بدايةً.. أهنئ الطلبة والطالبات وذويهم والمعلمين والمعلمات وعائلاتهم بإجازة العام الدراسي ١٤٤٦، متمنية للجميع إجازة سعيدة مكللة بالراحة والاستمتاع والسلامة من كل مكروه. بعض الأخوة والأخوات بعثوا لي يطلبون الكتابة عن موضوع التعليم والمعاناة مع بعض القرارات، التي وصفوها (بالمتخبطة والمرتجلة وغير المتناسبة والبعيدة عما يحقق الأهداف المنشودة) ولعل الفصول الثلاثة نموذج لهذه القرارات!! أحدهم وهو تربوي متقاعد مطلع، كتب بالحرف:(ها هو العام الدراسي بكل تخبطات القرارات، وسوء العمل الممنهج، قد انتهى بخيره وشره.
لكن دعونا نشرد بفكرنا بعيدًا عن القرارات، وما وصفت به من تخبطات وعدم عناية؛ لنعود إليها في مقالات لاحقة؛ فمواضيع التعليم شائكة ومؤلمة، ومعالجتها تتطلب إصغاء من الوزارة وإدارات التعليم، إذا كان للإدارات دور إيجابي مستقل! دار نقاش ساخن بيننا، وكنا مجموعة من التربويات المتقاعدات، وأخريات على رأس العمل، تحدثن عن ارتفاع نسب الطلاق!! وعن فشل الزواج!! وعن ضعف المسؤولية لدى الشباب!! وعن عدم احترام قواعد وقيم هامة وسلوكيات عديدة، ينتهجها الشباب والشابات، وإن لم تكن كظاهرة (ولله الحمد) لكنها تستوقف الجميع وتحتاج معالجة!! فاتهم الجميع وحمّل نظام التعليم جل المسؤولية في ذلك؛ فهو مقصر جدًا في تربية وتوعية الأجيال في أهم المراحل، وهي التعليم العام!! مقصر في التركيز على بناء القيم وقواعد الشخصية السوية ومتابعة ذلك، كما يتابعون الأجهزة والأبنية والتقارير؛ فبناء الشخصية السوية المسؤولة هو الأهم، وهو ما يبني الوطن ويرفع دعائمه!! خاصة بعد أن جرد التعليم نفسه من التربية، وانفصل عنها؛ حتى اعتبر البعض، -بل ونادى- بأن المدارس غير مسؤولة عن التربية وإصلاح العيوب الأخلاقية والسلوكية، وهنا المشكلة؛ إذ إن تغييب التربية عن التعليم سبب خللًا واضحًا؛ فمنهج بناء رجال وأمهات للمستقبل يفوق كل المناهج. لا شك أن للأهل دورًا كبيرًا في ذلك، لكن دور المدارس أكبر، وإذا انعدم أو قصر دور المدرسة، فعندها يبني الأهل وتهدم المدرسة؛ لأن الدور بينهما تكاملي يحقق الهدف بالتعاون بينهما، وقد تضطلع المدرسة بالدور كاملاً، فتؤتي الثمار يانعة! هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، أو ناكر لدور المدرسة التربوي، ويرى أنها للتعليم فقط، وهنا المفارقة العجيبة (فهل تنفك التربية عن التعليم)؛ فالتربية مع التعليم يندمجان لتشكيل شخصية الفرد الصالح السوي، الذي ينهض بنفسه ووطنه ومجتمعه، وحين يختل هذا الاندماج يختل التوازن وتتأثر القيم والمبادئ وبناء شخصية سوية، إلا ما رحم ربي.
أذكر حادثة منذ زمن.. أحد الآباء رفع قضية على التعليم متهمًا إياه بإفساد تربية ابنه؛ حيث لاحظ أن ابنه بدأ يتلفظ بألفاظ نابية جدًا غير مألوفة في بيتهم وتعاملهم، وأنه اكتسبها من المدرسة!! والحقيقة معه حق؛ فالأهل حين يحسنون تربية أبنائهم وباختلاطهم مع أقرانهم تفسد تربيتهم، خاصة أن الوقت في المدرسة يفوق وقتهم في البيت!! التربية الصحيحة مع التعليم الجيد إذا بدأت منذ الصغر في مراحل رياض الأطفال ثم الابتدائي ثم المتوسط والثانوي؛ فسوف تتشكل شخصيات قوية ناضجة واعية حتى مع صغر سنهم، يقدرون الحياة العائلية والاجتماعية والزوجية، يدركون معنى الوفاء والعطاء يشكرون الله على النعم ويحفظونها! قال الله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) في هذه الآية توضيح جلي لارتباط التربية بالتعليم، وفي الحديث (ما ذكره أبو ثعلبة- رضي الله عنه- قال: لقيت رسول الله- عليه الصلاة والسلام- فقلت: يا رسول الله، ادفعني إلى رجل حسن التعليم يعلمني؛ فدفعني إلى أبي عبيدة بن الجراح- رضي الله عنه- ثم قال: لقد دفعتك إلى رجل يحسن تعليمك وأدبك) ارتباط صريح للتعليم والتربية؛ فبالتربية الصحيحة والتعليم الجاد يتكون جيل واعٍ واسع الأفق؛ دعائم شخصيته صلبة أصيلة، ينهي مراحل تعليمه، وأساسه متين. يتزوج وهو مدرك لماهية الزواج ومسؤوليته. ينجح كزوج أو زوجة وكأم وأب. يبدع كمواطن صالح وابن بار. يميز بين النافع والضار والصح والخطأ. يفرق بين ما يليق وما لا يليق به كمسلم وعربي له تاريخ وجذور ممتدة؛ ولذلك كل ما يعانيه المجتمع من خلل سلوكي وأخلاقي هو مسؤولية التعليم ،وإنها مساءلة عند الله عظيمة. اللهم اصلح تعليمنا واربطه ربطاً وثيقاً بالتربية والتأديب ودمتم.
(اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
رئاستا الوزراء والبرلمان في ميزان التفاهمات المعقدة.. والخالدي يتحدث عن فرص متزايدة للسوداني
14 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تتواصل المفاوضات بين الكتل السياسية العراقية على أكثر من مسار متوازٍ، في محاولة لحسم اختيار رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، وتشكيل الحكومة الجديدة، وسط مساعٍ حثيثة لصياغة توافقات تضمن استمرارية مؤسسات الدولة وتجنب فراغ دستوري يربك المشهد في مرحلة توصف بالحساسة.
وفي هذا السياق، تتكثف الاجتماعات داخل الإطار التنسيقي، حيث تتحرك القيادات السياسية بوتيرة شبه يومية لحسم اسم مرشح رئاسة الوزراء، مع تصاعد مؤشرات تميل إلى خيار التمديد.
ويقول عضو ائتلاف الإعمار والتنمية النائب محمد عثمان الخالدي إن “أغلب الكتل الشيعية لا تمانع تولي محمد شياع السوداني زمام المرحلة المقبلة”، مضيفاً أن “الاجتماعات الجارية قد تقود إلى إجماع قريب داخل الإطار”، في إشارة إلى رغبة واضحة في الحفاظ على استقرار السلطة التنفيذية.
وبالتوازي، يواجه المكون السني تعقيدات مغايرة، إذ لم يتوصل حتى الآن إلى اختيار رئيس لمجلس النواب، رغم عقد اجتماعات مكثفة للمجلس السياسي الوطني الجامع للقوى السنية.
ويؤكد مراقبون أن هذا التأخير يعكس تشابك المصالح وتعدد المرشحين، في وقت يشكل فيه هذا الاستحقاق أولوية قصوى لاستكمال متطلبات العملية الدستورية.
وفي أروقة تلك المباحثات، تختفي خلافات سياسية عميقة خلف لغة التوافق المعلنة، مع وجود أكثر من مرشح للمنصب، ما يعيد إلى الأذهان سيناريوهات سابقة من الانقسام الداخلي.
وقال ناشط سياسي عبر منصة إكس إن “العقدة السنية ليست في الأسماء بقدر ما هي في توزيع النفوذ داخل البرلمان المقبل”، معتبراً أن الحسم يتطلب تنازلات مؤلمة.
ومن جهة أخرى، تتقاطع هذه التحركات مع موقف معلن من التحالف السني الأكبر، حيث أكد القيادي عبد الخالق العزاوي أن المجلس السياسي الوطني يرفض تسليم منصب رئيس الوزراء إلى أي شخصية فصائلية، مطالباً بحصر السلاح بيد الدولة، ومعلناً تشكيل لجنة تفاوضية للتنسيق مع بقية الكتل بشأن الاستحقاقات السياسية والأمنية.
وفي خضم ذلك، يبرز ملف توزيع الحقائب الوزارية كأحد محاور التفاوض غير المعلنة، إذ أشار العزاوي إلى مساعٍ لاستبدال وزارة الثقافة بوزارة المالية لتكون من حصة المكون السني، في خطوة تعكس محاولة لتعزيز الحضور في مفاصل القرار الاقتصادي.
ويرى محللون أن نجاح العملية السياسية العراقية في هذه المرحلة مرهون بقدرة القوى الكبرى على تقديم التوافق على حساب المكاسب الضيقة، خاصة مع اقتراب مهل دستورية لا تحتمل المزيد من التأجيل، في وقت يترقب فيه الشارع نتائج ملموسة تعيد الثقة بالمسار السياسي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts