شهدت الولايات المتحدة الأمريكية موجة من الجدل والانتقادات بعد سلسلة من القرارات التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تضمنت تسريح آلاف الموظفين من الوكالات الفدرالية.

وأثارت هذه السياسة موجة من الغضب والفوضى بين العاملين، وظهرت اتهامات بأن هذه القرارات قد تكون مدفوعة بمصالح مشتركة بين ترامب وإيلون ماسك، بهدف تمكين الذكاء الاصطناعي كبديل عن الموظفين الأمريكيين.

ووقع الرئيس ترامب عددًا من الأوامر التنفيذية تضمنت إجبار كبار المسئولين في مصالح الأرشيف على الاستقالة، بالإضافة إلى إقالة آلاف الموظفين من وزارات رئيسية مثل الداخلية والطاقة والصحة والزراعة وشؤون المحاربين القدامى.

واستهدفت حملة التسريح بشكل أساسي الموظفين الجدد تحت الاختبار الذين يتمتعون بمستوى أقل من الأمان الوظيفي.

ووفقًا لتقارير إعلامية، تم تسريح أكثر من 9500 موظف، بينما قبل حوالي 75 ألف موظف عرضًا للاستقالة طواعية، ما يعادل نحو 3% من القوة العاملة المدنية في الحكومة الأمريكية، بحسب ما أعلنه البيت الأبيض.

وأشار ترامب إلى أن هذه الإجراءات تأتي ضمن حملة لتقليص حجم الحكومة الاتحادية التي وصفها بأنها "متضخمة" وتسبب إهدارًا ماليًا.

تأتي هذه الإجراءات في وقت وصلت فيه ديون الحكومة الأمريكية إلى نحو 36 تريليون دولار، مع عجز بلغ 1.8 تريليون دولار في العام الماضي.

وفي خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أجبر ترامب كبار المسئولين في إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية على الاستقالة، وعزل أمينة المحفوظات كولين شوغان. 

وتعتبر هذه الإدارة مسئولة عن الإشراف على السجلات الحكومية، وهي الهيئة التي انتقدها ترامب مرارًا بسبب إبلاغها وزارة العدل بتعامله مع وثائق سرية في مطلع عام 2022.

وأشارت تقارير إلى أن البيت الأبيض يخطط للإعلان عن القيادة الجديدة للإدارة خلال الأيام المقبلة، ما يعكس رغبة الإدارة في السيطرة على مؤسسات حساسة تتعلق بالمعلومات والأرشفة.

اتهامات بمجاملة أيلون ماسك والذكاء الاصطناعي

تزامنًا مع قرارات التسريح، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا بإنشاء "المجلس الوطني للهيمنة في مجال الطاقة" بهدف تطوير إنتاج الكهرباء لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي. 

وأشار ترامب إلى أن مراكز البيانات المتقدمة تحتاج إلى ضعف ما هو متاح حاليًا من الكهرباء، ما يتطلب تعزيز إنتاج الطاقة على نطاق واسع.

أثارت هذه الخطوة اتهامات لترامب بمجاملة إيلون ماسك، الذي يُعد من رواد الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، حيث يُعتقد أن تسريح الموظفين يأتي ضمن خطة أوسع لتمكين الذكاء الاصطناعي كبديل عن الوظائف التقليدية في الحكومة الأمريكية.

ردود فعل غاضبة وفوضى بين الموظفين

أثارت حملة التسريح غضبًا واسعًا بين العاملين في مختلف الولايات، بدءًا من ميتشيغان وصولًا إلى فلوريدا. 

تلقى الموظفون إشعارات بالفصل دون سابق إنذار، ما خلق حالة من الفوضى. 

وازدادت حدة الأزمة بعد أن تلقى بعض الموظفين الذين قبلوا عرض الاستقالة المؤجلة إشعارات بالفصل، ما أثار تساؤلات حول التزام الإدارة باتفاقاتها.

وفي وزارة شئون المحاربين القدامى، تم فصل أكثر من 1000 موظف في مجالات حساسة، مثل معالجة السرطان وإدمان المواد الأفيونية، ما أثار مخاوف بشأن تأثير هذه القرارات على الجهود الصحية الوطنية.

في سياق آخر، دخلت إدارة ترامب في مواجهة حادة مع وكالة “أسوشيتد برس” بعد رفضها استخدام اسم "خليج أمريكا" بدلًا من "خليج المكسيك"، ما أدى إلى منع صحفييها من دخول المكتب البيضاوي وطائرة الرئيس "إير فورس وان". 

واعتبرت أسوشيتد برس أن هذه الإجراءات تنتهك حرية التعبير وتؤثر على التغطية الإعلامية للأحداث الرئاسية.

احتجاجات قانونية ومعارضة

أثارت حملة التسريح الجماعي موجة من الاحتجاجات والمعارضة القانونية، حيث رفعت نقابات الموظفين الفدراليين دعوى قضائية للطعن في هذه القرارات، معتبرةً أنها غير قانونية وتهدد فعالية عمل الوكالات الفدرالية.

واعتبرت دورين جرينوالد، رئيسة الاتحاد الوطني لموظفي الخزانة، أن تسريح الموظفين المدربين سيؤثر سلبًا على المهمات الحكومية، واصفةً القرارات بأنها "فوضوية" وغير مدروسة.

تداعيات سياسية واقتصادية

يرى مراقبون أن سياسة ترامب في تسريح الموظفين قد تحمل تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة، فمن جهة، قد تسهم في تقليص العجز المالي للحكومة الأمريكية، لكنها من جهة أخرى، قد تؤثر سلبًا على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين، خاصة في مجالات الصحة والتعليم وشئون المحاربين القدامى.

كما أثارت هذه السياسة انقسامًا في الكونجرس، حيث اعتبر الديمقراطيون أنها تتعدى على السلطة الدستورية للهيئة التشريعية بشأن الإنفاق الاتحادي، بينما أبدى الجمهوريون دعمهم لتحركات ترامب بهدف تقليص البيروقراطية الحكومية.

تظل سياسة ترامب في تسريح الموظفين محل جدل واسع في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية. 

وبينما يدافع الرئيس عن هذه القرارات باعتبارها ضرورة لتقليص حجم الحكومة وتحسين كفاءتها، يتهمه معارضوه بتنفيذ خطة مجاملة لإيلون ماسك لتمكين الذكاء الاصطناعي على حساب الموظفين الأمريكيين.

ويبقى السؤال مطروحًا حول التأثيرات بعيدة المدى لهذه السياسة على الاقتصاد الأمريكي ووظائف المواطنين، ومدى انعكاسها على المشهد السياسي في الفترة المقبلة.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب الولايات المتحدة تسريح آلاف الموظفين المزيد الذکاء الاصطناعی تسریح الموظفین هذه القرارات

إقرأ أيضاً:

عائدات AT&T تتضاعف نتيجة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي

في وقت أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي تسيطر على مشهد التكنولوجيا – من Galaxy AI إلى Apple Intelligence – يبدو أن شركات الاتصالات بدورها تراهن بقوة على هذه الثورة، وعلى رأسها شركة AT&T التي باتت تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافها التشغيلية والمالية.

 عائد مضاعف واستراتيجية تقود إلى توفير 3 مليارات دولار

بحسب تصريحات الشركة، فإن كل دولار استثمرته AT&T في الذكاء الاصطناعي التوليدي عاد عليها بعائد مضاعف، في خطوة تعكس النجاح الفعلي لهذه الاستثمارات.

وتستهدف الشركة تحقيق وفورات مالية تصل إلى 3 مليارات دولار سنويًا بحلول نهاية عام 2027، عبر دمج حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعاتها.

 دمج الذكاء الاصطناعي في جميع مستويات العمل

تحدث آندي ماركوس، كبير مسؤولي البيانات والذكاء الاصطناعي في AT&T، لمجلة Forbes، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حكرًا على الفرق التقنية، بل أصبح جزءًا من سير العمل اليومي في كافة أقسام الشركة. 

ومنذ انضمامه إلى AT&T عام 2020، يقود ماركوس استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي تشمل الخدمات الموجهة للمستهلكين، والأعمال، والوظائف الداخلية.

وحتى الآن، أكمل أكثر من 50,000 موظف تدريبات رسمية على الذكاء الاصطناعي، بينما تُشغّل الشركة أكثر من 600 نموذج من نماذج التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي ضمن بيئاتها الإنتاجية، وتُراجع آلاف حالات الاستخدام الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.

 تطبيقات عملية تعزز الكفاءة وتحسّن تجربة العملاء

تشمل استخدامات الذكاء الاصطناعي في AT&T مجالات مثل كشف الاحتيال، منع المكالمات المزعجة، تحسين عمليات التوزيع الميداني، وأداة موظفين تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي تحمل اسم Ask AT&T. 

وتهدف هذه التطبيقات إلى رفع كفاءة العمل الداخلي وتحسين تجربة العملاء على حد سواء.

وتُدار هذه الجهود من خلال إطار حوكمة صارم وتعاون بين الأقسام المختلفة، مع التركيز على سلامة البيانات، لا سيما وأن الشبكة تنقل يوميًا نحو 900 بيتابايت من البيانات، ما يستدعي إدارة مسؤولة وحذرة.

 المرحلة القادمة: أنظمة ذكية تتخذ قرارات ذاتية

تُخطط AT&T للدخول في المرحلة التالية من تطوير الذكاء الاصطناعي، وهي الأنظمة العاملة ذاتيًا (Agentic Systems)، والتي يُمكنها اتخاذ قرارات بشكل مستقل. ويرى ماركوس أن إمكانيات الذكاء الاصطناعي لا سقف لها، مؤكدًا أن الشركة تواكب هذه التطورات بتفاؤل مدروس.

 تحذيرات من فقاعة محتملة في سوق الذكاء الاصطناعي

ورغم التفاؤل الذي تبديه الشركات، تزداد التحذيرات من جهات متعددة بشأن فورة الذكاء الاصطناعي في الأسواق. 

يرى بعض المحللين أن شركات التكنولوجيا اليوم مبالغ في تقييمها بشكل يُذكّر بفقاعة الإنترنت في مطلع الألفية، مع ارتفاع في نسب السعر إلى الأرباح، واستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية والمواهب، دون خارطة طريق واضحة أو نهاية محددة.

ومع اشتداد المنافسة العالمية، هناك قلق متزايد من أن حمى الذهب الخاصة بالذكاء الاصطناعي قد تنتهي بانفجار اقتصادي مؤلم، إن لم يتم توجيه هذه الاستثمارات بحكمة.

طباعة شارك الذكاء الاصطناعي Apple Intelligence Galaxy AI

مقالات مشابهة

  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • خبراء يكشفون خطر الذكاء الاصطناعي على الدماغ
  • الإدارة الأمريكية..المصداقية في مهب الريح
  • بي بي سي تختار مديرة تنفيذية من ميتا لإدارة الذكاء الاصطناعي
  • وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد
  • عائدات AT&T تتضاعف نتيجة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
  • وسط غضب شعبي.. قرارات الزبيدي تثير جدلاً واسعاً في الجنوب