هل تستغني الدول عن قادة الفكر والمثقفين؟.. المفكر المغربي سعيد ناشيد يجيب
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حذَّر المفكر المغربي سعيد ناشيد، عضو مجلس أمناء مؤسسة تكوين الفكر العربي، من اتجاه صناع القرار في أي دولة من الاتجاه نحو تنحية قادة الفكر والمثقفين، والعمل على الاستغناء التام عن دورهم في قيادة المجتمعات نحو الحداثة.
وقال "ناشيد" في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنه ربما بدأت تتشكل لدى بعض صناع القرار رؤية جديدة، لها مبرراتها ولها مخاطرها كذلك، مفادها أن الدولة لكي تنجح في قيادة المجتمع نحو الحداثة، ببطء شديد لكن أيضا بهدوء وسلام، ينبغي عليها أن تستغني عن المثقفين جملة وتفصيلا، والمبررات تبدو كما لو أنها مقنعة بالفعل: المثقفون في مجتمعاتنا فاشلون في إقناع الشعوب، فاشلون في تحديث العقول، فاشلون في تنمية الذكاء العمومي، فاشلون في التعاون حتى فيما بينهم، وذلك بسبب ميل البعض إلى الغموض، جنون العظمة لدى البعض الآخر، والانحطاط الأخلاقي لدى الكثيرين.
وأضاف المفكر والأكاديمي المغربي، أنه بذلك النحو يضع المثقفون الحداثة في موقف ضعف، ويُسهلون الهجوم عليها من طرف "الغوغاء والدهماء". ما يعني أن استغناء الدولة عن المثقفين قد يبدو مبررا ! إلا أن هناك مبرر ثان أشد شراسة، حيث قد يشعر بعض صناع القرار بأن الذكاء الاصطناعي يتفوق على قادة الفكر في القدرة على إعداد الخطب والخطط والبرامج وحتى اقتراح الأفكار في مختلف المجالات. وهذا أيضا صحيح حيث يمكن لأي موظف عمومي في أوكرانيا اليوم أن يحصل من الذكاء الاصطناعي على أقوى مخطط للتواصل الاستراتيجي تحتاجه بلده لما بعد الحرب، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمنح لأي طالب جامعي في فرنسا أفضل أطروحة حول الموقف الكانطي من التبرع بالأعضاء البشرية، رغم أن الإشكالية لم تكن مطروحة زمن كانط. وفي النهاية يبدو السؤال مبررا هل انتهى دور صناع الفكر؟
وشرح "ناشيد" أنه قد لا يتسع المجال لبسط المطارحة بما يكفي وكما ينبغي، فقد يحتاج القول إلى مقام آخر، إلا أن هناك أمران ينبغي التأكيد عليهما بإيجاز قبل العودة إلى التحليل في مناسبات لاحقة.
الأمر الأول وهو الاستغناء عن قادة الفكر لا يتيح لصناع القرار إمكانية التقدم إلا لجيل واحد لا أكثر، أي إلى حدود استنفاد المعطيات الجاهزة مسبقا. أثناء ذلك يخفت الاندفاع الطبيعي للذكاء البشري لكي يستشري الغباء، ومن ثم قد تنهار المكتسبات الحداثة والتمدن بسرعة كما حدث في عديد من المجتمعات في عالمنا الإسلامي. حين تستنفد المعطيات المتوفرة لأي جيل دورها يحتاج الموقف إلى اندفاع جديد، خيال جديد، فرضيات جديدة، وبحيث لا ينبغي أن يكون قادة الفكر في مرحلة تقاعد سابق لأوانه أو في حالة استقالة. إن الدور الأساسي لقادة الفكر في كل الأحوال هو التفكير في الممكنات اللامفكر فيها، واقتراح المبادرات غير التقليدية، والتي يصعب تصورها بدون اعتماد على الحلم والخيال والذاكرة الجينية والحب والتعاطف والوعي التراجيدي بالفناء، أي بدون اعتماد على الإنسان.
أما الأمر الثاني هو، لا يتفوق الذكاء الاصطناعي إلا اعتمادا على اندفاعات العقل الطبيعي للإنسان، مثلا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصمم لنا منازل، وسيارات، وموسيقى، ونصوصا، وحتى مستوطنات مناسبة للعيش في المريخ، بل قد يتفوق في ذلك كله، لكنه يعتمد بالأساس على آخر جيل من المعطيات التي أوجدها الذكاء البشري انطلاقا من اندفاعه الروحي نحو اكتشاف العوالم المجهولة، اختبار ما لا يمكن اختباره، وافتراض ما لا يمكن افتراضه، ذلك الجنون البرومثيوسي الكامن في الروح والجينات هو سر الأسرار، هو السر الذي لا يمكن استنساخه، لأنه ثمرة معركة الإنسان الخاسرة ضد الألم، والفقد، والملل، والفناء. إلى الآن ليس هنالك من يخوض هذه المعركة غير الإنسان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المفكر المغربي سعيد ناشيد مؤسسة تكوين الحداثة صناع القرار قادة الفکر
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي الخارق.. OpenAI تحتفل بعشر سنوات من الإنجازات
في 11 ديسمبر 2015، أحدثت شركة OpenAI ضجة كبيرة في الساحة التقنية بإعلانها الرسمي عن تأسيسها، وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل متباينة في الأوساط التقنية، حيث تراوحت بين الدهشة والحماس.
في ذلك الوقت، كانت OpenAI مدعومة بتمويل قوي، وأعلنت عن أهدافها الطموحة التي تركز على "تعزيز الذكاء الرقمي بشكل يعود بالفائدة على البشرية، دون أن تكون مرتبطة بالحاجة لتحقيق عوائد مالية."
ورغم تلك التوقعات الكبيرة، كان تأثير ChatGPT على العالم ومستقبل الشركة بعيد المنال حتى بالنسبة لأكثر السيناريوهات تفاؤلا، الآن، وبعد مرور عقد من الزمان، يطرح السؤال الأكثر أهمية: أين ستكون OpenAI بعد عشرة سنوات من الآن؟
التحول من منظمة غير ربحية إلى شركة ربحيةتقول كاثرين فليك، خبيرة الأخلاقيات في الذكاء الاصطناعي بجامعة ستافوردشاير: "بدأت OpenAI منذ عشرة سنوات بسؤال علمي مشروع وتركيز اجتماعي."
لكن اليوم، أصبحت الشركة ربحية تماما، حيث تتبنى شعار "النمو بأي ثمن" وتبتعد عن المسؤوليات الاجتماعية التي كانت جزءا من مؤسستها في البداية.
وتضيف فليك: “كان التحول في الهوية المؤسسية صعبا، لكن النمو السريع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي جعل OpenAI ترى أن هناك فرصا مالية ضخمة يمكن الاستفادة منها”.
الذكاء الاصطناعي الخارق التحدي القادممن أبرز التحديات التي تواجه OpenAI اليوم هو تطوير الذكاء الاصطناعي الخارق، الذي يتوقع أن تتفوق فيه الأنظمة الذكية على القدرات البشرية في كافة المجالات.
ويؤمن العاملون في مختبرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة داخل الشركة بأن هذا التطور قد يحدث في المستقبل القريب، رغم شكوك بعض الخبراء في هذا الأمر.
وفي تصريحات سابقة، توقع سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، أن خريجي الجامعات في عام 2035 قد يشرعون في استكشاف النظام الشمسي، متوقعا أن تكون لديهم وظائف جديدة ومثيرة للغاية.
ستيفن أدلر، الزميل في Roots of Progress Institute، الذي عمل في فريق الأبحاث الأمنية في OpenAI بين 2020 و2024، أعرب عن قلقه بشأن التداخل بين المصالح الربحية والاجتماعية في الشركة، مشيرا إلى أن هذا يمثل "صراعا طبيعيا".
كما أعرب عن أمله في أن تبقى OpenAI محايدة في خططها المستقبلية، وهو أمر قد يصبح صعبا بالنظر إلى المنافسة الشديدة في هذا المجال.
وفي المقابل، توقعت كاثرين فليك أن OpenAI قد تواجه انهيارا تاما في غضون عشرة سنوات، أو ربما يتم الاستحواذ عليها من قبل إحدى الشركات الخاصة أو كيانات أخرى.
التأثير على الاقتصاد وصناعة الذكاء الاصطناعيتعد OpenAI اليوم لاعبا رئيسيا في صناعة الذكاء الاصطناعي، ويتوقع أن يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد بشكل عام.
وفقا لتقرير صادر عن روس ساندلر، المدير التنفيذي في باركليز، فإن OpenAI تتفوق حاليا على منافسيها بنحو ستة إلى 12 شهرا في العديد من المجالات.
ومن المتوقع أن تصل إيرادات الشركة بحلول عام 2030 إلى 200 مليار دولار، مقارنة بحوالي 13 مليار دولار في 2023، مع توقع أن تكون ChatGPT مصدرا رئيسيا لهذه الإيرادات.
لكن في الوقت ذاته، يحذر ساندلر من أن جوجل قد تكون المنافس الأكبر في هذا المجال في المستقبل القريب، مما يشير إلى أن OpenAI قد تواجه تحديات كبيرة في السنوات القادمة.