رئيس مدغشقر: الابتكار ركيزة تنمية السياحة العالمية
تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT
دبي: «الخليج»
حدد أندريه راجولينا رئيس جمهورية مدغشقر، عدة عوامل رئيسية لتنمية القطاع السياحي العالمي، مشيراً إلى أن الابتكار والاستدامة وتعزيز التحول الرقمي تشكل الركائز الأساسية للنمو المستدام في هذا القطاع، مؤكداً أن القارة الإفريقية لديها قدرات سياحية كبيرة لا تزال غير مستغلة بالشكل الكافي.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «ما هو التحدي الأكبر لمستقبل السياحة؟» ضمن أعمال اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات 2025 التي تستضيفها دبي خلال الفترة من 11 إلى 13 فبراير الجاري تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، والتي شارك فيها أيضاً سليم بصول الرئيس التنفيذي لشركة «سيكس فلاغز»، وديسيوس فالموربيدا الرئيس التنفيذي ل«أماديوس»، وأدارها ستيفن بيرتوني مساعد مدير التحرير في «فوربس».
قدرات سياحية كبيرة
وتناول أندريه راجولينا في كلمة رئيسية له التحدي الأبرز الذي واجهه قطاع السياحة العالمي بسبب «كوفيد 19»، الذي أدى إلى ركود كبير للقطاع وما خلفه من آثار اقتصادية كبيرة، مشيراً إلى أن القطاع السياحي اليوم مطالب بالابتكار والإبداع لتجاوز تبعات الجائحة.
وأضاف أندريه «تمتلك قارة إفريقيا تجارب غنية، وقدرات سياحية كبيرة تعد من الأفضل عالمياً، لكن حصة القارة الإفريقية من إجمالي السياحة العالمية لا يزال ضعيفاً».
ودعا أندريه المستثمرين إلى القدوم إلى إفريقيا والاستثمار في البنية التحتية وبناء الفنادق ذات التصنيف العالي، كما دعا سلطات الطيران إلى اعتماد إجراءات جديدة لتسهيل حركة النقل الجوي نحو القارة.
وفيما يتعلق بمدغشقر، أوضح أن بلاده تتمتع بقدرات استثنائية في القطاع السياحي وتوفر فرصاً هامة للمستثمرين لتعزيز جاذبية القطاع، معدداً عوامل الجذب لبلاده مثل استحواذها على 5 في المئة من التنوع البيولوجي على مستوى العالم و8 في المئة قارياً، مؤكداً أن مدغشقر وجهة سياحية إيكولوجية من الطراز الأول.
وتابع: «لدينا سواحل بطول 5000 كيلومتر، كما أننا أكبر جزيرة إفريقية وشواطئنا خلابة وحدائقنا الوطنية مسجلة ضمن التراث العالمي من قبل اليونيسكو، ولدينا ثقافة غنية ومتاحف، والأهم من ذلك هو أن شعبنا مضياف»، مشيراً إلى أن مدغشقر نقطة ربط استراتيجية بين إفريقيا وآسيا.
وكشف أندريه أن قطاع السياحة يشكل نحو 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهو رافد مهم للاقتصاد المحلي ومصدر للوظائف. ولفت إلى أن مدغشقر ستطلق إجراءات جديدة للمستثمرين خلال العام الجاري لجذب المجموعات الفندقية العالمية لبناء المزيد من الفنادق وبالتالي زيادة أعداد السياح وتأهيل الطرقات البرية لنقل المسافرين عبر مختلف ربوع الدولة.
وذكر أندريه أن نجاح القطاع السياحي مرهون أيضاً بتأهيل وتدريب الأيدي العاملة لتقديم خدمات نوعية للسياح الأجانب مع إبراز طابع الثقافة المحلية، مؤكداً على أهمية القطاع الخاص لتحقيق النجاح عالمياً، واختتم كلمته بالتأكيد على أن السياحة جسر بين الشعوب ومصدر للتنمية وتوفير الوظائف وتحسين حياة الناس.
بدوره قال سليم بصول، إن دولة الإمارات أصبحت مرجعية في السياحة وفي سهولة ممارسة الأعمال واستقطاب المستثمرين من كافة دول العالم، مضيفاً «إمارة دبي نجحت في ربط العالم ببعض من خلال شبكة الخطوط الجوية العالمية والبنية التحتية المتميزة، فضلاً عن نجاحها في جذب الملايين من جنسيات مختلفة للعمل والعيش معاً».
التسويق الرقمي
من جهته أكد ديسيوس فالموربيدا أهمية الابتكار واستخدام أحدث الأساليب في العمل السياحي مثل التسويق الرقمي للوجهات والخدمات السياحية، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيقود التغيير في صناعة السفر خلال السنوات القليلة المقبلة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات مدغشقر القمة العالمية للحكومات القطاع السیاحی إلى أن
إقرأ أيضاً:
القِيَم المجتمعية العمانية .. ركيزة في التنمية المستدامة بالمحافظات
يتميّز المجتمع العماني بقيم راسخة توارثتها الأجيال، وشكّلت جزءا أصيلا من الهويّة الوطنيّة العمانية. وهذه القيم لها دور فاعل في دفع عجلة التنمية المستدامة لمحافظات وقرى عمان بما يتماشى مع رؤية عمان المستقبلية، ومن أقوال السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- التي تُبرز رؤيته العميقة تجاه التنمية المستدامة، وأهمية الإنسان والطبيعة في مسيرة النهضة في العيد الوطني الخامس عشر 1985: «إن التنمية لن تتحقق إلا إذا شارك فيها الإنسان العماني مشاركة حقيقية وواعية ومسؤولة». وقال -رحمه الله- في العيد الوطني الثاني والعشرين1992: «إن الإنسان هو صانع التنمية وغايتها، وبه تبنى الأوطان».
ومن هذا المنطلق نستعرض من بعض المختصين رأيهم في أهمية القيم المجتمعية ودورها في تمكين التنمية المستدامة.
العمل التطوعي
تقول نورة الهاشمية رئيسة قسم الرعاية النهارية بجمعية دار العطاء: يُعد العمل التطوعي ركيزة أساسية لتطوير المجتمعات، وجسرا متينا يربط أفرادها نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة؛ وذلك من خلال مختلف الأعمال التطوعية التي تهدف إلى تعزيز الترابط المجتمعي، وتحقيق مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه، وإن العمل التطوعي الذي يقوم به الفرد يتمثل في تقديمه لخدمات معينة للمجتمع طوعا دون الرغبة بالحصول على هدف مادي، بل بغرض تحقيق الخير العام للمجتمع وأفراده. وجاء ارتباطه وثيقا بمفهوم التنمية المستدامة من كونه إحدى الأدوات المهمة التي يمكن من خلالها تحقيق أهدافها وركائزها المحورية؛ لتنمية المجتمعات من خلال البعدين الاجتماعي والاقتصادي. ويمكننا أن نبسط مفهوم التنمية المستدامة بأنها: «نمط من التنمية يهدف إلى تلبية احتياجات الحاضر دون أن يعرض قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها للخطر» موضحة أنه في عمان يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني كشريك أساسي في التنمية. وقد مكنت الحكومة هذه المؤسسات التي تحتضن الأعمال التطوعية بمختلف أهدافها؛ حيث رسمت لها حدودها، ووفرت لها الحماية القانونية بما يتيح لها الانطلاق نحو الإبداع والعطاء المتميز، وأكدت «رؤية عمان ٢٠٤٠» أهمية تعزيز المشاركة المجتمعية من خلال المشاركة في الأعمال التطوعية ما يعزز الأفراد على الانخراط في خدمة مجتمعهم وتحقيق المسؤولية المجتمعية، وأكدت أهمية العمل التطوعي لتحقيق التنمية المستدامة من خلال بناء مجتمع مترابط ومتكامل.
وأضافت الهاشمية: يمكن أن نشير هنا إلى واقع العمل التطوعي في عُمان؛ حيث تنشط الأعمال التطوعية وخاصة في مجال العمل الخيري بما يتضمنه (فك كربة المعسرين) خاصة في الفترة التي أعقبت جائحة «كوفيد» وما خلّفته من تحديات اقتصادية واجتماعية في مختلف دول العالم. ومما يسهم في مواجهة هذه التحديات السمات الفردية التي تميز المواطن العماني التي تتمثل في روح التعاون، وحب المساعدة والخير للمجتمع سواء بالمشاركة في العمل التطوعي أو التبرع لهذه المؤسسات الخيرية. ومن أبرز الجمعيات الخيرية التي تقدم العمل التطوعي بما يحقق أهداف التنمية المستدامة «جمعية دار العطاء الخيرية» التي تعد نموذجا فعالا في تعزيز الوعي المجتمعي من خلال برامجها الفعالة والمبتكرة التي تهدف إلى توفير حياة كريمة لأفراد المجتمع، وإشراك المؤسسات المختلفة في دعم هذه البرامج الخيرية الهادفة. كما فتحت نافذة لمؤسسات القطاع الخاص لتعزيز هذا التعاون من خلال برامج المسؤولية المجتمعية؛ حيث يتطوع موظفو الشركات الخاصة والحكومية في البرامج التي تقدمها الجمعية كجزء من المسؤولية المجتمعية التي تعنى بتحقيقها.
قيم الهوية والمواطنة
وأضافت أم كلثوم الفارسية خريجة ماجستير علم الاجتماع بجامعة السلطان قابوس عن محور الهوية والمواطنة: إن المواطنة تؤدي دورا محوريا في تحقيق التنمية المستدامة؛ لأنها تشكل الأساس الذي يُبنى عليه وعي المواطن ومسؤوليته تجاه وطنه مضيفة: سأوضح هذا المعنى بشيء من الاستفاضة من خلال مجموعة من قيم المواطنة كالولاء والانتماء؛ فعندما يشعر المواطن بالانتماء الحقيقي لوطنه، يسعى إلى خدمته وحمايته، ويشارك بإيجابية في بناء مستقبله، ما يعزز الاستقرار، ويشجع على الاستثمار والتطور، أيضا الاحترام والمسؤولية. فاحترام القوانين والأنظمة، والالتزام بالمسؤوليات الاجتماعية والبيئية يساعد في الحفاظ على الموارد الطبيعية، ويشجع على استدامة المشاريع والخدمات، ومن جهة العدالة والمساواة تتمثل التنمية المستدامة في بروز تكافؤ الفرص بحيث يتم تمكين جميع فئات المجتمع من التعليم والعمل والإبداع، ما يحقق التنمية المستدامة بصورة شاملة ومتوازنة، ومن قيم المواطنة في عمان غرس حب الأرض والطبيعة، وهذا يعزز سلوكيات تحافظ على البيئة، مثل: إعادة التدوير، وتجنب التلوث، واستخدام الطاقة النظيفة. فقيم المواطنة ليست مجرد مفاهيم نظرية، بل هي سلوكيات يومية تبني إنسانًا مسؤولًا، ومجتمعًا واعيًا، واقتصادًا مزدهرًا، وبيئة مستدامة. وبهذه الطريقة تسهم عمان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة محليا وعالميا.
حلقات تحفيظ القرآن الكريم
تحدثت زينب اليحمدية معلمة القرآن الكريم عن دور مجالس القرآن الكريم في إثراء القرى والمحافظات بقولها: تتنوع من حولنا منابع الخير والازدهار؛ فهناك منابع للمياه، وهناك مناجم للذهب والأحجار الكريمة، وهناك آبار ملأى بالطاقة النفطية، وكل هذه وتلك مصادر لها أثرها الفيزيائي على البشرية. أما عن منبع القيم المجتمعية فيَكمُن في مدارس تحفيظ القرآن الكريم التي بلا شك تبني فكر وعقيدة وخلق أبنائنا. يحرص المربون اليوم على إلحاق أبنائهم بمدارس تحفيظ القرآن الكريم ليبنوا بهم جيلا مؤمنا متمسكا في رحلة حياته بالخلق القويم. فالمنهجية القرآنية واضحة في توجيه السلوك والأخلاق، وتجمع فيها بين المرونة والشمول. وإن ملازمة حضور مدارس التحفيظ تضفي قيما مجتمعية بناءة أهمها الأخلاق الحميدة، والسلوك القويم، كما تغرس فيهم روح الانضباط، وتحمّل المسؤولية بشتى صورها؛ فينشأ بها أب مسؤول، وموظف متقن، وتعزز بدورها الروابط الاجتماعية، وروح الأخوة والتعاون، وكذلك تعمق فيهم حب المشاركة في الأعمال التطوعية. فما أعظم طاقة الخير في ناشئة مدارس تحفيظ القرآن الكريم!
تجدر الإشارة إلى اهتمام مدارس تعليم القرآن الكريم بترفيه الطلاب، وإمتاعهم برحلات توعوية كزيارة المساجد، والأفلاج، وتنظيفها، وترتيبها؛ ليشعروا بذلك أنهم جزء من بيئتهم، وينبع فيهم حب الولاء للوطن.
الموروث الشعبي
واختتمت الموضوع مريم الشعيلية معلمة الدراسات الاجتماعية بمدرسة الشيماء للبنات بولاية أدم عن دور قيم الموروث الشعبي في تنمية المحافظات بقولها: يُعد الموروث الشعبي العُماني إحدى الركائز الأساسية في بناء الهوية الوطنية، ومصدرا غنيا للتنمية المستدامة في مختلف ولايات السلطنة؛ فالعادات والتقاليد والحرف اليدوية والفنون الشعبية تمثل عناصر حيوية تُسهم في تعزيز السياحة، وتوفير فرص اقتصادية للمجتمعات المحلية. وفي ولايتي نزوى وبهلا يتجلى هذا الأثر بوضوح؛ فـنزوى التي تُعرف بعراقتها التاريخية، وسوقها الشعبي العريق ما زالت تحتفظ بتراثها العمراني والثقافي ما يجعلها مقصدًا للسياح والباحثين عن التجارب الأصيلة، كما أن إحياء الصناعات التقليدية كالفضيات والنسيج ساعد في توفير مصادر دخل للسكان، وخاصة النساء. أما بهلا المصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو فقد استطاعت عبر المحافظة على قلعتها الشهيرة، وحرفها القديمة أن تكون نموذجًا للاستثمار في الثقافة من أجل التنمية. كما أن الفنون الشعبية مثل «الرزحة» و«العازي» تُعد وسيلة فعالة لنقل القيم، وتعزيز الانتماء. ومن خلال حماية الموروث وتوظيفه في مشاريع اقتصادية وثقافية تسهم ولايات السلطنة في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة تربط الماضي بالحاضر، وتضمن استمرارية الهوية الوطنية.