الخدمات العامة.. مسيرة إنجازات
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
من المؤكد أن الارتقاء بقطاع الخدمات العامة من الركائز الأساسية التي تسهم في توفير حياة كريمة للمواطنين والمقيمين، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية التي تتطلب توفير بنية أساسية تساعدها على النمو والازدهار.
وهذا الأمر تعمل عليه حكومتنا ممثلة في هيئة الخدمات العامة؛ إذ تواصل تنفيذ المشاريع والمبادرات المتعلقة بمجالات الطاقة والطاقة المتجددة والمياه والصرف الصحي؛ إذ إن مثل هذه المشاريع والمبادرات تدعم الجهود العمانية في تحقيق الحياد الصفري والمستهدفات الوطنية لـ"رؤية عُمان 2040".
ولقد أعلنت الهيئة اعتزامها تنفيذ 10 مشروعات ومبادرات مستقبلية في مجالات الخدمات العامة، واللافت في هذه المبادرات، دعم 5 منح دراسية لبرنامج الماجستير للاستدامة بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس في التخصصات التنظيمية، وتحمل تكلفة تدريب 500 فني لمدة 3 سنوات للحصول على رخصة كهربائي معتمد، وهو ما نعتبره استثمارا في الكفاءات الوطنية القادرة على تحقيق الفارق والتطور المنشود كل في مجاله.
وفي ظل تنفيذ هذه الخدمات، لم تغفل الهيئة عن الاهتمام بمدى رضا المستفيدين من الخدمات؛ حيث عكفت على تحسين متوسط الفترة الزمنية اللازمة لتوصيل الكهرباء المياه للمساكن ورفع نسب القراءات الفعلية للعدّادات مع الاعتماد على العدادات الذكية التي توفر الجهد والوقت وتحقق القراءات الصحيحة دون خطأ.
إنَّ هذه الجهود المبذولة تؤكد أنَّنا ماضون في مسيرة النهضة المُتجددة بتعاون المؤسسات والهيئات كافةً، بجانب جهود كل فرد من أبناء هذا الوطن العزيز بدوره المطلوب منه؛ أملًا في تحقيق الرخاء الاقتصادي الذي ينعكس بكل تأكيد على مستوى المعيشة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الخدمات العامة
إقرأ أيضاً:
أهمية الضرائب في تمويل الخدمات العامة
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
تُعد الضرائب لدى الكثير من دول العالم بندًا رئيسيًا في الموازنات المالية السنوية من أجل تمويل الخدمات العامة؛ كالتعليم والصحة وتحسين البنية الأساسية وتوفير الأمن ودفع رواتب الموظفين، إضافة إلى دعم العائلات الفقيرة وتوفير احتياجات الأسر ذات الدخل المحدود.
وفي عالمنا اليوم، لا يُمكن لكثير من الدول أن تعيش بدون فرض الضرائب على المؤسسات والشركات والأفراد؛ ففي بعض الدول قد تمثّل الضرائب نسبة ما بين 60 إلى 90% من إيرادات تلك الدول، لكن هناك دول قليلة تستطيع الاستغناء عن الضرائب بسبب امتلاكها لمصادر أخرى للدخل كالنفط الغاز والمعادن، أو الدول التي لديها صناديق سيادية هائلة، أو الدول التي تعتمد على الرسوم والجمارك والسياحة بشكل كبير. لكن في جميع الحالات حتى تلك الدول غالبًا ما تفرض أنواعًا من الضرائب أو الرسوم غير المباشرة مثل الضرائب على الشركات، وضريبة القيمة المضافة أو ضريبة الجمارك والعقار والطرق وغيرها من الضرائب الأخرى للاستمرار في سياساتها المالية والاقتصادية.
هذا ما دفع حكومتنا لتشريع ضريبة على دخل الأفراد من أصحاب الدخول الكبيرة؛ اعتبارًا من بداية عام 2028، بعد أن طُرح الموضوع من قبل الجهات المعنية، ومرّ على أعضاء مجلسي الشورى والدولة مشفوعًا بآرائهم بعد دراسة كل بند من بنود هذا الموضوع المُهم؛ حيث بات فرض ضريبة دخل على الأفراد (مواطنين ومقيمين) من أصحاب الدخول الشهرية العالية، أمرًا ضروريًا لمواكبة تطلعات المواطنين وتوفير مزيد من الخدمات والأعمال لهم في مختلف المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.
وفي حال توقُّف الناس عن دفع الضرائب بشكل واسع، فقد تحدث صعوبات للحكومات؛ سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، بحيث يكون هناك نقص كبير في الإيرادات، وتدهور في الخدمات العامة، ناهيك على حصول عجز في الميزانيات العامة للدول، وارتفاع الدين العام، الأمر الذي يسهم في احتمال انهيار بعض مؤسسات الدولة أو تقليص عملها.
ومنذ عدة سنوات مضت، تفرض الحكومة ضريبة دخل على الشركات بمعدل 15% من أرباحها السنوية، إلّا أنه صدر في العام الجاري قانون جديد وفق المرسوم السلطاني رقم (56/ 2025) بتطبيق ضريبة دخل على الأفراد؛ بدءًا من الأول من يناير عام 2028، وذلك على الذين يتجاوز دخلهم السنوي 42 ألف ريال عُماني (أي 109000 دولار أمريكي) تقريبًا وسيكونون خاضعين للضريبة بمعدل 5% على الدخل الخاضع للضريبة. وسوف يأخذ نظام الضريبة في الاعتبار خصومات وإعفاءات لبعض البنود مثل تكاليف السكن، والقروض السكنية، والصحة والتعليم، والتأمينات، وما يتم دفعه من أجل الزكاة، بجانب التبرعات، ومصاريف لبعض أنواع المصروفات الأخرى. ووفق كثير من التحليلات، فإن هذا التغيير سوف يستهدف نسبة صغيرة من أفراد المجتمع العُماني ربما تصل إلى 1% من مجموع السكان، فيما حوالي 99% منهم لن يتأثروا بالضريبة على دخل الأفراد.
وهناك عدد من العوامل التي تدفع الحكومة بتطبيق هذا القانون وفرض ضريبة على دخل الافراد؛ منها: العمل على تنويع مصادر الإيرادات العامة، وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، ضمن رؤية "عُمان 2040" لتنمية الاقتصاد. وكما هو معلوم فإن هذا التغيير يأتي نتيجة للتغييرات الحاصلة في سوق النفط والغاز العالمي؛ باعتبارهما المصدر الرئيسي للإيرادات؛ حيث أصبحا أقل استقرارًا من الماضي نتيجة للأسعار المتقلبة لتلك المصادر. وهذه الضريبة القادمة سوف تُؤسّس في البلاد نظامًا ضريبيًا أكثر شمولًا واستدامة مالية.
وعمومًا سيكون للضريبة على دخل الافراد بعض الأثر السلبي، لكنه ليس بالضرورة أن يؤدي إلى نفور الاستثمار الأجنبي، وذلك لعدة أسباب واعتبارات؛ منها: أن هذه الضريبة سوف تُفرض على الأفراد من أصحاب الدخول الكبيرة؛ سواء من المواطنين أو المقيمين، وباعتبار أن المستثمر الأجنبي غالبًا ما يهتم بقوانين ضرائب الشركات التي تدفع في حدود 15%، في الوقت الذي ما تزال عُمان تقدم حوافز لجذب الاستثمار الأجنبي، وتمنح ملكية للمستثمر الأجنبي بنسبة 100% في كثير من القطاعات بجانب التسهيلات التي تقدمها للاستثمار الأجنبي، وكذلك منح إعفاءات جمركية لبعض المعدات والآلات، والاستمرار في إعطاء حرية تحويل الأرباح، وتقديم ضمانات للاستثمار.
وأخيرًا.. نقول إنَّ الضريبة على دخل الأفراد تستهدف شريحة صغيرة من ذوي الدخول العالية، في حين أن غالبية القوى العاملة من الموظفين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بمن فيهم الأجانب العاملون، هم من ذوي الرواتب المتوسطة، ولن يتأثروا كثيرًا. والأمر يحتاج إلى مزيد من التوعية في هذه الجوانب بحيث لا يتسبب في إزعاج بعض المستثمرين الذين قد ينظرون إلى هذا التغيُّر بصورة غير واقعية. وهذا ما يجب على الجهات المعنية بالضرائب النظر إليه، خاصة الجوانب التنظيمية والإجرائية من أجل القضاء على أية أعباء إدارية، والعمل بمعايير الحوكمة والشفافية والرقمنة والسرعة المطلوبة لتسهيل الخدمات الرقمية على جميع المستثمرين في الداخل والخارج.
رابط مختصر