لجريدة عمان:
2025-10-14@11:31:36 GMT

الشعر يستعيرُ الملابس!

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

هل تُكابد الملابس المخاوف الليلية من انفلات نسيجها، أو انجلاء حرارة ألوانها، هل تزورها كوابيس الثقوب فـي أحلامها؟ وهل تخفت أوجاعها المرعبة ما أن تعاود الإبر رتق مزقها اللامتناهية؟ هل تعتاد الملابس دورانها فـي المغسلة كما تدور بنا الحياة؟ هل تعتاد رغوة المسحوق ومواد التبييض؟ وكيف إذا ما نُقعت يتلون الماء بلون حسرتها؟ ثمّ تستسلم للعصر، وتتدلى طائعة من حبل الغسيل، تماما كما يخوض البشر صراعاتهم الأبدية مع توحشٍ لا مُتناهٍ، تتبدى أنيابه أكثر شراسة مما مضى؟

لم أكن لأنتبه - من قبل- لدرجة الشبه اللافتة بيننا كبشر وبين الثياب التي نرتديها، إذ لطالما نظرنا إليها من وجهة نظر قاصرة باعتبارها -أي الثياب- تُعبر عن وضع اجتماعي وتعكسُ البيئات التي انحدرنا منها، إلى أن وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية «بالأمس فقدتُ زرا» للشاعر تامر فتحي، دار شرقيات، حيث يُعطي الشاعرُ الثيابَ صوتا، فـيخدش علاقتنا الصامتة بها، نافخا فوق رمادها، كاشفا عن جمرها المتقد.

استحوذت عليّ المجموعة المُكثفة والقصيرة منذ الغلاف الذي يظهر عليه مقصٌ حاد فوق قصاصات أقمشة، ومنذ الإرباك الأولي لكلمتيّ «قصّة الملابس»، فهل قصّة الملابس، هي قصّتنا المواربة، هل هي ما لا نقوله كبشر، ما لا نجرؤ عليه؟

الملابس هاهنا راغبة فـي التحرر من طياتها، راغبة فـي الخروج من متاجرها، فهي تحزن عندما تُصلب بالدبابيس وعندما تدخل حيز الكي، تحزن عندما توضع فوق المانيكانات أو تهمل فوق الشماعات، وهي تكره أن نتلصص عليها من وراء الزجاج!

لكن من كان يظن أنّ للملابس مُخيلة، وقصّة غير مرتبة، بدأت من مصنع قديم؟ وماذا يمكن لشاعر -يعملُ لمدّة عام كامل فـي متجر ثياب- أن يفعل وهو ينظر للملابس كل يوم، أكثر من إعادة إنتاج قصّتها عبر الشعر!

نمت الثياب وتبرعمت من القراءات التي قُرأت أثناء نسجها، فأول الأسرار تعرفها الأقمشة من خياطها، وأول سر تعرفه أنّها وُلدت من زواج تقليدي بين الخيوط. ثمّ تمر برودة المقص فوقها -كما تمر عجلات المصائر- لتصيرها شيئا آخر، يوجعها وخز الإبر لكنها تُكره عليه، لتغدو مقاس شخص ما.

فهل فكر أحدنا - من قبل- بالشماعات التي نُعلق عليها ثيابنا وهي تُعطي إحساسا كاذبا بالارتداء؟ وماذا عن المانيكانات التي لا تمتلك رائحة، لا تتصببُ عرقا، لا تتعطر، لا تمر فـي عروقها الدماء؟

كيف تنمو الغيرة وتتنازع الثياب الجديدة مع القديمة -فـي الدولاب- لامتلاك الجسد الواحد. ومن يختار الآخر.. ثيابنا تختارنا أم نختارها؟

وهل راقب أحدنا من قبل دهشتها وهي تمضي فـي الطريق عندما تُلبس لأول مرّة؟ هل راقب أحدنا شهقتها باندلاق القهوة فوقها؟

هل تعرفنا ثيابنا كما نعرفها؟ البنطال الذي ظل يركض.. هل كان متأكدا من وجود أمل ما فـي الجهة الأخرى من الطريق؟

كيف تبدو الثياب عندما تفقدُ زرا؟ كيف تبدو عندما تتشوه؟ ماذا تفعل بها أكياس النايلون عندما تستسلم للمخازن أو لإعادة التدوير؟ وعندما تغمرها الوحدة والعزلة فـي عتمة الدولاب، هل تتذكر حقا صوت ماكينات الخياطة؟!

وماذا عن المصير البائس بالتحول إلى خرقة بالية لمسح الأرفف فـي المطبخ؟ هل سيدفعها كل هذا العذاب، لأن تُغافل مشبك الغسيل، لتُلقي بنفسها لهوة بائسة؟

إنّها ببساطة هواجسنا البشرية، حياتنا المكثفة، بكل توتراتها وصخبها وبؤسها، يستعيرها الشعر ليلبسها ثيابا أخرى.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عندما ت

إقرأ أيضاً:

لماذا يخاف رونالدو من الصلع؟

كشف النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد النصر السعودي، كيف عزز علاجه لشعره ثقته بنفسه وأثر على مسيرته الكروية.

ورونالدو (40 عاما) أحد أعظم لاعبي كرة القدم على مر العصور، حيث فاز بجميع الألقاب المتاحة تقريبا (عدا كأس العالم)، إضافة إلى 5 كرات ذهبية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كونسيساو: جئت لصناعة المجد مع الاتحاد السعوديlist 2 of 2صدارة النصر وإقالة بلان.. أسبوع حافل في الدوري السعوديend of list

وليس من المستغرب أن يتحرك قائد منتخب البرتغال بثقة هائلة على أرض الملعب لكن ثمة سر وراء ذلك.

ولعبت تسريحات شعر الهداف التاريخي لريال مدريد المختلفة على مر السنين دورا رئيسيا في تطوره ليصبح نجما عالميا والوجه الإعلاني لكثير من الشركات التي تعنى بالجمال الخارجي والشعر.

ويكشف "الدون" أنه سيكون شخصا مختلفا تمامًا لو لم يكن لديه شعر ويغير تسريحة شعره مع تقدمه في السن.

تسريحات شعر رونالدو اختلفت مع تقدمه في العمر (غيتي)

ووفقًا لرونالدو، يُعتبر شعره أكثر من مجرد إكسسوار أو موضة بل "إنه رمز للثقة التي حددت مسيرته في أعلى المستويات".

وقال "الدون" في تصريح لإذاعة "لود إف إم" أنه "من دون شعر، لم أكن لأكون على ما أنا عليه".

وأضاف أنه "من الأفضل القيام بعلاجات للشعر.. إذا رأيتموني، على سبيل المثال، من دون شعر، فلن أكون نفس كريستيانو. في رأيي، أعتقد ذلك".

وختم أن "الكثير من الناس لا يكترثون إن كان لديهم شعر أم لا. أعتقد أن الشعر يُضفي مظهرًا أجمل. هذا رأيي الشخصي".

جزء من استثماراته

التزام رونالدو بالعناية بالشعر يأتي كامتداد طبيعي لأنشطته الواسعة في مجال الموضة واللياقة البدنية والرفاهية، من خلال شركته التي شارك في تأسيسها، ويسعى إلى تعزيز الثقة بالنفس من خلال العلاجات المتقدمة للحفاظ واستعادة الشعر.

ووضعت عيادات رونالدو المتخصصة في التقنيات المبتكرة لزراعة الشعر، من بين رواد القطاع العالمي للجمال والعناية بالشعر، وتعكس أهمية حفاظ رونالدو على صورته داخل الملعب وخارجه، إذ كان الانضباط والثقة في النفس من أبرز علامات مسيرة لاعب من بين الأرقى والأنجح في تاريخ كرة القدم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بعثة تجارية مصرية للترويج لصادرات الملابس الجاهزة في بولندا
  • كيف يساعد زيت اللافندر على التخلص من حب الشباب؟
  • المكتب التجاري يبحث توسيع قاعدة الاستثمارات التركية في قطاع الملابس والمنسوجات المصري
  • التمثيل التجاري المصري في إسطنبول يبحث جذب استثمارات تركية جديدة
  • حكم ترك المرأة غسل شعرها بعد تصفيفه بصالون التجميل عند الاغتسال من الجنابة
  • بنك الملابس يوزع 8500 قطعة في منشية الزعتري بالمفرق
  • مبابي: حصلت على فرصة العمر بمشاركة ميسي غرفة الملابس
  • لماذا يخاف رونالدو من الصلع؟
  • غزال يدعو لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة للانضمام إلى سلاسل القيمة العالمية
  • الجو اتقلب.. الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس وموعد ارتداء الملابس الثقيلة