الحرص على تعافي حزب الأمة القومي من التشظي نداءُ كل الحالمين باسترداد نظام ديمقراطي . فبغض النظر عن تباين الرؤى تجاه سيرته ومواقفه فإن في تركيبة الحزب وملامحه العديد من مكونات (الأمة ) وقسماتِها. أبعدُ من ذلك هو أحد أكبر رؤوس مالنا السياسي وأحد أوتاد الحراك الاستقلالي طوال دأبنا الحزبي. لعل حالة التنازع الأخيرةِ داخل الحزب على صدى توقيع ميثاق نيروبي يعكس حالةَ التماهي بين الحزب والمشهد السياسي السوداني.
*****
في التماهي بين المشهد السياسي والانقسام الحزبي تبني شرعيةً ليست دستورية بغية فرض واقع غير دستوري. فكما تمارس (حكومة الأمر الواقع ) سلطات دون سند دستوري ، يسعى تجمع نيروبي لفرض سلطة تفتقد إلى الشرعية . كلاهما يتنازعان شرعية وهميةً بنهج غير ديمقراطي في غياب نظام دستوري. وسط هذا التلاطم من اللاشرعي برز شرخٌ على سطح حزب الأمة خارج النُظم الديمقراطية . الأطراف المعنيةُ انتهجت سلوكا خاج المنظومة الدستورية للحزب . التوقيت يزيد وقع ذلك النهج حزنا حتى لو اتسق مع التجارب المتعاقبة داخل الحزب على مستوى القيادة والعائلة. فالحركة السياسية برُمّتها أحوج ماهي عليه للتعافي من أعراض الانقسامات الذاتية على درب الاصطفاف الجماعي في وجه أباطرة الحرب وأعداء الديمقراطية وتجار تجزئة الشعب والوطن.
*****
بغض النظر عن التباين تجاه تحالف نيروبي وميثاقه والذهاب إلى تنصيب حكومة موازية فإن اتهام رئيس الحزب بالانفراد في المشاركة خارج مؤسسات الحزب يستوجب الجدل والمساءلة. لكن ذلك ينبغي انجازه داخل المنظومة الدستورية للحزب . فالخطأ لا يتم تقويمه بخطأ مقابل. فالإطار التنظيمي حيث تم تبني إعفاء الرئيس غيرُ مفوضٍ دستورياً باتخاذ مثل ذلك القرار .في المقابل فإن الرئيس ليس مخولا دستوريا بإعفاء من أعفى معاونيه. هذه حربٌ تتناسل من تداعيات حربنا اللعينة مهدرة الطاقات مدمرة الامكانات مجهضة الفرص. فأطراف حزب الأمة تتبادل حربَ الإعفاءات خارج الشرعية.إنهم يمارسون التدمير الحزبي .إنهم يمارسون ضربا من الهاريكيري السياسي.
*****
ما لأحد ٍ من الجرأة على الاقتداء بما فعل الإمام الراحل - غمر الله مرقده بالنور-إذ ليس هناك من يملك كاريزماته ، براعته في التكتيك ، المناورة، و قدرته على المحاججة والتبرير والاقناع. حتى في المنعرجات المثيرة للحيرة أو الجدل ظل للإمام - على قبره لرحمة والمغفرة- القدرة على استثمار الهياكل التنظيمية بغية إكساب غاياته شرعيةً. مع الأخذ في الاعتبار الظروف الموضوعية غير المواتية لالتئام الهياكل التنظيمية للحزب ففي قدرة الاطراف المعنية الركون إلى لجنة الانضباط داخل الحزب. فهي مفوضةٌ حسب علمي بحسم أو معالجة مثل هذه المسائل .إذاً لالتزمت الأطراف المتنازعة يالمؤسسية والشرعية ولحافظت على منهج درء مهددات الانقسام..ربما يتيح النقاش داخل لجنة الاتضباط فرص نزع ألغام التنازع بين القيادات.
*****
من غير المستبعد تعميق هذا الشرخ على المستوى القيادي على نحو رأسي فيضرب كوادره الوسيطة بل قاعدة الحزب .فرئيس الحزب ليس فقط ضابط استخبارات مخضرم .هو كذلك ينحدر من حاضنة حزبية خصبة تتعرض للتجريف بعوامل تعرية حكومية متباينة .السودان كله يعايش مواسم تنازع بلي وجهوي عاصفة طوال عهد الانقاذ ،تتصاعد حدتها تحت غبار الحرب. مناطق قواعد حزب الأمة تتعرض إلى موجات ضغط عالية .ربما من منطلق التفاؤل أو التحريض عليه فليخرج أحد القادة من حزب الأمة ليمارس علنا شيئا من النقد الذاتي. الشعب السوداني بأسره يرغب في رؤية قيادي من هذا الطراز. مثل عذا الطقس مؤشر ٌمبشِّرٌ بالقدرة على مغادرة هذا الخراب العام.
aloomar@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حزب الأمة
إقرأ أيضاً:
للنار معنى آخر .. في القاموس السياسي ..!
بقلم : حسين الذكر ..
ارتفاع الهبة النار في العرف الشرق اوسطي عامة والعربي الإسلامي خاصة لا يعني العاب نارية او منافسات شعبية او ايقاد شموع عاطفية .. دائما كانوا يترقبون فيه ما وراء الاكمة .. اذ ان مقادير الأمم المطاعة المهيمن عليها تساق نحو محارق مشتعلة لا يابه الحارقون بمخرجات ومدخلات محروقاتها بقدر ما تعنيه تلك الالسنة النارية المرعبة من تحريك الناس عكس ارادتها بعلمهم او دون ذلك بجوهر فلسفة المؤثرات وعناوينها سيما المهولة منها .. اذ ان لاعمدة الدخان معان غير التي اعتادت شعوبنا العبث في اضطرامها ..
(لغة النار فصحى لا ينصاع الناس حد الانقياد الا لهول اعمدتها ) .
حينما كان العرب يغطون بسبات الانصياع والطاعة الحمراء اندلعت نيران 11 أيلول 2001 في نيويورك التي وصل دخانها الى الشرق الغاط حد الاستسلام في نوم الانتظار .. فظلوا يتهاوشون تفسيرات وتحليلات لا تخرج عن اطار جدارية التعمية والاستسلام الذي وضعوا انفسهم بين كماشاته القديمة والمستدامة منها.. قال بعضهم ???? ان الله ينتقم من أعداء العرب في عقر ديارهم .. فيما آخرين قالوا : ان القوة الغربية واهية وما هذه النيران الا دليل عقم اجراءاتهم ) ..
النوادر مع شح تاثيرهم اخذ يفكرون بطريقة مقلوبة .. قال بعضهم:- ( ان ابسط دولة غربية لا يستطيع المسافر ادخال مقص في حقيبته جراء الأجهزة الرقابية المبثوثة بكل مكان فكيف يمكن لدولة القطب الأوحد عالميا ان تقصف بعمق ديارها دون ان يكون هناك هدف ابعد من لهيب النيران بمسافة موغلة لدرجة لا يدرك النائمون ان يروا منه شيئا فعمى الألوان مثخن الجراح سيما الأحمر منه ..
بعد مدة وامام انظار العالم تم احتلال افغانستان بعنوان محاربة الإرهاب الذي ضرب نيويورك ثم تحركت آلات الموت تضرب العراقيين بقوة ما زلنا نعاني تبعاتها بعد عقدين .. فبلد النفط والنهرين وبابل واشور ومن علم الانسان الكتابة ووضع اول الشرائع ونزلت فيه الرسالات وبعثت الأنبياء والشهداء ما زال يعيش عدم الاستقرار تخوض به الاجندات الداخلية والخارجية من كل صوب وحدب تحت تهديد اسقاط الحكومات ووعيد السلم الاهلي بذرائع شتى كل واحدة منها تحقق الملطلوب فيما الشعب لا يدري ماذا يخبئ له من أعمدة نار ملتهبة حد الاشتواء ..
تلك المشاهد والحقائق لا تقبل التبرير فالاشتعالات على اهبة الاستعداد بكل الملفات مبرمجة واضحة فحكمتهم تقول ???? ان أعداء الحرية لا يجادلون بل يصرخون ويطلقون النار ) .. واطلاق النار وادلاع الحرائق لا يمكن ان يكون من اجل حفنة دولارات او بعض براميل نفط او قتل شخص ما فثمة ليل طويل ليس للعتابة والسمر العربي ليل بلا نوايا حسنة .. ان النار والدخان مؤشرات يجب ان تفهم شرقيا وفقا للفلسفة الغربية .. فالحرائق المهولة رسائل هادفة بل مقدمة لتغييرات كبرى وهذا المنطق واللغة الفصحى معتادة تجري على سنن قديمة واضحة منذ الاف السنين وان كنا امة ضحكت من اجلها الأمم .. الا ان التكرار قد يعلم حتى (….. ) وان بدى صوته انكر الأصوات ..