أنقرة- يعتزم وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية "ديم" الكردي في تركيا، التوجه غدا الأحد إلى إقليم كردستان العراق، حيث سيجري اجتماعات مع قيادات بارزة في أربيل والسليمانية، ضمن سلسلة لقاءات تهدف إلى مناقشة تطورات الملف الكردي في المنطقة.

ومن المقرر أن يلتقي الوفد الأحد في أربيل كلا من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، ورئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني، قبل أن ينتقل يوم الاثنين إلى السليمانية لعقد اجتماعات مع رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني، ونائبه قوباد طالباني، ومسؤولين آخرين.

ويأتي هذا التحرك في ظل تطورات متسارعة بشأن الملف الكردي في تركيا، لا سيما بعد اللقاءات التي أجراها الحزب مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي.

زيارة مهمة

تشير مصادر سياسية إلى أن الزيارة تكتسب أهمية خاصة، وذلك على ضوء المبادرة التي أطلقها زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي والتي دعا فيها أوجلان لحل الحزب وإلقاء السلاح مقابل الاستفادة من العفو.

يأتي ذلك في إطار تحركاته المكثفة حول القضية الكردية، حيث أجرى وفد من حزب ديم خلال الشهرين الماضيين لقاءين مع الزعيم الكردي أوجلان، أحدهما في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والآخر في 22 يناير/كانون الثاني الماضي.

إعلان

كما عقد الوفد اجتماعات موسعة مع أطراف سياسية فاعلة، شملت رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، إلى جانب لقاء غير مسبوق مع بهتشلي، إضافة إلى ممثلين عن أحزاب أخرى.

وقد حظيت هذه التحركات باهتمام كبير في الأوساط السياسية التركية، مع تزايد التوقعات بإمكانية حدوث تطورات ملموسة في الملف الكردي خلال الفترة المقبلة.

من جهته، كشف الرئيس المشترك لحزب "ديم" تونجر باقرهان، الأسبوع الماضي أن أوجلان قد يوجه "رسالة تاريخية" خلال الأيام المقبلة، وأوضح خلال اجتماع لكتلة حزبه النيابية أن هناك دعما واسعا من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني لمسار الحل السياسي، مؤكدا أن هذه "فرصة تاريخية" ينبغي عدم تفويتها.

منطقة كردستان التي استوطنها الأكراد عبر التاريخ وفقا لما أوردته الموسوعة البريطانية (الجزيرة) ترتيبات سياسية

يرى الباحث في الشأن التركي علي أسمر، في حديث للجزيرة نت، أن زيارة وفد حزب "ديم" لإقليم كردستان العراق تأتي في إطار تحولات معقدة تشهدها الساحة الكردية الإقليمية.

وبحسب أسمر، فإن هذه الزيارة قد تعكس محاولة لإعادة ترتيب التوازنات داخل الحركة الكردية، خاصة في ظل المستجدات السياسية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، والتي أسهمت في إعادة تشكيل الخريطة الكردية في المنطقة.

ويضيف أسمر أن الأحزاب الكردية العراقية، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، تسعى إلى ترسيخ موقعها كلاعب رئيسي في تحديد مستقبل الأكراد، وهو ما قد يفتح المجال أمام حزب "ديم" ليكون جزءا من هذه الترتيبات الجديدة.

 ويرى أن تراجع نفوذ "ديم" في الداخل التركي دفعه للبحث عن تعزيز شرعيته الإقليمية عبر هذه الزيارة، خاصة في ظل المساعي التركية لإعادة رسم العلاقة مع الأكراد في إطار سياسي جديد.

وبحسب الباحث التركي، فإن تركيا تعتبر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تهديدا إستراتيجيا وامتدادا لحزب العمال الكردستاني، وبالتالي فإن أي ترتيبات سياسية جديدة قد تصب في إستراتيجية أنقرة الرامية إلى عزل "قسد" إقليميا، ومن المحتمل -وفقا له- أن تكون هذه الزيارة جزءا من تحركات أوسع تهدف إلى إيجاد بديل سياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقود "قسد"، مما قد يُضعف موقفها دبلوماسيا على المدى البعيد.

إعلان

وعلى الصعيد العسكري، يرى أسمر أن التقارب بين أنقرة وبعض القوى الكردية العراقية -مثل البشمركة– قد يكون ورقة لتعزيز النفوذ التركي في مواجهة "قسد" داخل سوريا. كما أن "هذه الزيارة لا تنفصل عن مسار التسوية الداخلية التركية مع الأكراد، حيث تحاول أنقرة دفع حزب ديم لتبني خطاب أكثر اعتدالا وأقل ارتباطا بحزب العمال الكردستاني، مما قد يسهم في إضعاف شرعية قسد".

رسالة عبد الله أوجلان ستشكل توجهات الحركة الكردية في المرحلة المقبلة بحسب ما يرى محللون (الأناضول) رسالة أوجلان

وفيما يخص الرسالة المنتظرة من عبد الله أوجلان، يعتبر أسمر أن لها انعكاسات عميقة على مستقبل حزب العمال الكردستاني وخياراته السياسية والعسكرية، فإذا جاءت الرسالة بروح تصالحية تجاه تركيا، فقد يمهد ذلك لتحولات كبيرة في إستراتيجيات الحزب، خصوصا مع تراجع الدعم الدولي له واستمرار الضغط العسكري التركي.

بالمقابل، إذا حملت الرسالة تصعيدا، فقد يعزز ذلك موقف الجناح العسكري المتشدد داخل الحزب، ويدفع نحو مزيد من المواجهة مع أنقرة بدلا من التوجه نحو تسوية سياسية.

ويؤكد أسمر أن توقيت الرسالة بالغ الأهمية، خصوصا مع احتمالات الانتخابات المبكرة في تركيا، كما أن الحكومة التركية تسعى إلى تفاهمات مع أطراف كردية غير مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، في محاولة لإعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي.

وإقليميا، يرى أسمر أن التغيرات في سوريا والعراق قد تدفع حزب العمال الكردستاني لإعادة تقييم خياراته، خاصة مع استمرار الضغوط العسكرية التركية في العراق، ومساعي أنقرة لتحجيم نفوذ "قسد" في سوريا.

من جانبه، يرى الباحث الأكاديمي في جامعة أنقرة جنك سراج أوغلو أن رسالة أوجلان ليست مجرد موقف سياسي عابر، بل ستكون اختبارا مهما لتوجهات الحركة الكردية في المرحلة المقبلة.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن هناك قناعة متزايدة داخل بعض الأوساط الكردية بأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد مواتية لاستمرار الصراع المسلح بالشكل التقليدي، حيث بدأ الدعم الدولي لحزب العمال الكردستاني بالتراجع، خاصة في ظل تركيز الولايات المتحدة على مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، وعدم رغبتها في صدام مباشر مع تركيا.

إعلان

ويرى سراج أوغلو أن "حزب العمال الكردستاني قد يكون أمام لحظة حاسمة: إما التكيف مع المتغيرات الإقليمية عبر تقليل حضوره العسكري والتحول إلى العمل السياسي، أو مواجهة مزيد من العزلة والضغوط من الفاعلين الإقليميين والدوليين".

أما فيما يتعلق بتأثير الرسالة على الوضع داخل تركيا، فيشير الباحث إلى أن أي دعوة من أوجلان للحوار قد تعزز موقع حزب "ديم" داخل المشهد السياسي التركي، وربما تعيد النقاش حول مسار الحل السياسي للقضية الكردية. لكنه في الوقت ذاته يحذر من أن أي تباين في مواقف أجنحة حزب العمال الكردستاني تجاه رسالة أوجلان قد يؤدي إلى انقسامات داخلية، تجعل من الصعب التوصل إلى موقف موحد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب العمال الکردستانی هذه الزیارة

إقرأ أيضاً:

خلال زيارة معالي وزير العدل د. خالد شواني الى ايران .. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان بين بغداد وطهران

شبكة انباء العراق ..

في إطار المساعي المشتركة بين جمهورية العراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية لتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وتبادل الخبرات القانونية، وقّعت وزارة العدل العراقية ولجنة حقوق الإنسان الإيرانية مذكرة تفاهم رسمية تهدف إلى تطوير آليات التعاون الثنائي في هذا المجال الحيوي. جاء ذلك خلال زيارة معالي وزير العدل العراقي الدكتور خالد شواني إلى طهران، ولقائه برئيس لجنة حقوق الإنسان الإيرانية الدكتور ناصر السراج وعدد من كبار المسؤولين.

وتنص المذكرة على تعزيز التعاون الفني والمؤسساتي بين البلدين في مجالات حقوق الإنسان، وتطوير القدرات وبناء الكفاءات، وتنسيق المواقف في المحافل الإقليمية والدولية ذات العلاقة، بما يسهم في دعم المسارات الحقوقية في كلا البلدين، ويعزز من التزامات الجانبين في الإطارين الوطني والدولي.

وأكد الجانبان خلال مراسم التوقيع أهمية هذه الخطوة في ضوء التحديات المشتركة، وعبّرا عن تطلعهما إلى شراكة استراتيجية قائمة على التفاهم وتبادل الخبرات، بما ينعكس إيجابًا على تطوير المنظومات العدلية والقانونية في العراق وإيران على حد سواء.

وشدّد معالي وزير العدل على أن هذه الاتفاقية تأتي ضمن توجهات الحكومة العراقية لتعزيز التعاون الإقليمي في المجالات العدلية و القانونية والإنسانية، في حين أشار الجانب الإيراني إلى أهمية بناء جسور التواصل مع الدول الجارة، وفي مقدمتها العراق، في إطار رؤية شاملة لتعزيز الاستقرار والعدالة واحترام حقوق الإنسان.

وتُمثل مذكرة التفاهم هذه خطوة متوازنة تعكس رغبة البلدين في العمل المشترك، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات، والاستفادة من الخبرات المتبادلة، بما يعزز حضور البلدين على الساحة الدولية في هذا الملف الحيوي.

user

مقالات مشابهة

  • خلال زيارة معالي وزير العدل د. خالد شواني الى ايران .. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان بين بغداد وطهران
  • العراق يرصد زلزال تركيا بدقة ويحذر من نشاط متزايد في المتوسط
  • خلال حضوره إطلاق المجلس الاقتصادي الكندي -الكردستاني .. رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار يؤكد ..
  • زيارة عون لبغداد خطوة لبنانية لتعزيز التوازنات الإقليمية عبر العراق
  • رئيس اتحاد عمال العراق يلتقي محمد جبران لبحث تعزيز التعاون المشترك
  • الرئيس اللبناني في زيارة الى بغداد
  • عون يصل إلى بغداد في زيارة رسمية.. واستقبال رسمي من السوداني
  • في قبضة الرواتب.. والمعارضة الكردية تتهم أربيل بتجويع الموظفين
  • الرئيس عون غادر إلى العراق في زيارة رسمية
  • رواتب كردستان تعود الى الواجهة.. والكرد منقسمون