صحيفة الخليج:
2025-08-16@08:02:08 GMT

الطفل العربي بين الحلم والمستقبل

تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT

أيمن عثمان الباروت*

منذ أن اختار الله سبحانه وتعالى الإنسان ليكون خليفته في الأرض، كانت الطفولة هي النبع الأول الذي تتدفق منه القيم، وتُبنى من خلاله الحضارات، وتترسخ عبره مفاهيم الانتماء والمواطنة والكرامة الإنسانية. ولأن الطفولة ليست مرحلة عابرة من العمر، بل هي الأساس المتين الذي يشكّل الشخصية ويغرس المبادئ ويرسم ملامح الغد، جاءت العناية بالطفل العربي في مقدمة أولويات المجتمعات المتحضرة، وعلى رأسها دولة الإمارات، التي تنظر للطفل لا باعتباره مستقبلاً منتظراً فحسب، بل حاضراً يستحق الاهتمام والتأهيل والرعاية الشاملة.


وفي هذا الإطار، تأسس البرلمان العربي للطفل منذ عام 2019 ليكون منصة عربية جامعة، تحمل على عاتقها رسالة استثنائية، قوامها تأهيل النشء العربي، ومنحه المساحة للتعبير عن آرائه ومناقشة قضاياه، والاقتراب من دوائر القرار، في تجربة فريدة تُعد الأولى من نوعها على مستوى الوطن العربي.
ما كان لهذا الصرح أن يرى النور لولا الرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، الذي آمن بأن صوت الطفل العربي لا ينبغي أن يكون خافتاً، بل يجب أن يسمعه الجميع، فهو ليس فقط المتلقي، بل هو الشريك وصانع الغد، ومن خلال دعم سموه، احتضنت إمارة الشارقة المقر الدائم للبرلمان، ليكون منارة عربية تُضاء منها شموع الطفولة، وتنبثق منها رسائل الوحدة والمستقبل.
وقد انطلقت هذه الرؤية المباركة بتكامل عربي مثمر من خلال جامعة الدول العربية، لتجسد التزاماً سياسياً وأخلاقياً من الدول الأعضاء في تمكين الأطفال العرب، وإشراكهم في حوار متكامل حول قضاياهم، ورفع وعيهم بحقوقهم، وتطوير قدراتهم البرلمانية والفكرية والثقافية.
إنّ تأهيل الطفل العربي لا يمكن أن يتحقق عبر الشعارات، بل عبر برامج عميقة تتكامل فيها المناهج مع القيم، والتجربة مع التوجيه، ومن هذا المنطلق، حرص البرلمان العربي للطفل على توفير برامج تأهيلية رصينة، أبرزها الدبلوم المهني في العمل البرلماني للأطفال، والذي يُقدَّم بالشراكة مع جامعة الشارقة، بهدف إكساب الأعضاء مهارات العمل البرلماني من خلال محاور تغطي التشريعات، وآليات النقاش، وآداب الحوار، ومهارات القيادة.
شكلت الجلسات الدورية للبرلمان منذ انطلاق دورته الأولى، مشهداً عربياً استثنائياً، حيث يجتمع أطفال الوطن العربي، يتبادلون الرؤى حول موضوعات تمس صميم حياتهم: التعليم، الصحة، الأمن الغذائي، التكنولوجيا، وغيرها، ولا يُخفى على أحد ما تركته هذه الجلسات من أثر، ليس فقط في نفوس الأعضاء أنفسهم، بل في رسائلهم الموجهة إلى العالم.
إننا في الأمانة العامة للبرلمان العربي للطفل، ماضون بإذن الله في تطوير الأداء، وتوسيع نطاق المشاركة، والانفتاح على العالم، بما يليق بالطفولة العربية وبتاريخها الممتد. وسنظل نؤمن بأن كل فكرة من طفل، وكل كلمة تُسمَع له، هي بذرة في حقل الأمل، ستنمو وتثمر مستقبلاً آمناً، تتسع فيه للبناء والتنمية والسلام والازدهار.

*الأمين العام للبرلمان العربي للطفل

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات مقال العربی للطفل

إقرأ أيضاً:

إسرائيل الكبرى: الحلم القديم الجديد

إسرائيلُ من دون أي تحاملٍ هي كيانٌ محتلٌّ وغَاشمٌ. فمنذ تاريخِ ظهوره تنفيذاً لوعد بلفور وهو يقترف الجرائمَ والمجازرَ، ويتجاوز القانونَ الدوليَّ ويضرب بكل القيم الأخلاقية والإنسانية عرضَ الحائط. بل إنَّه كيان مهووس بتصفية الشَّعب الفلسطيني؛ كي يهنأ بالأراضي الفلسطينية كاملةً وأكثر من ذلك.

هكذا هي إسرائيلُ. ولكن هذا الكيان الذي أصاب ضميرَ العالم في مقتل هو نفسه الذي - مع الأسف الشديد - نشاهد تشبُّثَه بوهمه وحلمه المزعوم المتمثل في إقامة «إسرائيل الكبرى». نشاهد تمسُّكَه بكذبةٍ تاريخية ونحن في المقابل رغم امتلاكِنا الحقَّ التاريخيَّ، فإنَّنا فعلنا كلَّ ما يؤدي إلى التفريط فيه. وهكذا نفهم كيف أنَّه حتى الأكذوبة والوهم يعيشان أطولَ زمناً عندما يجدان من يتمسَّك بهما.

هذا هو التعليق السريع الذي بدا لنا مناسباً لتصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يكشف عن حلمِه بإقامة «إسرائيل الكبرى» في اللحظة التي يمزّق فيها الجوع أمعاء أهلِ غزة، وتتواتر علينا صور الأطفال الذين أصبحوا عبارةً عن هياكلَ عظمية من شدَّة الجوع وسوء التغذية.

لنتذكر جيداً أنَّ الوضع في غزة مأساوي جداً إنسانياً، ومن فرط المأساوية والإحراج العالمي رأينا كيف أنَّ دولاً هدَّدت بالاعتراف بفلسطين وأخرى اعترفت بها. وهو أمرٌ لم يكن سهلاً لولا أنَّ التجويع القاتل الذي تمارسه إسرائيلُ ضد أهالي غزة وأطفالِها لم يترك أي مجال للمناورة والصَّمت سياسياً.

وكي يحوِّلَ وجهةَ الرأي العام إلى موضوع آخر؛ انخرط نتنياهو في خطاب البوح بحلمه التاريخي والروحي، مطلقاً عبارة «إسرائيل الكبرى» أسلوباً يهدف إلى تلهية العالم لينسى الصورة المعدّة بالذكاء الاصطناعي المنتشرة حول شخصه وهو يسبح في دم الفلسطينيين.

فعلاً، لا شيء جديداً في هذا الخطاب الذي أدار الأعناقَ التي كانت ملتفتة للجائعين ولتعنت إسرائيل في السماح للمساعدات الدولية الإنسانية بالوصول إلى أهالي غزة. ذلك أنَّ «إسرائيل الكبرى» هي «أرض الميعاد» التي اعتمدها الخطاب التاريخي الإسرائيلي. فالاثنان واحد في الحلم والأكذوبة والحدود والخريطة والجغرافيا والوهم. فقط، سياسياً عبارة «إسرائيل الكبرى» مناسبة أكثر من «أرض الميعاد» ذات المرجعية اللغوية الروحية التاريخية وفق المزاعم الإسرائيلية. هذا علاوة على أنَّ عبارة «إسرائيل الكبرى» قد سبق استعمالها في عام 1967.
يعبر بوضوح عن الشعور الإسرائيلي بالتقدم في تحقيق الحلم
طبعاً استحضار هذا الحلم المزعوم في هذه اللحظة علاوة على ما يمثله من محاولة لتشتيت اهتمام الرأي العام، فإنَّه يعبر بوضوح عن الشعور الإسرائيلي بالتقدم في تحقيق الحلم بتعزيز مشروع إقامة إسرائيل، وفي إحراز خطوات مهمة، وفي الاستعداد للانتقال إلى «إسرائيل الكبرى».

بطريقة أخرى، فإنَّ إسرائيل الآن تعلن اكتمال فرض حلمها، بخاصة بعد القضاء على الممانعين والأطراف التي كانت تهدد أمنها وتعلن أيضاً عن الشروع في الجزء الثاني من الحلم: إقامة «إسرائيل الكبرى»، وهي بالضبط تحمل نفس جغرافية «أرض الميعاد» التي تقع - حسب مزاعم الإسرائيليين وبخاصة المتطرفون منهم - في منطقة الشرق الأوسط، وتشمل أجزاء من مصر، وفلسطين، ولبنان، وسوريا والأردن. لذلك؛ فإنَّ الرسالة من وراء استخدام عبارة «إسرائيل الكبرى» قد وصلت، وهو ما يفسر الإدانات الرسمية التي صدرت عن الأردن ومصر.

الملاحظة الأخرى الواضحة جداً، أنَّ خطاب إسرائيل رغم كل الضغوط من دول عدة في العالم، فإنَّها تبدو في وضع سياسي مرتاح، أي أنَّها تصرّح وتتصرَّف بوصفها دولة رابحة ومنتصرة وبفارق كبير جداً في النتيجة. وكي نؤكدَ هذه الملاحظة؛ فإنَّنا نطرح السؤال التالي:

في الوقت الذي يحاول فيه لبنان تقوية أجهزة دولته والاستئثار بالسلاح، يتم النفخ في مشروع «إسرائيل الكبرى» لبلبلة الأوضاع وإضعاف كل الأطراف التي تعمل من أجل معالجة التوتر في المنطقة. هو نوع من تأجيج الأوضاع والاستفزاز حتى يتم استدراج هذه الطراف لمعارك تخص مشروع «إسرائيل الكبرى » هذه المرة.

السؤال: هل الدول العربية التي آمنت بالتفاوض وبالقبول الاضطراري بإسرائيل قد أخطأت؟ ألم توقّع مصر في عهد السادات على اتفاقية سلام ودفعت مقابل ذلك أثماناً باهظة؟ فهل يكون جزاء عقلاء منطقة الشرق الأوسط الانقلاب على البعض منهم باعتبار أن ذلك الانقلاب حتمية يفرضها مشروع «إسرائيل الكبرى»؟ الوضع حالياً إشكالي وكأنه يجر أخطاء بدايات الصراع العربي - الإسرائيلي.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • إسرائيل الكبرى: الحلم القديم الجديد
  • فاطمة المعدول: شعرت بالصدمة عند ترشيحي لجائزة الدولة التقديرية (فيديو)
  • "حي الأزهار"... مجموعة قصصية تقدم رسائل تربوية للطفل
  • مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يختار صلاح جاهين شخصية العام في دورته الثالثة
  • نقيب الممثلين: سنقدم للبرلمان مقترح تشريعي لمواجهة إساءة الذكاء الاصطناعي لرموز الفن
  • 7.5 مليار درهم تداولات عقارات الشارقة خلال يوليو
  • «غرفة الشارقة» تبحث تعزيز التعاون مع مجلس الأعمال الهندي
  • جوالتان من «جامعة التقنية» تمثلان سلطنة عُمان في المنتدى الكشفي العربي بالجزائر
  • جامعة أسيوط تدعم التميز الحكومي وتستعد للمنافسة على "جائزة التميز الحكومي العربي"
  • نصف مليون درهم لدفع التحول في تكنولوجيا التعليم في العالم العربي عبر "تحدي بوابة الشارقة" 2025