الأرض، وبعض المواد أحرقناها. وحتى اليوم، لا تزال آلاف الطرود تنتظر في الشمس. وإذا لم تُدخل إلى غزة، سنضطر لإتلافها أيضا".

وذكرت القناة أن الشاحنات التي تم تركها عند معبر كرم أبو سالم كانت تحمل عشرات آلاف الطرود من المساعدات الغذائية والطبية، لكنها تُركت دون تفريغ أو توزيع، ما أدى إلى فساد حمولتها بالكامل تحت الشمس، بسبب تعطل آلية التنسيق ومنع دخولها إلى داخل غزة.

ونقلت القناة عن مصادر عسكرية إسرائيلية زعمها أنه "لا يُسمح سوى بدخول ما بين 100 إلى 150 شاحنة يوميا فقط"، وأن "معظم هذه الشاحنات لا يتم تفريغها بسبب انهيار آلية التوزيع داخل القطاع".

وقال ضابط آخر للقناة: "الآلية لا تعمل، الشاحنات تتوقف، الطرق غير صالحة، والتنسيق لا يتم"، مضيفًا: "لدينا هنا أكبر مخزن حبوب في العالم، وإذا لم تُسحب البضائع الموجودة حاليا، سنقوم بإتلافها ودفنها".

في ظل هذه التطورات الكارثية، دعت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان مشترك صدر أمس الجمعة، إلى "رفع القيود الإسرائيلية فورا عن إيصال المساعدات الإنسانية"، وحثت على تمكين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية غير الحكومية من العمل دون عوائق لمكافحة المجاعة المتفشية في غزة.

وأكد البيان أن "الكارثة الإنسانية في غزة يجب أن تتوقف فورا"، في انتقاد مباشر لسياسات الاحتلال الإسرائيلي التي تحاصر المدنيين وتمنع عنهم الغذاء والدواء في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.


الاحتلال يتهرّب من الاتفاقات ويغلق المعابر
يُشار إلى أن سلطات الاحتلال تهربت، منذ 2 آذار/مارس الماضي، من تنفيذ اتفاق توسطت فيه أطراف إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة حماس، تضمن بنودا لتوسيع إدخال المساعدات وفتح المعابر، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى إغلاق المعابر بشكل كامل وعرقلة دخول المساعدات، ما فاقم المجاعة وزاد من تدهور الأوضاع الصحية في القطاع.

وتُظهر صور ومقاطع فيديو متداولة من داخل غزة أطفالا يعانون من الهزال الشديد، وأجسادا أشبه بالهياكل العظمية، ومواطنين يفقدون الوعي من شدة الجوع، وسط غياب شبه كامل للرعاية الطبية والمرافق الصحية.

ويؤكد مختصون في الشأن الإنساني أن ما يجري في غزة هو تجويع ممنهج يرقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان، يتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية المجتمع الدولي، الذي يواصل الاكتفاء ببيانات التنديد دون اتخاذ خطوات فعلية لوقف العدوان ورفع الحصار.

وتأتي اعترافات الضباط الإسرائيليين بإتلاف المساعدات في سياق تزايد الضغوط الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال، خاصة بعد صدور مذكرات توقيف دولية بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، من المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • تفاقم الأزمة النفسية ووقائع الانتحار بصفوف الجيش الإسرائيلي
  • مستوطنون إسرائيليون يواصلون اقتحام «المسجد الأقصى» بدعم حكومي.. والقدس تدعو للنفير
  • حماس:  لجوء الاحتلال لإنزال مساعدات جوًا فوق مناطق بغزة خدعة لذر الرماد في العيون
  • ضباط إسرائيليون يعترفون باتلاف حمولة 1000 شاحنة من المساعدات
  • مسئولون إسرائيليون: لا دليل على قيام حماس بسرقة مساعدات الأمم المتحدة
  • خبراء فلسطينيون: العمليات اليمنية تعيد رسم خارطة الصراع مع الكيان الإسرائيلي
  • ضباط إسرائيليون يعترفون باتلاف حمولة 1000 شاحنة من المساعدات.. وتفاقم المجاعة في غزة
  • خبراء أمريكيون: صعود تركيا الدبلوماسي يهدد بإشعال فتيل الحرب
  • مركز عمليات الوعي قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية
  • حماس: الكرة الآن في ملعب إسرائيل وهذه هي النقطة المركزية في النقاشات الأخيرة