تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كتب الأديب الكبير أحمد حسن الزيات في مجلة "الرسالة" عام 1933 مقالًا رائعًا عن شهر رمضان، حيث وصفه بأنه استراحة الروح بعد عامٍ من صخب الحياة. 

فبعد أحد عشر شهرًا من اللهاث وراء الرزق، والانشغال بشهوات الدنيا، يأتي رمضان ليوقظ في الإنسان الخير الكامن داخله، ويعيده إلى صفائه ونقائه، فيتخفف من أعباء المادة، ويتزود بطاقة روحية تبقيه صامدًا أمام فتنة الدنيا ومحنتها.

رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام، بل هو تدريب للنفس، وتهذيب للروح، وجسر يربط القلب بالإيمان. 

إنه يعيد الدفء إلى العلاقات، ويقرب المسافات بين الغني والفقير، وبين الأهل والأقارب، وبين الأصدقاء والجيران. هو شهر تفيض فيه القلوب بالرأفة، وتنساب فيه الرحمة، وكأن السماء تُرسل نفحاتها الطاهرة لتملأ الأرض بنور الإيمان وأنفاس الملائكة.

رمضان عيد مستمر طوال الشهر، تملؤه البهجة والسعادة، فأنواره تضيء الليالي، وأمسياته تفيض بالدفء، فالرجال يجتمعون في حلقات الذكر والقرآن، والنساء ينثرن الحب والفرح في البيوت، والأطفال يجوبون الشوارع بفوانيسهم المضيئة وأغانيهم العذبة.

 المساجد التي كانت هادئة طوال العام، تمتلئ بالمصلين والدعاء، والمآذن تعلو بصوت التسابيح، وكأنها ترسل إلى السماء أجمل الألحان الإيمانية.

أما القاهرة، فخلال رمضان تستعيد بريقها الشرقي الأصيل، فتتلاشى الصبغة الأوروبية التي غلبت عليها، ويعلو فيها صوت الأذان، وتهتز شوارعها بهدوء الإفطار وصخب السحور وفرحة مدفع رمضان. إنه مشهد روحاني بديع، يجعل القاهرة تعود إلى ماضيها المجيد.

لكن رمضان ليس مجرد طقوس ومظاهر، بل هو رباط قوي يشد أواصر المجتمع، فيجمع أفراد الأسرة حول موائد الإفطار، ويجعل الأمة أكثر تلاحمًا وتواصلًا، ويؤكد أن المسلمين في كل بقاع الأرض يمشون في طريق واحد، بروح واحدة، وعقيدة واحدة، وفكر واحد، وكأنهم قافلة عظيمة تسير نحو غاية سامية واحدة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

الأيام دول: كيف خرج الجولاني من عباءة "داعش" ليجلس على طاولة واحدة مع ترامب؟

استبدل الزي العسكري ببدلة رسمية، ووقف على منصات دبلوماسية، محاطا بكاميرات الإعلام العالمي، لكن الذاكرة لا تزال تحفظ له صورا مغايرة: مقاتلا ملثما يتوعد خصومه، وقائدا لجماعة مدرجة على لوائح الإرهاب. فكيف تحوّل أحمد الشرع من "جهادي" إلى رئيس دولة يجلس جنبا إلى جنب مع دونالد ترامب ويتحدث عن السلام؟ اعلان

في تحوّل سياسي استثنائي، التقى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، المعروف سابقًا بـ"أبو محمد الجولاني"، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض يوم الأربعاء.

وجاء اللقاء بعد إعلان ترامب إنهاء العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وإبداءه الرغبة بتطبيع العلاقات مع دمشق، واصفًا هذه الخطوة بأنها "فرصة للسلام" تحت قيادة الشرع.

الشرع، الذي دخل العاصمة دمشق بعد هجوم عسكري قادته هيئة تحرير الشام، أصبح رئيسًا رسميًا للبلاد في كانون الثاني/ يناير. ورغم تاريخه المليء بالقتال والمعارك والتشدد العقائدي، فقد ظهر بربطات العنق، معلنًا عزمه استبدال الدولة البوليسية التي رسّخها نظام الأسد، بنظام سياسي شامل وعادل.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهو يصافح الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في الرياض، يوم الأربعاء 14 مايو 2025. Saudi Royal Palace/AP"بعثة البغدادي" إلى سوريا

ولد أحمد الشرع في السعودية لأسرة ذات توجّه قومي عربي، حيث نشأ على أفكار كانت على طرف نقيض من الإسلام السياسي الذي تبنّاه لاحقًا.

في بداية العقد الأول من القرن الحالي، انضم إلى تنظيم القاعدة بالعراق في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003، وقاتل ضد القوات الأمريكية، ما أدى إلى اعتقاله لعدة سنوات في أحد السجون الأمريكية في العراق.

برز اسمه خلال موجات الربيع العربي، بعد أن أُرسل من قبل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية آنذاك، أبو بكر البغدادي، إلى سوريا لتعزيز وجود القاعدة.

أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام سابقًا وزعيم فرع تنظيم القاعدة في سوريا يتحدث مع أحد المقاتلين في ريف اللاذقية.Militant UGC via AP

وعام 2013، وضعته الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب، متهمةً إياه بالسعي لتطبيق الشريعة الإسلامية عبر فرع القاعدة المعروف بـ"جبهة النصرة"، والتي نفذت هجمات انتحارية دامية ذات طابع طائفي.

وفي ظهوره الإعلامي الأول عام 2013، أخفى الجولاني وجهه بوشاح وتحدث عن رؤيته لإدارة سوريا وفقًا لأحكام الشريعة. لكنه في مقابلة لاحقة عام 2021 مع برنامج "فرونت لاين"، ظهر بوجه مكشوف، مشيرًا إلى أن تصنيفه كإرهابي كان مجحفًا، مؤكدًا رفضه لقتل المدنيين.  

من "النصرة" إلى الرئاسة

عام 2016، أعلن الجولاني فك ارتباطه بتنظيم القاعدة، وبدأ بإعادة تشكيل فصيله الذي بات يُعرف لاحقًا بـ"هيئة تحرير الشام".

ومع حلول نهاية عام 2024، قاد جماعات المعارضة المسلحة لاقتحام العاصمة دمشق، في عملية عسكرية أنهت حكم عائلة الأسد المستمر منذ أكثر من خمسة عقود وتحول اسمه منذ ذلك الوقت إلى أحمد الشرع.

Relatedمن ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للصحة يثير انتقادات شديدةمن "النصرة إلى تحرير الشام".. ماذا نعرف عن أبو محمد الجولاني؟ سوريا: تنصيب أحمد الشرع "الجولاني" رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل الجيش وحزب البعث وإلغاء الدستور

وبعد انقضاء شهر، تسلّم رسميًا منصب رئيس الجمهورية، في منعطف لم يكن أحد ليتوقعه، بعد أن كان اسمه لا يُذكر إلا مقترنًا بالتطرف والإرهاب.

وبهذا المسار الذي خالف كل التوقعات، تحوّل "الجولاني" من قائد جهادي مطلوب على القوائم الأمريكية إلى وجه سياسي حاضر في المحافل الدولية، ويُشار إليه بالبنان، وهو الآن يسعى لإعادة تعريف سوريا وموقعها في النظام العالمي، من بوابة واشنطن التي طلبت منه الانضمام إلى اتفاقات أبراهام لتطبيع العلاقات مع إسرائيل العدو التاريخي لسوريا وطرد "الإرهابيين الفلسطينيين" من البلاد.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الرئيس أحمد الشرع: سوريا لكل السوريين بكل طوائفها وأعراقها ولكل من يعيش على هذه الأرض المباركة، التعايش هو إرثنا عبر التاريخ وإن الانقسامات التي مزقتنا كانت دائماً بفعل التدخلات الخارجية، واليوم نرفضها جميعاً.
  • الأيام دول: كيف خرج الجولاني من عباءة "داعش" ليجلس على طاولة واحدة مع ترامب؟
  • محمد رمضان يمازح جمهوره بعد زلزال القاهرة: «مفيش زلزال بيحس بزلزال»
  • عراقنا… الهوية التي لا تتجزأ !!
  • الغويل: الحل في حكومة ليبية واحدة تنهي التناحر وتؤسس للاستقرار
  • حاسوب عملاق يكشف الموعد الدقيق لنهاية العالم التي حذر منها ماسك
  • أحمد الباز: مستقبل وطن يطلق قافلة طبية مجانية بكفر الزيات في هذا الموعد
  • دورا مدينة التلال الكنعانية التي لا تنحني.. حكاية الأرض والمقاومة والتجذر الفلسطيني
  • "أفضل بدرجة واحدة" عن الطريقة التي تعامل بها مع زيلينسكي في البيت الأبيض.. هكذا يعامل ترامب نتنياهو
  • المخرج عمرو سلامة: موهبة محمد رمضان أكبر من الأفلام التي قدمها