تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

حذَّر المفكر المغربي سعيد ناشيد، عضو مجلس أمناء مؤسسة تكوين الفكر العربي، من اتجاه صناع القرار في أي دولة من الاتجاه نحو تنحية قادة الفكر والمثقفين، والعمل على الاستغناء التام عن دورهم في قيادة المجتمعات نحو الحداثة.
وقال "ناشيد" في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنه ربما بدأت تتشكل لدى بعض صناع القرار رؤية جديدة، لها مبرراتها ولها مخاطرها كذلك، مفادها أن الدولة لكي تنجح في قيادة المجتمع نحو الحداثة، ببطء شديد لكن أيضا بهدوء وسلام، ينبغي عليها أن تستغني عن المثقفين جملة وتفصيلا، والمبررات تبدو كما لو أنها مقنعة بالفعل: المثقفون في مجتمعاتنا فاشلون في إقناع الشعوب، فاشلون في تحديث العقول، فاشلون في تنمية الذكاء العمومي، فاشلون في التعاون حتى فيما بينهم، وذلك بسبب ميل البعض إلى الغموض، جنون العظمة لدى البعض الآخر، والانحطاط الأخلاقي لدى الكثيرين.


وأضاف المفكر والأكاديمي المغربي، أنه بذلك النحو يضع المثقفون الحداثة في موقف ضعف، ويُسهلون الهجوم عليها من طرف "الغوغاء والدهماء". ما يعني أن استغناء الدولة عن المثقفين قد يبدو مبررا ! إلا أن هناك مبرر ثان أشد شراسة، حيث قد يشعر بعض صناع القرار بأن الذكاء الاصطناعي يتفوق على قادة الفكر في القدرة على إعداد الخطب والخطط والبرامج وحتى اقتراح الأفكار في مختلف المجالات. وهذا أيضا صحيح حيث يمكن لأي موظف عمومي في أوكرانيا اليوم أن يحصل من الذكاء الاصطناعي على أقوى مخطط للتواصل الاستراتيجي تحتاجه بلده لما بعد الحرب، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمنح لأي طالب جامعي في فرنسا أفضل أطروحة حول الموقف الكانطي من التبرع بالأعضاء البشرية، رغم أن الإشكالية لم تكن مطروحة زمن كانط. وفي النهاية يبدو السؤال مبررا هل انتهى دور صناع الفكر؟
وشرح "ناشيد" أنه قد لا يتسع المجال لبسط المطارحة بما يكفي وكما ينبغي، فقد يحتاج القول إلى مقام آخر، إلا أن هناك أمران ينبغي التأكيد عليهما بإيجاز قبل العودة إلى التحليل في مناسبات لاحقة.
الأمر الأول وهو الاستغناء عن قادة الفكر لا يتيح لصناع القرار إمكانية التقدم إلا لجيل واحد لا أكثر، أي إلى حدود استنفاد المعطيات الجاهزة مسبقا. أثناء ذلك يخفت الاندفاع الطبيعي للذكاء البشري لكي يستشري الغباء، ومن ثم قد تنهار المكتسبات الحداثة والتمدن بسرعة كما حدث في عديد من المجتمعات في عالمنا الإسلامي. حين تستنفد المعطيات المتوفرة لأي جيل دورها يحتاج الموقف إلى اندفاع جديد، خيال جديد، فرضيات جديدة، وبحيث لا ينبغي أن يكون قادة الفكر في مرحلة تقاعد سابق لأوانه أو في حالة استقالة. إن الدور الأساسي لقادة الفكر في كل الأحوال هو التفكير في الممكنات اللامفكر فيها، واقتراح المبادرات غير التقليدية، والتي يصعب تصورها بدون اعتماد على الحلم والخيال والذاكرة الجينية والحب والتعاطف والوعي التراجيدي بالفناء، أي بدون اعتماد على الإنسان.
أما الأمر الثاني هو، لا يتفوق الذكاء الاصطناعي إلا اعتمادا على اندفاعات العقل الطبيعي للإنسان، مثلا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصمم لنا منازل، وسيارات، وموسيقى، ونصوصا، وحتى مستوطنات مناسبة للعيش في المريخ، بل قد يتفوق في ذلك كله، لكنه يعتمد بالأساس على آخر جيل من المعطيات التي أوجدها الذكاء البشري انطلاقا من اندفاعه الروحي نحو اكتشاف العوالم المجهولة، اختبار ما لا يمكن اختباره، وافتراض ما لا يمكن افتراضه، ذلك الجنون البرومثيوسي الكامن في الروح والجينات هو سر الأسرار، هو السر الذي لا يمكن استنساخه، لأنه ثمرة معركة الإنسان الخاسرة ضد الألم، والفقد، والملل، والفناء. إلى الآن ليس هنالك من يخوض هذه المعركة غير الإنسان.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المفكر المغربي سعيد ناشيد مؤسسة تكوين الحداثة صناع القرار قادة الفکر

إقرأ أيضاً:

89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم

دبي (الاتحاد)
يجمع المسافرون الإماراتيون بين التكنولوجيا الذكية وتطلعاتهم نحو تجارب أكثر عمقاً وإنسانية أثناء التخطيط لعطلاتهم الصيفية، فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «تولونا» العالمية المتخصّصة في أبحاث ودراسات المستهلكين أن 89% من المواطنين الإماراتيين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «ChatGPT» و«Gemini» للمساعدة في تنظيم رحلاتهم.
وأظهرت الدراسة أن استخدام الذكاء الاصطناعي بين عموم سكان الدولة لا يقل قوة، حيث أشار 87% من المقيمين في الإمارات إلى اعتمادهم على هذه الأدوات عند التخطيط للسفر، ما يؤكد تحولها إلى عنصر أساسي ضمن تجربة السفر الحديثة.

أخبار ذات صلة «المركزي» يلغي رخصة شركة النهدي للصرافة ماكرون يعلّق على الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وأميركا

ويستخدم سكان الإمارات هذه الأدوات الذكية لأغراض متنوعة تشمل اقتراح الأنشطة «46%»، الترجمة «42%»، البحث عن أفضل العروض «41%»، استكشاف أماكن محلية مخفية «38%»، الحصول على توصيات لمطاعم «37%»، وتنظيم الجداول الزمنية للرحلات «31%»، وهو ما يعكس مدى مركزية الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل تجربة السفر.
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، قال داني مندونكا، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في تولونا: يبدو أن الذكاء الاصطناعي أصبح المساعد الذكي الذي لا غنى عنه للمسافر الإماراتي اليوم، فهو يرافقه في كل تفاصيل الرحلة، من اكتشاف الجواهر المحلية إلى تنظيم الخطط اليومية والتعامل مع تحديات اللغة اللافت، أن هذا الاعتماد لا يقتصر على الجيل الرقمي فقط، بل يشمل أيضاً الفئات الأكبر سناً، حيث يستخدم نحو 40% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاماً أدوات الذكاء الاصطناعي للبحث عن عروض وأنشطة وخدمات ترجمة. هذا التحول الذي نرصده اليوم ليس توجهاً مستقبلياً، بل هو واقع ملموس يُعيد صياغة سلوك السفر عبر مختلف الفئات العمرية.
أما فيما يتعلق باختيار الوجهات السياحية، تُعد السلامة والأمن وجمال الطبيعة في مقدمة الأولويات لدى جميع المسافرين ومع ذلك، تظهر اختلافات واضحة بين الفئات، إذ يولي المواطنون الإماراتيون اهتماماً خاصاً بالتسوق «35%» والطعام «34%»، فيما يذكر 22% فقط زيارة العائلة أو الأصدقاء كدافع أساسي للسفر، وعلى النقيض، يشير 43% من المقيمين إلى أن قضاء الوقت مع العائلة هو السبب الرئيسي للسفر، ما يعكس تقليداً شائعاً بين العديد من الوافدين بالعودة إلى أوطانهم خلال العطل. هذه الاتجاهات تُظهر أن السفر من دولة الإمارات يجمع بين الرغبة في الاستكشاف والحاجة لإعادة التواصل العائلي.

 

مقالات مشابهة

  • ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • 89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • هل يمكن لغير السعودي التسجيل في حساب المواطن؟.. البرنامج يجيب
  • هل يمكن مقارنة لامين يامال بميسي؟ غوارديولا يجيب
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل يمكن للرجل المخلوع إعادة زوجته بحكم .. القانون يجيب
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟