وفاة موظف أممي في سجون الحوثي تُثير تساؤلات حول مصير العشرات
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
أثارت واقعة وفاة الموظف اليمني في برنامج الأغذية العالمي، يوم الاثنين الماضي، في أثناء تواجده في سجون ميليشيا الحوثي، حول مصير عشرات المختطفين الآخرين من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والهيئات الدولية والمؤسسات المحلية غير الحكومية.
وتوفي أحمد باعلوي مسؤول تكنولوجيا المعلومات في برنامج الأغذية، بعد أن جرى احتجازه رفقة عدد من زملائه قبل نحو 20 يومًا.
وأعادت وفاة باعلوي إلى الأذهان، واقعة مماثلة فقد فيها هشام الحكيمي أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023، حياته، على وقع تعرضه للتعذيب من قبل سلطات الحوثي، بينما كان محتجزًا في أحد سجونها.
وكان يعمل الحكيمي مديرًا لقسم الأمن والسلامة في منظمة "إنقاذ الطفولة/save the Children".
ويقود الحوثيون منذ انقلابهم قبل نحو 10 سنوات، موجات اختطافات قسرية واسعة طالت اليمنيين المنخرطين في العمل ضمن المجال المجتمعي والحقوقي، الذين ينشطون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ومنذُ مطلع شهر يونيو/ حزيران الماضي، ارتفعت وتيرة الاختطافات والاعتقالات، واستهدفت العشرات من بينهم موظفي وكالات الأمم المتحدة والهيئات الدولية والمؤسسات المحلية، وكانت آخر تلك الحملات التعسفية مطلع الأسبوع الجاري.
وكانت الأمم المتحدة، قد أعلنت أواخر شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، على وقع حملة اختطافات جديدة، تعليق جميع تحركاتها داخل نطاق حدود المحافظات الواقعة ضمن نفوذ سلطات الأمر الواقع الحوثية، كأول ردة فعل أممية وُصفت حينها بـ"الجادة"، والتي غادرت معها مربع "التنديد والإدانة".
وكشفت مصادر يمنية حكومية وأخرى حقوقية، عن أن "إجمالي الموظفين الذين اختطفتهم ميليشيات الحوثيين قسريًا، وهم من العاملين لدى الوكالات الأممية والهيئات الدولية، بلغوا نحو 25 شخصًا، فيما يصل عدد الموظفين المعتقلين العاملين لدى المؤسسات المجتمعية والحقوقية المحلية غير الحكومية إلى نحو 70 شخصًا".
ونوهت المصادر إلى أن "إجمالي تلك الأعداد المذكورة، والتي يصل مُجملهم مُجتمعين إلى حوالي 100 شخص، تقتصر فقط على الفترة الأخيرة، والتي تنحصر بين شهري يونيو/ حزيران 2024، إلى فبراير/ شباط 2025".
ولفتت إلى أن "انتهاكات الحوثية بحق نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، منذ بدء الحرب، قد تنوعت بين جرائم القتل والتعذيب والاختطاف والاعتقال القسري، فيما تُشير الأرقام إلى أنها طالت نحو 7 آلاف شخص".
*مبدأ الغطرسة*
واعتبر وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان لقطاع الشراكة والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا نبيل عبدالحفيظ، أن "وفاة باعلوي، تُعدّ جريمة جديدة تُضاف إلى سلسلة جرائم الاعتقالات القسرية".
وبيّن لـ"إرم نيوز"، أن "ميليشيا الحوثي، تحتجز موظفي الأمم المتحدة والموظفين الدوليين لديها كرهائن"، لافتًا إلى أن "الحوثيين يستندون في الأساليب التي ينتهجونها على مبدأ الغطرسة".
ونوه عبدالحفيظ إلى أن "ردود الفعل الضعيفة والبيانات الخجولة، الصادرة عن الأمم المتحدة تجاه هذه الجرائم والانتهاكات، أسهمت في تشجيع الميليشيات الحوثية على التمادي وزيادة جرائمها".
وأوضح أن "الميليشيا ترى في هذا الضعف، نوعًا من التماهي وعدم الجدية في التعامل مع الانتهاكات، رغم أنها تتطلب مواجهة حازمة وقوية"، مُعربًا عن أمله في أن "تُبادر الأمم المتحدة، إلى تصنيفها كجماعة إرهابية، نظرًا للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها".
وطالب المسؤول اليمني "بتقديم تقارير قوية وصادقة إلى مجلس الأمن، تحثّه على إصدار قرارات حازمة تُلزم بتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وفرض حصار عسكري وسياسي واقتصادي عليها للضغط من أجل وقف انتهاكاتها وإنهاء اعتداءاتها وجرائمها".
وشدّد على أن "وفاة باعلوي، باتت تُمثّل لعنةً في وجه المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، وكذلك منسق الشؤون الإنسانية جوليان هارنيس، اللذان يتحملان مسؤولية الحفاظ على سلامة الموظفين الأمميين، والحرص بكل جدية للإفراج عنهم".
*تحت التعذيب*
بدوره، قال رئيس منظمة "ميون" لحقوق الإنسان عبده الحذيفي، إن "وفاة باعلوي، في سجون الحوثيين، جاءت في ظروف غامضة"، مُرجّحًا احتمالية وفاته "تحت التعذيب"، مُستندًا بذلك إلى شهادات يمنيين أُفرج عنهم من سجون الحوثيين.
وذكر لـ"إرم نيوز"، أن "تلك الشهادات أكدت خضوع أصحابها لتحقيقات قاسية وعنيفة للغاية، وجّهت لهم فيها اتهامات خطيرة، وقد تعرضوا خلالها للتعذيب النفسي والجسدي".
ورأى الحذيفي أن: "ما حدث للموظف باعلوي، يُلقي بظلاله على بقية المختطفين، في ظل الظروف الخطيرة التي تُحيط بهم في معتقلات الحوثيين"، مُشدّدًا على "أهمية اتخاذ مكاتب الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية، الإجراءات اللازمة لضمان عدم تعرض موظفيها المختطفين لأي انتهاكات، ودرء المخاطر المحدقة بهم، والعمل بحزم على حمايتهم".
ولفت إلى أن "ردود فعل الأمم المتحدة ومكاتبها في اليمن، إزاء اختطاف عدد كبير من موظفيها على يد الحوثيين، لم ترتقِ إلى مستوى خطورة الانتهاك"، معربًا عن امتعاضه كونها "منذ واقعة الوفاة، لم تتخذ (الأمم المتحدة)، أي إجراء ملموس، يهدف إلى حماية بقية الموظفين المختطفين القابعين في سجون الحوثيين من ملاقاة ذات مصير الراحل باعلوي".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحذّر من الأسوأ.. تقارير وشهادات: المساعدات في قطاع غزة لم تنجح في وقف المأساة
الصور الصادمة لأطفال يعانون من الهزال الحاد، والتقارير المتزايدة عن وفيات مرتبطة بالجوع، أثارت موجة غضب دولية دفعت إسرائيل إلى تعليق القتال مؤقتاً في مناطق معينة والسماح بإدخال عدد أكبر من شاحنات المساعدات. اعلان
على الرغم من إدخال المزيد من شاحنات المساعدات وإسقاط الغذاء جواً في قطاع غزة، إلا أن المجاعة تتفاقم، والحاجة الإنسانية ما زالت بعيدة عن التغطية. وبينما تتحدث السلطات الإسرائيلية عن تسهيلات في دخول المساعدات، تؤكد منظمات الأمم المتحدة والجهات الإغاثية أن ما يحدث "تحسينات شكلية" لا ترتقي لمستوى الكارثة الإنسانية القائمة.
الصور الصادمة لأطفال يعانون من الهزال الحاد، والتقارير المتزايدة عن وفيات مرتبطة بالجوع، أثارت موجة غضب دولية دفعت إسرائيل إلى تعليق القتال مؤقتاً في مناطق معينة والسماح بإدخال عدد أكبر من شاحنات المساعدات. كما استؤنفت عمليات الإسقاط الجوي الدولية للغذاء، بحسب تقارير وكالة أسوشيتد برس.
الشاحنات تُنهب على الطرقاتفي ظل الانهيار الأمني داخل القطاع، تفيد التقارير بأن معظم شاحنات المساعدات التي تدخل غزة لا تصل إلى مستودعات الأمم المتحدة المخصصة للتوزيع، بل تُهاجم على الطرقات من قبل حشود تتراوح بين جوعى يائسين وعصابات مسلحة بالأسلحة البيضاء والأسلحة النارية.
ووفقاً لشهود عيان وتقارير طبية محلية نقلتها رويترز وأسوشيتد برس، قُتل وأُصيب المئات أثناء محاولتهم الوصول إلى هذه المساعدات، وسط إطلاق نار من القوات الإسرائيلية.
تقول القوات الإسرائيلية إنها تطلق طلقات تحذيرية فقط لتفريق الحشود، لكن الأمم المتحدة توضح أن استمرار هذه البيئة الفوضوية يجعل من المستحيل تنفيذ توزيع منتظم وآمن.
وفي تصريحات لـوكالة أسوشيتد برس، قالت أولغا تشيريفكو، المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA): "أدى هذا الوضع إلى تفريغ العديد من قوافلنا مباشرة من قبل أشخاص جائعين ويائسين، ما زالوا يواجهون مستويات عميقة من الجوع ويكافحون لإطعام أسرهم".
إسقاط المساعدات جواً.. حلول رمزية لا تسد الفجوةعمليات الإسقاط الجوي، رغم استئنافها، لا توفر سوى نسبة ضئيلة جداً من حجم المساعدات المطلوبة، بحسب تقييمات برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP). بل إن كثيراً من الطرود تسقط في مناطق مدمرة أو محظورة، وبعضها يغرق في البحر، ما يدفع سكاناً إلى المجازفة بحياتهم سباحة لاستعادتها.
يقول مؤمن أبو عطية، وهو أب فلسطيني قابلته أسوشيتد برس، إنه كاد أن يغرق أثناء محاولته انتشال كيس مساعدات من البحر بناء على طلب ابنه: "ألقيت بنفسي في البحر حتى الموت فقط لأجلب له شيئاً، وكل ما حصلت عليه كان ثلاث علب بسكويت".
Related "بسبب تجويع غزة"..رسالة من شخصيات إسرائيلية بارزة تطالب بعقوبات دولية على تل أبيبأنهكه الجوع وقلة الحيلة.. أب من غزة ينهار أمام أسرته بعد عودته إلى البيت بكيس دقيقليلة انتظار مساعدات دموية.. 46 قتيلاً في غارات إسرائيلية بقطاع غزةوفرضت إسرائيل حظراً كاملاً على دخول الغذاء إلى غزة لمدة شهرين ونصف، بدءًا من مارس وحتى أواخر مايو، ثم بدأت بالسماح بدخول عدد محدود من الشاحنات يومياً، بلغ وفق هيئة COGAT التابعة للجيش الإسرائيلي بين 220 و270 شاحنة خلال بعض أيام هذا الأسبوع.
غير أن هذا الرقم ما زال بعيداً عن الحد الأدنى المطلوب وهو 500 إلى 600 شاحنة يومياً، بحسب الأمم المتحدة، وهو المعدل الذي تم الوصول إليه خلال الهدنة التي استمرت ستة أسابيع في وقت سابق من هذا العام.
وأكدت تشيريفكو، أن شاحنات الأمم المتحدة لا تزال تواجه تأخيرات بسبب القيود العسكرية، إضافة إلى السماح باستخدام مسار واحد فقط، مما يسهل استهدافها من قبل مجموعات مسلحة ومدنيين يائسين.
وأضافت: "السبيل الوحيد للوصول إلى مستوى من الثقة هو تدفق المساعدات بشكل مستدام على مدى فترة زمنية طويلة".
الأمم المتحدة ترفض الحماية العسكرية الإسرائيليةعرضت إسرائيل على الأمم المتحدة توفير مرافقة مسلحة لتأمين شاحنات المساعدات، لكن المنظمة الأممية رفضت، مؤكدة أنها لا تستطيع أن تُظهر نفسها كطرف متعاون مع أحد أطراف النزاع، وأشارت إلى حوادث سابقة أُطلقت فيها النيران على المدنيين أثناء وجود القوات الإسرائيلية في مواقع التوزيع، وفق تقارير أسوشيتد برس.
بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات لدى منظمة أوكسفام، وصفت الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة بأنها لا تتعدى كونها "عروضاً شكلية"، وقالت: "عدد قليل من الشاحنات، توقفات تكتيكية لساعات، وإسقاط ألواح طاقة من السماء — هذا لا يعوض الأذى الذي لا رجعة فيه لجيل بأكمله من الأطفال الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية منذ شهور".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة