يستبيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كافة مقومات وأسس الشرعية الدولية والقانون الإنساني، بحديثه عن تهجير الغزيين من أرضهم، وربما مستقبلاً أهالي الضفة الغربية من وطنهم التاريخي، ويعتدي على سيادة الدول حينما يتحدث عن إقامة دولة للفلسطينيين في المملكة العربية السعودية أو في مصر أو في الأردن.
والحقيقة أنّ هذه التصريحات الصادمة والمتواترة زمنياً في ظرفية وجيزة ضد الدول العربية قد تكون «ربّ ضارة نافعة»، ذلك أن ترامب يعيد طرح فكرة أنّ الأمن القومي العربي لا يتجزّأ، وما يمس فلسطين أو أي دولة عربية أخرى هو بالضرورة يمس الوطن العربي من نواكشوط حتى بغداد، وهكذا نظر الغرب تاريخياً وينظر حتى الآن في كيفية تعامله مع الواقع العربي بكل قضاياه الشائكة والمعقدة وفي مقدمتها طبعاً قضية فلسطين التي لا تقبل هي أيضاً التجزئة.إنّ تهديد ترامب بفتح أبواب الجحيم على غزة، مرة أخرى، هو في الواقع تهديد بفتح أبواب الجحيم على المنطقة برمتها وتدمير الأوطان التي خطت خطوات مهمة في التقدم والازدهار، وإلا كيف يمكن أن نفهم تهديد ترامب ونتنياهو لمصر والأردن والسعودية في آن واحد. إننا لا نقول لترامب إلاّ ما قاله الشاعر مظفر النواب في قصيدته التي عنوانها: «في الرّياح السيّئة يعتمد القلب» وكأنه يستشرف هذا الوضع الذي نعيشه الآن، «لا الحكومات.. لا الراجعون إلى الخلف لا الأطلسي.. لا الآخرون وأن نضحوا فلسفة، لا تخف إننا أمة لو جهنم صبت على رأسها واقفة».
ونحن الآن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصبّ جهنّم على رأس هذه الأمّة، ومع ذلك فهي واقفة وصامدة، وكل المشاريع التي يتم التخطيط لها منذ بايدن إلى ترامب الآن، وكل العنجهيّة التي يتم التعامل بها مع قضية فلسطين برمتها وقطاع غزة بصفة خاصة، ستسقط، حتى وإن زودت أمريكا إسرائيل بكل سلاحها وجيشها.
نقول إنها ربّ ضارّة نافعة، فترامب بخطابه الجديد، يلجم كل صوت يبرّر حق إسرائيل في أرض فلسطين. فالاستعمار الغربي لفلسطين، بلغ في هذه المرحلة نقطة اللاعودة. المشروع الآن يطل بكل رؤوسه ولم يعد شيئاً خافياً، فبعد محاولة جرّ مصر والأردن، بدأ الحديث عن السعودية كوطن بديل للفلسطينيين، وهذا هو المخطط اليهودي في نسخته الأصلية والذي يعاد نشر خرائطه في كل مرة، فإسرائيل الكبرى هي أجزاء من مصر والأردن والسعودية وأرض الشام والعراق.
نقول رب ضارة نافعة لأن ردّة الشعوب لا حد لها، والغضب العربي يغلي كالمرجل ولن يتوقع أحد ما قد يكون عليه المستقبل، في ظلّ استمرار إسرائيل في تنفيذ مخطط التوسع الجغرافي. فتاريخياً قدم الشعب الفلسطيني من التضحيات ما لم يقدمه أي شعب، وما زال يقدم ولن يتراجع أو ييأس من أجل تحقيق حريته واسترداد أرضه رغم قلة الإمكانات ومحدوديتها.
والحقيقة أن الدول العربية قدمت من التنازلات واختارت السلام خياراً أوحد منذ قمة بيروت التي قدمت فيها المبادرة العربية على أساس الأرض مقابل السلام، ولكن الطرف الآخر هو الذي رفض كل مبادرة، وأسقط فكرة السلام في المنطقة، وأراد أن يستفرد بالدول العربية الواحدة تلو الأخرى.
ونقول مرة أخرى ربّ ضارة نافعة، ونعيد قول مظفر النواب «هذه أمة مهما جهنم صبت على رأسها ستظل واقفة». ورياح الخذلان والخضوع، لا يمكن أن تكون مزمنة، فقدر الشعوب الحرّية وليس الاستعمار والاحتلال. ودرس غزة يعطي للشرفاء هذه الروح روح المقاومة والصمود في عزّ الخذلان العربي والإسلامي الذي يكاد يكون شاملاً.
القمة العربية القادمة يجب أن ترتقي إلى مستوى التحديات المحيطة بكل الدول العربية، ودون استثناء، والموقف الذي يجب أن يصدر يجب أن يكون موقفاً قوياً وحازماً، يتجاوز لغة الرفض، إلى إعلان الاستعداد للنضال من أجل كرامة أمّة عظيمة، لم تطلب الحرب يوماً، ولكنها لا تخشاها أيضاً، إذا ما فرضت عليها، وتاريخ المنطقة الطويل شاهد على أنّ قدر هذه الشعوب هو مقاومة المستعمر وطرده من أرضها. وليس هناك بدائل أخرى إذا ما فرضت المواجهة، وهذه الشعوب لم تكن يوماً خائفة أو تجبن عن واجب الصمود. وهذه قيم ربما لا يدركها ترامب أو غيره من المنظرين لمنطق الصفقات التجارية، ذلك أنّ هناك حقوقاً لا تقبل المساومة، بل لا تقبل البيع والشراء.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل القمة العالمية للحكومات غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب ترامب الدول العربیة ضارة نافعة ة نافعة
إقرأ أيضاً:
تفاصيل اجتماع المكتب التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية
استضافت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025، أعمال الاجتماع الخامس عشر للمكتب التنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية، برئاسة السفير الدكتور علي يوسف الشريف، الأمين العام للرابطة.
حضر الاجتماع الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء مصر الأسبق، والسفير الفريق أول ركن المهندس عماد الدين مصطفى عدوي، سفير جمهورية السودان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة، إضافة إلى ماجد جانق رونق ممثل جمعية الصداقة الصينية العربية، ورؤساء وممثلي جمعيات الصداقة من الأردن وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق والكويت وفلسطين ولبنان وليبيا واليمن، وبمشاركة إدارات منظمات المجتمع المدني وآسيا وأستراليا والتعاون العربي–الآسيوي بالأمانة العامة.
افتتح السفير الشريف الاجتماع بكلمة، أكد خلالها أن العلاقات العربية–الصينية شهدت خلال الأعوام الماضية تطوراً نوعياً على المستويين الرسمي والشعبي، مشيراً إلى أهمية مضاعفة جهود الدبلوماسية الشعبية لتعزيز جسور التفاهم والحوار بين الشعوب في ظل التحولات الدولية المتسارعة.
وأشاد كذلك بالدعم الذي تقدمه جامعة الدول العربية، بقيادة أحمد أبو الغيط، في تعزيز دور الرابطة وإسناد مهمتها في خدمة مسار التعاون العربي–الصيني.
وفي كلمة الأمانة العامة للجامعة، أكدت الوزير المفوض نوال برادة، مدير إدارة منظمات المجتمع المدني، أن رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية تعمل تحت مظلة الجامعة منذ تأسيسها عام 2006 خلال الدورة الأولى لمؤتمر الصداقة العربية الصينية في السودان، لتكون نظيراً عربياً لجمعية الصداقة الصينية العربية.
وأشارت إلى عقد خمس دورات سابقة للمؤتمر بالتناوب بين الدول العربية والصين، لافتة إلى التحضيرات الجارية بشأن انعقاد الدورة السادسة عام 2026 في إحدى الدول العربية ضمن البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون العربي–الصيني.
كما أوضحت برادة أن الاجتماع يأتي متابعة لتنفيذ القرار رقم (2516) الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته العادية (116) بتاريخ 3 سبتمبر 2025، والقرار رقم (9201) الصادر عن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في دورته العادية (164) بتاريخ 4 سبتمبر 2025، اللذين أكدا أهمية المشاركة العربية الفعالة في الأنشطة والفعاليات المعنية بالتعاون العربي–الصيني، وتكليف الإدارات المختصة في الأمانة العامة بمواصلة التنسيق العربي–الصيني للإعداد لتلك الفعاليات، وفي مقدمتها الدورة السادسة لمؤتمر الصداقة العربية الصينية.
واختتمت كلمتها بالإشارة إلى أن عام 2026 سيشهد الذكرى السبعين للعلاقات الرسمية بين جامعة الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية منذ عام 1956، إلى جانب انعقاد القمة العربية–الصينية الثانية، واحتفال رابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية بمرور عشرين عاماً على تأسيسها، مؤكدة حرص الجامعة على توفير كافة سبل الدعم لإنجاح فعاليات الدورة السادسة للمؤتمر بما يعكس متانة الشراكة العربية الصينية.
وفي ختام الاجتماع، قام السفير الدكتور علي يوسف الشريف بتسليم درع تقديري باسم أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، تكريماً لجهوده في تعزيز أواصر العلاقات العربية–الصينية.