ألقى الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، المحاضرة العلمية الرئيسية في مجلس مذاكرة السلطان نزرين معز الدين شاه لعام 2025، جاءت تحت عنوان: «التصوف: منهج لبناء الإنسان وحماية الأوطان»، وذلك بناءً على دعوة كريمة من السلطان نزرين معز الدين شاه ابن المرحوم السلطان أزلن محب الدين شاه المغفور له، سلطان بيراك - دار الرضوان ونائب ملك ماليزيا.

وقد أُقيمت المحاضرة بحضور السلطان نزرين معز الدين شاه، راجا جعفر ابن المرحوم راج مودا موسى، راجا إسكندر ذو القرنين ابن المرحوم السلطان إدريس عفيف الله شاه، إلى جانب داتوء سري شعراني بن محمد، كبير وزراء ولاية بيراك، والشيخ الدكتور وإن زاهدي، مفتي ولاية بيراك، الوزير في مكتب رئيس الوزراء الماليزي للشؤون الدينية داتوء سيتي الدكتور محمد نعيم مختار إضافة إلى عدد من أعضاء لجان الفتوى ومجالس الشؤون الدينية بماليزيا، ولفيف من العلماء والمشايخ والباحثين الشرعيين من ماليزيا وإندونيسيا وتايلاند، إلى جانب السفير عبد الحفيظ بونور، سفير الجزائر بماليزيا.

ورافق وزير الأوقاف، الدكتور أسامة الأزهري كلٌّ من السفير رجائي نصر، سفير مصر جمهورية مصر العربية لدى ماليزيا، والدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والكاتب الصحفي محمود الجلاد، معاون الوزير لشئون الإعلام، إضافة إلى الداعية الشيخ أحمد حسين الأزهري، الباحث الزائر بمؤسسة طابة.

مصر وماليزيا: روابط راسخة وتعاون متجدد

واستهل وزير الأوقاف كلمته بنقل تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، والشعب المصري إلى السلطان نزرين معز الدين شاه، وإلى أهل بيراك خاصةً، والشعب الماليزي عامةً، تعبيرًا عن عمق الروابط الأخوية التي تجمع بين البلدين.

وأكد الدكتور أسامة الأزهري أن العلاقات المصرية الماليزية تمتد عبر التاريخ، متجذرة في التعاون العلمي والثقافي والديني، وتعكس التقارب الفكري والحضاري بين البلدين، وأن هذه اللقاءات العلمية والفكرية ليست مجرد فعاليات أكاديمية، بل تمثل جسرًا ممتدًا يقوّي أواصر الصداقة والتعاون بين المؤسسات الدينية والعلمية في مصر وماليزيا، مشيرًا إلى أن تبادل الرؤى والتجارب في مجالات الخطاب الديني ومواجهة التحديات المعاصرة هو أمر بالغ الأهمية في ظل ما يواجهه العالم اليوم من تحولات فكرية وثقافية وتكنولوجية كبرى.

وزير الأوقاف يلقي محاضرة بمجلس مذاكرة السلطان نزري تزكية النفس: أدب مع الخالق ورحمة مع الخلق

جاءت محاضرة وزير الأوقاف في قسمين رئيسيين، تناول في القسم الأول نماذج مبهرة من الأخلاق الرفيعة المستمدة من سير السلف الصالح والصوفية الأوائل، مبينًا كيف عكست هذه النماذج عمق فهمهم لمعاني الأدب الدقيق مع الله سبحانه وتعالى ومع الناس. وأكد أن حقيقة تزكية النفس تكمن في حالة من الوعي والانتباه الدائم واليقظة لتحرير القلب من أطماع النفس وشهواتها، وميلها إلى الكبر والتجبر والتسلط، مما يرسخ منهجًا يحمي المسلم من إيذاء غيره، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا أو نباتًا.

التصوف والقانون: تكامل في بناء المجتمع

كما ألقى وزير الأوقاف الضوء على العلاقة بين التصوف والقانون، موضحًا أن كليهما يهدف إلى ضبط السلوك الإنساني، إلا أن التصوف يسبق القانون بخطوات، حيث يعمل على تهذيب النفس وإرساء القيم الأخلاقية الرفيعة، مما يجعل الإنسان غير محتاج إلى تدخل خارجي لكفّه عن الأذى. وأوضح الدكتور أسامة الأزهري أن المجتمع القائم على التصوف الحقيقي هو مجتمع يحكمه الالتزام قبل الإلزام، حيث تكون الرحمة والمحبة والعدل هي القواعد التي تضبط حركة الأفراد دون الحاجة إلى زاجر ورادع يمنعه ويكفه عن الأذى والعدوان بقوة القانون.

التجربة المصرية في إدارة الشؤون الدينية

وفي القسم الثاني من المحاضرة، استعرض وزير الأوقاف التجربة المصرية في إدارة الشؤون الدينية، بدءًا من المدارس التي أنشأها السلطان صلاح الدين الأيوبي، وصولًا إلى الجهود المعاصرة التي تبذلها الدولة المصرية. كما ألقى الدكتور أسامة الأزهري الضوء على جهود علماء الأزهر الشريف عبر العصور في ترسيخ معاني الإحسان والسير إلى الله عز وجل من خلال مناهج تعليمية تتابع علماء الأزهر على شرحها وتدريسها جيلًا بعد جيل.

السلطان نزرين يشيد بمحاضرة وزير الأوقاف ويقبل دعوته لزيارة مصر

وفي لقاء خاص عقب المحاضرة، أعرب السلطان نزرين معز الدين شاه عن سعادته البالغة بما طرحه معالي وزير الأوقاف من رؤى عميقة حول التصوف وتزكية النفس، مشيرًا إلى أن الربط بين التصوف والأدب ودقائق الأخلاق الرفيعة كان ملفتًا للنظر، وأن النماذج التي قدمها الدكتور أسامة الأزهري في كلمته كانت جديدة على سمعه ومثرية لخبراته.

وخلال اللقاء، وجه وزير الأوقاف دعوة كريمة إلى السلطان لزيارة مصر، وهي الدعوة التي لاقت ترحيبًا كبيرًا من جلالته، حيث كلّف كبير وزرائه بترتيب الزيارة في أقرب فرصة، مؤكدًا أن هناك الكثير مما يمكن لماليزيا أن تتعلمه وتستفيد به من التجربة المصرية في الشؤون الدينية. كما أعرب جلالة السلطان عن دعمه الكامل لكافة المشاريع البحثية التي يمكن أن تعزز التعاون العلمي بين الجانبين.

تأكيد على التعاون وتعزيز العلاقات الثنائية

يأتي هذا اللقاء في إطار العلاقات القوية والمتنامية بين مصر وماليزيا في المجالات الدينية والفكرية، حيث تمثل هذه المحاضرة نموذجًا مثاليًا للتعاون العلمي والثقافي بين البلدين، وتعكس الدور الريادي لمصر في نشر الفكر الوسطي والتصدي للفكر المتطرف، وترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية النابعة من جوهر الإسلام. كما ساهمت الترجمة الفورية باللغة الإنجليزية التي قدمها الداعية الشيخ أحمد حسين الأزهري، الباحث الزائر بمؤسسة طابة، في توسيع دائرة الاستفادة من محاضرة معالي وزير الأوقاف الدكتور أسامة السيد الأزهري، حيث أمكنت الحاضرين من غير الناطقين بالعربية متابعة التفاصيل الدقيقة لمضامينها الفكرية والروحية.

وزير الأوقاف يعقد جلسة علمية مع القيادات الدينية بولاية سلانغور الماليزية

ملتقى فكري وابتهالات وحفظ قرآن.. وزير الأوقاف يعلن عن خطة الوزارة لشهر رمضان 2025

برعاية ملك البحرين.. وزير الأوقاف يشارك في مؤتمر «الحوار الإسلامي - الإسلامي»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري الدکتور أسامة الأزهری الشؤون الدینیة وزیر الأوقاف

إقرأ أيضاً:

وزير الشئون الدينية الجزائري: لا بديل عن المفتي البشري في زمن الذكاء الاصطناعي

أكد الدكتور يوسف بلمهدي، وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر، أن "المفتي الرشيد" يجب أن يكون عالمًا بالشريعة، مدركًا للواقع، ومتمكنًا من أدوات العصر، مع وعي كامل بأبعاد التقنية، وقادرًا على إصدار فتاوى موثوقة تراعي المصلحة وتدرأ المفسدة.

 وأوضح أن دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال الفتوى يمثل مرحلة مفصلية في تطوير أدوات الإفتاء، إذ يوفر قواعد بيانات ضخمة تضم ملايين الفتاوى والآراء الفقهية.

وشدد بلمهدي خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة واسعة من علماء الشريعة والمتخصصين في الشأنين الديني والتقني من مختلف الدول على أن التحولات التكنولوجية العميقة التي يشهدها العالم تتطلب من المؤسسات الدينية إعادة النظر في تكوين المفتي ووظيفته ومسؤوليته، مؤكدًا أهمية التكامل بين الشرع والتقنية لتأهيل المفتي للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي دون الإخلال بالثوابت، مع تعزيز استخدام التقنية في إدارة وتوثيق البيانات الإفتائية ورفع كفاءة المؤسسات.

وأشار إلى أن هناك تحديات علمية ومنهجية وأخلاقية تواجه الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي، أبرزها عدم قدرة الآلة على إدراك السياقات الإنسانية، وغياب الاجتهاد المقاصدي الذي يتجاوز ظواهر النصوص نحو فهم مقاصد الشريعة وتطبيقها وفق تغير الزمان والمكان، إضافة إلى انقطاع العلاقة التربوية بين المفتي والمستفتي.

وبيّن أن المفتي المعاصر يجب أن يكون حارسًا للفكر الشرعي، قادرًا على التمييز بين ما يصلح من التقنية وما لا يصلح، وأن "المفتي الرشيد" أصبح ضرورة شرعية ومجتمعية لحماية الأمن الفكري والسلام الاجتماعي، مع التركيز على التحقق من مصادر الفتاوى، والتصحيح الاستباقي للأخطاء، والتوسع في إيصال الفتاوى الصحيحة بلغات ولهجات متعددة، والتحصين المعرفي للجمهور ضد المحتوى الديني المضلل.

ودعا إلى الاستفادة من أنظمة توليد الفتاوى المؤتمتة بشكل منضبط، وإنشاء منصات تعاون دولية لتبادل الخبرات الإفتائية، مع وضع ضوابط صارمة، منها مراجعة الفتاوى الذكية من قبل علماء مؤهلين، اعتماد المذاهب المعتبرة والمصادر الموثوقة، منع إصدار الفتوى من برمجيات دون إشراف علمي، الحفاظ على خصوصية المستفتين، واستخدام نماذج مدرَّبة في بيئة إسلامية موثوقة، وربط الأنظمة بالمؤسسات الإفتائية المعتمدة للمراجعة الفقهية.

صيام يوم المولد النبوي الشريف.. دار الإفتاء توضح حكم الشرعماذا يفعل من رأى نجاسة على ثوبه بعد الانتهاء من الصلاة؟.. الإفتاء تجيببمشاركة سبعين دولة.. فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء تنطلق بعد قليلهل يقع الطلاق وقت الغضب في غياب الزوجة؟.. الإفتاء تجيب طباعة شارك الإفتاء الذكاء الاصطناعي المفتي الرشيد دار الإفتاء المصرية يوسف بلمهدي

مقالات مشابهة

  • مساجدنا حياة فعالية لترسيخ القيم الدينية لدى النشء والشباب بمسجد السيد البدوي
  • ألمانيا.. العنف ضد الأقليات الدينية والعرقية يتصاعد وواشنطن تُحذّر
  • وزير الأوقاف: وصية الدكتور علي المصيلحي أن يؤم جنازته الشيخ علي جمعة
  • وزير الزراعة: الرسائل التي سبقت زيارة لاريجاني إيجابية
  • وزير الشئون الدينية الجزائري: لا بديل عن المفتي البشري في زمن الذكاء الاصطناعي
  • وزير الشؤون الدينية بالجزائر: في عصر الذكاء الاصطناعي الأمة أمام تحديات كبيرة
  • وزير الأوقاف: المؤسسات الدينية ستظل على قلب رجل واحد خلف الأزهر الشريف والإمام الأكبر
  • علي جمعة يرد على الخلط بين التصوف وتصرفات أتباعه
  • نواب البرلمان: التعليم مشروع قومي لبناء الإنسان المصري وضمانة لنهضة الوطن
  • أبرز الأحداث الدينية اليوم.. نظير عياد يستقبل مفتي القدس ودعم جزائري لمواقف شيخ الأزهر تجاه فلسطين