يهل علينا شهر رمضان كل عام محمّلًا بالنفحات الإيمانية والفرص الثمينة التي يجب اغتنامها، فهو شهر الرحمة والمغفرة والتغيير الإيجابي، ليس فقط في العبادات، بل في السلوكيات والعادات أيضًا. فهو ليس مجرد فترة زمنية نمتنع فيها عن الطعام والشراب، بل هو مدرسة عظيمة لتقويم الأخلاق وتنقية النفس من العادات السلبية التي قد تضعف أجر الصيام وتؤثر على علاقتنا بالآخرين.
ومع قدوم هذا الشهر الكريم، يصبح من الضروري أن نقف مع أنفسنا وقفة تأمل، ونعيد النظر في سلوكياتنا، فكم من عادات سيئة اعتدنا عليها دون أن نشعر بمدى أثرها السلبي؟ ومن بين هذه السلوكيات التي يجب الحذر منها الغيبة، والنميمة، والتنمر، والتي يمكن أن تفسد صيامنا وتُذهب بركة أيامنا وليالينا. في هذا التقرير، سنستعرض أهمية تهذيب السلوك في رمضان، وكيف يمكننا استغلال هذا الشهر المبارك لتحقيق التغيير الإيجابي في حياتنا.
تهذيب السلوك في رمضان: ضرورة لا خيارإن الصيام ليس مجرد امتناع عن الأكل والشرب، بل هو تدريب للنفس على التحكم في الشهوات والرغبات، وعلى رأسها السيطرة على اللسان. فكثير من الناس يقعون في الغيبة دون إدراك لحجم الذنب الذي يرتكبونه، رغم تحذير الله تعالى من ذلك في قوله:
"وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ" (الحجرات: 12).
إن الغيبة، وهي ذكر الآخرين بسوء في غيابهم، والنميمة، أي نقل الكلام بهدف الإفساد، من أخطر العادات التي قد تسلب الإنسان حسناته دون أن يدرك، وقد تؤدي إلى فساد العلاقات الاجتماعية ونشر الضغينة بين الناس. أما التنمر، فهو صورة أخرى من الأذى، حيث يتم الاستهزاء بالآخرين أو التقليل من شأنهم، وهو أمر ينافي تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الرحمة والتسامح.
لذلك، علينا أن نجعل رمضان فرصة لترويض ألسنتنا، فلا نجلس في مجالس الغيبة، ولا ننقل الكلام بهدف الإفساد، ولا نسمح لأنفسنا بأن نؤذي غيرنا بالسخرية أو التحقير، بل نسعى جاهدين إلى أن يكون كلامنا طيبًا، وأفعالنا محسوبة، حتى نحصل على الأجر الكامل لصيامنا.
الصيام: تجديدٌ للجسد وصفاءٌ للنفسلا تقتصر فوائد الصيام على الجانب الروحي فقط، بل تمتد لتشمل الجوانب الصحية والنفسية أيضًا. فمن الناحية الجسدية، يعمل الصيام على تجديد الخلايا وإزالة السموم المتراكمة في الجسم، مما يساعد في تحسين عمليات الأيض وتعزيز صحة الجهاز الهضمي. وقد أثبتت الدراسات أن الصيام المنتظم يسهم في تحسين وظائف المخ، وتقليل الالتهابات، وتعزيز صحة القلب.
أما من الناحية النفسية، فإن الصيام يعزز قدرة الإنسان على التحكم في رغباته وانفعالاته، مما يساعد على تقوية الإرادة وتعزيز الصبر. كما أن الابتعاد عن العادات السلبية يمنح النفس شعورًا بالسلام الداخلي، ويجعل الإنسان أكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع الآخرين، مما ينعكس على جودة علاقاته الاجتماعية.
استثمار رمضان في رفع الحسنات وزيادة البركةلكي نحقق أقصى استفادة من رمضان، لا بد أن نستغل هذا الشهر في أعمال الخير والطاعات التي تضاعف حسناتنا، ومن بين الأمور التي يمكن التركيز عليها:
مراجعة سلوكياتنا وضبط ألسنتنايجب أن يكون رمضان فرصة لمراقبة أقوالنا وأفعالنا، والحرص على أن تكون خالية من الأذى والظلم. فالصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فقط، بل يشمل الامتناع عن كل ما يضر الآخرين أو يؤذي مشاعرهم.
الإكثار من الاستغفار والتوبة
لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ، لكن رمضان يمنحنا الفرصة لمحو الذنوب وتطهير القلوب. فالاستغفار يفتح أبواب الرحمة والمغفرة، ويجعل الإنسان أقرب إلى الله، ويمنحه راحة نفسية وسكينة داخلية.
الإحسان إلى الآخرين ومساعدتهمرمضان هو شهر العطاء، وأفضل ما يمكن فعله هو مد يد العون لمن يحتاج، سواء كان ذلك بتقديم الصدقات، أو بمساندة من حولنا بالكلمة الطيبة والتصرف الحسن.
الانشغال بالطاعات بدلاً من العادات السلبيةكل لحظة في رمضان ثمينة، فلماذا نضيعها في القيل والقال؟ يمكننا استغلال الوقت في قراءة القرآن، والتأمل في معانيه، وصلة الأرحام، والإكثار من الذكر والدعاء، حتى نخرج من رمضان ونحن أكثر قربًا من الله.
ومسك الختاميأتي رمضان ليكون فرصة عظيمة لكل من يريد إصلاح نفسه، وتهذيب سلوكه، ورفع درجاته عند الله. فكما نحرص على صحة أجسادنا خلال الصيام، علينا أن نحرص على صحة أرواحنا وأخلاقنا، ونبتعد عن كل ما قد ينقص من أجرنا. الغيبة، النميمة، والتنمر ليست مجرد أخطاء بسيطة، بل هي معاصٍ يمكن أن تُذهب بحسنات الصائم دون أن يشعر.
فلنكن أكثر وعيًا بأقوالنا وأفعالنا، ولنجعل رمضان نقطة انطلاق نحو حياة أكثر نقاءً، خالية من العادات السيئة، مليئة بالخير والطاعات. فإذا أحسنا استغلال هذا الشهر، فإن أثره سيستمر معنا طوال العام، وسنكون أقرب إلى الله، وأكثر سلامًا مع أنفسنا والآخرين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: شهر رمضان المبارك مقالات نفحات إيمانية هذا الشهر
إقرأ أيضاً:
مصر تشارك في إطلاق مبادرة “أبطال NBA من أجل التغيير”
يشارك محمد عبد المطلب رئيس مكتب NBA مصر ونائب رئيس NBA Africa، في مبادرة "أبطال من أجل التغيير" وكتاب "سنقود أفريقيا الرياضية"، الذي أُطلق رسميًا في جوهانسبرج خلال أمسية مُلهمة تزامنت مع نهائيات دوري أفريقيا لكرة السلة "BAL".
وتجمع هذه المبادرة القوية أصواتًا من جميع أنحاء القارة لتسليط الضوء على كيفية مساهمة الرياضة في بناء مستقبل أكثر إشراقًا لأفريقيا، ليس فقط في الميدان، بل أيضًا من خلال القيادة والتوجيه والعمل المُؤثر.
وكان حفل الإطلاق مفعمًا بالحيوية والطاقة، حيث تضمن كلمات مُلهمة من كلير أكامانزي، وأمادو جالو فال، وفيكتور ويليامز، وغيرهم الكثير ممن ذكروا الحاضرين بالتأثير العميق للرياضة على حياة الناس والمجتمعات.
وقال عبد المطلب: "إن مشاركتي بين هؤلاء المبدعين المتحمسين كمساهم في هذا الكتاب إنجازٌ سيظل دائمًا محل فخر واعتزاز، هذا المشروع ليس مجرد كتاب؛ إنه يُمثل بداية حركة".
وأضاف: "مع انطلاق كتاب أبطال التغيير، نُرسي أسس الجيل القادم من قادة الرياضة الأفارقة ليس فقط الرياضيين، بل أصحاب الرؤى في مختلف مجالات هذه الصناعة".
وأتم عبد المطلب: "أود أن أعرب عن خالص امتناني للدكتورة ميمونة ويليامز الحاصلة على دكتوراه في إدارة الأعمال، لضمي إلى هذه المجموعة المتميزة من القادة".
وتم تعيين محمد عبد المطلب رئيسًا لمكتب NBA مصر في ديسمبر من عام 2022.
يشار إلى أن محمد عبد المطلب قائد المنتخب المصري لكرة السلة للرجال سابقا قد فاز بدورة الألعاب الإفريقية عام 1995 في زيمبابوي، ودورة الألعاب الإفريقية لعام 1999 في جنوب إفريقيا، ودورة الألعاب العربية لعام 1999 في الأردن. كما مثل مصر في دورة الألعاب الأولمبية لعام 1988 في سيول، وفي نهائيات كأس العالم لكرة السلة في الأرجنتين (1990) وكندا (1994)، وفي بطولة أمم أفريقيا لكرة السلة في أعوام 1987 و1989 و1991 و1993 و1999.
وحصل على جائزة أفضل لاعب ثلاث مرات في الدوري المصري الممتاز لكرة السلة (1993 و1995 و1998) وتم اختياره كأفضل لاعب في الاتحاد العربي لكرة السلة في عام 1995.
وبعد مسيرته في اللعب، أمضى عبد المطلب أكثر من 20 عامًا في قيادة عدد من شركات السلع الاستهلاكية سريعة الحركة والتصنيع في مصر، وعُيّن نائبًا لرئيس الاتحاد المصري لكرة السلة عام 2012، وعضو لجنة مسابقات الاتحاد الدولي لكرة السلة عام 2014، ونائبًا للأمين العام للجنة الأولمبية المصرية عام 2022، عبد المطلب حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الإسكندرية وماجستير إدارة الأعمال من كلية ماستريخت للإدارة في هولندا.